اطلب تأجيل الموعد النهائي لتسليم العمل ولا تتردد

4 دقائق
المواعيد النهائية

ملخص: المواعيد النهائية غير الواقعية لا تساعد أحداً، وفي أغلب الأحيان يتفادى الموظفون طلب مهلة إضافية حتى عندما يعرفون أنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت لأداء عمل أفضل. في سلسلة من الدراسات التي أجريت على أكثر من 4,000 موظف بالغ، توضح المؤلفة أنه في حين يفترض الموظف تلقيه أحكاماً سلبية إذا طلب تأجيل الموعد النهائي لتسليم العمل، فمن المرجح أن يقيّم المدراء الموظف الذي يطلب المزيد من الوقت على أنه أكثر كفاءة وحماساً. لذلك، فهي تقول إنه ينبغي للمدراء بذل جهد لتوضيح أن المواعيد النهائية تتمتع بالمرونة (لأن الموظفين يفترضون العكس) وأنه في حال اعتقد الموظفون أنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت يجب ألا يخشوا طلبه.

بينت الدراسات أن المواعيد النهائية هي أحد أهم مصادر الضغط في مكان العمل، لاسيما عندما يقوم الموظف (أو مدراؤه) بالمبالغة في تقدير سرعته في إنهاء المهمة، فيضطر في نهاية المطاف لبذل جهد هائل كي يسلم العمل ضمن إطار زمني ضيق للغاية. وهذا الأمر ليس مجرد شعور بسيط بالضغط، إذ تبين أن ضغط الوقت الناتج عن المواعيد النهائية غير الواقعية يوقع أثراً سلبياً شديداً على قدرة الموظف الإبداعية وفعاليته وأدائه العام.

ما الذي يمكن فعله حيال مصدر الضغط الذي يكاد يكون حتمياً؟ يتمثل أوضح حلّ للمواعيد النهائية غير الواقعية في طلب مهلة إضافية، فكثير من المواعيد النهائية ليست بالصرامة التي قد تبدو عليها، وبعضها اعتباطي تماماً. في الحقيقة، أجريت مع زملائي مؤخراً دراسة استقصائية شملت ما يزيد على ألف موظف بالغ في الولايات المتحدة، وقال المشاركون فيها إن نحو نصف المواعيد النهائية المهمة في العمل كانت قابلة للتعديل.

تتعدد أسباب تمتع المواعيد النهائية بالمرونة أكثر مما تبدو عليه، فإذا طلب مديرك منك تسليم مسودة مذكرة عند نهاية الأسبوع مثلاً، فهو يحتاج إليها ليضمها إلى التقرير الذي يجب أن يسلمه الشهر المقبل. على الرغم من عدم إمكانية التفاوض على الموعد النهائي لتسليم التقرير، فتأجيل الموعد النهائي لتسليم مسودة المذكرة أسهل وأقل كلفة بكثير. في حالات أخرى، من الممكن ألا يرتبط الموعد النهائي بمتطلبات خارجية على الإطلاق. مثلاً، يكون الموعد النهائي مجرد وسيلة التزام لتشجيع الموظف على إنهاء مشروع ما، ومن الممكن تعديله من دون التأثير على أي أحد سلباً.

لكن كثيرين منا يترددون في طلب وقت إضافي على الرغم من حقيقة أنه خيار متاح غالباً. أجرى فريقي سلسلة من الدراسات شارك فيها أكثر من 4,000 موظف بالغ من أجل استكشاف الحواجز الحقيقية والخيالية التي تمنع الموظفين من طلب مهلة إضافية، حتى إن كان ذلك سيقلل شعورهم بالضغط وسيزيد إنتاجيتهم في العمل.

الحاجز الأول: الخوف من الأحكام

في دراستنا الأولى، وظفنا 900 مهني أميركي من قطاعات مختلفة بدوام كامل، وطلبنا منهم إنهاء مهمة كتابة نصّ. تعمدنا جعل إنهاء المهمة في الوقت المحدد صعباً وأتحنا للمشاركين خيار طلب مهلة إضافية في أي وقت قبل الموعد النهائي، وأخبرناهم أن مشاركاً آخر سيأخذ دور المدير وسيعمل على تقييم جودة عملهم ويتخذ قراراً حول أهليتهم للحصول على علاوة نقدية. ثم قلنا لمجموعة من المشاركين إنه إذا طلبوا مهلة إضافية فسيتم إبلاغ مدرائهم بذلك، في حين قلنا لمجموعة أخرى إن مدراءهم لن يعرفوا بطلب المهلة.

على الرغم من أننا أبلغنا جميع المشاركين أن تقييم كتاباتهم سيعتمد على جدارتها فقط، فعندما قلنا لهم إن مدراءهم سيعلمون بطلبهم مهلة إضافية تناقصت احتمالات طلب المهلة إلى نسبة 31%، إلى جانب أن المشاركين الذين أخذوا وقتاً إضافياً قدموا نصوصاً مكتوبة أطول ذات جودة أفضل (بحسب تقييم المشاركين الآخرين) مقارنة بمن التزموا بالوقت الأصلي. يشير ذلك إلى أن الموظفين يترددون في طلب مهلة إضافية خشية أن يحكم عليهم مديرهم سلباً، وبالنتيجة فهم يضيعون فرصة تحسين أدائهم بطريقة يهتم مدراؤهم بها.

تحققنا من هذه النتائج في دراسة ثانية طلبنا فيها من أكثر من ألف مشارك أخذ دور المدير وتقييم النصوص التي كلفنا المشاركين في الدراسة الأولى بكتابتها. لا بد من ذكر أننا أعلمنا المدراء بالنصوص التي طلب كاتبوها مهلة إضافية لإنهائها، ولكن طلبنا منهم تقييم جميع النصوص بناء على الجودة فقط. وسطياً، قيم المدراء النصوص التي طلب كاتبوها مهلة إضافية لإنهائها على أنها ذات جودة أعلى، وقيموا أصحابها على أنهم أكثر كفاءة وحماساً مقارنة بالذين لم يطلبوا مهلة إضافية.

الحاجز الثاني: الافتراضات حول أهمية السرعة والجودة

إلى جانب خوف الموظف من أن يبدو عديم الكفاءة إذا طلب مهلة إضافية، فقد بينت دراستنا التالية أن الكثير من الموظفين يبالغون في تقدير أهمية السرعة في إنهاء العمل بالنسبة لمدرائهم.

طلبنا من 200 موظف بدوام كامل و200 مدير تخيل سيناريو يكون فيه الموعد النهائي لإنهاء العمل قابلاً للتعديل، وطلبنا من المدراء تقييم أولوية كل من سرعة أداء العمل وجودته في هذا السيناريو، وطلبنا من الموظفين تحديد رغبتهم في طلب مزيد من الوقت وتقدير درجة اهتمام مدرائهم بسرعتهم في أداء العمل وجودته. توصلنا إلى أن الموظفين يبالغون دائماً في تقدير درجة اهتمام المدير بسرعة إنهاء العمل، ما يجعلهم يترددون في طلب مزيد من الوقت. لا شك في أننا نمر ببعض الحالات التي تكون السرعة فيها أهم من الجودة، ولكن بحثنا يشير إلى أن هذه الحالات أقل شيوعاً بكثير مما يعتقده الموظفون.

بالطبع هذا لا يعني أنه على الموظف طلب مزيد من الوقت دائماً، يشير بحث سابق إلى أن طلب مهلة إضافية بعد انقضاء الموعد النهائي وطلبها على نحو متكرر يدفعان المدير إلى تقديم تقييمات سلبية.

وكذلك الأمر، في حين أن بعض المواعيد النهائية يسهل تعديلها، توصلنا في دراسة أخرى إلى أن طلب تمديد المواعيد النهائية التي يكون تعديلها مكلفاً يؤدي إلى تبعات سلبية. كما خلص هذا البحث إلى أن الموظفين يبالغون في تقدير الانطباع السيئ الذي سينجم عن طلب مزيد من الوقت حتى بالنسبة للمواعيد النهائية الأقل مرونة.

إذاً لماذا نضع هذه الافتراضات الخاطئة؟ بينت الأبحاث أن الموظفين يهتمون بتحسين أنفسهم لتلبية المقاييس التي يسهل قياسها مثل وقت إنهاء العمل بدلاً من المقاييس النوعية (الأهمّ) التي تقيس الأداء، مثل قياس درجة إجادة كتابة النص أو جدواه. عموماً، يرى المدراء والموظفون على حد سواء أن مهارات إدارة الوقت هي سمة مميزة لأصحاب الأداء الممتاز، هذا ومن الشائع اعتبار أن الفاعلية في استخدام الوقت هي إشارة إلى الكفاءة والقدرة والمركز الاجتماعي. وبالتالي، ليس مستغرباً أن يخشى موظفون كثر من اعتبارهم فاقدين للكفاءة والفاعلية بسبب طلب المزيد من الوقت، مع أن بياناتنا توضح أن العكس صحيح غالباً.

الحل: التواصل الواضح

بالنظر إلى هذه العوامل من الضروري أن يوضح المدراء إمكانية تعديل المواعيد النهائية. بدلاً من أن يتوقع المدير من موظفيه معرفة أن طلب مهلة إضافية ممكن من تلقاء أنفسهم، يجب عليه تحديد سياسات رسمية توضح الحالات التي تكون سرعة إنهاء العمل فيها أهم والتي تكون جودة العمل فيها أهم، وسيساعد بذلك على تقليل قلق الموظف من أن يبدو غير كفء إذا طلب مهلة إضافية على الموعد النهائي، وبالتالي سيحسن حالته النفسية وجودة عمله على حد سواء.

لن ينهي طلب مزيد من الوقت مصادر الضغط الكثيرة التي نواجهها في العمل، ولكن تشجيع الموظفين على التعبير عن شعورهم بالإرهاق وطلب مزيد من الوقت عند الحاجة إليه سيعود بالفائدة على الجميع إذ يقلل الضغط ويحسن الأداء. في أغلب الأوقات تكون الجودة أكثر أهمية من السرعة، في حال اعتقدت أنك بحاجة إلى مزيد من الوقت فاطلبه من مديرك، ولن يسيء ذلك إلى صورتك لديه كما قد تظن.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي