كيف تتعامل مع موظف موهوب لا يستغل كامل إمكانياته؟

5 دقائق
جانيت مارتن/غيتي إميدجيز

ملخص: قد يكون محبطاً أن تشعر بأن موظفيك لا يمسكون زمام المبادرة لاستغلال مواهبهم أحسن استغلال! وقد تستفسر بصفتك مديراً عما إذا كانت المسألة تتعلق بانعدام معرفتهم أو بضعف إرادتهم: ألا يدركون ما هو ضروري للوصول بأدائهم إلى أعلى المستويات؟ أم أنهم يفتقرون إلى الدافع؟ يستعرض المؤلفان في هذه المقالة 3 أسباب رئيسة لعدم استغلال موظفيك لإمكاناتهم كلها، وهي: التحديات الشخصية، والقضايا الماسّة بمهارات معاملة الآخرين، ومشكلات القيادة. قد لا تتقبل الحقيقة التي ترى أن 30% على الأقل من أداء الموظفين يتوقف على أسلوب إدارتهم، وهذا يعني أن أسلوبك القيادي قد يؤدي دوراً ملموساً في تحديد إذا ما كان موظفوك سيستغلون إمكاناتهم كلها أو لا. وقد تؤدي رغبتك الصادقة في دعم موظفيك ورعايتهم إلى قتل مواهبهم بسبب: الإدارة التفصيلية أو التراخي في الإشراف عليهم أو سوء إبلاغهم الأهداف المرجوة، وغيرها من الأخطاء الإدارية المشابهة. ولكن هناك ما يدعو للتفاؤل بخصوص هذا الاكتشاف المقلق، وهو أنه أحد المجالات التي تقع ضمن سيطرتك التامة!

قد ترى بعينيك ومضات من الكفاءة الحقيقية لدى أحد موظفيك، بل ربما ترى بارقة ذكاء في بعض الأحيان! فلماذا يصعب على موظفيك استغلال إمكاناتهم كلها؟!

بصفتك قائداً يهتم بتنمية مهارات موظفيه وقدراتهم ومسار نموهم المهني، قد يكون محبطاً جداً أن تشعر بأنهم لا يمسكون زمام المبادرة لاستغلال مواهبهم أحسن استغلال! حتى إنك قد تستفسر في بعض الأحيان عما إذا كانت المسألة تتعلق بانعدام معرفتهم أو بضعف إرادتهم: ألا يدركون ما هو ضروري للوصول بأدائهم إلى أعلى المستويات؟ أم أنهم يفتقرون إلى الدافع؟

من الواضح أن هناك سبباً يجعلك تعتقد أن "الأداء اليومي" لموظفيك (ما يفعلونه عادةً) لا يرقى إلى مستوى "الأداء الأمثل" أو القدرات (أعلى مستويات أدائهم)، لذا من المهم أن تتخذ خطوة أولى تتمثّل في استيضاح هذه الأسباب وتحديدها.

ربما تفكر في موقف يذكرك بما وصل موظفك إليه من مستوى الأداء الأمثل سابقاً؛ مثل عرض تقديمي مقنع ألقاه في ظل ظروف عالية المخاطر، أو لحظات معينة أظهر فيها مهارات أو بارقة من ذكاء، أو اكتشافه لنمط مهم كان خافياً على الجميع، أو تحويله الفوضى والتعقيد إلى نظام، أو تعلمه أشياء جديدة، أو حبه للاستطلاع، أو طرحه سؤالاً ثاقباً، أو القدرة على الإبداع، أو طرحه رؤية غير متوقَّعة وتوليده أفكار جديدة مبتكرة ومفيدة. فلا شك في أنه قادر على الارتقاء بأدائه إلى هذا المستوى ما دام قد وصل إليه من قبلُ مرة أو عدة مرات!

من الضروري إذاً حصر الأسباب التي قد تجعل موظفك لا يستغل إمكاناته كلها. وقد وجدنا 3 فئات رئيسة يجب اختبارها، وهي: التحديات الشخصية، والقضايا الماسّة بمهارات معاملة الآخرين، ومشكلات القيادة.

