فيروس كورونا يضع المسؤولية الاجتماعية للشركات أمام اختبار

4 دقائق

بالنسبة إلى ملايين من الأميركيين، يُعد قانون الإغاثة الجديد متأخراً جداً. فمن المتوقع أن تصل المدفوعات النقدية في غضون 3 أسابيع إلى الموظفين المسرحين والشركات الصغيرة. يمكن للشركات تأجيل سداد المدفوعات وخفض التكاليف، ولكن الموظفين الذين فقدوا دخلهم دون سابق إنذار لا يمكنهم الانتظار 3 أسابيع لسد احتياجاتهم واحتياجات أسرهم. لذا بالنسبة إلى كثير من الأميركيين، تتطلب هذه الأزمة إجراءات فورية لا يمكن أن تتخذها سوى الشركات.

تُعد الطريقة التي تستجيب بها الشركات الكبيرة لهذه الأزمة بمثابة لحظة فاصلة سنتذكرها لعقود. فمنذ 38 عاماً، توفي 7 أشخاص في شيكاغو بسبب تناولهم أقراص مسممة من عقار تايلينول. وقد كانت هذه الواقعة نادرة الحدوث ومحلية، إلا أن شركة "جونسون آند جونسون" (Johnson & Johnson) سحبت على الفور جميع عبوات عقار تايلينول من المخازن في كل مكان، وتكبدت بذلك خسائر ضخمة فقط لتتجنب حدوث حالة وفاة أخرى. ولا يزال الناس يتحدثون عن هذا القرار، حتى أن الأشخاص الذين لم يكونوا قد وُلدوا في ذاك الوقت لا يزالون يدرسون هذه الواقعة في كليات الأعمال.

تتحدث الكثير من الشركات الكبيرة العظيمة حول أهمية امتلاك هدف اجتماعي ومجموعة من القيم، أو حول مدى اهتمامهم بموظفيهم وأصحاب المصلحة الآخرين. والآن حان الوقت لكي يفوا بهذا الالتزام. تشير البحوث إلى أن الموظفين لا يصدقون أن شركتهم تمتلك هدفاً وقيماً واضحة إلا عندما تتخذ الإدارة قراراً يضحي بالربحية على المدى القصير من أجل التمسك بتلك القيم.

عندما اختارت صيدليات "سي في إس" (CVS) أن تدخل بشكل أعمق في مجال الرعاية الصحية، قررت أنها لا يمكنها بعد الآن بيع منتجات التبغ، ما يعني التخلي عن ملياري دولار من الإيرادات. عندما واجهت شركة "إف إس جي" (FSG) للاستشارات ذات التأثير الاجتماعي فترة الركود الاقتصادي عام 2008، اتخذنا قراراً بعدم تسريح الموظفين، وبدلاً من ذلك خفّضنا الرواتب على مقياس متدرج بحيث تُجرى أكبر التخفيضات على أصحاب الدخول المرتفعة وتُجرى تخفيضات طفيفة للغاية على أصحاب الأجور المنخفضة. وبعد أكثر من عقد من الزمان، لا يزال الناس يتحدثون عن هذا القرار، وقد قررنا اتخاذه مرة أخرى نظراً إلى الأزمة الحالية.

أتفهم أن قادة الشركات يواجهون ضغوطاً من المستثمرين والمصرفيين للتوفير في التدفقات النقدية والحد من الخسائر، ولكن لا المستثمرين ولا المصرفيين سيصلون إلى حد الجوع. حتى المتقاعدين، الذين نفدت مدخراتهم، يمكن أن يتوقعوا تعافي الأسهم طالما أنهم لم يبيعوها ذعراً من تداعيات الأزمة. يمكن للشركات شطب تكاليف إعادة الهيكلة أو فشل المنتجات أو عمليات الاستحواذ التي تنحرف عن مسارها في بعض الأحيان. وسيتفهم الجميع قرار شطب الخسائر بسبب جائحة فيروس كورونا. إليكم فيما يلي بعض الأشياء التي يمكن للشركات فعلها لمساعدة موظفيها وصغار الموردين ومقدمي الرعاية الصحية والمجتمعات.

الموظفون: ما تفعله الشركات لمساعدة موظفيها المسرّحين - الذي يُعد أكثر مما هو مطلوب أو متوقع - سيبقى في الذاكرة وسيعود على الشركات في شكل زيادة ولاء الموظفين وزيادة الإنتاجية وفوائد تتعلق بالسمعة تدوم لسنوات عديدة قادمة.

يُعد الاستمرار في دفع الرواتب، حتى إن كانت أقل من الراتب الكامل، خياراً مطروحاً. وقد تعهدت شركات "وول مارت" و"مايكروسوفت" و"آبل" و"ليفت" بالاستمرار في الدفع للعاملين بالساعة لأول أسبوعين على الأقل من تاريخ تطبيق الإغلاق العام. هذا الأمر ليس ضرورياً فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للشركات ولكنه أيضاً سيقلل بدرجة كبيرة من تكاليف إعادة تعيين الموظفين عندما يعود وضع الاقتصاد إلى طبيعته.

إقراض المال للموظفين يُعد خياراً آخر. فالموظفون تُركوا ليواجهوا أوضاعهم بأنفسهم، ما سيجعل الكثير منهم يتكبدون الكثير من رسوم بطاقات الائتمان، والجهات المقرضة ستفرض عليهم فائدة بنسبة 20% في الوقت الذي يمكن فيه للشركات الكبرى الاقتراض بفائدة بنسبة 2% أو 3%. هذا الفرق في أسعار الفوائد يمكن أن يكون أيضاً هو الفرق بين الإفلاس والنجاة على المستوى الاقتصادي. لذا ينبغي للشركات استخدام قدراتها الائتمانية وضماناتها لتقديم قروض بفائدة منخفضة أو بدون فوائد لموظفيها. كما ينبغي للشركات حساب الراتب الصافي للموظفين قبل الاقتطاع من رواتبهم، وأن يطلبوا من بنوكهم توفير قروض بقيمة شهر من صافي الرواتب بفائدة بنسبة 3% بضمان الشركة. ويمكن للموظفين سداد القروض على مدار العام المقبل من رواتبهم عندما يعودون إلى العمل.

في أغلب الاحتمالات، سيحتاج عدد قليل للغاية من موظفي الشركة إلى رعاية طبية، ولكن إن لم يكن لديهم تأمين قد يعرضهم ذلك للإفلاس. لذا ينبغي للشركات أن تعرض تغطية النفقات الطبية لجميع الموظفين غير المؤمّن عليهم. وعلى الأرجح، ستتكبد الشركات فواتير بمبالغ كبيرة بنسبة من 2% إلى 5%، ولكن يمكنها التفاوض مع شركات التأمين التي يتعاملون معها للحصول على قسط إضافي لتغطية هذه النفقات. ومن المحزن أن الموظفين قد يحتاجون أيضاً إلى مساعدة لتغطية تكاليف الجنازة لمَن سيفارقون الحياة.

صغار الموردين: ينبغي للشركات أن تمنح دفعات مسبقة لصغار الموردين، بأن تعطيهم اليوم المقابل المالي للسلع التي ستحتاج إليها عندما تستأنف الإنتاج. وهو ما يعادل شراء الشركات الكبرى بطاقات الشراء وإعطائها كهدايا للحفاظ على استمرار نشاط متجرك المحلي.

مقدمو الرعاية الصحية: تعاني بعض المناطق في العالم من نقص شديد في المستلزمات الطبية الأساسية، ولكن الشركات العالمية يمكنها الوصول إلى الموارد في كل مكان. فمثلاً تضاءلت الحاجة إلى أقنعة الوجه في الصين وكوريا الجنوبية، بينما لا تزال هناك حاجة متزايدة إليها في الولايات المتحدة وأوروبا. لذا ينبغي للشركات شراء المستلزمات وشحنها من أماكن توافرها إلى الأماكن التي تحتاج إليها. كما ينبغي لها أيضاً استغلال مخزونها من أي شيء يمكن أن يفيد في هذا الوضع وإرساله إلى الأماكن التي ستستفيد منه أقصى استفادة، وتحمُّل الخسائر.

المجتمعات: يجب على الشركات الكبرى استخدام مؤسساتها لمساعدة بنوك الطعام المحلية والعيادات المجانية والمنظمات غير الربحية الأخرى في تلبية الاحتياجات العاجلة للمجتمعات التي يعملون بها.

لا أحد يتوقع أو يطلب من الشركات الكبيرة أن تتخذ تدابير استثنائية لمساعدة الكثير من أصحاب المصلحة، إلا أن الخطوات الجريئة والخلاقة التي تتخذها اليوم لتقديم المساعدة الفورية سيكون لها عميق الأثر على مستقبلها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي