عندما يعتبر الموظفون مديرهم غير منصف تزداد احتمالات انفصالهم عن العمل ومغادرتهم الشركة

4 دقائق
التعامل مع المدير الظالم

تنفق شركة "كوربوريت أميركا" (Corporate America) مبالغ طائلة على برنامج التدريب للتوعية بشأن التحيز اللا إرادي. ولكن ليس هناك دليل كاف على نجاح برامج التدريب هذه في تخفيض التحيز، أو حل مشكلة التعامل مع المدير الظالم، ربما كان ذلك بسبب عدم وجود أدلة كثيرة على ترابط التحيز اللا إرادي مع سلوك التحيز الفعلي. وعلى الرغم من التطور في التوعية بشأن التحيز إلا أن تمثيل النساء والأقليات لا يزال ضعيفاً في الإدارة، وخصوصاً إذا ما قارناه مع تحصيلهم الدراسي.

تستحيل معرفة متى يتصرف المدراء بدافع التحيز اللا إرادي. ولكن يمكن تأكيد شعور شخص ما بالتحيز ضده. أثناء جمع الأبحاث لتقريرنا بعنوان "زعزع التحيز وحرك القيمة" (Disrupt Bias, Drive Value) قررنا أن نتبع نهجاً مختلفاً في دراسة التحيز. فبدلاً من دراسة سلوك المدراء قمنا بتركيز انتباهنا على الموظفين، وعلى تجاربهم على وجه الخصوص.

اقرأ أيضاً: خمس طرق أساسية لتغيير دور المدير

وعندما تمعنا في تجارب الموظفين، وجدنا أن ما كنا نتصوره هو الحقيقة. إذ يطلق المدراء أحكاماً عشوائية على موظفيهم كل يوم، ويشعر الموظفون بإجحاف هذه الأحكام. تقول كيت بوركي رئيسة قسم الموارد البشرية ورئيسة المواهب في شركة "ألاينس بيرنستين" (AllianceBernstein): "يشعر الموظفون بالانحياز عندما يرون الفرص تعطى لزملائهم من دون أسباب واضحة. فيتساءلون عن سبب حصول هذا الشخص على أفضل نسبة وأفضل منطقة، في حين يفكر المدير بالموظف القادر على التواصل مع قاعدة الزبائن على النحو الأفضل. وهنا تتدخل الافتراضات الواهية".

واهية أم لا، أردنا أن نرى ما إذا  كانت هناك احتمالات أكبر لتثبيط الموظفين الذين يشعرون بوجود الانحياز في العمل ومغادرتهم الشركة، ما يكلفهم تقدمهم الوظيفي ويكلف الشركة تحقيق إمكانات موظفيها.

"النموذج إيس" (ACE model)

ومن أجل اختبار هذه النظريات، تشاركنا في العمل مع مؤسسة البحث "نورك في جامعة شيكاغو" (NORC at the University of Chicago) من أجل إجراء استبانة لآراء 3,570 مهنياً من خريجي الجامعات الذين يعملون بدوام كامل في وظائف إدارية. وسألناهم عن تقييمهم لأنفسهم ضمن ست فئات (وهي ما أطلقنا عليه اسم "النموذج إيس ACE model"). وعادة، تستخدم الفئات التالية في الحكم على إمكانات الموظف وهي: القدرة والطموح والالتزام والتواصل والذكاء العاطفي والوجود التنفيذي. كما سألناهم عن رأيهم بطريقة تقييم رؤسائهم لهم ونوع التقييم المباشر الذي يتلقونه من الرؤساء حول هذه الفئات.

اقرأ أيضاً: الشعور بمشاعر مختلطة تجاه مديرك يؤثر سلباً على أدائك

استنتجنا أن الموظف يشعر بوجود انحياز عندما كان تقييمه لنفسه إيجابياً ولكنه يشعر أن حكم رئيسه عليه سلبي. مثلاً، فلنقل إن موظفة قالت إنها متحمسة للتقدم، ولكنها قالت إن تقييم رئيسها يقول إنها تفتقد الحماس أو إنها تعتقد أن رئيسها لا يرى حماستها على الرغم من عدم تلقيها أي تقييم. وفي كلتا الحالتين نستنتج أن هذه الموظفة تشعر بأن حكم رئيسها على طموحها خاطئ، وبالتالي فهي تشعر بوجود الانحياز.

قمنا بتحليل إجابات 1,918 مشاركا في الاستبانة في شركات كبيرة (تضم ألف موظف أو أكثر) لنتمكن من إظهار نسبة الموظفين الذين يشعرون بوجود الانحياز في الفئات الستة. قسمنا المواهب إلى 10 مجموعات، وهي التي تقوم الشركات عادة بتحليلها من أجل وضع استراتيجياتها للتنوع والشمول.

استخلصنا من نتائج تحليل البيانات أن 9.2% من المشاركين بالاستبانة في الشركات الكبيرة يشعرون بوجود الانحياز في طريقة حكم رؤسائهم على إمكاناتهم في فئتين أو أكثر، أي ما يساوي 1 من كل 10 موظفين ضمن المجموعات والفئات السكانية المختلفة. وعندما ننظر إلى المجموعات منفردة نجد أن بعض النتائج في عينتنا من موظفي الشركات الكبيرة كانت بديهية.  فهناك خطورة عالية لدى الموظفين الذين ولدوا خارج الولايات المتحدة والذين لديهم إعاقات. كما يبين لنا تحليل البيانات أن الموظفين الذين ولدوا في أميركا اللاتينية لديهم النسب الأعلى (19.7%) من بين الموظفين الذين ولدوا خارج الولايات المتحدة في الشعور بوجود الانحياز في فئتين أو أكثر.

اقرأ أيضاً: تمرير نسخة من الرسائل الإلكترونية للمدير يهدد ثقة الموظفين بأنفسهم

كما كانت النتائج الأخرى للاستبانة التي أجريناها على موظفي الشركات الكبيرة مفاجئة. فاحتمال شعور الرجال بوجود الانحياز أكبر منه لدى النساء، وهو أكبر لدى الآسيويين منه لدى أصحاب البشرة السمراء أو اللاتينيين. وبالنظر إلى أبعاد محددة من نموذج إيس، نجد أن الرجال الآسيويين يشعرون بوجود الانحياز أكثر من النساء ذوات البشرة السمراء مرتين فيما يخص الطموح (12.0% بمقابل 4.9%)، وأن الرجال البيض والنساء ذوات الأصول الإسبانية متساوون في احتمالات الشعور بوجود انحياز فيما يتعلق بوجودهم في المناصب التنفيذية (8.6% بمقابل 9.1%)

المشاعر السلبية التي يتسبب بها الانحياز في العمل

ولكن لا توجد أهمية كبيرة من معرفة من يشعر بوجود الانحياز من دون فهم التبعات. طرحنا في الاستبانة أسئلة عن مواقف الموظفين وسلوكهم. ووجدنا أن الشعور بوجود الانحياز في فئتين على الأقل يترافق مع تكرر المعاناة النفسية وعدم الانخراط في العمل وانخفاض نسب الاحتفاظ بالموظفين. إذ قال المشاركون إنهم:

  • يشعرون بالغضب والإنهاك

يعاني الموظفون من أثر عاطفي لوجود الانحياز. وفقاً لاستبانتنا، فالموظفين الذين يشعرون بوجود الانحياز في فئتين أو أكثر تتضاعف احتمالات شعورهم بالغضب (27% بمقابل 13%) والحزن (19% بمقابل 9%) في العمل. وتزداد احتمالات شعورهم بالضيق بنسبة 1.6 مرات على نحو منتظم، كما تزداد احتمالات عدم شعورهم بالفخر تجاه عملهم لدى شركاتهم لأكثر من الضعف (75% بمقابل 35%).

  • يشعرون بعدم الانخراط والانعزال

يكلف عدم انخراط الموظفين في العمل الشركات الأميركية ما بين 450 و550 مليار دولار سنوياً. ومن بين المشاركين في استبانتنا الذين شعروا بوجود انحياز سلبي في فئتين أو أكثر، قال 20% أنهم يشعرون بعدم الانخراط في العمل مقارنة بنسبة 7% فقط من الذين لم يشعروا بوجود انحياز. بالإضافة إلى ازدياد احتمال شعور المشاركين الذين شعروا على نحو منتظم بوجود انحياز في فئتين أو أكثر بالانعزال في العمل أكثر من أربعة أضعاف مقارنة بالذين لم يشعروا بالانحياز (33% بمقابل 8%)، بالإضافة إلى ازدياد احتمال قيامهم بالتنفيس عن شيء من الطاقة التي تقمع شخصياتهم في العمل حوالي 1.5 مرة.

  • يتطلعون للمغادرة

ازداد احتمال أن يبحث الموظفون الذين يشعرون بوجود الانحياز في الشركات الكبيرة في فئتين أو أكثر عن عمل في شركات أخرى بنسبة 60% في الأشهر الست الماضية، ويزداد احتمال عزمهم على ترك العمل في الشركة خلال عام واحد بحوالي 3.1 مرة. هذه تكاليف باهظة بالنسبة للشركات، لأن خسارة الموظفين أمر مكلف. ويمكن أن تصل تكاليف التعيين المباشر للبديل من  50 إلى 60% من الراتب السنوي، وتتراوح التكاليف الإجمالية للتنقل بين 90% إلى 200% من الراتب السنوي.

من الضروري عند التفكير بهذه النتائج أن نتذكر أن تركيزنا في بحثنا كان على وجهة نظر الموظف. وليس واضحاً بعد ما إذا كانت وجهات النظر هذه تعكس حالات انحياز إداري حقيقية، ومع ذلك فهي تحمل تبعات سلبية. فالموظفون يعانون ويحمّلون الشركات تكاليف حقيقة. وفي حين يمكن إجراء مزيد من الأبحاث والتعمق في أسباب وجود وجهات النظر هذه، يجب على المدراء التنبه لوجود هذا الاستياء ضمن فرقهم واتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيحه. وقد اكتشفنا وجود ثلاثة حلول ممكنة لذلك، وهي القيادة الشاملة والتنوع في صفوف الإدارة التنفيذية وإمكانية الحصول على الرعاية.

وسيختلف المزيج المناسب من هذه الحلول باختلاف المؤسسات وباختلاف طريقة التعامل مع المدير الظالم. مع ذلك، وبالنسبة لجميع هذه الحلول، ينقل بحثنا التركيز من تصحيح الانحياز اللا إرادي لدى المدراء إلى إدراك حاجات الموظفين وما تحمله الشركات من تكاليف يسببها الانحياز. وتقدم هذه الخيارات طرقاً لإشراك المدراء كحلفاء في جهود التنوع والشمول، بدلاً من اتهامهم بالتمييز.

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي