6 مبادئ لتعزيز المرونة الاستراتيجية في الشركة

10 دقائق
المرونة الاستراتيجية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تُعرّف المرونة الاستراتيجية بأنها القدرة على تحسين الأداء وسط الزعزعات، وهدفها ليس تعزيز القدرة على مواصلة العمل التجاري فحسب، لكن تحقيق الازدهار أيضاً. حيث تمكنت الشركات التي نجحت في تجاوز أزمة “كوفيد-19” بالفعل من اتخاذ قرارات دقيقة حول الوقت الذي ستحيد فيه عن خططها الاستراتيجية لتتكيف مع البيئة المتغيرة. ويعرض المؤلفون 3 طرق مختلفة لتحقيق المرونة الاستراتيجية وهي: أولاً، تمتعت تلك الشركات بالمرونة التي أتاحت لها تجنب أسوأ التأثيرات؛ ثانياً، كانت قوية بما يكفي لتحمّل مختلف الأضرار؛ ثالثاً، كانت لديها القدرة على التحمل التي أتاحت لها تعجيل التقدم بفاعلية أكثر فاعلية من أقرانها. ويعرض المؤلفون 6 مبادئ لمساعدة الشركات على تعزيز مرونتها الاستراتيجية في تلك المجالات الثلاثة.

كانت شركة “إير بي إن بي” (Airbnb) في طريقها إلى تحقيق عام متميز في أوائل عام 2020، حيث ازداد عدد الحجوزات، وكانت خطط التوسع فيها موضع تنفيذ، وجرى التحضير للاكتتاب العام الأولي في البورصة خلال الربيع. ثم انتشرت جائحة “كوفيد”، وخسرت الشركة أكثر من مليار دولار من الحجوزات، وتم تأجيل خطط التوسع، وتسريح ربع قوة العمل. ومع ذلك، انتعشت الإيرادات بحلول نهاية العام، وحققت الشركة أحد أنجح الاكتتابات العامة الأولية للشركات التكنولوجية في التاريخ.

تشتهر شركة “كاليفورنيا بيتزا كيتشن” (California Pizza Kitchen) بعروضها المبتكرة. وكانت واحدة من أولى سلاسل البيتزا التي تقدم عجيناً خالياً من الغلوتين، وبيتزا “اشترِ واخبز” المنزلية، وتنظّم مسابقات ابتكارية على غرار برنامج “آيرون شيف” (Iron-Chef) لطهاتها. استغلت الشركة أزمة “كوفيد” بسرعة لتقديم خدمة رصيف الاستلام وزادت من قدراتها الرقمية. لكن على الرغم من سمعتها في الابتكار والتفكير المستقبلي، تقدمت الشركة بطلب الحماية من الإفلاس في شهر يوليو/تموز عام 2020.

لماذا تمكنت شركات من الازدهار في حين تعثرت شركات أخرى؟

تمكنت شركة “إير بي إن بي” وشركات أخرى نجحت في تجاوز الأزمة من اتخاذ قرارات دقيقة حول الوقت الذي ستحيد فيه عن خططها الاستراتيجية لتتكيف مع البيئة المتغيرة. ويعرض بحثنا 3 طرق مختلفة لتحقيق تلك المرونة الاستراتيجية وهي: أولاً، تمتعت تلك الشركات بالمرونة التي أتاحت لها تجنب أسوأ التأثيرات؛ ثانياً، كانت قوية بما يكفي لتحمّل مختلف الأضرار؛ ثالثاً، تمتعت بالقدرة على التحمل التي أتاحت لها تعجيل التقدم بفعالية أكثر من أقرانها. وندعو ذلك المزيج من القدرات التي تقود مجتمعة إلى تحقيق المرونة الاستراتيجية بالخطة الثلاثية.

بمجرد أن فُرضت قيود السفر نتيجة جائحة “كوفيد-19″، اتخذت شركة “إير بي إن بي” عدة خطوات لتجنب تأثير تلك القيود على أعمالها؛ فطبّقت بروتوكولات التعقيم الدقيق على عقاراتها وخصصت ليلة دون أي حجوزات بين الإقامات لإتاحة وقت إضافي للتنظيف. كما خففت سياسات الإلغاء واتخذت تدابير لتعويض المضيفين عن الخسائر في الإيرادات. ونظراً لعدم قدرة الشركة على تجنب آثار الجائحة تماماً، جمعت رأس مال لتعزيز قدرتها على تحمّل تأثير انخفاض الحجوزات والإلغاءات. كما أنها عجّلت أنشطتها في المناطق الأقل تضرراً قبل تحقيقها الاستقرار في النهاية، كتقديم عروض السفر داخل البلدان والإقامة في المواقع الريفية. كما بدأت الترويج لإقامات “الحجر الصحي” الأطول وأضافت بعض الميزات إلى عروضها، مثل الإنترنت السريع.

على النقيض من ذلك، لم تتمكن شركة “كاليفورنيا بيتزا كيتشن” من تحويل أعمالها الأساسية القائمة على تناول الطعام في المتاجر إلى خدمات التوصيل بسرعة كافية بعد فرض تدابير البقاء في المنزل، وفشلت بالتالي في تجنب الضرر المباشر الذي لحق بإيراداتها. من جهة أخرى، أضافت سنوات من سوء الإدارة عبء ديون كبير على الشركة، وهو ما أعاق قدرتها على زيادة رأس المال الإضافي لتغطية التكاليف. فبدأت مواردها النقدية تضمحل بعد إغلاق مواقعها أو تشغيلها بقدرات محدودة. وطلبت الشركة الحماية من الإفلاس في شهر يونيو/حزيران عام 2020. وبعد بضعة أشهر من عملية إعادة الهيكلة، لمعت أضواء الشركة مجدداً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020 بصفتها شركة مملوكة في الغالب من قبل أصحاب الديون الذين استبدلوا الأسهم بقروضهم. وتحاول الشركة اليوم تعويض الوقت الضائع من خلال التركيز على عناصر قائمة “الطعام الصحي” مثل البروتينات من مصادر غير اللحوم (بيتزا نباتية بنكهة الدجاج المشوي)، وتوسيع نطاق حق امتيازها التجاري العالمي، والاستثمار في عمليات التسويق والقنوات الرقمية .

المبادئ الستة للخطة الثلاثية

تُعرّف المرونة الاستراتيجية بأنها القدرة على تحسين الأداء وسط الزعزعات، وهدفها ليس تعزيز القدرة على مواصلة العمل التجاري فحسب، لكن تحقيق الازدهار أيضاً. خلُص مشروعنا البحثي الذي امتد على مدى عدة سنوات، والذي يستند إلى دراسة البيانات النوعية والكمية من مئات المؤسسات، إلى أن المرونة الاستراتيجية تقسّم إلى 6 مبادئ. لا تُمثّل تلك المبادئ تعريفات أو قواعد أو قوانين أو أدوات أو أطر عمل، بل هي مبادئ توجيهية تساعد المؤسسات على الاستفادة من الزعزعة بشكل استباقي لصالحها.

تجنب الصدمات: السرعة والمرونة

ترتبط القدرة على تجنب الصدمات باستشعار المخاطر في البيئة والقدرة على تجاوزها واتخاذ إجراءات سريعة لتفادي التأثيرات.

المبدأ الأول: منح الأولوية للسرعة بدلاً من الكمال

تأتي الفرص وتذهب بسرعة خلال الأزمات، لذلك، يجب على المؤسسات أن تكون مستعدة وراغبة في اتخاذ إجراءات سريعة، حتى لو كان ذلك على حساب الجودة والقدرة على التنبؤ في خضم تلك العملية.

عادة ما تكون دور السينما مليئة بالعائلات خلال الاحتفال بالعام الصيني الجديد الذي يستمر عدة أيام. ومع ذلك، كانت معظم المسارح فارغة في شهر يناير/كانون الثاني عام 2020 بسبب انتشار جائحة “كوفيد-19″، وأغلقت الكثير منها أبوابها. كانت شركة “هوانشي ميديا غروب” (Huanxi Media Group) ستخسر الملايين في فيلمها الذي قررت عرضه مقتبل العام الجديد، والذي يحمل عنوان “تائه في روسيا” (Lost in Russia).

وعلى الرغم من أن معظم الشركات المنافسة قررت تأجيل عرض أفلامها، تواصلت شركة “هوانشي” مع شركة “بايت دانس” (Bytedance)، الشركة الصينية التي طوّرت تطبيق “تيك توك” الرائج. لم تكن شركة “بايت دانس” شريكة توزيع مؤكدة، إذ كان هدفها بث محتوى قصير يولده المستخدمون في الغالب. على سبيل المثال، يضع تطبيق “تيك توك” حداً أقصى لمدة مقاطع الفيديو يبلغ 15 ثانية، في حين كانت مدة فيلم “تائه في روسيا” أكثر من ساعتين.

لكن في غضون يومين فقط، حصد فيلم “تائه في روسيا” 600 مليون مشاهدة على منصات “بايت دانس”. اكتسب الفيلم عدداً كبيراً من المتابعين، وأعطى بارقة أمل للمواطنين الصينيين الذين شعروا بالإحباط لعدم تمكنهم من مغادرة منازلهم في أثناء تفشي المرض. وضيّعت الاستوديوهات الأخرى في أثناء انتظارها فرصة كبيرة لتعزيز حصتها السوقية والاستفادة من الفرصة المحدودة الأجل.

المبدأ الثاني: منح الأولوية للمرونة بدلاً من التخطيط

غالباً ما تُدرّس الاستراتيجية في كليات إدارة الأعمال باعتبارها سلسلة من الخيارات حول ماهية النجاح وكيفية تحقيقه. ثم تُدرج تلك الخيارات في الخطط الاستراتيجية التي يجري الموافقة عليها خلال عدة أشهر من وضعها، وتُنفذ بعد ذلك على مدار 3 أو 5 سنوات، إلى حين تُعاد دورة تطوير الاستراتيجية من جديد. ومع ذلك، يمكن للخطة الاستراتيجية في حالة الأزمات أن تصبح كالمرساة التي تثبّت المؤسسة ضمن مسار لم يعد ذا صلة.

تخلّت شركة “كانتاس” (Qantas) في مواجهة الانخفاض الشديد في الإيرادات خلال الجائحة عن خطتها الاستراتيجية الخمسية ونفضت الغبار عن فكرة قديمة وضعتها في الثمانينيات من القرن العشرين تهدف إلى تقديم “رحلات جوية دون وجهة محددة”. تضمنت تلك العروض الذهاب برحلات جوية إلى بعض الوجهات السياحية الرئيسية في أستراليا، مثل الحاجز المرجاني العظيم وصخرة “أولورو” (Uluru). بيعت تذاكر المقاعد بالكامل في غضون 10 دقائق، وأصبح العرض بذلك العرض الترويجي الأسرع مبيعاً في تاريخ شركة “كانتاس”.

لم تكن شركة “كانتاس” سريعة فحسب، بل كانت مرنة في كيفية عملها. وأدركت شركة الطيران رغبة عامة الشعب الدفينة في السفر، حتى لو لم يتمكنوا من مغادرة البلاد، وسرعان ما كيّفت خدماتها لتلبية تلك الحاجة. واستناداً إلى نجاح عرضها الأولي، قدمت بعد ذلك عروض رحلات لمشاهدة القارة القطبية الجنوبية.

تحمل الصدمات: التمكين الإداري والتنويع الاستثماري

عندما يصعب تجنب صدمة ما، مثل جائحة “كوفيد-19″، ستنطوي الخطة الأمثل على تقليل الضرر. لكن غالباً ما يسيء المدراء فهم تلك الخطوة. قد يُنظر إلى بعض السمات المميزة للقدرة على تحمل الصدمات القوية على أنها عوائق أمام المنافسة الفاعلة في البيئات المتقلبة، كنطاق الأعمال أو عدم الكفاءة أو المركزية. ومع ذلك، يمكن لتلك السمات عند تنظيمها بفاعلية أن تعزز قدرة المؤسسات على تحمل الصدمات دون تقويض الأداء.

المبدأ الثالث: منح الأولوية للتنويع الاستثماري والركود الفاعل بدلاً التحسين

واجه العديد من المؤسسات صعوبات خلال الجائحة، في حين فشلت مؤسسات أخرى، ليس لأنها لم تتمتع بالمرونة أو الإبداع، بل لأنها تزعزعت من ضربة واحدة قاصمة. وتمثّل سبب تلك المشكلة في كثير من الحالات في نقص التنويع الاستثماري أو التركيز المفرط على الفاعلية وعمليات التحسين.

لم تعد مبادئ التنويع الاستثماري والركود تلقى كثيراً من الاهتمام في الآونة الأخيرة. إذ غالباً ما يتأثر سعر سهم المؤسسات المتنوعة “بخصم التكتل”، في حين يسارع المستثمرون الناشطون والأسواق إلى معاقبة أي علامة تدل على الركود. ومع ذلك، يُعتبر كلاهما وسيلة تحوّط قوية ضد تأثير الصدمات، إذ يمكن تعويض الضرر في مجال ما من خلال تحقيق المكاسب في مجال آخر. عندما انخفضت المبيعات في العلامات التجارية لمنتجات العناية الشخصية في شركة “بي آند جي” خلال الجائحة، تمكنت الشركة من تعويض الخسائر عبر زيادة الإيرادات من علاماتها التجارية التي تُقدم منتجات التنظيف والمطهرات. على النقيض من ذلك، عانت شركات “غولدز جيم” (Gold’s Gym) و”أفيانكا إيرلاينز” (Avianca Airlines) و”بروكس براذرز” (Brooks Brothers) نقصاً في التنويع الاستثماري وأفلست في النهاية.

طوّرت شركة “سويغي” (Swiggy)، إحدى أكبر الشركات الناشئة في مجال توصيل الطعام في الهند، منصة تضم أكثر من 160 ألف مطعم في 500 مدينة. لكن انخفض نشاط المطاعم خلال تدابير الإغلاق العام نتيجة جائحة “كوفيد” بأكثر من 50%، بما في ذلك طلبات توصيل المطاعم. وأدركت شركة “سويغي” أن اعتمادها المفرط على المواقع الثابتة، ومطاعم “الجلوس” التقليدية كشركاء في التوصيل كان نقطة ضعف شديدة. وطوّرت استجابة لذلك برنامجاً لإضافة بائعي الطعام المتجولين إلى منصتها، وأضافت في النهاية أكثر من 36,000 من أولئك البائعين. وعلى الرغم من أن تقديم خدمة لأولئك البائعين لم تكن مدرّة للأرباح، فقد شكّلوا مورداً قيماً في ظل الركود، وقدّموا فائدة مجتمعية أيضاً. وانتعشت الشركة إلى حوالي 90% من أحجام توصيل الطعام قبل جائحة “كوفيد”.

المبدأ الرابع: منح الأولوية للتمكين الإداري بدلاً من التراتبية

عادة ما تكون الأنظمة أكثر هشاشة في أضعف نقاطها. على سبيل المثال، يكون التسلسل الهرمي أكثر ضعفاً في القمة.

على النقيض من ذلك، تكون الفرق التي تتمتع بالتمكين قوية بطبيعتها؛ فنظراً لأنها فرق لا مركزية، لا يمكن لأي إضراب أو أزمة واحدة تقويض أدائها. ويتضمن الحل الحفاظ على تدفق مفتوح ومنتظم للمعلومات بحيث تواصل تلك الفرق عملها بانسجام.

تبنت شركة “زوتيس” (Zoetis)، وهي شركة عالمية رائدة في مجال الصحة الحيوانية، هذا النهج في أثناء الجائحة التي انتشرت خلال الوقت الذي كانت فيه على وشك طرح أكبر منتج جديد لها على الإطلاق، وهو دواء للكلاب. ومن بين التحديات التي هددت مرحلة طرح المنتج كانت الزعزعات في سلسلة التوريد، والتأخير في عمليات التسويق، وساعات العمل المخفضة في مراكز التحاليل والمختبرات. واستجابة لذلك، أتاح الرئيس التنفيذي لشركة “زوتيس” للقادة المحليين في 45 سوقاً عالمية التصرف باستقلالية تامة فيما يتعلق بإجراء عملية الطرح بأنسب الطرق. على سبيل المثال، اختلفت قوانين التباعد الاجتماعي ومتطلبات ارتداء الملابس الواقية بشكل كبير بحسب الموقع. وشمل التمكين الإداري الموظفين الميدانيين والمدراء والفرق الذين عملوا وفق مبدأ “تولى إدارة الفكرة بصفتك مبتكرها”. ولزيادة تمكين أولئك الموظفين، تم إعطاء الأولوية لاتخاذ القرارات التي تستند إلى البيانات، إضافة إلى توفير لوحات المتابعة التي تعرض أحدث المعلومات حول الجائحة لجميع من في المؤسسة.

التعجيل في تجاوز الصدمات: التعلم والنهج التجميعي

يُعد النهوض بعد الصدمات أمراً عملياً من ناحية (القدرة على إعادة توزيع الموارد وإعادة تنظيمها) وثقافياً من ناحية أخرى (تعزيز التسامح مع الفشل وخلق بيئة تشجع على المخاطرة وتكافئ التعلم). كما أن لتطبيق مبادئ التعجيل تأثير كبير على الأداء في البيئات المتقلبة.

المبدأ الخامس: منح الأولوية للتعلم بدلاً من اللوم

ثبت أن الثقافات المؤسسية التي تشجع الإقدام على المخاطرة وتتسامح مع الفشل تتقدم بسرعة أكبر من تلك التي لا تتبع ذلك النهج. صحيح أنه إذا جرى انتقاد الناس عند الفشل، فسيكونون أقل عرضة للمخاطرة؛ لكن قد يكون ذلك النهج خطراً عند الأزمات.

لنتأمل مثال شركة “إيفاليو سيرف” (Evalueserve)، وهي شركة خدمات عالمية متوسطة الحجم ومتخصصة في تكنولوجيا المعلومات ولها مكاتب في الهند. عندما أعلنت البلد فرض تدابير الإغلاق العام الصارمة مع إشعار مدته 6 ساعات، لم يكن لدى الشركة خيار سوى نقل جميع موظفيها البالغ عددهم 3,000 موظف تقريباً إلى العمل من المنزل. لكن خلقت تلك الخطوة خطراً متزايداً على رفاهة الموظفين ومعنوياتهم، إذ كانت البيئات المنزلية مثيرة للتوتر وغير مواتية للعمل غالباً. واستجابة لذلك، أجرت الشركة عدة تغييرات للترويج لثقافة “عدم اللوم”؛ فأضافت مبادرات للصحة العقلية والرفاهة، مثل “عدم إدراج مكالمات التحقق في جداول الأعمال” للحفاظ على حافز الموظفين، كما أوضح رئيس الشركة “تيمو فاتو” والمؤسس المشارك مارك فولينفايدر في إحدى المقابلات. كما قامت الشركة بتعديل حوافزها لمكافأة الموظفين على التعلم والقدرة على التكيّف. نتيجة لذلك، لم تواجه شركة “إيفاليو سيرف” إلا انخفاضاً ضئيلاً في عدد كل من الموظفين والعملاء خلال فترة الإغلاق العام.

المبدأ السادس: منح الأولوية لتجميع الموارد وحشدها بدلاً من تقييدها

نظراً لصعوبة التنبؤ بالمستقبل في ظل أزمة ما، سيكون من الصعب أيضاً التخطيط لتخصيص الموارد بشكل فاعل. وبالتالي، من المهم تجميع الموارد أو حشدها بحيث يمكن إعادة تنظيمها أو نقلها بحسب الحاجة.

ومن الأمثلة على النهج التجميعي للموارد هو تطبيق “بارانويد فان” (Paranoid Fan)، الذي سمح لعشاق اتحاد كرة القدم الأميركي طلب توصيل الطعام إلى مقاعدهم في الملاعب الرياضية. لكن تقليل الأحداث الحية بسبب الجائحة جعل التطبيق يخسر مستخدميه. ثم أدرك المؤسس أغوستين غونزاليز وجود فرصة لإعادة تنظيم تكنولوجيا التخطيط والتوصيل في التطبيق بعد رؤيته طوابير طويلة خارج بنوك الطعام في مدينة نيويورك. وأطلقت الشركة تطبيقاً جديداً، اسمه “نيبجون” (Nepjun)، سمح لبنوك الطعام بوضع قوائم طعام وتطوير بروتوكولات توصيل، وأتاح للمستخدمين العثور على بنوك طعام مفتوحة في مناطقهم.

وضع المرونة الاستراتيجية موضع التنفيذ

كان عام 2020 شديد الزعزعة بالنسبة لقطاع الإعلام والترفيه. حيث شهدت شركات البث التدفقي مثل “نتفليكس” و”أمازون برايم فيديو” نمواً قوياً، في حين شهدت المؤسسات المشاركة في الأحداث الحية والإصدارات السينمائية انخفاضاً هائلاً في الإيرادات، ووقفت شركة “والت ديزني” بين هذين النقيضين؛ إذ شكلت وسائل الإعلام وعمليات البث الإذاعي حوالي ثلث إيراداتها في أوائل عام 2020، وحققت 17% من تلك الإيرادات من العلامات التجارية التي تباع إلى المستهلكين، في حين حققت نسبة الـ 50% المتبقية منها من استوديوهات الأفلام والحدائق الترفيهية ومبيعات المنتجات.

فشلت المكاسب في إيرادات البث الإذاعي في تعويض الخسائر الفادحة من إغلاق دور السينما والحدائق الترفيهية ومتاجر البيع بالتجزئة. وانخفض سعر سهم “ديزني” من 146 دولاراً في عام 2020 إلى 86 دولاراً بحلول يوم 20 مارس/آذار، أي بعد أن أصبح النطاق العالمي للجائحة واضحاً. وتمكنت الشركة من تجنب أسوأ آثار الجائحة لأطول فترة ممكنة من خلال إبقاء الحدائق الترفيهية مفتوحة بقدرات محدودة وإضافة بروتوكولات سلامة قوية في جميع المرافق ولجميع الموظفين والضيوف. كما أنها وفرّت بعض الأموال من خلال تسريح موظفين من مجموعة متاجرها وحدائقها وسفنها السياحية، وعملت مع الحكومات المحلية لتعزز دخلها. وأتاحت لها الميزانية العمومية القوية تحمّل الانخفاض في الإيرادات.

في الوقت نفسه، أعادت الشركة تخصيص الموارد والأفراد لدعم خدمة البث التدفّقي “ديزني بلس” التي أُطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019. وعملت الشركة جاهدةلتعجيل التحسينات على العروض، وإضافة محتوى جديد على مدار العام. على سبيل المثال، تم عرض الإصدار السينمائي الحي “مولان” (Mulan) من خلال الخدمة بصفتها ميزة خاصة مدفوعة. وبحلول نهاية العام، حصدت الشركة أكثر من 90 مليون من الاشتراكات المدفوعة لخدمة “ديزني بلس”، متفوقة بذلك على المنافسين، مثل “آتش بي أو ماكس” (HBO Max) و”بيكوك” (Peacock)، ومتجاوزة الهدف الذي كانت تأمل في تحقيقه بحلول عام 2024.

وسرعان ما استغلت شركة “ديزني” تحسن الظروف، حيث أعادت افتتاح حدائقها الترفيهية في شنغهاي في مايو/أيار وبطوكيو في يوليو/تموز. والأهم من ذلك هو أنها واصلت الاستثمار بكثافة في “ديزني بلس”، وهو ما جعلها واحدة من أكبر خدمات اشتراك الفيديو في العالم بعد عام واحد فقط من إطلاقها، حيث مكنت المدراء المحليين من اتخاذ القرارات عند تغيّر الظروف في العالم، وحثّت الأشخاص والموارد على التركيز على المجالات المتنامية. وتُثبت قصتها قدرة الشركات الكبيرة التي تقف في خط الصدمات، مثل “كوفيد-19″، على الاستجابة بفاعلية طالما أنها تتبع خطة المرونة الاستراتيجية الثلاثية. وبينما نسير في درب نهاية أزمة “كوفيد-19″، لا يوجد شك في أن المؤسسات ستستمر في مواجهة مواقف صعبة أخرى في المستقبل. وفي ظل هذه الظروف، قد يمثّل تبني مبادئ التجنب والتحمّل والتعجيل الفرق بين القدرة على مواصلة الأعمال التجارية والانهيار.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .