لعلك مررت بهذا الموقف كمهني ناشئ: أنت في اجتماع ولديك ما تقوله لكنك تتساءل في نفسك ما إذا كنت قليل الخبرة أو حديث العهد جداً على التحدث. لعلك لست واثقاً إن كان ما ستقوله صائباً فعلاً، أو لعلك تخاف من عدم رغبة الحاضرين بالاستماع إليك حتى ولو أعلنوا عن تشجيعهم للاستفسارات والنقاش. أو قد يكون القلق ورهاب الأداء قد شلّ حركتك وجعلك تخشى أن يخرج صوتك متكسّراً أو أن تحرج نفسك إن تحدثت.
المشكلة هنا هي أنك إن لم تشارك لن تجذب اهتمام الزملاء الأعلى مرتبة منك، والذين لديهم القدرة على دفع مسيرتك المهنية إلى المستوى التالي.
أول ما عليك فعله هو قياس ثقافة شركتك. تُعتبر مشاركة الموظفين الصغار جوهرية في بعض الشركات وجزءاً أساسياً من عملية تطوير المسار المهني، لكن هناك شركات أخرى قد لا تلق لهذا الأمر بالاً، وقد يجري التنفير من موضوع المشاركة. لهذا، جسّ نبض شركتك. استشعر من الموظفين الصغار الآخرين ومن زملائك ومرشديك إلى أي مدى تعتبر المشاركة مهمة ومشجّعاً عليها فعلاً في الشركة، وفي أي المواقع، وكيف تجعل الآخرين يستمعون بفعالية لما تقوله. استشف الشكل الأفضل للمشاركة في نطاق شركتك وفريقك.
حالما تحدد متى يُعتبر التكلم في الاجتماعات مفيداً، حضّر نفسك جيداً. حاول إبقاء عينك على الاجتماعات القادمة وراجع جدول أعمال الاجتماع. إن سمعت عن اجتماع لم تُدعى إليه وكنت ترى أنّ عليك حضوره، اسأل إن كان بإمكانك الانضمام. (تختلف المؤسسات في مدى مرونتها في هذا الشأن). إن رأيت أنّ لديك فرصة لإضافة موضوع إلى جدول أعمال الاجتماع، قم باقتراحه. وعندما تجد موضوعاً ترى أنّ بإمكانك النقاش فيه، استعد من أجله بإجراء بحث عن القضايا المرتبطة به وحضّر مجموعة من الأسئلة أو المساهمات قبل الاجتماع.
عندما يبدأ الاجتماع، ابحث عن طرق للمشاركة الفاعلة. جد شيئاً تشاركه يجعل كبار الموظفين لا يلاحظونك فقط بل ويرون إمكاناتك. لا تقلل من شأن ما لديك من تجربة، فقد تكون لها صلة بالموقف موضع النقاش. يمكنك مثلاً الإشارة إلى مشاريع تعمل عليها حالياً: "تطرّق العملاء إلى هذا الموضوع في عدد من الرسائل" أو "سألت يارا كيف يؤثر هذا على النتيجة، إنّ فريقنا يعمل على هذه المشكلة تحديداً، وإليكم كيف تمكنّا من حلّها".
لا تنس أنك في حين تريد إثارة إعجاب زملائك الأعلى منك مرتبة، عليك أيضاً تجنب الظهور بمظهر المتكبر. فمن الطرق الجيدة لتحقيق هذا الاعتماد على الأدلة والتحضير لما ستقوله بربطه بعمل قمت به مثل "قرأت دراسة عن كذا"، سيلفت هذا الأنظار إليك، ويعطيك الضوء الأخضر لبناء علاقات قيمة خارج الاجتماعات. كما يُعتبر توجيه الأسئلة طريقة أخرى لإظهار شدة انتباهك ومدى استعدادك وتبصّرك بالأمور. مثلاً، جرّب طلب توضيح بعض النقاط لفائدة الآخرين في غرفة الاجتماعات. قد يكون توجيه السؤال الصحيح أحياناً أفضل طريقة لإظهار فهمك للمهمة التي بين يديك.
لا تدع نهاية الاجتماع تكون نهاية التزامك. تطوّع للمساعدة في أي عمل إضافي يظهر أثناء الاجتماع. مثلاً، لو تساءل زميل أكبر منك إن كان هناك سوق للمنتجات (س، ع، ص) أو إن كانت شركة منافسة تتطلع للعمل في نفس المجال، تطوّع للبحث في الأمر. هذا النوع من المساعدة طريقة رائعة للمشاركة وللتعرف على الأشخاص المهمين وإظهار تحفيزك، كما أنّه يساعدك على تقديم شيء مهم في الاجتماع التالي. في جميع الأحوال، انتبه إلى الخصومات الداخلية وهوس الأفراد بحماية مجال عملهم، خاصة إن كان العمل الذي تطوعت من أجله عابراً للأقسام أو خارج مهامك المحددة، أو إن كان لديك رئيس يحب حماية منطقته. إن لم تكن واثقاً من استطاعتك المشاركة، يمكنك على الأقل الإشارة إلى اهتمامك بالاشتراك مع أحد الحاضرين للمزيد من النقاش خارج الاجتماع.
إن لم تكن هناك مهام يمكن إسنادها إليك، فكر في طرق أخرى لمتابعة النقاش. ففي نهاية المطاف، ليست الاجتماعات إلّا جزء من نقاشات طويلة. قد تجد زميلاً ذا مرتبة رفيعة ترتاح له تستخلص منه معلومات، تشارك معه ما لديك وتطلب رأيه. يمكن لهذا النوع من الحوار مساعدتك في الحصول على رؤى قيمة عن القوى السياسية المحركة للشركة كما أنها تُظهر للزملاء الأعلى منك مرتبة مدى اهتمامك وتحفيزك. إن أخذك هذا الشخص تحت جناحه فقد يُعدّك للنجاح أكثر في الاجتماعات المستقبلية بتسهيل مشاركتك في النقاشات أو بالإشارة لتجربتك في موضوع النقاش.
قد تكون الاجتماعات أحياناً مستنزفة للوقت ومرهقة، لكنها فرصة رائعة للموظفين الصغار لتحصيل المعرفة وإظهار مقدرتهم وبناء العلاقات والمشاركة في أعمال حيوية للشركة. لا تدع افتقارك للخبرة يُعيقك. افعل ما بوسعك كي تكون فاعلاً وحاضراً، وسترى أنّ العائد عليك في المستقبل سيكون عظيماً.