دراسة تكشف العلاقة بين المدير السيئ وإصابته بالأرق

3 دقيقة
سلوك المدير السيئ

يؤثر سلوك المدير السيئ سلباً في مكان العمل ويخلق مشاكل كثيرة. أجرى الباحثون في مجال الإدارة دراسة خلال العقود الماضية حول مفهوم الإشراف التعسفي الذي يشمل السلوك العدائي اللفظي والسلوك غير اللفظي (باستثناء التواصل الجسدي). تُظهر مجموعة كبيرة من البحوث أن الإشراف التعسفي يؤدي إلى سلسلة من النتائج السلبية على المرؤوسين، بما فيها الشعور بالتوتر، وانخفاض الرضا الوظيفي، وزيادة السلوكيات المنحرفة (مثل السرقة) وضعف الأداء، وتفاقم العزم على ترك العمل.

وصفت تلك البحوث الإشراف التعسفي بأنه ثابت ومستقر عبر الزمن. بعبارة أخرى، يُفيد الافتراض السابق بأن بعض الرؤساء يتصرفون بصورة سيئة مع موظفيهم وبعضهم الآخر يُبدون سلوكاً محترماً تجاههم. لكن أشار بحث آخر إلى أن سلوك القائد نفسه قد يكون مسيئاً في يوم ما ومحترماً في أيام أخرى. وفي الواقع، الاختلافات في سلوك القائد نفسه عبر الأيام أكبر من متوسط الفروقات بين القادة. وذلك يعني أن القادة الذين يتصرفون بصورة سيئة عادة، يُبدون سلوكاً محترماً في أيام أخرى، وأن القادة الذين يُبدون سلوكاً محترماً عادة، يتصرفون بصورة سيئة في أيام أخرى.

استندت أنا وزملائي (لورينزو لوسيانيتي وديفاشيش بيف ومايكل كريستيان) إلى هذا البحث لاستكشاف الأسباب التي تجعل القادة يسيئون المعاملة في بعض الأيام دون غيرها. ركز بحثي السابق بصورة أساسية على أثر النوم في السلوك في أماكن العمل؛ ووجدت أن النوم يؤدي دوراً مهماً في استعادة الفرد قدرته على ممارسة ضبط النفس. واستناداً إلى ذلك الاستنتاج، افترضت أنا وزملائي أن الافتقار إلى ضبط النفس في يوم معين يزيد من احتمالية انخراط القادة في السلوكيات السلبية المرتبطة بالإشراف التعسفي. على سبيل المثال، عندما يواجه القائد خطأ ارتكبه أحد الموظفين، فقد يميل إلى إهانة الموظف علناً؛ والعامل الذي سيحدد احتمالية استسلام القائد لذلك الإغراء هو قدرته على ممارسة ضبط النفس. وبما أن النوم يؤثر على قدرة الفرد على ضبط النفس، تؤثر نوعية النوم في ليلة معينة بالتالي على احتمالية ممارسته الإشراف التعسفي في اليوم الذي يليه. أخيراً، يؤثر الإشراف التعسفي اليومي على مدى انخراط مرؤوسي القائد في أعمالهم في ذلك اليوم؛ إذ إن الإساءة تجعلهم يفضّلون الانسحاب بدلاً من الاندماج.

أجرينا دراسة ميدانية على 88 شخصاً من القادة ومرؤوسيهم لاختبار هذا النموذج. ملأ القادة استقصاءات في بداية كل يوم عمل وعلى مدى أسبوعين حول جودة نومهم في الليلة السابقة، ومستوى ضبط النفس في ذلك اليوم. وخلال هذين الأسبوعين أيضاً، ملأ المرؤوسون استقصاءاتهم في نهاية كل يوم عمل حول سلوك الإشراف التعسفي الذي مارسه قائدهم في ذلك اليوم، إضافة إلى مدى انخراطهم في العمل في ذلك اليوم أيضاً. ركزت تحليلاتنا على دراسة أثر النوم في سلوكيات كل قائد على حدة، وتحليل التغيرات التي تطرأ عليه عبر الأيام (بدلاً من مقارنة القادة بعضهم ببعض).

وكانت النتائج متوافقة مع نموذجنا، باستثناء نتيجة واحدة. إذ وجدنا أن جودة نوم القائد، وليس عدد ساعات النوم، أثرت في مستوى ضبط النفس لدى القائد وسلوك الإشراف التعسفي، ما أثّر في النهاية على مدى انخراط مرؤوسيه في أعمالهم في ذلك اليوم. لم يُسفر عدد ساعات النوم عن أي تأثير، على عكس توقعاتنا، لكن تأثير جودة النوم كان واضحاً جداً؛ إذ انخرط القائد الذي عانى ليلة نوم سيئة في سلوكيات عدائية مقارنة بيوم تمتع فيه بليلة نوم هانئة، ما أثّر بالتالي على مستوى انخراط مرؤوسيه. (لمزيد من التفاصيل، راجع مقالتنا القادمة في مجلة أكاديمية الإدارة (Academy of Management Journal)).

والأمر المثير للاهتمام في هذه النتائج هو أن لنوم القائد أثراً ملموساً في أداء مرؤوسيه. وعلى الرغم من أن معظمنا يدرك أن النوم يؤثر في سلوكياتنا وأدائنا، لا نتوقع أن يكون لنوم شخص آخر أثر في سلوكياتنا أيضاً. لكن هذا ما توصلنا إليه بالضبط؛ أي أثّرت جودة نوم القائد على مدى انخراط المرؤوسين في العمل. وبالتالي، إذا أراد القادة أن ينخرط مرؤوسوهم في أعمالهم، فعليهم مراعاة جودة نومهم. والنبأ السار هو أن هناك عدة استراتيجيات لتحسين النوم.

لسوء الحظ، سيأتي بعض القادة إلى العمل وهم يشعرون بالنعاس أو الاستياء، فيصرخون على مرؤوسيهم ويشعرون بعد ذلك بالصدمة من حقيقة انفصالهم الذهني عن العمل. ونأمل أن تساعد نتائج البحوث، مثل بحثنا، في إقناع القادة بأن نومهم مهم وأن يكون أحد أهم أولوياتهم؛ فعندما يحظى القادة بنوم هانئ، سيوفرون بذلك مكان عمل أفضل لمرؤوسيهم أيضاً؛ فالقائد الذي لا يحظى بنوم هانئ يُبدي السلوكيات نفسها التي يُبديها الطفل الذي يشعر بالنعاس ويبدأ إساءة التصرف. ويعرف كل أم وأب بالفعل أن الحل الأفضل يتمثّل في حصوله على ليلة نوم هانئة. ويجب على القادة اتباع الحكمة نفسها من أجل تعزيز أداء مرؤوسيهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي