ملخص: يوضح النهج الذي اتبعته 3 شركات صينية جديدة مصنعة للسيارات الكهربائية قيمة التمتع بالمصداقية لبناء المشاريع؛ فقد تمكنت هذه الشركات من الوصول إلى حجم الإنتاج بعد عامين إلى 4 أعوام فقط من تأسيسها، مقارنة بشركة "تيسلا" التي استغرقت 9 سنوات. وجمعت ما يقرب من 7 مليارات دولار لتمويل المشاريع، وتم إدراجها مؤخراً في الولايات المتحدة. ولكن كيف فعلت ذلك؟ من خلال تطبيق 3 استراتيجيات عملية لإدارة المصداقية من أجل أن تتمكن من الوصول إلى الموارد التي تحتاج إليها كالتالي: الاستفادة من الموارد الحالية لإثبات المصداقية، ومواءمة الإجراءات مع توقعات أصحاب الموارد، وإعادة تعريف تصورات أو افتراضات أصحاب الموارد.
يحتاج رواد الأعمال إلى الكثير من الأشياء من أشخاص آخرين لتأسيس شركاتهم وإنمائها. فهم بحاجة إلى تمويل من المستثمرين، ومهارات والتزام من جانب الفريق المؤسس، وموافقات من الجهات التنظيمية، وتعاون من جانب الموردين، وجذب انتباه العملاء وطلباتهم، من بين تدابير أخرى. ولكن للحصول على هذه الأشياء، يجب على رواد الأعمال إثبات مصداقيتهم في نظر كل من أصحاب الموارد هؤلاء أو "الجماهير". إذ يجب عليهم إثبات أنهم جديرون بالثقة، وأن لديهم منتجاً جيداً يمكن طرحه في السوق. يمثل هذا الجهد تحدياً من نوع خاص لأن لكل من هذه الجماهير المختلفة معاييره الخاصة لما يجعل الشركات جديرة بالثقة.
من خلال بحثنا حول استراتيجيات إثبات المصداقية، حللنا سوق السيارات الكهربائية التي تتسم بالنمو المرتفع والتنافس الحاد في الصين (ويصادف أيضاً أن هذه السوق هي الأكبر في العالم)، وفيها تتحدى مجموعة جديدة من الشركات المنافسة شركات صناعة السيارات القائمة، بما في ذلك "تيسلا" (Tesla). يبدو أن هناك 3 شركات ناشئة على وجه التحديد، شركة "نيو" (NIO) و"إكس بينغ" (XPeng) و"لي أوتو" (Li Auto)، على استعداد للانطلاق كأبطال محليين. كانت هذه الشركات الثلاث شركات ناشئة عادية تواجه ما يُعرف بـ "ضريبة البدء" وتفتقر إلى الموارد الرئيسية. لكنها تمكنت من الوصول إلى حجم الإنتاج بعد عامين إلى 4 أعوام فقط من تأسيسها، مقارنة بشركة "تيسلا" التي استغرقت 9 سنوات. وجمعت ما يقرب من 7 مليارات دولار لتمويل المشاريع، وتم إدراجها مؤخراً في الولايات المتحدة. وفي حين أن الشركات الثلاث كانت لديها صلات وعلاقات في قطاع السيارات، إلا أن تصميم السيارات الكهربائية وتصنيعها كان عملاً جديداً تماماً بالنسبة إليها.
كيف حققت هذه الشركات ذلك؟ وجدنا أن رواد الأعمال الناجحين، وعلى وجه الخصوص المنافسين الجدد، ينفذون 3 استراتيجيات لإثبات مصداقيتهم والوصول إلى الموارد التي يحتاجون إليها: الاستفادة من المصادر الحالية لإثبات المصداقية، ومواءمة الإجراءات مع توقعات أصحاب الموارد، وتعريف (أو إعادة تعريف) تصورات أو افتراضات أصحاب الموارد.
نوضح لكم فيما يلي كيفية عمل هذه الاستراتيجيات.
الاستفادة من المصادر الحالية لإثبات المصداقية
كانت الخطوة الأولى التي اتخذها مؤسسو الشركات الثلاث هي الاستفادة من مواردهم الشخصية بوصفها مصدراً لإثبات المصداقية بهدف جذب الموارد الأساسية، بما في ذلك الفريق المؤسس وتمويل أولي كافٍ. استفاد مؤسس شركة "نيو" ويليام لي من شبكات العلاقات الشخصية التي بناها في أثناء تأسيس "بت أوتو" (BitAuto) وهي منصة إلكترونية متخصصة في أخبار السيارات والإعلانات والمعاملات والمجتمعات الاجتماعية لمشتري السيارات والسائقين. وشيانغ لي من "لي أوتو" استفاد من العلاقات التي تشكلت في أثناء تأسيس "أوتو هوم" (AutoHome) وهو موقع مماثل للمنصة السابقة. جلب لي أيضاً فريق الإدارة العليا الحالي في "أوتو هوم" ليصبح ضمن أعضاء مجلس الإدارة، ما زاد ثقة المستثمرين في الشركة الجديدة. بينما جلب مؤسسو "نيو" و"أوتو لي" المال والأشخاص اللازمين لبناء المصداقية، جلب مؤسسا "إكس بينغ" الأصليين الخبرة؛ فقد كان كلاهما من كبار الباحثين في أنظمة التحكم في السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة في شركة التصنيع "جي أيه سي" (GAC) المملوكة للدولة. واستفادوا من ذلك لجذب شياوبنغ هي، كمستثمر ملاك في البداية ثم كمؤسس مشارك ورئيس تنفيذي. استفاد شياوبنغ من خبرته في القيادة وأمواله وعلاقاته المهنية مع شركة "علي بابا" (Alibaba)، التي استحوذت على شركة متصفح الإنترنت التي كان يمتلكها، لبناء موارد الشركة الجديدة وإتاحة الوصول إليها.
مواءمة الإجراءات مع المتطلبات والمعايير والتوقعات
في بعض الحالات، لإثبات المصداقية والوصول إلى الموارد الأساسية، يتعين على رواد الأعمال مواءمة إجراءاتهم مع "قواعد اللعبة"، بما في ذلك القواعد الرسمية والمعايير غير الرسمية ولكنها صارمة. على سبيل المثال، حتى إن كان فريق القيادة حاصل على شهادات مثيرة للإعجاب، يتوقع المستثمرون عادة أن يكون لديهم "إقبال كبير على تكبُّد المخاطر". قام قادة هذه المشاريع الثلاثة بما يتواءم مع هذا التوقع؛ فقد استثمر كل منهم أكثر من 100 مليون دولار في مشاريعهم. كانت كل شركة تحتاج أيضاً إلى ترخيص لتصنيع السيارات. ولتلبية هذا المطلب التنظيمي ودخول السوق في وقت أقرب، قامت شركتا "نيو" و"إكس بينغ" بتعهيد الإنتاج في البداية إلى شركة قائمة في مجال تصنيع السيارات، بينما استحوذت "لي أوتو" على شركة تصنيع حاصلة على الترخيص اللازم.
إعادة تعريف التصورات والافتراضات
أخيراً، أنشأ مؤسسو الشركات الثلاث نموذجاً جديداً لما يمكن أن تكون عليه السيارة الكهربائية، وهذا هو ما يميزهم عن المنافسين الآخرين، بما في ذلك "تيسلا". فقد ذهبوا إلى ما هو أبعد من رؤية "تيسلا" للسيارة الكهربائية "الذكية"، القائمة على أنظمة التشغيل وتحديثات البرامج عبر الأثير ووظائف مساعدة السائق، من خلال تضمين التواصل القائم على منصة بين العملاء ومزودي الخدمات عبر الإنترنت. فبينما تم دمج تطبيق الهاتف الذكي الخاص بـ "تيسلا" مع نظام الملاحة في السيارة ومع وظائفها، فإن التطبيقات الخاصة بـ "نيو" و"إكس بينغ" و"لي أوتو" هي أيضاً بمثابة منصة للمستخدمين لتكوين صداقات ومشاركة المراجعات والصور والتجارب والأخبار حول الفعاليات القادمة. شركة "نيو"، على سبيل المثال، لديها أكثر من 200 ألف مستخدم نشط يومياً، كما أن 50% من العملاء الجدد يأتون عن طريق إحالات من العملاء الحاليين. هذه العلاقات التي عبر الإنترنت يدعمها ما تمتلكه كل شركة من شبكة المتاجر القائمة على البيع المباشر داخل المتجر والمتاجر التي تتيح للزوار تجربة المنتج قبل شرائه، التي تختلف تماماً عن توكيلات السيارات العادية التي يتم فيها البيع وتقديم الخدمات وتوفير قطع الغيار واستطلاع آراء العملاء.
غالباً ما يغفل رواد الأعمال عن أهمية إدارة التصورات حول المصداقية عندما يؤسسون شركة جديدة أو يدخلون قطاعاً جديداً أو يطلقون منتجاً جديداً. فمن دون إثبات المصداقية، سيتعين على رواد الأعمال الدخول في اجتماعات مع مستثمرين غير مبالين وغير ودودين للحصول على تمويل أو مع جهات تنظيمية للحصول على الموافقات، وإهدار العديد من الدولارات والجهود لاكتساب المستخدمين، والصراع مع المؤسسين المشاركين الانتهازيين أو موردين من الدرجة الثانية. ومن غير المرجح أن تتسم مثل هذه الجهود بالفعالية أو الكفاءة. قد يظل رواد الأعمال الذين لا يتمتعون بالمصداقية في نظر الجماهير الرئيسية في مرحلة التشغيل التمهيدي لسنوات، ولن يتمكن سوى عدد قليل من المحظوظين من تحقيق النجاح في النهاية.
لا يوضح النهج الذي اتبعته هذه الشركات الصينية الثلاث الجديدة المصنعة للسيارات الكهربائية قيمة المصداقية لبناء المشاريع فحسب، ولكنه يُظهر أيضاً الاستراتيجيات الثلاث الفعالة لاكتساب المصداقية: الاستفادة من المصادر الحالية لإثبات المصداقية، ومواءمة الإجراءات مع التوقعات والمتطلبات، وإعادة تعريف التصورات المتعلقة بما هو "عادي" وما هو جدير بالثقة. وتُظهر هذه الأمثلة أنه ينبغي لرواد الأعمال النظر إلى بناء المصداقية والثقة على أنه جزء أساسي من عملية بناء المشاريع، فهذا أمر ضروري لزيادة فعالية عملية البحث عن الموارد وتسريع وتيرة النمو.