التحديات الشخصية

يرجع أحد أسباب فشل الفرد في استغلال قدراته كلها إلى عجزه عن إدراكها في المقام الأول؛ فضع نصب عينيك أن رأي الفرد في مدى براعته في أيٍّ من مجالات الخبرة أو الموهبة أو الأداء لا يتفق مع براعته الفعلية إلا بنسبة تقل عن 10% عادةً. ويمكنك انطلاقاً من موقعك القيادي أن تقدّم لأعضاء فريقك الذين تتولى قيادتهم وإدارتهم هدية لا تُقدَّر بثمن، وذلك بملاحظتك قدراتهم قبل أن يلاحظوها هم أنفسهم أحياناً! فأنت بذلك تمثل دور المرآة التي تعكس هذه القدرات .وفي الواقع، تكوّن الآراء التقييمية عامل تحفيز مهم لرفع مستوى أداء الموظف، لكن الأبحاث أثبتت أنها إما أن تفشل في رفع مستوى أداء الآخرين، أو أن تزيده سوءاً!

لذلك احرص على مدح الموظف -على وجه التحديد- في الأوقات التي يصل فيها مستوى أدائه إلى أفضل حالاته! بحيث يكون على حال من الدراية بطبيعة عمله "الممتاز" ومدركاً لمواصفاته! وادخل معه في محادثات ثنائية لمناقشته فيما فعله لتحقيق النجاح في تلك اللحظات؛ فهل ألقى الخطاب بتلك الروعة لأنه منحه ما يكفي من التدريب والاستعداد؟ وهل أجرى مقابلات شخصية مع الجمهور مسبّقاً حتى يتمكن من الاستشهاد بأمثلة من صميم حياتهم؟ فحين تقدّم لموظفيك يد العون لمعرفة الأسباب الجذرية الكامنة وراء نجاحهم، فإن هذا سيساعدهم بدوره على معرفة كيفية تكراره. بمعنى آخر، انظر إلى نفسك بصفتك مدرباً لا مديراً فحسب!

وثمة دافع رئيسٌ آخر لفشل الموظفين في استغلال قدراتهم أحسن استغلال، ويتمثّل بوضوح في الحافز !فإذا رأيتَ موظفيك في الماضي يؤدون أعمالهم على أعلى مستويات الجودة، فهذا أبلغ دليل على أن المشكلة هنا لا علاقة لها بالقدرات؛ ولذا عليك أن تعيد النظر في مستوى حافزهم الحالي. فيمكنك بحث الأمر مع أحد أعضاء فريقك لمعرفة ما يحدث حقاً، خاصة إذا كان هناك تغيير مفاجئ. ربما يمرون بمشكلة تمثل لهم تحدياً في حياتهم الشخصية، أو لعلهم يوشكون على الإصابة بالاحتراق الوظيفي ويحتاجون إلى إجازة للاستجمام. أو ربما يشعرون بالركود في أدوارهم الوظيفية ويحتاجون إلى تحديات جديدة كالأهداف المستقبلية التي يمكنك مساعدتهم في صياغتها.

مهارات معاملة الآخرين

قد يرجع ضعف مستوى أداء موظفيك في بعض الأحيان إلى الأشخاص الآخرين المحيطين بهم؛ فقد أوضح بوريس غرويسبرغ وزملاؤه أن الموظفين المميزين الذين ينتقلون إلى شركات جديدة يفشلون غالباً في تكرار نجاحهم؛ لأن المكونات الداعمة التي أسهمت في تميزهم (مثل الخبرات الخاصة أو شبكات العلاقات ذات الصلة بالشركة) لم تعد موجودة. وفي الواقع، مع أن المؤسسات عادةً تلجأ إلى دفع أجور أعلى للموظفين الذين تستقدمهم من الخارج مقارنةً بموظفيها الذين ترقيهم داخلياً، فإن الموظفين المُستقدَمين من الخارج يفشلون عادةً في إضافة قيمة تعادل القيمة المضافة التي يحققها المرشحون الداخليون؛ وذلك لأسباب عديدة من أهمها افتقارهم في بيئة عملهم الجديدة إلى الكثير من الظروف التي أسهمت في نجاحهم من قبل.

وبالمثل، ربما وصل موظفك إلى مرحلة ثبات المستوى نتيجة ديناميات الفريق الجديدة (ربما في أعقاب مغادرة زميل أو انضمامه إلى الفريق) أو تغيُّر الأدوار أو المسؤوليات أو عدم تقدير جهوده أو تغيُّر مكانته (حصول شخص آخر على ترقية أو مكافأة كان موظفك ينتظرها). وربما لم يطرأ تغيير يُذكَر على مواهب موظفك، ولكن قدرته على تفعيلها هي التي أصابها التغيير! فإذا كان الأمر كذلك، فيجدر بك مناقشة الديناميات المستجدة معه مناقشة أمينة وتحديد الفرص المتاحة لإعادة صياغة الخلافات أو تسويتها، أو تقليده دوراً وظيفياً جديداً تعتقد أنه سيحقق فيه نجاحاً مشهوداً.

مشكلات القيادة

قد لا تتقبّل هذه الحقيقة، وهي أن 30% على الأقل من أداء الموظفين يعتمد على أسلوب إدارتهم، وهذا يعني أن أسلوبك القيادي قد يؤدي دوراً ملموساً في تحديد إذا ما كان موظفوك سينجحون في استغلال قدراتهم أحسن استغلال من عدمه. وقد تؤدي رغبتك الصادقة في دعم موظفيك ورعايتهم إلى قتل مواهبهم بسبب الإدارة التفصيلية أو التراخي في الإشراف عليهم أو سوء إبلاغهم الأهداف المرجوة، وغيرها من الأخطاء الإدارية المشابهة.

ولكن هناك ما يدعو للتفاؤل بخصوص هذا الاكتشاف المقلق، وهو أنه أحد المجالات التي تقع ضمن سيطرتك التامة؛ إذ باستراتيجيات اختبار أ/ب عن كيفية تواصلك مع موظفيك وإعطائهم الآراء التقييمية وتمكينهم وإدارتهم، يمكنك فحص نتائج التوجيه الذي تقدمه وتقييم إذا ما كنت أنت شخصياً السبب الرئيس في ضعف مستوى أدائهم! ومن المفيد أن تختبر الاستراتيجيات التي نجحت معهم في الماضي، بل تلك التي أثبتت فاعليتها مع الموظفين الآخرين.

إن الأفراد يختلف بعضهم عن بعضهم الآخر، ولا توجد استراتيجية موحدة تنجح مع الجميع! ومع ذلك، ثمة قاعدة تنطبق على الجميع ترى أن الموظف سيستغل قدراته أحسن استغلال عندما تُمضي معه وقتاً أطول وتربطك به علاقة وطيدة تقوم على الثقة المتبادلة وتعطيه قدراً أكبر من الآراء التقييمية (من ذلك النقد البنَّاء والثناء المستحَق والتعبير عن تقديرك لجهوده وإتاحة الموارد اللازمة)، أما إذا فعلت العكس، فلا تنتظر منه نتائج إيجابية البتة!

أخيراً، تذكر أن الموظف إنسان في المقام الأول، والإنسان ليس آلة! وهذا يعني أنك يجب ألا تتوقع من الجميع أن يصلوا إلى أعلى مستويات الأداء أو يستغلوا قدراتهم إلى الحد الأقصى دائماً! في الواقع، قد يتعرَّض أكثر الأشخاص إبداعاً وموهبة على وجه الأرض في أي مجال لتذبذب مستوى الأداء؛ لأن الإلهام دافع قوي للنتائج وهو الوقود الأساسي للعمل المبتكر والاستثنائي! ويحرص المدراء الجيدون على التماس الأعذار لموظفيهم واحترام الدورات الطبيعية لجهودهم، مع تحميلهم المسؤولية إذا اقتضى الأمر ذلك. وبالمناسبة، قد ينطبق عليك أنت أيضاً تذبذب مستوى الأداء أو عدم اتساقه؛ لذا ربما قد يكون مفيداً أن تتحقق مما إذا كنت أنت نفسك تستغل قدراتك أحسن استغلال وما الذي يمنعك من ذلك!

إنّ فهم الفجوات في أداء موظفيك -بل في أدائك أنت شخصياً- هو تمرين يرتكز على التفكير العميق والمشاركة الوجدانية. وبواسطة فحص الاحتمالات التي سبق ذكرها، ستكون في وضع أفضل بكثير يتيح لك المساعدة في توجيه فريقك ليكون في أفضل حالاته دائماً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي