سؤال من قارئة: أعمل على إدارة فريق يتألف من 12 أخصائياً في مجال الرعاية الطبية، وأعاني من مشكلة المواقف الدفاعية للموظفين، وأحتاج إلى نصائح حول دعم خريجة جديدة تم تعيينها مؤخراً تعاني من حساسية عاطفية شديدة. يشمل فريقي عدداً من الشخصيات الكبيرة. وطبيعة عملنا تفرض على جميع أفراد الفريق تقديم التوجيهات وتلقيها مني أنا بوصفي مديرة الفريق ومن جميع الزملاء أيضاً. تعمل الموظفة الجديدة في الشركة منذ أقل من شهر، وهذه هي وظيفتها الأولى بعد تخرجها من الجامعة. تلقت هذه الموظفة تقييمات من زملائها عدة مرات، وكان رد فعلها تجاه التقييمات هو الركض خارج الغرفة باكية. لذا دخلتُ في إحدى المرات كوسيط بينها وبين زميل أعطاها تقييم واعتبرته قد أساء إليها، فأخذت تكرر ما قاله لها وما فعله معها بالتفصيل طوال الاجتماع، وبدت غير قادرة على تجاوز الموقف. وعندما سألتها عما إذا كانت قادرة على احترام وجهة نظر زميلها أجابت برفض صريح، أتبعته بشرح مطول حول صعوبة التعاون معه من الآن وألقت اللوم عليه بالكامل. في الحقيقة، كان من الممكن تقديم التقييمات لهذه الموظفة بأسلوب أقل حدة، لكن من الضروري ألا يشعر زملاؤها بضرورة توخي الحذر عند التعامل معها. ففي كثير من الأحيان يكون الوقت حاسماً ولا يكون لديهم مجال للمجاملات والعبارات الملطفة لأن العميل في حالة حرجة. أشعر أن هذه المرأة تفتقد المرونة والذكاء العاطفي اللازمين للنجاح في دورها في هذه المرحلة. ثقافة الفريق رائعة إجمالاً، وعندما يكون هناك اختلاف في الرأي، تتم معالجته بالاحترام والتعاطف ومن دون أي أحقاد. لكن يبدو أن هذه الموظفة تعاني من صعوبة في حمل مسؤولية سلوكها وتفترض أن زملاءها يتعاملون معها بسوء نية.
سؤالي هو:
كيف أدعم هذه الموظفة كي تتمكن من التعامل مع المواجهات الصحية بأسلوب ناضج يركز على الحلول؟
يجيب عن هذا السؤال كل من:
دان ماغّين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
ملفين سميث (MELVIN SMITH): أستاذ في كلية "ويذرهيد" للإدارة بجامعة "كيس وسترن ريزرف"، ومؤلف مشارك لكتاب "مساعدة الموظفين على التغير: التدريب بأسلوب متعاطف من أجل التعلم والنمو مدى الحياة" (Helping People Change: Coaching with Compassion for Lifelong Learning and Growth).
ملفين سميث: يمثل هذا السؤال فرصة رائعة لصاحبة السؤال كي تقوم بتدريب أحد موظفيها. وفي حين أنها تدرك ضرورة تدريب الموظفة الجديدة كي تكون قادرة على التعامل بمرونة أكبر مع تلقي التقييمات من الآخرين، إلا أن الأسلوب الأكثر فاعلية سيكون على الأرجح متمثلاً بتدريب الموظفة عند تلقيها التقييمات ومساعدتها على فهمها وتقبلها، وتفادي تقديم هذه التقييمات لها بصورة مباشرة ومطالبتها بأن تبني قدرة على التحمل وألا تتأثر بالتقييمات والانتقادات الموجهة إليها. فقد وضحت صاحبة السؤال رد فعل هذه الموظفة تجاه التقييمات أو الاقتراحات التي توجهها بنفسها إليها.
أليسون بيرد: أعتقد أن هذه الحالة تختلف عن البكاء عند تلقي التقييمات، فالبكاء هو استجابة حيوية طبيعية للتوتر. من الواضح أن هذه الموظفة لم تبك عندما تلقت التقييمات فحسب، بل استمر رد فعلها هذا وأخذت تدافع عن سلوكها وتلقي اللوم على زميلها. لذا، إذا كان على صاحبة السؤال تدريبها وهي تدرك أنها تفتقر إلى المرونة والذكاء العاطفي وأنها تتخذ موقفاً دفاعياً قوياً، فكيف ستستهل محادثة التدريب؟ كيف ستعرف الأسلوب الذي سيدفع هذه الموظفة نحو التغيير؟
ملفين سميث: في البداية، يجب أن تطرح سؤالاً على هذه الموظفة عن الصورة التي تود رسمها عن نفسها في المؤسسة على اعتبارها موظفة جديدة وما هي طموحاتها؟ كيف تريد أن تبدو بالنسبة لزملائها؟ ثم يمكن طرح سؤال عن صورتها الحالية في المؤسسة. وإذا كانت هذه الموظفة تتمتع بشيء من الوعي الذاتي، فستعترف أن صورتها الحالية لا تتطابق مع الصورة التي ترغب في تكوينها عن نفسها. عندئذ يمكن طرح مزيد من الأسئلة لمساعدتها على إدراك السلوكيات التي تعزز صورتها الحالية، كالبكاء والخروج من الغرفة بسرعة وما إلى ذلك، ثم يمكن سؤالها عن السلوكيات البديلة التي ستؤدي إلى نتائج مختلفة ورسم صورة أفضل عنها، ودفعها للتفكير في هذه الأمور ومناقشتها، وبالتالي ستعمل بنفسها على توليد الأفكار من أجل التوصل إلى السلوكيات البديلة التي تسمح لها بالتعبير عن عواطفها بطريقة أفضل.
دان ماغّين: فيما يتعلق بالبكاء في مكان العمل، فهو غالباً ما يعتبر أمراً خاصاً بالنساء أكثر من الرجال وفقاً للصور النمطية المألوفة، لكن هل يدخل في هذا الأمر عامل يتعلق بالأجيال؟ فهناك فكرة تقول إن الأجيال الأصغر تكون أضعف عاطفياً. هل لهذا العامل دور في حالة صاحبة السؤال؟
ملفين سميث: ربما، هذا يعود بنا إلى فكرة الصورة التي ترغب برسمها عن نفسها لدى الآخرين، والسؤال عن سبب قسوة نظرتهم إليها، هل سببها هو أنها بكت، أم أنها صغيرة بالسن أم أنها امرأة؟ إلا أني أستبعد هذه الخيارات جميعها، ولا بد أنها تدرك أن الآخرين لا ينظرون إليها على النحو الذي تريده بسبب سلوكها، ويجب أن تتوصل إلى ما يمكنها فعله على نحو مختلف. بالإضافة إلى أنه من الطبيعي أن ينفعل الإنسان عاطفياً، لكن تكمن المشكلة في السيطرة على هذه الانفعالات، ومن الضروري أن تفكر الموظفة في استجابتها لانفعالاتها العاطفية.
أليسون بيرد: يقلقني اتخاذها موقفاً دفاعياً حاداً، لكن الموظفة استمرت بالدفاع عن نفسها وإلقاء اللوم على زميلها واتهامه بالفظاظة. كيف يمكننا دفع هذه الموظفة التي تتخذ مواقف دفاعية حادة بهذا الشكل إلى التفكير بتغيير سلوكها؟
ملفين سميث: قد يكون ذلك صعباً إذا لم تملك الرغبة في الاعتراف بالخلل في سلوكها، ولن تتمكن مديرتها من مشاركة المعلومات مع هذه الموظفة في محادثة التدريب إذا لم تكن الأخيرة مستعدة للاستماع إلى هذه المعلومات. صحيح أنه من الممكن أن تكون التقييمات التي قدمت إليها قاسية، أو تبدو لها قاسية، لكن هذه هي طريقة العمل في بيئتنا سريعة الحركة، وتمكن الآخرون من تقبل هذه التقييمات وتجاوزها. لذا يجب أن نساعد هذه الموظفة على فهم أن المشكلة لا تكمن في فظاظة من يقدم لها التقييم أو التوجيه، وإنما في طريقة تفسير هذه التقييمات وتلقيها، ويجب عليها تغيير هذه الطريقة.
دان ماغّين: ركزنا في حديثنا على طريقة تدريب هذه الموظفة الشابة الجديدة وتوجيهها، هل يشمل جزء من هذا التوجيه بقية زملائها؟ مثل تنبيههم إلى أنها جديدة، وصغيرة بالسن وحساسة قليلاً، وإلى ضرورة الانتباه إلى طريقتهم في تقديم التقييمات إليها. وهل يجب على صاحبة السؤال محاولة ترميم العلاقة بين الموظفة وزميلها الذي اختلفت معه؟
ملفين سميث: أعتقد أن طريقة التفاعل بين أفراد الفريق ناجحة ولا مشكلة فيها. لكن يجب على صاحبة السؤال على اعتبارها قائدة هذا الفريق أن تتمكن من التعامل مع هذه الموظفة الجديدة ومع جميع أفراد الفريق بدرجة عالية من الكفاءة. وعلى الرغم من أن جميع أفراد الفريق الآخرين يبدون قادرين على التعامل مع البيئة التي يتم تقديم التقييمات فيها بهذه الطريقة، فإن عدم تقبل الموظفة الجديدة لهذه الطريقة هو فرصة لدفع من يقدمون هذه التقييمات إلى التعامل بحساسية وتقديم تقييمات ملطفة، ليس لأن أسلوبهم مثير للمشكلات أو غير ملائم، وإنما لأن الموظفة الجديدة بحاجة إلى المساعدة على تقبل هذه التقييمات. لذا لا مشكلة في توجيه محادثة التدريب إلى جميع أفراد الفريق وربما للزميل الذي واجه الموظفة تحديداً.
أليسون بيرد: أرى أن ذلك قد يفيد، إلا أنه مع وجود ثقافة الفريق العظيمة هذه، إذا طلبنا من جميع أفراد الفريق تغيير أسلوبهم الذي يتبعونه بنجاح منذ سنوات من أجل موظفة واحدة جديدة، فقد تتولد لديهم مشاعر البغض والاستياء. لذا يمكن أن تطلب صاحبة السؤال من فريقها تلطيف أسلوبهم لفترة محددة من أجل مساعدة الموظفة الجديدة على الاندماج في البيئة والاعتياد على أسلوب العمل. ونظراً لكل ما حاولت صاحبة السؤال فعله، قد يكون من المجدي أن تستفهم عن مدى ملاءمة بيئة العمل لهذه الموظفة. فكل مكان عمل يعمل بطريقة خاصة به، ومن الضروري أن يعمل المدراء والموظفون على تقييم مدى قدرتهم على تحمل البيئة التي يعملون فيها. قد لا ينطبق ذلك على حالة هذه الموظفة وربما كان عليها زيادة قوتها وقدرتها على التحمل، لكن إذا لم تتمكن من تحقيق ذلك في غضون 6 أشهر مثلاً، فقد يكون هذا المكان غير مناسب لها فعلاً.
ملفين سميث: وفي أثناء هذه الفترة يمكن لصاحبة السؤال الاستمرار بتدريب هذه الموظفة وتوجيهها، ومنحها الأدوات التي تفتقر إليها للتعامل مع كافة المواقف، وتعليمها طرقاً لرفع وعيها الذاتي وتقييم نفسها وفهم عواطفها وسلوكها ودورهما في تعاملها مع الآخرين. والأهم هو أن تعلمها الطرق التي تمكنها من إظهار قدرة على السيطرة على ردود فعلها العاطفية وإبداء المرونة.
دان ماغّين: قد تشعر صاحبة السؤال برغبة في تشجيع الموظفة على تعزيز قدرتها على التحمل، لكننا نرى أن هذا الموقف هو فرصة لها كي تقوم بعملية تدريب وتوجيه تبدأ بطرح 3 أسئلة على الموظفة، وهي: ما هي الصورة التي ترغب في رسمها عن نفسها في المؤسسة على المدى الطويل؟ وهل ترى أن هذه هي صورتها حالياً؟ وإذا أجابت عن السؤال الثاني بالنفي، يكون السؤال الثالث عن الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل النجاح في رسم الصورة المنشودة. ومناقشة هذه الخطوات هي أسلوب رائع لدفع الموظفة إلى وضع خطة لتحقيق هذا الهدف بنفسها. خروجها من الغرفة باكية ليس مشكلة على الإطلاق، فالبكاء هو منعكس حيوي طبيعي وليس من المستغرب رؤيته في مكان العمل بين الفينة والأخرى. نرى أنه يجب توجيه جزء من محادثة التدريب إلى بقية أفراد الفريق من أجل تنبيههم إلى ضرورة مراعاة أن الموظفة جديدة وأنها تحتاج إلى شهر أو اثنين للتأقلم مع بيئة العمل ومجاراتها. وقد يكون من الملائم مطالبتهم بالتعامل معها بلطف أكبر في الفترة القصيرة المقبلة، ويمكن تحديد هذه الفترة بثلاثة أشهر أو ستة. في نهاية المطاف، ستضطر الموظفة للتأقلم مع بيئة العمل وستتقبل التقييمات السريعة والمباشرة، وهذا هو هدف عملية التدريب والتوجيه من أجل التخلص من مشكلة المواقف الدفاعية للموظفين.