استبيان: ما المزايا التي يريدها الموظفون في أماكن العمل؟

5 دقائق
مزايا للموظفين

في محاولة لمعرفة مزايا للموظفين يمكن تقديمها لدعم الحالة الصحية والإنتاجية للقوى العاملة بشكل أفضل، من المتوقع أن ينفق أرباب العمل في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية ما معدله 3.6 مليون دولار على برامج الحفاظ على الصحة في عام 2019. وقد تشتمل تلك النفقات على تأسيس صالات رياضية داخل الشركات، ووضع مكاتب قائمة تساعد الموظف في العمل واقفاً، وتخصيص غرف للتأمل، وتخصبص أرقام ساخنة للحصول على استشارات طبية عاجلة. ولا تُعتبر هذه الأمثلة إلا بعض من المزايا التي قد تستثمر فيها الشركات أموالها.

ولكن هل يؤتي الاستثمار في أي من هذه المزايا ثماره؟

تشير نتائج دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفارد إلى أن برامج الحفاظ على الصحة التي تقدمها 80% من الشركات الأميركية الكبيرة تسفر عن نتائج متواضعة، وهو ما أوضحته نتائجنا أيضاً. وقد أجرت شركتا "فيوتشر وورك بليس" (Future Workplace) و"فيو" (View) استطلاعاً شمل 1,601 عاملاً في جميع أنحاء أميركا الشمالية بهدف تحديد أي من الامتيازات المتعلقة بالصحة تُعد الأكثر أهمية بالنسبة إليهم وتأثير هذه الامتيازات على إنتاجيتهم.

تفاجئنا برغبة الموظفين في الحصول على الأساسيات أولاً والمتمثّلة في تحسين جودة الهواء، ووجود منافذ للضوء الطبيعي، والقدرة على إضفاء الطابع الشخصي على مساحات عملهم. حيث أفاد نصف الموظفين الذين شملهم الاستبيان أن رداءة نوعية الهواء تجعلهم يشعرون بالنعاس خلال اليوم، وأبلغ أكثر من ثلثهم عن فقدانهم الإنتاجية لمدة تصل إلى ساعة كاملة نتيجة شعورهم بالنعاس. في الواقع، كانت جودة الهواء والضوء أكثر العوامل المؤثرة في أداء الموظفين وسعادتهم وصحتهم، في حين كانت مرافق اللياقة البدنية والأدوات الصحية القائمة على التكنولوجيا عديمة القيمة بالنسبة إليهم.

تتمتع المؤسسات بالفعل بالقدرة على إجراء تحسينات في هذه الجوانب، ومن الضروري في الواقع أن تجري هذه التحسينات، حفاظاً على مصلحة عمالها ومصلحة المؤسسة ككل. حيث يُمكن لمكان العمل عالي الجودة، الذي يمتاز بوجود منافذ للضوء الطبيعي والتهوية الجيدة ودرجات الحرارة المناسبة، أن يقلل من فترات تغيّب الموظفين لمدة تصل إلى أربعة أيام في السنة،  فضلاً عن تأثيره الكبير على النتائج المالية، بالنظر إلى تكاليف الغياب غير المجدولة التي تكلف الشركات ما يقدر بحوالي 3,600 دولار سنوياً لكل عامل يتقاضى أجره بالساعة و2,650 دولاراً سنوياً للموظفين العاملين بدوام كامل.

ووجدت أبحاث أخرى أن الموظفين الذين يشعرون بالرضا عن بيئات عملهم كانوا أكثر إنتاجية بنسبة 16%، وأكثر مَيلاً لمواصلة عملهم مع الشركة بنسبة 18%، وأكثر انجذاباً لشركتهم بنسبة 30% مقابل انجذابهم للشركات المنافسة. وأجاب ثلثا المشاركين في الاستبيان أن مكان العمل الذي يركز على صحتهم ورفاههم سيجعلهم أكثر عرضة لقبول منصب جديد في الشركة أو الاستمرار في تأدية وظائفهم الحالية. وهو ما يعني أن الشركات الراغبة في تبنّي وجهة النظر التي تركز على الموظف فيما يتعلق بالصحة في مكان العمل ستسهم في زيادة إنتاجيتها وتحسين قدرتها على جذب المواهب واستبقائها.

كيف توفر مزايا للموظفين وتحسن من بيئة عملهم؟

وإليكم ثلاث خطوات يمكنكم اتخاذها بهدف توفير مزايا للموظفين وتحسين بيئات عملكم ورفاهة موظفيكم:

1. توقف عن إنفاق الأموال على مزايا للموظفين مكتبية والامتيازات غير المجدية. من الطرق المجربة جيداً هي ألا تفترض أبداً أنك تعرف ما يريده موظفوك، بل ابحث عن طرق لتسألهم عن رغباتهم. فإذا اتبع أرباب العمل هذا النهج، سيقل تركيزهم على توفير الامتيازات المكتبية التي يستفيد منها أقلية فقط من الموظفين (مثل توفير صالة رياضية داخل الشركة) وسينصب تركيزهم على إجراء التغييرات في بيئة مكان العمل التي تؤثر على جميع الموظفين (مثل جودة الهواء ومنافذ الضوء الطبيعي).

وانطوى العامل البيئي الأول المذكور في الاستبيان التي أجريناه على تحسين نوعية الهواء؛ حيث أفاد 58% من المشاركين أن الهواء النقي الخالي من مسببات الحساسية من شأنه أن يحسن من صحتهم. وبيّن 50% من المشاركين أن توفير مساحة خارجية في الهواء الطلق سيجعلهم يعملون ويشعرون بتحسن، بينما صرّح ثلث المشاركين عن رغبتهم في القدرة على ضبط درجة الحرارة في مساحات عملهم. وقد وصف شخص واحد فقط من بين كل ثلاثة أشخاص شملهم الاستبيان درجة حرارة مكتبه بأنها مثالية.

مزايا للموظفين

كما أزعجت الضوضاء أكثر من ثلث المشاركين في الاستبيان، وهو ما أثر على قدرتهم على التركيز، حيث أفاد الموظفون أن صوت رنين الهواتف والكتابة على لوحات المفاتيح وصرف انتباههم عن العمل بسبب زملائهم كانت من ضمن العوامل التي تؤثر على تركيزهم.

ويرغب ما يقرب من نصف المشاركين في أن تعمل شركاتهم على تحسين هذه العوامل البيئية أكثر من رغبتهم في الحصول على امتيازات مكتبية. وبالتالي، تكمن الخطوة الأولى في إلقاء نظرة على المجال الذي تنفق فيه أموالك ومراعاة خفض النفقات التي لا تستحق التكلفة.

2. إضفاء الطابع الشخصي على مساحة العمل عندما يكون ذلك ممكناً. لقد اعتدنا جميعاً على إضفاء الطابع الشخصي على حياتنا خارج العمل، إذ إننا نشاهد البرامج التي نحبها، ونستمع إلى الموسيقى التي نُطرب عند سماعها، حتى لو كان لدى رفقائنا أو أصدقائنا تفضيلات مختلفة. كما أننا نضبط درجات حرارة غرفنا دون الحاجة إلى الحركة من أماكننا، ونُعتّم أضواء الغرف لتصبح في مستوى يرضينا.

ومن ثَم، يتوقع الموظفون اليوم حصولهم على هذه الامتيازات نفسها في مكان العمل. فقد كشف الاستبيان الذي أجريناه أن نسبة 42٪ إلى 28٪ من الموظفين يفضلون إضفاء الطابع الشخصي على بيئات عملهم بدلاً من اختيار الحصول على إجازة غير محدودة. وتمثّلت الأمور التي يرغب الموظفون في إضفاء الطابع الشخصي عليها بشكل خاص فيما يلي:

  • درجة حرارة مساحة العمل: حيث يرغب ما يقرب من نصف الموظفين في الحصول على تطبيق يتيح لهم ضبط درجة الحرارة في مساحات عملهم.
  • الإضاءة العلوية والإضاءة المكتبية: يرغب ثلث الموظفين في التحكم في الإضاءة العلوية والإضاءة المكتبية، بالإضافة إلى مستويات الضوء الطبيعي المتدفقة.
  • مستويات الضوضاء: عبّر ثلث الموظفين عن رغبتهم في "التحكم في المشهد الصوتي" داخل مكان العمل.

قد تبدو هذه الطلبات مقتصرة على المكاتب الشخصية لكبار المسؤولين في الشركات، إلا أنها ليست كذلك. ويُعد المقر الرئيس لشركة "هيوليت-باكارد إنتربرايز" (آتش بي) (Hewlett Packard Enterprise) مجرد مثال لشركة تمكنت من مساعدة الموظفين في التحكم في مستوى الضوضاء في طابق مفتوح؛ حيث صُمم المبنى الخاص بالشركة بشكل يعمل على إدارة الصوت المحيط بهدف الحد من إلهاء العاملين. كما قطعت بعض الشركات مثل "ريجينيرون فارماسيوتيكالز" (Regeneron Pharmaceuticals) شوطاً أطول عبر سماحها للموظفين بالتحكم في كمية الضوء الطبيعي المتدفق عبر زجاج نوافذ مكاتبهم باستخدام تطبيق على الهاتف الخلوي.

ويوجد وسيلة أكثر فاعلية بالنسبة إلى المؤسسات التي لا ترغب في الاستثمار في مبنى جديد تماماً؛ على سبيل المثال، أدارت شركة "سيسكو" (Cisco) المستويات الصوتية في مساحات عمل موظفيها من خلال تصميم مخطط طوابق دون تحديد أماكن الجلوس، حيث اشتمل المخطط على مساحات من أماكن العمل المصممة خصيصاً للموظفين الذين يتعاونون بشكل شخصي، ومساحات أخرى لأولئك الذين يعملون عن بُعد، أو الذين يحبذون العمل بمفردهم.

وتنطبق هذه الاستراتيجية نفسها على مستوى الضوء أو درجة الحرارة، حيث يمكن أن يجلس الموظفون الذين يرغبون في درجة حرارة أعلى ومزيداً من الإضاءة في جوانب الطابق، بينما يمكن لأولئك الذين يفضّلون أن يكون الضوء أقل ودرجة الحرارة أكثر برودة الجلوس في وسط الطابق.

3. تكوين رؤية شاملة لمفهوم الصحة في مكان العمل. تذكر عند تحديدك التغييرات التي يجب إجراؤها على مؤسستك أن الصحة في مكان العمل لا تتعلق بالصحة البدنية لموظفيك فحسب، وإنما تشمل أيضاً الصحة الجسدية والصحة العاطفية والصحة البيئية. ومن الضروري أن تأخذ هذه الجوانب الثلاثة في الاعتبار لبناء بيئة عمل صحية تماماً:

  • الصحة العاطفية: وفّر للموظفين مساحات عمل تتضمن وجود منافذ للضوء الطبيعي وغرف هادئة تمكّنهم من التركيز بشكل مريح على عملهم.
  • الصحة البدنية: قدّم للموظفين خيارات غذائية صحية ومكاتب عمل مصممة بشكل مريح للحفاظ على صحة أجسادهم.
  • الصحة البيئية: تأكد من أن تتمتع مساحات العمل بقدر كاف من الهواء جيد النوعية مع ضبط الضوء ودرجة الحرارة، وأيضاً أن تتضمن أجهزة صوتية مناسبة.

سرعان ما ستدرك الشركات التي تتبنى رؤية أكثر شمولية حول الصحة في مكان العمل أنه لا يمكن لأي امتياز واحد فقط حل تلك المشكلة. كما أن نتائج دراستنا، إلى جانب نتائج تقرير "المجلس العالمي للأبنية الخضراء" (World Green Building Council)، تدفع المؤسسات إلى إلقاء نظرة فاحصة على مزايا للموظفين متعددة يمكن تقديمها والتغييرات المهمة التي يمكنهم إجراؤها. لذا أقترح أن تدرس المؤسسات كيفية توفير الأساسيات التي يريدها الموظفون، والاستثمار في الجوانب الأساسية التي سيكون لها الأثر الأكبر على صحة موظفيهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي