"حاولت بذل قصارى جهدي كقائد غير رسمي في مجموعتي، لكن عندما لم تلقَ جهودي أي تقدير، بدأت أشعر بثقل تلك الواجبات، وازداد شعوري بالسوء عندما تصرف مديري وكأن عملي لم يكن مهماً، ورفض مساعدتي عندما ساورني الشك حيال ما يجب عليّ القيام به"، هكذا هو حال الكثير من الموظفين الذين يبادرون عن حسن نية لبذل جهود إضافية تصب في صالح الشركة، لكنها تُقابل بعدم التشجيع والدعم. يُطلق على الموظف الذي يتولى مسؤوليات قيادية تقع خارج مسؤوليات منصبه الوظيفي "القائد غير الرسمي"، ويعمد الكثير من المدراء لإعطاء مهام قيادية غير رسمية لبعض الموظفين لتجهيزهم للمستقبل؛ ففي دراسة قيّمة قادها 5 باحثين شملت أكثر من 500 مستجوَب ونُشرت بعنوان "بحث: آثار القيادة غير الرسمية"، أظهرت النتائج أنّ أفضل الطرق التي يمكن للمدراء من خلالها دعم عملية التطور المهني لموظفيهم وتحسين أداء فرقهم بأكملها هي تشجيع المواهب الواعدة على تحمل مسؤوليات القيادة غير الرسمية، إذ قد تسفر المشاركة في قيادة فريق أو مشروع ما عن منح القادة الصاعدين خبرة قيّمة وإعدادهم لتولي أدوار إشرافية أو إدارية رسمية في المستقبل، وهو ما يضيف قيمة للشركة بأكملها أيضاً على المدى البعيد، لكن هذه هذا الأسلوب تشوبه مجموعة من السلبيات على المدى القصير مثل الإجهاد والتعب الذي يصيب القائد غير الرسمي.
تعتمد كبرى الشركات العالمية على القادة غير الرسميين وتعطيهم تسميات مختلفة؛ فعلى سبيل المثال، تعتمد شركة الأزياء الشهيرة "غوتشي" (Gucci) على مجموعة من القادة غير الرسميين تحت مسمى "مجلس الظل"، حيث يصف الرئيس التنفيذي للشركة "ماريو بيزاري" في مقال "ما أهمية إنشاء "مجلس إدارة الظل" من شباب الموظفين؟" بأنه: "مجلس يضم أشخاصاً يشغلون وظائف مختلفة، وهم أبرع الموظفين داخل المؤسسة، وكثير منهم صغار السن للغاية"، أما الشركة الفنلندية "ستورا إنزو" (Stora Enso)، فتطلق عليهم "المستكشفين وبناة الطريق" (Pathfinders and Pathbuilders)، وتسمّيهم شركة "غروب إم إنديا" (GroupM India) "لجنة الشباب" (Youth Committee).
لا بد للقادة غير الرسميين التمتع بمجموعة من الميزات التي تمكنهم من تأدية مهام مختلفة تقع في معظم الأحيان خارج مجال تخصصهم، ويناقش راسل قاسم هذه الميزات في مقاله "هل نحتاج إلى موظف بلا حقيبة؟" إذ يؤكد على وجوب تحلّيه بالانضباط الذاتي والتصرف بمسؤولية خصوصاً أنه لن يكون مراقب مباشرة مثل الموظف "التقليدي"، كما يجب أن يتحلى بالثقة بالنفس والقدرة على التواصل الفعال مع مختلف المستويات الإدارية في المؤسسة، ويتمتع بخبرات مهنية نوعية ومعارف متنوعة، ناهيك بضرورة أن يمتلك حب الاطلاع وفضولاً نحو المعرفة ورغبة في التعلم والتطوير الذاتي.
الكثير من البيانات تدعم هذا الاتجاه نحو تطوير القادة غير الرسميين ومتعددي المهام؛ على سبيل المثال، تؤكد إحصائية مذكورة في الحلقة 12 من بودكاست مرصد الأفكار أنّ العصر الحالي يتطلب تطوير الموظفين لنحو 10 مهارات جديدة كل سنة ونصف، لكن السؤال البديهي هنا هو كيف يتكيّف الموظف مع العديد من المهام ويتعلمها في ظرف وجيز؟ تكمن الإجابة في مقالين: الأول "كيف أدير التغيرات المفاجئة عندما تُلقى العديد من المهام على عاتقي باستمرار؟"، وهو مقال يجيب عن السؤال المذكور في عنوانه، إذ يوضح فيه ثلاثة مختصين الخطوات المتبعة للتأقلم مع المهام الجديدة بسرعة، والمقال الثاني هو بعنوان "كيف تجعل التعلم جزءاً من روتينك اليومي؟"، تذكر فيه الكاتبتان مجموعة من النصائح الفعالة في التعلم و"إعادة التعلم" على مدى التدرج في المسار المهني.
نختم بإحدى مقولات الراحل ستيف جوبز الذي أكد على ضرورة التعلم المستمر من خلال قوله: "تعلم باستمرار؛ يوجد دائماً شيء آخر يمكنك تعلمه".