الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

نحو مستقبل مشرق: المرأة في ظل رؤية 2030

6 دقيقة
المرأة السعودية
مصمم الصورة: (هارفارد بزنس ريفيو، أسامة حرح)

ملخص: لقد رسمت رؤية 2030 للمرأة السعودية مساراً جديداً يدعم طموحاتها في مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، حيث:

  • ركز برنامج التحول الوطني على تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل ورفع حصتها في المناصب الإدارية.
  • حثَّ برنامج جودة الحياة على تحقيق المشاركة الكاملة للمرأة في المجتمع تماشياً مع أفضل البلدان معيشةً.
  • استهدف برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية معالجة انخفاض مشاركتها في المجالات ذات الصلة بالهندسة والرياضيات والعلوم والتقنية عبر توفير وظائف ذات مهارات عالية.

على مر العصور، كانت المرأة وما زالت تشكّل أساس التطور الاجتماعي والفكري والثقافي والاقتصادي، وتشير التقارير والدراسات إلى القيمة المضافة التي يمكن أن يخلقها توسيع مشاركة المرأة في الاقتصاد والمجتمع، فقد يؤدي سد الفجوة بين الجنسين بنسبة 25% بحلول عام 2025 إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 5.3 تريليونات دولار، ومن المرجح أن تسهم مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 57%، أو ما يعادل زيادة بقيمة تريليوني دولار.

لقد رسمت الرؤية للمرأة السعودية مساراً جديداً يدعم طموحاتها في مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، حيث ركز برنامج التحول الوطني على تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل ورفع حصتها في المناصب الإدارية، في حين حثَّ برنامج جودة الحياة على تحقيق المشاركة الكاملة للمرأة في المجتمع تماشياً مع أفضل البلدان معيشةً، واستهدف برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية معالجة انخفاض مشاركتها في المجالات ذات الصلة بالهندسة والرياضيات والعلوم والتقنية عبر توفير وظائف ذات مهارات عالية.

ويتضح أثر برامج الرؤية على تمكين المرأة من خلال استهدافها زيادة مشاركة السعوديات في سوق العمل من 22% إلى 30%، وبعد تجاوز هذه النسبة ووصولها إلى 35% حالياً رفعت المملكة مستهدفات مشاركة السعوديات إلى 40% بحلول 2030، في حين تجاوزت نسبة النساء بالمناصب الإدارية المتوسطة والعليا 39% خلال 2021.

وبحسب تقرير المرأة السعودية 2022 الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية، بلغ عدد الخريجات في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات 9.4 آلاف امرأة، وشهدت الهندسة والتصنيع والبناء تخريج نحو 2.5 ألف امرأة، وعالمياً، تمثّل النساء 21.3% من الحاصلين على درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر والمعلومات، و22% في الهندسة والتكنولوجيا الهندسية.

لقد حالفني الحظ بأن أعايش التغيرات الجذرية والتاريخية في المملكة وخاصة في حياة المرأة السعودية وأكون جزءاً منها، إذ أسهمت رؤية 2030 في خروج المرأة السعودية من إطار العمل التقليدي المقيّد ببعض القيم والعادات الاجتماعية والثقافية، إلى رحاب الإبداع والتألق في مجالات كانت مستبعدة منها في السابق، فبدلاً من قطاعات مثل التعليم والخدمات الطبية التي اعتدنا أن تكون المكان المخصص لعمل المرأة السعودية، أصبحنا نرى أنها تشق طريقها في مجالات واعدة مثل التكنولوجيا والفضاء والهندسة والطيران والدفاع والرياضة.

عاصرتُ في عام 2005 قرار توظيف المرأة في كل المجالات، وكنت من أوائل السعوديات اللاتي عملن في المجال المصرفي للشركات والخزينة وإدارة الاستثمار، ثم دخلت في مجال العمل الخيري ولاحظت تميّز المرأة وإبداعها في هذا المجال، كما عملت في جهات دبلوماسية وقدتُ مشروع الشباب في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهناك برز إبداع الفتيات حيث كانت غالبية فريقي في هذا المشروع من السيدات. وخضت بعد ذلك في العديد من القطاعات والهيئات المختلفة، فعملت في صندوق الاستثمارات العامة بعد أن أصبح منشأة مستقلة عن وزارة المالية كي يكون المحرك لرؤية 2030، وكنت من الفريق الأساسي الذي طوّر إدارة الاتصال المؤسسي والإعلام ومبادرة مستقبل الاستثمار، وبعد ذلك قدتُ العديد من المشاريع والمبادرات، ومنها القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الأولى، التي تنظمها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، وكان لي شرف العمل مع العقول الكبيرة وأصحاب القرار في هذه المشاريع، ثم انتقلت أخيراً إلى العمل في منظومة الدفاع التي أفخر بأن أكون جزءاً منها وأسهم في الدفاع عن أمان أغلى حرمين في وطني الحبيب من خلال عملي في شركة بي أيه إي سيستمز السعودية.

الرياضة النسائية: نجاحات ومستقبل واعد

قدمت السعودية جهوداً ملموسة لتعزيز مشاركة السيدات في هذا المجال، ولاحظتُ تركيز وزارة الرياضة، ممثلة بسمو وزير الرياضة الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل آل سعود، على تعزيز حضور السعوديات ومشاركتهن في الألعاب والأنشطة الرياضية وتشكيل العديد من الفِرق النسائية بمختلف الرياضات، بالإضافة إلى إنشاء مراكز وأندية رياضية نسائية وتوفير بنية تحتية ومرافق رياضية مخصصة للنساء، وتنظيم برامج تدريبية وفعاليات رياضية متنوعة من أجل تمكين النساء السعوديات لتمثيل الوطن والمشاركة في المسابقات الدولية.

اليوم، وصلت المرأة السعودية إلى مراحل متقدمة من المشاركة والتمكين على الصعيد الرياضي، سواء في ممارسة جميع أنواع الرياضات أو تولي المناصب القيادية، وتُعد الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان من الوجوه البارزة في هذا المجال، فقد تم تعيينها رئيسة للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية في الفترة من 2017 إلى 2019، وأسهمت إسهاماً كبيراً بتطوير الرياضة النسائية في المملكة، وانضمت إلى عضوية اللجنة الأولمبية الدولية ولجنة المساواة بين الجنسين والتنوّع والشمول.

ومن السيدات المبدعات في المجال الرياضي، رنيم بنت صالح السويدان، وهي أول سعودية تم تكليفها بإدارة استاد نادي الشباب، ولمياء بنت بهيان، أول امرأة تشغل منصب نائبة رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، والعنود الأسمري التي دخلت التاريخ لتصبح أول حكمة سعودية دولية معتمدة.

كما لمستُ الجهد الواضح التي تبذله السعودية لتمكين المرأة في المناصب القيادية والرياضات النسائية، عندما انضممت إلى مجلس إدارة الاتحاد السعودي للرياضات البحرية والغوص، وترأست لجنة المرأة التي تضم نخبة من السيدات السعوديات الممارسات للرياضات البحرية الساعيات إلى التوعية بأهمية الاستدامة البحرية في بيئتنا الغنية بالمملكة من الخليج العربي والبحر الأحمر بالإضافة إلى جذب الفتيات للمشاركة في بطولات الغوص والرياضات البحرية حتى نتمكن من بناء جيل فيه بطلات لتمثيل المملكة في المسابقات الدولية.

ولي الفخر بأني رفعت علم المملكة فوق أعلى قمة في إفريقيا حيث صعدت إلى قمة كليمنجارو في تنزانيا، مع مجموعة من فريق هايكنغ أنشأته السيدة شيرين أبو الحسن للسيدات السعوديات، بهدف رفع الوعي بالرياضة والنشاط وتعزيز نسبة السيدات المشاركات في الرياضات المتنوعة مثل الهايكنغ والمحافظة على نمط حياة متوازن وصحي.

المرأة في قطاع الدفاع: جدارة وثقة فاقتا التوقعات

من القطاعات التي لم نكن نتصور أن تبرز فيها المرأة على نحو لافت، هو قطاع الدفاع الذي يرتبط بتحديات وخصوصية شديدة، وعلى الرغم من ذلك تحاول المرأة أن تؤدي دوراً كبيراً في قيادة هذا القطاع وتنميته، إذ تُمثل على المستوى العالمي نسبة 13% من وزراء الدفاع و19% من القادة في مجالي الطيران والدفاع، مقارنة بـ 5% فقط في جميع القطاعات الأخرى.

كما انخرطت المرأة في تطوير التكنولوجيا الدفاعية بما يخدم مصالح الدول؛ ولم يكن ذلك بالأمر الجديد، فخلال الحرب العالمية الأولى اكتشفت الممثلة الشهيرة هيدي لامار نظاماً للاتصال اللاسلكي مصمماً للتحكم في الطوربيد المقاوم للتشويش. وتواصل المرأة دورها في الهندسة الدفاعية في العصر الحديث، إذ تعمل 19% من النساء في مجال تطوير البرمجيات و7.8% في هندسة الطيران.

وفي السعودية، شهد دور المرأة في المجالات المرتبطة بالقطاع العسكري وتفرعاته مثل قطاع الصناعات العسكرية تطوراً ملحوظاً في الأعوام الأخيرة، ففي عام 2018، توظفت المرأة في المجال العسكري في الداخلية والدفاع، وتم افتتاح أول معهد تدريب نسوي للأمن العام، ومؤخراً تخرجت فيه 142 مجندة سعودية.

وأطلقت وزارة الدفاع أول قسم نسائي عسكري في القوات المسلحة وفتحت باب القبول والتجنيد الموحد للتقدم إلى الوظائف النسائية العسكرية، برتب جندي أول وعريف ووكيل رقيب ورقيب، في القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي والصواريخ الاستراتيجية والخدمات الطبية للقوات المسلحة.

وتتجاوز إسهامات المرأة السعودية في قطاع الدفاع التخصصات الطبية والثقافية والاجتماعية، لتثبت قدراتها على الإبداع في مجالات الهندسة والتكنولوجيا، وتصبح شريكاً أساسياً في تقديم الحلول والابتكارات التكنولوجية والانخراط في منظومة الصناعات العسكرية. ورصدت المملكة في ميزانية 2024، نحو 269 مليار ريال (نحو 71 مليار دولار) لهذا القطاع، ليشكل 21.5% من إجمالي الإنفاق العام، أضف إلى ذلك العمل على تطوير قطاع الدفاع والصناعات العسكرية بهدف توطين ما يزيد على 50% من إجمالي الإنفاق العسكري بحلول 2030، حيث كانت نسبة توطين الإنفاق قبل الرؤية 7.7% وتبلغ حالياً 10.4%.

وبدوري، فإني أحب أن أخصص من وقتي لدعم المرأة في جميع المجالات ومساعدتها بالإرشاد والتوجيه في عملي داخل الشركة وخارجها، وأسلط الضوء على الدور المهم والفعال للمرأة. كما أنني جزء من العديد من المبادرات وبرامج التطوير والتدريب لدعم مسيرة المرأة في قطاع الدفاع، وذلك لزيادة عدد المهندسات في الدفاع وزيادة عدد السيدات القياديات ودعم مسيرتهن بالتدريب والإشراف وتوفير التطوير اللازم، وقد اتفقنا مع عدد من الجامعات مثل جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن لاستقطاب الطالبات، للعمل في التخصصات الهندسية المختلفة، وجامعة كرانفيلد في بريطانيا لدعم برنامج السيدات القياديات في الشركة ببرنامج تعليمي مكثف على مدى عام كامل وهن على رأس العمل، من أجل تعزيز القيادات النسائية وفتح المجال أمام الموظفات الطموحات ليصبحن من قادة المستقبل، وأعمل أيضاً مع لجنة خاصة في الشركة على تنمية ثقافة مكان العمل التي تحتفي بالتنوع والشمول، بما يسهم في خلق بيئة صحية حيث يمكن للمرأة أن تزدهر وتقود وتُحدث تأثيراً حقيقياً. وفي عام 2017 صنّفت صحيفة ذا تايمز شركة بي أيه إي سيستمز واحدة من أفضل الأماكن لعمل المرأة، وفي عام 2023 اعتمدت شركة بي أيه إي سيستمز السعودية من ضمن أفضل 50 مكان عمل للنساء في دول الخليج.

لقد رسمت رؤية 2030 الصورة الحقيقية لدور المرأة في قيادة مسيرة التنمية، وهناك شواهد كثيرة على سيدات اقتنصن الفرصة وتألقن، مثل الأستاذة سارة السحيمي وهي أول امرأة ترأست السوق المالية السعودية، وأول رائدة فضاء عربية ريانة برناوي، وسفيرة المملكة في كندا آمال المعلمي، وسيدة الأعمال المتميزة وأول امرأة جرى انتخابها عضواً في مجلس إدارة البنك السعودي الهولندي لبنى العليان، وغيرهن الكثيرات، ما أدى إلى تصنيف المملكة ضمن البلدان الرائدة بالإصلاح على مستوى العالم في عام 2019، وفقاً لتقرير البنك الدولي "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2020". ونحن متفائلون بالقادم الأجمل للمرأة السعودية في ظل القيادة الحكيمة ورؤيتها الطموحة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي