لصياغة غاية مُلهمة للشركة، وازن بين المثالية والعملية

5 دقيقة
بيان الغاية
أولينا كوليسنيك/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: على الرغم من سعي العديد من القادة لتشجيع فِرقهم على أداء أعمال هادفة وتحفيزهم، يشعر موظفوهم عادة بالانفصال عن غاية شركاتهم الأساسية. إذ تكون غاية الشركة عادة غامضة جداً أو طموحة جداً أو كلتيهما معاً، هذا إن وُجدت غاية بالفعل. وعلى القادة بالتالي تحقيق توازن بين المثالية والواقعية من أجل استخدام الغاية لدفع الأعمال. ويتناول هذا المقال كيفية صياغة غاية واضحة وطموحة لشركتك تتماشى مع الاستراتيجية الحالية والخطط الطويلة الأمد وكيفية تنفيذها.

العمل الموجّه بالغاية هو عمل مُتطلب جداً، فهو يُشعر الموظف بأن جهوده عديمة الفائدة، وأنه يسعى نحو هدف بعيد المنال، إضافة إلى أنه يرسخ فيه إحساساً بعدم الرضا عن الأداء. في المقابل، يؤدي خفض مستوى التوقعات، أو عدم وضوح الغاية إلى التبخيس من قيمة الجهود.

ووفقاً لاستقصاء أجرته شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PricewaterhouseCoopers) في عام 2019، شعر 28% فقط من الموظفين بالارتباط بغاية شركاتهم، في حين شعرت نسبة أقل منهم بأن مؤسساتهم موجّهة بالغاية بصدق. في الواقع، قد يؤدي غياب الغاية إلى مجموعة من المشكلات، مثل الانفصال الذهني عن العمل، والتركيز على تحقيق مكاسب سريعة، والتقدم التدريجي، والقصور الذاتي، وغيرها. وبالإضافة إلى تلك المشكلات، يواجه معظم الشركات صعوبة في صياغة بيان الغاية، فتكون إما وصفاً مملاً للعمل التجاري الحالي، وإما التزاماً كبيراً لكنه غير محدد بأداء أعمال هادفة لا ترتبط بالنشاط التجاري الرئيسي للشركة.

ويجب على القادة تحقيق توازن مناسب بين المثالية والواقعية لاغتنام الفوائد التي يوفرها وجود الغاية واستخدامها لتعزيز تقدم الأعمال. يبدأ تحقيق هذا التوازن من خلال التفكير في كيفية صياغة غاية الشركة في المقام الأول، لكنه يستمر يومياً من خلال كيفية اتخاذ القرارات، وتنفيذ الاستراتيجيات، وضمان التقدم الإيجابي لجميع أعضاء الفريق. لذا اطرح هذه الأسئلة الأربعة الرئيسية على نفسك إذا كنت ترغب في قيادة فرق موجهة بالغاية.

كيف تتجسد الغاية في الأعمال اليومية للشركة؟

الغاية هي فكرة كبيرة تُعبّر عنها الشركة بقوة، وتسعى إلى تحقيقها بإيمان تام بأثرها، ما يشجع الفريق على أداء عمل مركز وموجّه. تتطلب صياغة بيان غاية رائع امتلاك القائد مستويات عالية من التفكير الاستراتيجي. وإليك 3 نصائح لكتابة بيان غاية يترك انطباعاً إيجابياً:

  1. احرص على صياغة البيان بعناية؛ فالكلمات مهمة. في المقابل، لن يكون بيان الغاية الضعيف الصياغة والغامض والصعب التذكر ذا فائدة في تحسين عمليات اتخاذ القرارات، ولن يساعد الموظفين على استعادة الشعور بالارتباط بالعمل.
  2. التزم الوضوح. يجب أن يكون بيان الغاية بسيطاً ويحتوي على تفاصيل استراتيجية دقيقة. ويصف بيان الغاية عادة مجالات النشاط التي تشارك فيها الشركة وتلك التي لا تشارك فيها، والسمات التي تميّزها وتجعلها فريدة، وهوية المستفيدين من خدماتها، والتأثير الذي ستُحدثه على المدى الطويل.
  3. اجعل الغاية مصدر إلهام طويل الأمد. جعل شركتك وفريقك موجّهين بالغاية يتطلب ألا يكون بيان الغاية مجرد تصريح مبتذل يصف عملك التجاري الحالي، بل يجب أن يكون هدفاً تطمح إليه، أو دعوة لاتخاذ إجراء يعزز التحوّل والابتكار.

كان البيان الأصلي للغاية الذي تبنّته شركة الكيماويات العالمية المتخصصة في المنتجات الصناعية والحلول الميكروبية، أركسادا (Arxada): “جعل الحياة اليومية أكثر أماناً ونظافة وصحة واستدامة”؛ وكان مطابقاً تقريباً لبيان غاية شركة منافسة لها. بدت اللغة المستخدمة في البيان عامة، ولم تقدم وصفاً دقيقاً للقطاع الذي تعمل فيه الشركة.

فساعدنا الشركة على صياغة بيان غاية جديد هو: “أفضل العلوم لحل تحديات عمليات الحفاظ على البيئة الأصعب في العالم”. توضح هذه العبارة التوازن بين المثالية والواقعية لتعبيرها عن الغاية بأسلوب طموح وعام، لكنه يتناسب مع طبيعة عمل الشركة التجاري الفعلي. وتفرض كلمتا “أفضل العلوم” بعض المتطلبات على الشركة أيضاً، ولعلّ أهمها أن تحقق تفوقاً في مجال العلوم، وأن تكون على مستوى تقني أفضل من منافساتها، وأن تسعى لاكتشاف التطورات العلمية الجديدة باستمرار. وتُلزم كلمة “أفضل” شركة أركسادا بأن تكون رائدة في قطاع الكيماويات من خلال تقليل أثرها البيئي. والأهم من ذلك، أعادت الشركة تحديد نطاق عملها من خلال التركيز على “تحديات عمليات الحفاظ على البيئة الأصعب في العالم”. وحددت مجموعة واسعة من المجالات التي تمتلك فيها خبرة واسعة تتيح لها تحقيق أثر إيجابي وتوصلت إلى حلول للتحديات الصعبة تمكّنها من فرض هوامش ربح أعلى.

هل تمتلك الغاية القدرة على توفير فرص جديدة وإحداث تغيير؟

توفر الغاية الجيدة مزيداً من الفرص للشركة، وتلزمها في الوقت نفسه باتخاذ قرارات صعبة والتفكير في تغييرات جوهرية لتحقيقها. وإذا لم تُجبر الغاية الشركة على أداء الأعمال باختلاف، فما الهدف منها إذاً؟ عندما نساعد المؤسسات في صياغة الغاية، نخصص وقتاً كبيراً لاختبار مدى قدرة الغاية على توجيه الإجراءات الصحيحة في المستقبل من جهة، ولتقييم جدواها من الناحية التجارية من جهة أخرى.

وننفذ تمريناً نطلق عليه “التخلي أو الاحتفاظ أو التطوير”، يتطلب من الفِرق الامتثال لمتطلبات الغاية واتخاذ قرارات بالتخلي عن بعض الجوانب، أو الاحتفاظ ببعضها، أو تطوير بعضها الآخر بناءً على مدى توافقها مع الهدف المستقبلي. قد تكون الإجابات متنوعة وتشمل مجموعة واسعة من خطوط الأعمال، وخطط الابتكار، وكفاءة العمليات، وأنواع المواهب، وجوانب الثقافة، وأساليب العمل، وقدرات التطوير الرئيسية.

لاتخاذ هذه القرارات الصعبة حول التخلي أو الاحتفاظ أو التطوير، يجب أن تكون الفرق ملمّة بالجوانب التجارية. وهنا نقطة التقاء بين تحقيق الأفكار المثالية بما يتناسب مع الواقع العملي التشغيلي. إذا قررت الشركة التخلي عن جوانب الأعمال التي تدعم النمو، فلن تكون قادرة على مواصلة أعمالها من أجل تحقيق غايتها. وإذا قررت الاحتفاظ بمنتجات أو خدمات تتعارض مع هدفها أو تطويرها، فقد يتسبب ذلك في خلق جو من الشك أو التشتيت داخل المؤسسة أو إلحاق ضرر بسمعتها العامة. ويجب ألا تترك هذه القرارات آثاراً سلبية على الوضع المالي للمؤسسة، بل يجب أن تكون مصدراً لتحقيق إيرادات جديدة تعوّض المجالات التي تخلّت عنها على الأقل.

هل تدمج الغاية بين الخطط الطويلة المدى والاستراتيجية الحالية؟

يتطلب تطوير غاية تتميز بالطموح تخطيطاً دقيقاً وتدرجاً في تحقيق الأهداف وتكاملاً بين الخطط الطويلة المدى واستراتيجية الأعمال الحالية. أفادت مؤسسة غالوب (Gallup) في عام 2021 بأن 22% فقط من الموظفين يشعرون بامتلاك القادة رؤية واضحة لمستقبل مؤسساتهم. وإذا لم تستخدم غايتك لتوجيه استراتيجية عملك الحالية وللتخطيط الطويل المدى، فسيبدو لك بوضوح أن هذين الجانبين غير متكاملين. وعندها، ستتحول استراتيجية الأعمال إلى “كيفية تحقيق مزيد من الأرباح”، وتتحول الغاية إلى “كيفية تعزيز الشعور بالرضا بسبب الأموال المتولدة”؛ ولن يكون اتجاه مؤسستك واضحاً على أفضل تقدير.

تمتلك المؤسسات الموجهة بالغاية مجموعة واحدة من الأهداف التجارية الهادفة واستراتيجية تجعل النمو والتأثير مترابطين. نتيجة لذلك، تمتلك فرقها فهماً واضحاً بشأن المنجزات، والتزاماً أعمق تجاه الاستراتيجية الأساسية للأعمال، ما يتيح لها تحقيق النمو والتأثير بفعالية.

كيف يمكن استخدام الغاية لاتخاذ القرارات اليومية والاحتفال بالتقدم المُحرز؟

يميل القادة إلى اتخاذ إجراءات سريعة عادة. وإذا طُلب منهم تخصيص وقت من جدول مواعيدهم المزدحم لإعادة التفكير في الغاية، يُبدون انزعاجهم ويشككون في جدوى إعادة النظر في تلك القضايا. ومع ذلك، من المفيد أحياناً التفكير بمثالية والتقليل من الواقعية، فمعالجة الأمور بروية قد تؤدي إلى مكاسب هائلة في تسريع نمو الشركة. وقد يكون لإشراك الفريق في غاية الشركة تأثير إيجابي على الأداء. لذا احرص على تحقيق ذلك بطريقة مدروسة.

وإذا كنت ترغب في أن يلتزم أعضاء فريقك بغاية شركتك، فادعهم للمشاركة في محادثات حقيقية ومفتوحة حولها، ولإجراء تفكير وتخطيط على مستوى عالٍ، إذ لن يكون التواصل الأحادي كافياً.

من المهم أن يعرف أعضاء فريقك الإجابة عن الأسئلة التالية قبل الالتزام بالغاية:

  • لماذا نؤدي ذلك الآن؟ ما السبب الحقيقي وراء الحاجة إلى التغيير؟
  • هل ترتبط الغاية بأنشطة المؤسسة اليومية، واستراتيجيتها الحالية، وكيفية اتخاذ القرارات اليومية؟
  • هل تؤمن بالغاية بصفتك قائداً؟

عندما تُجيب عن هذه الأسئلة سيبدأ أعضاء فريقك التفكير بعمق حول أثر الغاية عليهم وعلى أعمالهم، وسيشاركون معك مهمة تحقيق متطلباتها. لن يشعر الجميع بالارتباط بالغاية، وتلك علامة إيجابية بالفعل تعكس الوضوح في الهدف الذي تسعى الشركة إلى تحقيقه.

وقد يمر فريقك بتجارب متنوعة من الوضوح في الأفكار والاختلاف في الآراء والتحديات والإثارة والقلق، وهي التجارب العاطفية نفسها التي خضتها في أثناء وضع الغاية في المقام الأول. وستؤدي مشاركة تفاصيل هذه التجربة بصراحة ودعوة الفريق إلى النقاش حولها إلى تحوّل الغاية من هدف شخصي إلى هدف للشركة بأكملها.

والطريقة الفعّالة لجعل فريقك يلتزم بالغاية يومياً هي أن تكون دقيقاً في التفاصيل، ومملاً في تكرار الغاية، ومنضبطاً في الالتزام بها؛ ونصيحتنا لك:

  • كُن دقيقاً في التفاصيل. عملتَ بجد على التفاصيل عندما صغت بيان الغاية بالفعل، لذا استخدم الغاية لدعم كل قرار تتخذه.
  • كُن مملاً في تكرار الغاية. الاتساق والتكرار هما العنصران الرئيسيان. لا تسمح لفريقك بفقدان التركيز، بل حافظ على التكامل بين الخطة الطويلة الأمد والاستراتيجية الحالية، ووضح لفريقك دور الغاية في الربط بينهما.
  • كن منضبطاً في اكتشاف كل تقدم بسيط والاحتفال به، وليس اللحظات الكبيرة والواضحة للنجاح فقط. وتذكّر أن النكسات قد تكون فرصاً للتعلم والنمو.

باختصار، عندما تكون غايتك جزءاً يومياً من عملك وتصبح جزءاً من ثقافة الشركة ويستخدمها الآخرون بفعالية، سيكون لها تأثير فعّال في دفع نجاح أعمالك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .