تُسهم استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للشركات والتي تتبناها أي مؤسسة في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع، وذلك بالتزامها في تحقيق رفاهيته، عن طريق استثمار اكتساب ثقة الناس. إذ تُعتبر كل مؤسسة مسؤولة عن ذلك لرفع سوية المجتمع، كما أنّ من الضروري بالنسبة لأي مؤسسة تحديد القوى الأساسية التي تدفعها إلى تبنّي استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للشركات، ويجب أن تكون المبادرات في صميم عمل المؤسسة ومدرجة ضمن رسالتها وقيمها. إضافة إلى ذلك، فإنّ الطريقة التي تعمل بها المؤسسة تُعتبر هامّة، ويجب على كل مؤسسة دراسة تأثير عملياتها على الناس وعلى الكوكب وأن تتدبّر أمر هذه الآثار.
في العام 1947، وضعت لجنة هوتشينز وهي لجنة تشكلت خلال الحرب العالمية الثانية من قبل روبرت هاتشينز مدوّنة للسلوك الأخلاقي ضمن وسائل الإعلام، وكان هدف اللجنة تقييم وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعية بشأن ملكيتها، حيث أشارت إلى أنّ كل أشكال وسائل الإعلام بدأت بإظهار قدر أكبر من المسؤولية، وبالتالي تُصبح مسؤولة أكثر عمّا تنشره وتذيعه. ووضحت المبادئ الإرشادية الموضوعة مسؤولية الإعلام وتمحورت حول فكرتين. الأولى: يجب أن يكون الصحفيون أكثر مسؤولية فيما يتعلق بطريقة ممارستهم لحرية التعبير وبأسلوب تواصلهم. ويُعتبر هذا المبدأ جوهرياً جداً، إذ يجعل الناس الذين يشغلون مواقع في السلطة معرّضين للمساءلة في حال كانت تصرفاتهم تفتقر إلى الحرفية والمهنية، أو في حال استعمال صلاحياتهم لتحقيق مكاسب شخصية بشكل مسيء، وذلك نظراً إلى ارتفاع عدد الناس الذين يمكن أن يتأّثروا جرّاء سوء سلوك الصحفي. أما الفكرة الثانية: هي أنّ على الصحفيين منح مصلحة المجتمع المقام الأعلى لأنها أكثر أهمية من الحياة المهنية لأي فرد. كما أضافت لجنة هوتشينز خمسة مبادئ إرشادية أُخرى موجّهة تحديداً للصحافة.
1- "قدّموا أخباراً ذات مغزى ودقيقة وبعيدة عن الرأي الشخصي".
2- "كونوا بمثابة منتدى لتبادل التعليقات والنقد بهدف توسيع إمكانية الحصول على أوسع قدر من الآراء المتنوّعة".
3- "قدّموا صورة مُمثّلة تعبّر عن مختلف الشرائح المُكوّنة للمجتمع، من خلال تجنّب استعمال الصورة النمطية عبر إشراك مجموعات الأقليات".
4- "وضّحوا أهداف المجتمع وقيمه، والمعنى الضمني هو وجود رغبة في تجنّب إرضاء القاسم المشتركة الأدنى".
5- "قدّموا تغطية واسعة لما هو معروف حول المجتمع".
ويمكننا اعتبار هذه المبادئ الإرشادية هامّة جداً، لأنّ الصحافة مطلوبة للمحافظة على وجهة نظر حيادية، وتوفير الحقائق الأساسية، وترك حرية الخيار لدى القرّاء لتكوين آرائهم الذاتية. وشكّلت هذه المبادئ أساساً لتكوين مدونة جمعية الصحفيين المحترفين وهي النسخة الحالية من الأخلاقيات الإعلامية التي جرى تبنّيها عام 1996 في الولايات المتحدة الأميركية. ووضعت هذه الجمعية التي تم تصميم ميثاقها من قبل وليام جلين مدوّنة للسلوك الأخلاقي والتي تطبّق حالياً. وترفع شعاراً رئيسياً يقول: "ابحث عن الحقيقة وقدّمها في تقاريرك الإخبارية". كما تنصّ المدوّنة على ما يلي: "يجب على الصحفيين التمتّع بالأمانة والإنصاف والشجاعة في جمع المعلومات وتقديمها وتفسيرها".
في غضون ذلك، نشر المنتدى الإعلامي للمسؤولية الاجتماعية للشركات الذي تم تأسيسه عام 2001 من قبل 25 مؤسسة إعلامية رائدة في المملكة المتحدة بهدف تحديد التحديات الاجتماعية والبيئية التي تواجه هذا القطاع وثيقة تركّز على القضايا الأساسية التي واجهها الإعلام في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات وكان ذلك في فبراير/شباط 2004. وأدرك المنتدى هذه النقطة بوصفها نقطة البداية. ونتيجة لذلك طلبت 12 وسيلة إعلامية في يونيو/حزيران 2004 من شركة "كي بي إم جي" (KPMG) إجراء عملية تشاور وتحليل مع المعنيين. بهدف تعديل نظرة المؤسسات الإعلامية إلى موضوع المسؤولية الاجتماعية للشركات وتوفير منصّة لحوار مستنير مع بعض الأطراف المهتمّة.
إلى جانب ذلك، تشاورت "كي بي إم جي" مع أكثر من 130 شخصاً معنيّاً من خارج المؤسسات الإعلامية الاثنتي عشرة المموّلة للمشروع. وكان المشاركون من صنّاع الرأي العام العاملين في قطاع الإعلام، ومن المعنيين بقطاع المسؤولية الاجتماعية للشركات (مثل المؤسسات غير الحكومية، والأوساط الأكاديمية)، والمستثمرين المسؤولين اجتماعياً، ومن القطاع المالي (مثل وكالات التصنيف الائتماني).
القضايا الأساسية المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات في المجال الإعلامي:
كان المنتدى الإعلامي للمسؤولية الاجتماعية للشركات أول من نشر تفسيراً للقضايا التي تواجهها الوسائل الإعلامية بخصوص المسؤولية الاجتماعية للشركات وذلك بالتعاون مع "كي بي إم جي" في فبراير/شباط 2004. إذ يقرّ بالعلاقة المتبادلة بين الجوانب الإبداعية والجوانب الخاصة بالشركات في صناعة الإعلام، كما يُحدّد القضايا الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات على مستوى القطاع الإعلامي برمّته. ولا يلمح إلى الطريقة التي يجب أن تُدار بها المسؤولية الاجتماعية للشركات، كما يعترف بأنّ القضايا ليست كلّها ذات صلة بالنسبة لكل شركة بالضرورة. فالمؤسسات يُمكنها أن تقارب المسؤولية الاجتماعية وأن تفسّرها بطرق مختلفة بما يعكس الثقافة السائدة في كل منها، وموقع علامتها التجارية، واحتياجاتها وتوقعات مختلف الجهات المعنية منها.
وتنشأ المسؤوليات الاجتماعية للمؤسسات الإعلامية مباشرة من إدارة المؤسسة. وبما أنّ هذه المؤسسات هي عبارة عن شركات، فإنّ مسؤولياتها تُعتبر مشابهة عموماً لمسؤوليات المؤسسات في القطاعات الأُخرى، وتنعكس في مواقفها وسياساتها وحوكمتها كمؤسسة على أن يُؤخذ بالحسبان أي تأثيرات مادية واجتماعية وبيئية في سياق الموظفين، والأسواق، والمجتمعات المحلية. وتنعكس أيضاً في القضايا التي تُصنف على أنها "قضايا خاصة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات وتنطبق على كل القطاعات". لكن التبعات الضمنية لذلك تنطوي على قدر أكبر من التحدّيات. فالمؤسسات الإعلامية قادرة على التأثير في الرأي العام والذوق العام، وينبغي عليها أن تتجاوب مع المجتمع المتنوّع والديناميكي الذي تعمل فيه وتشكّل انعكاساً له. وتُصنف هذه الأخيرة كـ "قضايا مشتركة ذات تبعات خاصة بوسائل الإعلام". ويمكن تصنيف هذه القضايا على الشكل التالي:
1- الوصول إلى المحتوى
2- التوصيف
3- التفاعل
4- إمكانية الوصول
5- الإعلان المسؤول
وتُعتبر البنود (1)، و(3)، و(4) خاصّة بالقطاع الإعلامي، في حين أنّ (2) و(5) تُعتبر مشتركة بين جميع القطاعات.
وتنشأ قضايا المسؤولية الاجتماعية هذه، والتي ينفرد بها القطاع الإعلامي، من نتائجها التي تشمل الأخبار، والمعلومات، والترفيه، والإعلان، والرأي. وتخضع هذه العناصر إلى درجات متفاوتة من التنظيم والتنظيم الذاتي. وكان الهدف من هذا التفسير هو تحديد أهم القضايا التي كان المعنيون يعتقدون بأنّ على وسائل الإعلام معالجتها. وبالنسبة للعديد من الناس، يُعتبر اتّخذها قطاع الإعلام للتعبير عن القضايا الأساسية التي تخصّه في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات، أي القضايا الناشئة عن نتائج هذه الوسائل (مثل النتائج المتنوّعة ثقافياً، والنتائج النزيهة والمتوازنة) عوضاً عن القضايا التي تركّز على الأنشطة غير الأساسية أو التشغيلية مثل التقارير الخاصّة بالأداء البيئي أمر مهم جداً.
فيما يلي عدد المطبوعات، والإذاعات، والمحطات التلفزيونية الناشطة والتي شملها بحثنا:
ولمعرفة دور الإعلام اللبناني في سياق المسؤولية الاجتماعية للشركات توصلت دراستنا إلى استنتاجات رئيسية، وذلك بعد إجراء مقابلات هاتفية مع ست صحف تُعتبر من أكثر الصحف نفوذاً في لبنان، إضافة إلى 4 محطات تلفزيونية محلية رئيسية. حيث توصّلت جميعاً إلى الخلاصة ذاتها: "وسائل الإعلام في لبنان تمرّ بأزمة كبيرة"، والوضع المالي لجميع المؤسسات الإعلامية في البلاد حرج للغاية. فقد كان الهم الأساسي الذي يشغل بال إدارات الوسائل الإعلامية هو كيفية خفض التكاليف والتقليل من النفقات بهدف الحفاظ على الوجود في السوق. ولم تكن هناك أي ممارسات طبّقت في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات على الإطلاق، حتى أنّه ليس هناك قسم أو حتى ممثل للمسؤولية الاجتماعية للشركات ضمن هذه المؤسسات الإعلامية. إضافة إلى ذلك، أجرينا اللقاءات مع مدراء أقسام الموارد البشرية، أو المدراء التجاريين. واتفقوا جميعاً على أنّ المسؤولية الاجتماعية للشركات لا تزال موضوعاً مجهولاً بالنسبة لوسائل الإعلام اللبنانية، ما يشكّل انعكاساً لوضع المسؤولية الاجتماعية للشركات في لبنان عموماً. وكل ما يُنجز في هذا الصدد يتعلق بالأنشطة والأعمال الخيرية بهدف خدمة مصلحة أو أجندة سياسية معيّنة.
علاوة على ما سبق، بوسعنا الاستخلاص أنّ المحطات التلفزيونية في لبنان فضلاً عن الصحف تظل عند الخط الأدنى لمقاربة الأرباح الثلاثية. فوجودها ليس له إلا أهمية مالية في المجتمع اللبناني، دون أي محاولة لمعالجة الأرباح الاجتماعية والبيئية. وهي لا تتّبع أي مدوّنات سلوك، ولا تطبّق أي مدوّنات دولية في مجال الحوكمة. وظهرت نتيجة هامّة عند التدقيق في الصفحة الرقمية لواحدة من الصحف التي سبق وأن أجرينا مقابلة معها، فعلى الرغم من أنّها تعترف بالتجاهل الكامل لتبنّي المسؤولية الاجتماعية للشركات، إلا أنّ صفحتها على الإنترنت خصصت دعماً هائلاً لأنشطة حركة اجتماعية تُعرف باسم "بيروت مدينتي"، وهي عبارة عن حملة نفّذها متطوّعون وتأسست في شهر مايو/ أيار 2016، بغرض انتخاب أعضاء مجلس بلدية بيروت. كما تُعالج المشاكل المتعلقة بالأسعار المرتفعة للمساكن، والتنقل، وإدارة النفايات، وتلوّث الهواء، والأماكن والفضاءات العامّة، والإدارة البلدية. ونتيجة لذلك، تساءلنا ما إذا كانت هذه المبادرة تتّبع أجندة سياسية أم أنّها طريقة لإرضاء الجيل الجديد. وثمّة سؤال آخر مطروح للتفكير فيه ألا وهو: هل هناك احتمال بأن تكون هذه الصحيفة راغبة البدء بتبنّي إجراءات أخلاقية ودعمها؟ وهل سيقتصر هذا على صفحة الصحيفة في الإنترنت، أم أنّه سيعمّ أرجاء المؤسسة برمّتها؟
بعد تحليل النتائج، نلاحظ وجود انقسام في آراء المشاركين ضمن الدراسة، حيث يعملون في اتجاهين مختلفين بالكامل. فالمحطات التلفزيونية والصحف من جهة تُظهر بوضوح بأنّه ليس هناك قسم متخصص بالمسؤولية الاجتماعية للشركات في الوسيلة الإعلامية، لا بل حتّى أنّ المفهوم بأكمله لازال موضوعاً مجهولاً بالنسبة لهم، وتُظهر بأنّ سياسات مؤسساتها تظل بعيدة عن تبنّي مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات. وجميعها مسيّسة ولا تزال تعكس انقسام الحرب الأهلية والغضب. كما أنّ الانقسام بين الموالين لسورية والمعارضين لها (حركتا 14 و8 آذار/مارس) له دور واضح وعميق في تشكيل ثقافاتها. فهي الناطقة باسم القادة السياسيين وأداة قوية للتحريض الطائفي والاستقطاب على المستويات الاجتماعية، والسياسية، والإيديولوجية، والاجتماعية الاقتصادية. وأسهم الانهيار ضمن الحكومة اللبنانية في انهيار نظمها، وليس هناك جهة ناظمة واحدة تحدّد ما الذي يجب أن يُبث أو لا يبث، ومن يجب أن يظهر على الهواء، ومن يجب ألا يظهر. حيث أنّ "الواسطة" والارتباط السياسي لهما الدور الكبير في تعيين الموظفين واستبقائهم، لا بل حتى في ترقيتهم. وتُعتبر المؤسسات الإعلامية اللبنانية غير مكتفية ذاتياً، وبالتالي فإنها تسعى على الدوام إلى الحصول على الدعم المالي الخارجي لضمان استمرار وجودها.
من جهة أُخرى، أظهرت قائمة المجلات وجود التزام بالسلوكيات الاجتماعية والأخلاق كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية. كما أنّ نشر المعلومات وبناء الجسور عبر الأمم يمكن أن يُنظر إليه بوصفه جزءاً من المسؤولية التثقيفية والديمقراطية لهذه المجلات، والتي يكمّلها واجبها بتشكيل الرأي العام ونقل المعلومات كما يقول دينيس ماكويل عام 2005 في كتابه "نظرية التواصل الجماعي". وعند هذا الحد، من الواضح بأنّ هذه المجلات كانت تُدرك مسؤوليتها الصحفية، التي هي من الواجبات الأساسية لوسائل الإعلام إلى جانب المسؤولية الثقافية لأنّ هذه المسؤولية تميّزها عن بقيّة القطاعات والصناعات. في غضون ذلك، تتمثّل السمات المشتركة لهذه المؤسسات في أنّها شركات خاصّة وغير مرتبطة بأحد. وتتّبع مدونات سلوك خاصّة يجري التعبير عنها وتبادلها على مستوى المؤسسة، إذ تمتلك جميعاً رؤية للوصول إلى عالم عربي أفضل، حيث تؤدّي وسائل الإعلام الدور الأهم فيه. وتستمد إلهامها من قادتها الذين يؤمنون بأهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات، وهم يحاولون بناء ثقافة من الاستدامة ضمن عملياتهم اليومية.
لقد كانت كل المجلات في عيّنتنا تؤمن بأنّ دافعها هو رد الجميل إلى مجتمعها من خلال الإقدام على أفعال الخير. في حين ذكرت مؤسستان فقط من العينة بأنّهما تتحرّكان أيضاً وفقاً لأهداف اقتصادية. وبالنسبة للمنافع المتحققة من المسؤولية الاجتماعية للشركات، فإنّ جميع من قابلناهم اتفقوا على أنّ المسؤولية الاجتماعية للشركات تمنح المؤسسة سمعة أفضل، وتعزّز صورتها، وتميّزها نوعاً ما عن منافسيها، ما يدعم نتائج بارنيا وروبن التي توصلوا إليها في بحثهم "المسؤولية الاجتماعية للشركات كصراع بين المساهمين" عام 2010. إضافة إلى ما قدمه هارجيتو وجو عام 2011 وفيسمان وآخرون عام 2005 و2006، الذين تحدّثوا عن هذه الجوانب الهامّة من المسؤولية الاجتماعية للشركات. إضافة إلى ذلك، صرّحت مجلّتان فقط وبقوّة بأنّ المسؤولية الاجتماعية للشركات والأداء المالي الأفضل مرتبطان ببعضهما البعض، في حين كانت المجلات الأُخرى تؤمن بأنّ هذه العلاقة لا يدعمها إلا توجّه استراتيجي نحو المسؤولية الاجتماعية للشركات.
وفي الحقيقة، لم تشكّل النتائج السابقة مفاجئة لنا من حيث الالتزام الهامشي بالاستدامة، وكذلك من حيث الانقسام، وكلّها كانت متوقعة كونها تعكس الانقسام في المجتمع اللبناني. أمّا الأمر غير المتوقع فكان سلوكيات المحطات التلفزيونية والصحف، التي لم تكن مطلعة حتى على المفهوم. وحتى في حالة مؤسسة كانت تُعتبر من المؤسسات المتعددة الجنسيات وتحقق الكثير من هوامش الأرباح، فإنّ الأثر الداخلي البيئي لم يكن مدعوماً بالبيانات ذات الصلة.
وأظهرت المؤسسات التي شملتها الدراسة أداء اجتماعياً أفضل من الأداء البيئي. وهذا أمر هام عندما نجري الدراسة في لبنان، حيث يُعتبر العطاء الخيري، متجذّراً فيما يظل النفوذ الديني مهيمناً.
إذ يجب على وسائل الإعلام اللبنانية:
- الاستثمار في خلق تكنولوجيات إنتاج خالية من الكربون. وربما سيسهم هذا الالتزام الطويل الأجل في تعزيز الميزة التنافسية لوسائل الإعلام، بما أنّه سيساعدها في المحافظة على ثقة المواطنين فيها.
- الترويج لأنظمة التنظيم الذاتي داخل وسائل الإعلام وتقويتها، بما في ذلك أنظمة الحكم الرشيد التي تتسم بالشفافية.
- تعزيز الحوارات بين الصحافة التقليدية وصحافة الإنترنت حول الحاجة إلى المسؤولية في استعمال المعلومات والمحتوى الأخلاقي ضمن الفضاء العام للمعلومات.
- توفير التدريب والتطوير الدائمين للمراسلين والصحفيين من أجل الحفاظ على وعيهم بمسؤوليتهم الاجتماعية كصوت يعبّر عن الناس.
- دعم البرامج الرامية إلى تعزيز النقابات المهنية المستقلة للمحررين والمالكين والصحفيين.
- دراسة السبل الأفضل لإقامة نظم وطنية مستقلة وموثوقة وفعالة للتنظيم الذاتي للصحافة تغطّي كل المنصات الإعلامية.
- إطلاق مشاريع جديدة للاستدامة بين صفوف الشباب لدعم التنمية البيئية.
- بناء مجتمع يمارس التعلم الدائم بهدف نشر الوعي البيئي بين صفوف المواطنين.
- إقامة ورش عمل منتظمة للمسؤولين وقادة الوسائل الإعلامية والمؤسسات غير الحكومية بهدف إحداث تغييرات إيجابية في الممارسات والسلوكيات تجاه البيئة المستدامة.
- التركيز على الممارسات والأمثلة الجيدة.
- بناء الشراكة بين المؤسسات الإعلامية اللبنانية والمؤسسات الإعلامية الإقليمية أو المتعدّدة الجنسيات بهدف نشر مدونات السلوك الخاصة بها والاحتذاء بها.
- التصديق على مبادراتها الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات وإدراجها ضمن قيمها الأساسية، وتطبيقها من خلال عملياتها اليومية بطريقة واضحة وظاهرة بهدف جعل المسؤولية الاجتماعية للشركات أمراً أكثر معقولية وتصديقاً للجميع.
- يجب على الشركات الإعلامية ألا تكتفي بتطبيق قيمها في إطار علاقاتها الخارجية وإنما على المستوى الداخلي أيضاً، مع موظفيها.
- يجب على الحراك الاجتماعي أن يؤدّي دوراً أكثر نفوذاً من خلال تسليط الضوء على الإجراءات الإعلامية في لبنان.
إضافة إلى ما سبق، لا نستطيع إنكار عصر المعلومات الرقمية، فهو قائم وباق وغيّر وإلى الأبد طريقة تفكير الناس وتواصلهم وحكمهم على الأمور، وتفاعلهم مع المعلومة، وهذا الأمر يشمل المسؤولية الاجتماعية للشركات. كما توفر وسائل الإعلام الرقمية فرصة لا تقدّر بثمن للحديث عن المسؤولية الاجتماعية للشركات ونشرها. وبالتالي، سيكون من الأفضل لو شملت الأبحاث المستقبلية كيفية التفاعل بين الإعلام الرقمي والمسؤولية الاجتماعية للشركات والاستدامة في لبنان. وفضلاً عن ذلك، فإنّ دراسة العلاقة بين وسائل الإعلام اللبنانية والمجتمع المدني والحركات الاجتماعية سوف توفّر المزيد من الآراء حول نظرة المجتمع اللبناني إلى وسائل الإعلام والعكس صحيح. وثمّة أمر آخر سيزيد من قيمة الدراسة، ألا وهو إذا ما جرى استغلال المزيد من الأرقام، وخاصة الأرقام المالية المتعلقة برقم أعمال الشركات، والعائد على الاستثمار، وإجمالي الإيرادات السنوية.