يقول ماركوس بكنغهام في حديثه عن أخطاء حول تقييم الموظفين، رئيس الموارد البشرية وأبحاث الأداء في معهد أيه دي بي للأبحاث (ADP Research Institute)، وآشلي غودال، النائب الأول للرئيس للقيادة وذكاء الفريق في شركة سيسكو سيستمز (Cisco Systems)، إن المدراء والمؤسسات يبالغون في تقدير أهمية التقييمات النقدية. ويقولان إننا نفقد القدرة على الحصول على أداء استثنائي من الموظفين من خلال تركيز جهودنا على تصحيح مواطن الضعف لديهم ووضعهم داخل تصنيفات معينة. ويجب علينا استبدال ذلك بالتركيز على مواطن القوة ودفع الجميع للتألق في مجالات عملهم. ولتحقيق ذلك، لا بد للشركات من إعادة التفكير بشأن الطريقة التي تقوم من خلالها بمراجعة أداء موظفيها وتحديد أجورهم وترقيتهم. باكنجهام وغودال هما مؤلفا كتاب "تسع أكاذيب حول العمل: دليل القائد صاحب التفكير الحر إلى العالم الحقيقي" (Nine Lies About Work: A Freethinking Leader’s Guide to the Real World)، ومقالة "أغلوطة التقييم" (The Feedback Fallacy) المنشورة في هارفارد بزنس ريفيو.
أجرت هارفارد بزنس ريفيومقابلة في أحد برامجها الصوتية (بودكاست) مع باكنجهام وغودال وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة:
تحميل هذا البرنامج الصوتي (البودكاست)
النص
أليسون بيرد: مرحباً بكما في برنامج "آيديا كاست" المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا أليسون بيرد.
التقييم. إنه شيء يعطيه القادة الجيدون للموظفين ويطلبونه من الآخرين ليتمكن جميعهم من التحسن. ومن المفترض أنه يساعدنا في التطور إلى عمال ومدراء أكثر كفاءة. كما أن أنظمة مراجعة الأداء لدينا تتمحور حوله لضمان قيامنا بدفع الأجور للأشخاص الأفضل وترقيتهم.
يقول ضيفانا اليوم إننا نفعل هذا بطريقة خاطئة تماماً. ويقولان إن التقييم الذي يتم تقديمه عادة في عالم الشركات الحالي لا يعود علينا بفائدة كبيرة. ويعتقدان أن النقد البناء يمنع الموظفين من استغلال طاقاتهم كاملة. ويرغبان في أن نقوم بإعادة تصور عملية تطور الموظف تبعاً لذلك.
يشغل ماركوس بكنغهام منصب رئيس البحث في معهد بحوث أي دي بي، أما آشلي غودال فهو رئيس القيادة وذكاء الفريق في شركة سيسكو. وهما مؤلفا كتاب "تسع أكاذيب حول العمل: دليل القائد صاحب التفكير الحر إلى العالم الحقيقي" (Nine Lies About Work: A Freethinking Leader’s Guide to the Real World)، ومقالة "أغلوطة التقييم" (The Feedback Fallacy) المنشورة في هارفارد بزنس ريفيو. شكراً جزيلاً على حضوركما يا ماركوس وآشلي.
ماركوس بكنغهام: يسعدنا ذلك.
آشلي غودال: شكراً لاستضافتكم لنا.
أليسون بيرد: أحببت جداً فرضيتكما نظراً لأنني أسعى شخصياً إلى الحصول على تقييم إيجابي، ولكنني أعاني قليلاً مع الجانب العملي في هذا الأمر. ألا يترتب على رؤساء العمل عندما لا يؤدي الموظفون عملهم على نحو جيد أن يشيروا إلى ذلك وأن يدفعوهم للعمل بشكل أفضل؟
اقرأ أيضاً: ما الذي يجب عليك فعله إذا اعتقدت أن تقييم أدائك خاطئ؟
آشلي غودال: أعتقد أن أول شيء يمكن أن تقوليه هو نعم، ثم عليك أن تفهمي النتيجة التي ستحصلين عليها من ذلك. إذا ساعدت الموظفين في تصويب أخطائهم، ستقل الأخطاء. وخلو العمل من الأخطاء لا يعادل اعتباره رائعاً، ولا يعادل اعتباره ممتازاً.
أول شيء يتعين قوله هو نعم، نحن لا نخرج إلى العالم ونقول إن كل شخص يجب أن يبدأ بتجاهل الأداء المتدني. ولكننا نقول شيئين. إذا أردتم مساعدة الموظفين ذوي الأداء المتدني، فعليكم التركيز على الخطوات التي لم يقوموا بها أو الحقائق التي تغافلوا عنها.
والأمر الآخر الذي نقوله هو أنكم إذا أردتم أن تساعدوا في إيجاد أداء ممتاز، فعليكم التركيز على الأعمال التي تسير على ما يرام، وفهم كيفية تعزيزها. أي أنني أعتقد أننا نعمد إلى استخدام أدوات تصويب الأخطاء في عالم التقييم لتكون بمثابة أدواتنا الخاصة لبناء التميز، ثم نتفاجأ بشكل ما عندما يتبين لنا أن هذا الأدوات غير مجدية بهذه الطريقة.
ماركوس بكنغهام: الأمر الذي يفعله القادة الرائعون هو أنهم بكل تأكيد يركزون انتباههم على الأداء. وهم لا يتجاهلون موظفيهم. ويتمثل أحد التحديات في عالم العمل في أننا لا نولي للموظفين قدراً كبيراً من الاهتمام، حيث نقوم بمراجعة الأداء مرة واحدة في العام، وتحاول حركة التقييم الدائمة التي ننشغل بها الآن معالجة ذلك من خلال إيلاء مزيد من الاهتمام المتواصل للموظفين.
لقد أصبحت المشكلة تكمن في انتقالنا من الاهتمام المتواصل الدائم، ومن الواضح أنه شيء جيد، إلى هوس بالتقييم، وهو على حد تعبير آشلي شيء يدعوك إلى ممارسة التأمل.
اقرأ أيضاً: كيف توجه ملاحظات تقييمية لأشخاص يبكون وينفعلون أو يجادلون؟
أليسون بيرد: أتفهم تماماً أنك بحاجة إلى التركيز على جوانب القوة لديك وبنائها. ولكن عندما ترى ضعفاً ما، وليس بالضرورة أخطاء، شخصاً ما فظيع في التواصل مع الآخرين، أو حتى ذو مستوى متدن في التواصل، ويمكن أن يصبح أفضل في ذلك، أليست وظيفتك هي العمل معه كي يحول ذلك الضعف إلى قوة؟
ماركوس بكنغهام: لا، لا، تلك مضيعة للوقت. يبدو أن القادة الأفضل يدركون أن كل إنسان فريد، وأن الطريقة التي ينمو بها الناس ليست بتحويل نقاط ضعفهم إلى قوة. فذلك ليس ما ترينه عندما تنظرين إلى الأداء في العالم.
أليسون بيرد: ماذا عن عدم تحويل نقاط الضعف إلى التزامات؟
ماركوس بكنغهام: إذا أردت الانتقال من -10 إلى 0، وتعتقدين أن تركيز اهتمامك على الأمور غير الناجحة سيحقق لك ذلك، افعلي الأفضل بالنسبة لك. ولكن ثمة رحلة مختلفة تماماً تتعلق بانتقالك من 0 إلى ممتاز. ستتشكل رحلتك إلى التميز من الأعمال الناجحة التي تقومين بها حالياً.
وبالطبع، يسهل جداً وقف ذلك أو عدم فعل ذلك. ولكن الأكثر صعوبة هو أن تأخذي شخصاً لاحظت أن ثمة شيئاً ناجحاً به، سواء نظرت إلى ذلك كقوة أم قلت أنه شيء ناجح، فهذه هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى الأداء الممتاز.
آشلي غودال: هناك بعض الأشياء التي أعتقد أنها مهمة حتى لو تعلق الأمر بمسألة حسابية بسيطة. كان المثال الذي طرحته هو مهارات التواصل، أليس كذلك؟ إذا التفتنا وقلنا سنقوم بهذا الأمر بهذه الطريقة، وهو ما تبدو عليه أكثر التقييمات، إذا كنت مكانك سأفعل هكذا، أو عليك أن تكون هكذا، فما تطلبه من شخص ما هو أن يشبهك أكثر.
وهذا شيء يصعب على الدماغ فعله. إنه مزعج بالنسبة لنا جميعاً، لأن الأمر سيكون أسهل لو كان كل العالم مثلنا، وإذا تجولنا في غابة تملؤها نسخ مصغرة منا طوال الوقت، لأنه لن يترتب علينا فعل الكثير لفهم الأشخاص الآخرين. ولكن الحقيقة هي أننا جميعاً مختلفون.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن إعطاء رأي تقييمي قاس يساعد في النمو المهني؟
وعندما تقول لشخص آخر أن يفعل شيئاً ما حسب طريقتك، يتعذر عليه ذلك. ولا يعني هذا أنه لا يرغب بفعل ذلك الأمر أو لا يحب أن يؤمر بذلك، بل إنه لا يعلم طريقتك. لا يعلم ما يبدو عليه الأمر، ولا يعلم عن العلاقات التي تقيمها، ولا يعلم ما الذي يحفز خطوة ما أو دوراً محورياً قد تقوم به.
والشيء الوحيد الذي يمكنك قوله لإنسان، بعيداً عما قلناه سابقاً مثل أنك لم تنتبه لحقيقة أو لخطوة ما، هو افعل ذلك بطريقتك الخاصة، ولكن إليك أين كانت طريقتك ناجحة. في المثال عن مهارات التواصل، يمكنك دائماً أن تقول: إليك النقاط التي لم أفهمك فيها. ولا يمكنك أن تقول لشخص: تحدث هكذا، حتى لو كان ذلك يسقط عنه الالتزام. أعني أن هذا هو تقييمك عن مدى أهمية هذا الشيء بالنسبة للشخص. ولكنه تقييمك أنت، وليس أكثر من ذلك.
أليسون بيرد: هذا صحيح.
ماركوس بكنغهام: جربنا هذا في قراءة الكتاب الصوتي لـ "تسع أكاذيب حول العمل" (Nine Lies about Work). هذا هو الكتاب التاسع الذي أنجزه، وقد قمت بقراءة جميع كتبي. وبالتالي، أقول في داخلي أنني أعرف الكثير جداً عن قراءة كتاب صوتي.
وأعتقد أنني أريد أن أساعد زميلي آشلي الذي لم يسبق له قراءة كتاب صوتي. أسرعت إلى الأستوديو وأنهيت يومي الأول وأنا أقول: استمع، وكل ما عليك فعله هو التفكير بشأن حقيقة أنك تقرأ ما يبدو أنه تجربة شخصية جداً، قراءة كتاب، وهي تجربة شخصية لدى الطرف المستقبل. إذاً تخيل أنك تتحدث إلى المنتجة أثناء تناولكما القهوة. وأنا أحب نصيحتي، وأشعر أنني قدمت له مساعدة كبيرة.
آشلي غودال: كنت سعيداً جداً. أذكر ذلك.
ماركوس بكنغهام: بدا الأمر وكأنني نجحت. هذا ما عليك أن تفعله؛ أن تتحدّث إليها كأنك تشرب قهوة. إذاً، هو يدخل، ويحقق ما أراد. وأسأله: هل أخذت بنصيحتي؟ فيقول لي: لا، إطلاقاً. آشلي هو عازف بيانو، قال إنه في أول مرة بدأ فيها، كان الأمر غريباً بعض الشيء، ثم أدرك فجأة أنه كان يقرأ آنياً. وما تفعله عندما تقرأ الموسيقى بشكل آني هو أنك تخرج عن المسار قليلاً، وعندما تقرأ كتاباً فإنك تكون كذلك.
وفي اللحظة التي أدركت فيها أن هذه قراءة آنية فحسب، تحول الأمر إلى تجربة جميلة بالنسبة لي. حسناً، من بين ألف شيء وشيئين كان بإمكاني إخباره عنها غير الحديث معها عبر الزجاج كما لو أنك تتناول كوب قهوة، ألف شيء وشيئين، لا شيء منها كان سيكون تخيل أنك تقرأ بشكل آني.
أليسون بيرد: نعم، يبدو الأمر وكأنك تقول إن المدراء يمكنهم الإشارة إلى مواطن الضعف وأماكن النمو المحتملة، ولكن فقط من خلال مشاركة وجهات نظرهم، ثم ترك المجال للشخص لاختيار طريقته في الانتقال من النقطة "أ" إلى النقطة "ب"؟
آشلي غودال: حسناً، في البداية، وهذا ليس كلامنا، بل ما تظهره البيانات، ينمو دماغ كل شخص بشكل مختلف، وهذه هي النقطة الأولى. والنقطة الثانية تتمثل في أنك تتطور في مجالاتك التي حصلت فيها بالفعل على معظم علاقاتك التي تكيفت معها. هذا ما نعرفه. أدمغة الناس فريدة، ولكنها تصبح فريدة أكثر وأكثر مع مرور الوقت.
ومن وجهة النظر هذه، نعلم أيضاً أن قائد الفريق ليس مصدراً للحقيقة حول ماهية نقاط ضعفك أو غيرها سواء كان لديك الكثير من التفكير الاستراتيجي أم لا. ما يدين به عضو الفريق لقائد الفريق هو استجابته فقط. ونحن نعلم أن أفضل شكل من أشكال الاستجابة هو ما يسمح لي بمشاركتك استجابتي حول شيء ناجح حقاً. هذا ما نعلمه. جوانب التطوير ليست مواطن ضعف. جوانب التطوير هي مواطن قوة.
أليسون بيرد: أنتما تملكان تعريفاً مختلفاً لمواطن القوة عن معظم الناس، أليس كذلك؟ هل يمكنكما مشاركة هذا الأمر مع مستمعينا؟
اقرأ أيضاً: كيف يحصل القادة على الآراء التقييمية التي لا يرغب أحد في قولها؟
ماركوس بكنغهام: القوة هي نشاط يقويك، والضعف هو نشاط يضعفك. نفكر عادة في القوة على أنها ما تُجيد فعله، والضعف ما أنت سيئ فيه. يمتلك معظمنا في الواقع بعض الأشياء التي نجيد فعلها ولكننا نكرهها. إنها مثل هدية تعتبرها لعنة تلاحقك.
قد تكون بارعاً في البيع ولكنك تكره المواجهة. لسبب سخيف ما، يمكنك البيع، ولكنك تكرهه ببساطة. كنت أقرأ مقالة عن بيل هادر، الذي شارك سابقاً في برنامج "ساترداي نايت لايف" (SNL) ولديه الآن برنامج على قناة إتش بي أو (HBO) اسمه بيري (Barry)، ولكنه كره الأداء المباشر جداً. على الرغم من أن اسمه "ساترداي نايت لايف" يحتوي على كلمة "لايف" أي "مباشر".
ولكن لورن مايكلز قال إنه يمر من أمامه يومياً في القاعة وكان يُظهر بأنه كره الأداء المباشر، وهو جيد فيه. ماذا تسمي ذلك؟ ماذا تسمي شيئاً أنت بارع فيه ولكنك تكرهه؟ حسناً، من الغريب أن تسميه قوة لأنه يستنزف فيك كل شيء.
والتعريف الأنسب بدلاً من ذلك سيكون أنّ أي شيء يستنزفك وينهكك، إذا كنت جيداً به، فهذا ضعف. وأي شيء ينشطك، وتستند إليه، حيث توجد دافعية قوية لسبب ما، هو قوة. فالقوة هي ما تقويك.
تعلم ما الذي تستند إليه وتعلم ما ينهكك وتعلم ما ينشطك وتعلم ما يستنزفك؛ أنت تعلم ذلك. وبمجرد أن تعلم ماهية هذه الأشياء وتفكر بها بعمق، تستطيع البدء في تحويل ذلك إلى مساهمة.
أليسون بيرد: لكنني أعتقد أنني سواء أتحدث عن نفسي كفرد أم كمديرة أفكر بشأن فريقي، فالقلق هو ما يعني أنك ستدفع شخصاً باتجاه ما، ثم سيصبح شخصاً سطحياً أو يصنف كشخص بتلك القوة وحدها، ولا يمتلك أبداً فرصة استكشاف المجالات الأخرى التي يمكن أن يكون ممتازاً فيها.
آشلي غودال: نعم، هذه كلمة تصف الشخص السطحي. والكلمة الأخرى هي ممتاز.
أليسون بيرد: ولكن أليس على المدراء أن يكونوا أكثر من مجرد أشخاص سطحيين؟
آشلي غودال: تعلمين، نتحدث كثيراً عن القيادة، ونتحدث عن قوائم الأشياء التي يجب أن تتوفر لدى القادة. ونريد من القادة أن يكونوا أكفاء، ونحب أن يكونوا خبراء في الاستراتيجية والتكتيك وملهمين ويقبلون النقد. نحب أن يكونوا كل هذه الأشياء التي على القائمة. نريد أن يكونوا من نواح كثيرة أفضل الأشخاص كفاءة من بين الأكفاء.
وأظن أنّ القادة أكفاء تماماً، لأننا قمنا بوضع جميع الأشخاص الحمقى الصغار داخل تصنيفات، وهم الآن مثل كائنات خارقة. انظري إلى القادة في العالم الحقيقي، وما تلاحظينه هو أنّ القادة ليسوا أكفاء إطلاقاً. والخصائص التي تربطهم لا تتمثل في اعتبارهم أكفاء، بل في أنّ لديهم تابعين.
نستمر في النظر إلى القادة والإعجاب بهم، هيّا نحل لغز القيادة بينما نتجاهل القادة الفعليين في العالم الحقيقي لأنهم جميعاً يبدون كاستثناء للقاعدة. أنت تؤدي دوراً محورياً وتنظر إلى تابعيك وتقول: حسناً، لماذا تتبعون شخصاً ما؟
ستتبع شخصاً لأنك ترى القيم التي يلتزم بها، ويمكنك أن ترى مواطن عجزه، ويمكنك أن ترى مواطن تركيزه. والشيء الجذاب في ذلك هو أنه يجعله قابلاً للتنبؤ. وهذه هي الطريقة التي يبدو أن القيادة تعمل بها في العالم.
والشيء الأخير هو أنك تجلس في نقطة اتصال محددة في مخطط تنظيمي ما، في إحدى المؤسسات، وتمتلك فريقاً، ولديك وظيفتان ثم وظيفة ثالثة أقل منها إن أحببت. والوظيفتان هما جعل جميع أعضاء الفريق مرئيين على حقيقتهم، لمواطن قوتهم الفريدة ودافعيتهم ورغباتهم والأشياء التي يسعون لتحقيقها.
والوظيفة الثانية هي ضمان أن يفهم جميع أعضاء الفريق الهدف الذي نصبو إليه معاً، وأن يشعروا بالتحفيز والانقياد نحو ذلك الهدف. والوظيفة الثالثة هي أنه يوجد بعض الأمور الإدارية التي وجب القيام بها، والنتائج التي لا بد من تحقيقها. علينا تسيير الأمور وفق حدود الميزانية المقررة لها، وعلينا كما تعلمين إجراء اجتماعات كادر الموظفين، وعلينا أن نمتلك خطة للقيام بمشروع معين. يجب تنفيذ هذه الأشياء، ويستطيع معظم الموظفين تحديد الطريقة التي يمكنهم فعل ذلك من خلالها. يبدو أننا نركز جميع طاقتنا على المجموعة الأخيرة من الأشياء، والتي لم يتم تعيين أشخاص للقيام بها.
أليسون بيرد: إذاً، يستطيع الأفراد بكل تأكيد شراء كتابك وأن يقرروا أنهم سيكونون قادة أفضل. ولكن جزءاً كبيراً من هيكلنا التنظيمي يتمحور حول أنظمة التقييم، ومراجعات الأداء الشاملة (360 درجة)، والأهداف المتدرجة على نطاق الشركات، والتصنيفات التي يلتزم الموظفون بالوصول إليها للحصول على الأجور والترقيات. كيف يمكن تغيير كل ذلك؟
آشلي غودال: غالباً ما يُطرح علينا سؤال، وأتعرض له كثيراً: انظر، أعمل في مؤسسة وأريد أن أجري هذا النوع من التغيير، فماذا عليّ أن أفعل؟ كيف عليّ أن أقنع كبار القادة ليبدأوا التفكير بشكل مختلف حول جميع هذه الأمور؟
وإجابتي دائماً هي نفسها؛ اجعلهم يلتقون بالأشخاص الذين يستخدمون الأدوات واسألهم عن رأيهم في ذلك. اجعلهم يلتقون بالأشخاص الذين يضعون لهم الأهداف المتدرجة. اجعلهم يلتقون بالأشخاص الذين يوضعون في خانة واحدة من الخانات التسع ويقال لهم إنهم يفتقرون إلى القدرة بطريقة ما. اجعلهم يلتقون بالأشخاص الذين جرى إعطاؤهم تصنيف أداء وإخبارهم أنّ مستوى أدائهم اثنين على مقياس من واحد إلى خمسة.
واسألهم فيما إذا كان هؤلاء الأشخاص متحمسون بشأن العمل الذي سيؤدونه بعد ذلك. ما نتحدث عنه في الكتاب هو أن بعض الأماكن في قمة البيت فقدت اتصالاتها كاملة مع قاعدة البيت، حيث أننا لا نرى تجارب العمل كل يوم، ونصل نوعاً ما وندفع بالأشياء إلى أسفل المؤسسة، على نحو متعمد بالطبع لمحاولة إيجاد أداء، لكننا لا نذهب إلى الطرف الآخر ونقول: كيف شعورك وأنت على الطرف المستقبل، وهل يساعدني ذلك في تحسين أدائي؟
ماركوس بكنغهام: ومن جانب آخر، ويمكنك قول هذا على أي مستوى تكون به في الشركة، ما مدى فائدة هذه البيانات؟ تجري ترقيتي أو طردي أو تطوير قدراتي بناءً على هذا التصنيف أو هذه المراجعة الشاملة أو الشبكة ذات الخانات التسع، فهل يمكننا الوثوق في البيانات؟ قبل ثلاثة أعوام، لم نبالي بذلك لأننا وضعنا نتائج المراجعة الشاملة جانباً، ولم ننظر إليها مرة أخرى.
ولكن الآن، كما تعلمين، تقوم مجموعة من الشركات بالاحتفاظ بهذه البيانات عنك إلى الأبد؛ وتشمل بيانات التقييم والمراجعة الشاملة والتصنيف. وبهذا، ثمة سؤال منطقي يجب أن يسأله كل مهني في يومنا هذا لرئيسه أو شركته، وهو هل أستطيع أن أثق في أنّ هذه البيانات تقيس بالفعل ما تقول إنها تقيسه؟
وإذا اعتمدت على البيانات المحتملة وبيانات التصنيفات والمراجعة الشاملة وقياس الكفاءة، وكل البيانات التي ندخلها في أدوات إدارة المواهب لدينا، وحتى كان هذا الاعتماد بدرجة قليلة ووجدت أنها غير حقيقية، فإنها لا تقيس ما تقول إنها تقيسه. تصنيفات الأداء لا تقيس الأداء. وتصنيفات الكفاءة لا تقيس الكفاءة. يؤدي تقويم الأداء بطريقة 360 درجة إلى أخطاء منهجية في النظام مقارنة بتكليف شخص واحد فقط باستخراج البيانات بالطريقة التقليدية.
أليسون بيرد: لأنها جميعاً قائمة على الآراء الشخصية للموظفين، ثم تضع البيانات لمسة من الموضوعية عليها.
ماركوس بكنغهام: نعم، في الحقيقة هذا مخيف جداً. فمعظم عملك في الحياة، وعلى الأرجح حياتك في العمل، يتم من خلال هذه البيانات؛ مقدار الأجر الذي تتقاضاه، وفيما إذا كنت تحصل على علاوات، وفيما إذا تم طردك. وأنت تعتمد على تلك البيانات وتدرك أننا بنيناها مع أن البشر يمكنهم أن يكونوا مقيِّمين موثوقين لغيرهم من البشر.
أليسون بيرد: وهم لا يستطيعون ذلك.
ماركوس بكنغهام: وهم لا يستطيعون ذلك. وثمرة 40 عاماً من الأبحاث المستمرة تقول بشكل قاطع إنني لا أستطيع الاحتفاظ بمفهوم مجرد في عقلي، مثل "وجود تنفيذي" أو "تفكير استراتيجي"، ثم أدخل إلى عقلك – وبالمناسبة، ألتقيك أربع مرات شهرياً – وأقوم بتقييمك بناء عليها، وأحافظ على ثبات ذلك المفهوم، وأنتقل إلى آشلي، الذي ألتقيه ست مرات، وأدخل إلى عقله وأقوم بتقييمه على ذلك.
لا أستطيع القيام بذلك. في الحقيقة، نعلم كم أنا سيئ في ذلك لأن قالب التقييم الخاص بي، والذي يجب أن يتغير عندما أرى أشخاصاً مختلفين، لا يتغير، بل يتحرك معي. ويسمى ذلك بأثر المقيّم التمييزي (Idiosyncratic Rater Effect)، وهو يقول ببساطة إن أكثر من 60% من التباين في تقييمي لك أو لآشلي يستند إلى وظيفتي.
ويمكنك إضافة المزيد من نقاط التقييم ونقاط البيانات لأنه خطأ تنظيمي، وتحصلين على أخطاء أكثر، وليس أقل. وسواء كانت أنظمة إدارة رأس المال البشري أو تعلم الآلة، حيث تقوم الخوارزميات بأخذ الافتراضات الموجودة وتحويلها إلى رياضيات، هو المستخدم في جميع أقسام الشركة والمحفوظ للأبد، فنحن في خضم مرحلة يجري فيها الاحتفاظ بجميع بياناتنا إلى الأبد، ومضاعفتها بصورة جنونية، وتسريعها من خلال تعلم الآلة القائم على الخوارزميات. إذا كان ثمة وقت للتأكد من دقة وصحة الافتراضات الرئيسة الموجودة في صميم هذا الأمر، فالآن هو الوقت المناسب جداً للقيام بذلك.
أليسون بيرد: إذاً، نتخلى عن التقييمات وأنظمة مراجعة الأداء بشكلها الحالي، وماذا نضع بدلاً منها؟
آشلي غودال: بالنسبة لأنظمة الأداء، فأنت تحتاجين أنظمة تطمح إلى عملية أكثر بساطة. إنها لا تسعى إلى التكهن بحقيقة الإنسان في العمل، فبالطبع لا أحد منا يستطيع فعل ذلك، وإذا اعتقدنا أن بوسعنا القيام بذلك، فإننا مخدوعون بصفتنا كعلماء بيانات ومتكبرون أيضاً. يجب علينا أن نتكهن بحقيقة ما يفكر به كل قائد فريق أو رد فعله أو شعوره أو تجاربه في الاستجابة لشخص ما ضمن ذلك الفريق، ثم يتعين علينا تحديد كيفية تجميع ذلك.
الكذبة إن شئت هي ما كان يتحدث عنها ماركوس بأن البشر هم مقيِّمون موثوقون للآخرين. والحقيقة المقابلة هي أننا مقيمون موثوقون لتجاربنا وأحكامنا الخاصة. لذا نحتاج إلى توجيه أدوات القياس التي نمتلكها، وقلبها، إن شئت، فإذا كنت على سبيل المثال عضواً في فريقي، بدلاً من الإجابة عن سؤال هل أنت صاحبة أداء مميز؟ والذي يدعوني لتقييمك، سأجيب عن سؤال: هل أتوجه إليك دائماً للحصول على نتيجة ممتازة؟ وبهذه الطريقة، أقوم الآن بالإبلاغ عن نفسي وعن أنشطتي. حسناً، أنت تحصلين على بيانات جيدة بتلك الطريقة. إذاً، يمكننا تحديث البيانات أو تحويلها من بيانات ليس لها أدنى قيمة إلى بيانات فعلية. نستطيع إصلاح البيانات.
أليسون بيرد: نعم. إذا كنت مديرة أعمل في مؤسسة لا ترغب بتغيير فوري لطريقة قيامهم بالأشياء، فماذا يمكنني أن أفعل مستقبلاً لأجعل فريقي أكثر سعادة وأكثر مشاركة وأكثر إنتاجية؟
ماركوس بكنغهام: حسناً، سأقول أن ثمة أمرين واضحين. الأمر الأول هو أن بإمكانك إعطاء الموظفين كرّاسة ورقية فارغة، وترسمي خطاً في أسفل منتصفها، مع كتابة "أحببته" في أعلى أحد الأعمدة و"كرهته" في أعلى العمود الثاني، وأن تقولي: مهلاً، قبل أن ندردش حول كادر الموظفين، لمَ لا تقوموا باصطحاب هذه الكرّاسة معكم لمدة أسبوع، وتستخدموا مواد أولية لأسبوع عادي في العمل. في كل وقت تجدون أنفسكم تميلون إلى شيء ما، وفي كل وقت تجدون أن وقتكم يمضي بسرعة، اكتبوه على عجل في عمود "أحببته". لا أعلم ما هو ذلك.
ثم في أي وقت تجدون أنكم تؤجلون مهامكم أو تحاولون تسليمها إلى موظف جديد، أو أياً كان ما يستغرق وقتاً طويلاً، اكتبوه على عجل في عمود "كرهته". وسيكون هناك الكثير من الأشياء التي لا تقومون بكتابتها في مكان ما في الوسط، لكن هل ستكون تلك محادثة رائعة؟ لا أعلم. إلى أي الأنشطة مِلتم وعن أيّها نأيتم بنفسكم. ولكن ذلك سيكون رائعاً. اكتبوا "أحببته" و"كرهته". وهذا ما نشير إليه في الكتاب، بقولنا: اقضِ أسبوعاً في الحب مع وظيفتك.
والأمر الثاني سيكون، وقد وجدنا ذلك بالطبع، تحدثي مع موظفيك كل أسبوع حول العمل في المستقبل القريب. عشر دقائق أو خمس عشرة دقيقة كل أسبوع.
آشلي غودال: ولأن الأمور التي تأتي في ثلاثات جيدة، دعني أضيف أمراً واحداً. الأمر الثالث هو توقفي عن التفكير في عبارة "عمل جيد" كنهاية للمحادثة وابدئي بالتفكير في الأمر كبداية للمحادثة. ومرة أخرى فيما يبدو وأنه عالمنا العلاجي حيث تكون وظيفتنا هي إصلاح الأشخاص، نعتقد أن عبارة "عمل جيد" تعني أنه ليس ثمة ما نفعله هنا لأنك قمت بإصلاح نفسك بالفعل.
ولكنك إذا فهمت أن التميز محدود واستحواذي وضيق الأفق ومختلف جداً من شخص إلى آخر إلى آخر، عندها سترين أن عبارة "عمل جيد" ليست نهاية المحادثة، بل هي اللحظة التي تنطلق منها: والآن، ماذا كان في عقلك، فيما يتعلق بمحادثتنا سابقاً، هل كنت تقرأين كتاب المنتج أم كنت تعزفين على البيانو.
كيف بدا ذلك بالنسبة لك؟ نجحت الطريقة بشكل ممتاز بالنسبة لي، كيف يمكنك الاستفادة من ذلك؟ جوانب أخرى يمكنك أن تفعلي ذلك فيها. هل يمكنك استخدام هذه الطريقة كثيراً، وهل يمكنك استخدامها على نطاق أوسع؟ العمل الجيد يمثل بداية المحادثة حول الأداء. وبالمناسبة، فإننا نعتقد أن بداية المحادثة حول الأداء هي الكلمات الفظيعة التي نحتاجها لإجراء محادثة جادّة، وهذه هي الطريقة التي تبدأ بها المحادثات حول الأداء في أماكن العمل.
أليسون بيرد: أو هل بإمكاني أن أعطيك تقييماً؟
آشلي غودال: أو هل بإمكاني أن أعطيك تقييماً، أو حتى أرجو أن تستجمع قواك فهذا سيكون مؤلماً. بداية المحادثة حول الأداء تتلخص في كلمتين: عمل جيد. والجمال هو ما يأتي بعد ذلك.
أليسون بيرد: حسناً، هذه ملاحظة إيجابية للغاية يمكننا أن نختم برنامجنا بها. شكراً على حضوركما هنا. لقد كان هذا حواراً رائعاً.
ماركوس بكنغهام: شكراً يا أليسون.
آشلي غودال: شكراً جزيلاً.
أليسون بيرد: كان هذان ماركوس بكنغهام وآشلي غودال، مؤلفي كتاب "تسع أكاذيب حول العمل: دليل القائد صاحب التفكير الحر إلى العالم الحقيقي" (Nine Lies About Work: A Freethinking Leader’s Guide to the Real World). كما كتبا مقالة "أغلوطة التقييم" (The Feedback Fallacy) المنشورة في هارفارد بزنس ريفيو.
هذه الحلقة من إنتاج ماري دوي. حصلنا على المساعدة الفنية من روب إيكاردت, ومدير الإنتاج الصوتي لدينا هو آدم باكولتز.
شكراً لاستماعكم إلى برنامج "آيديا كاست" المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا أليسون بيرد وتحدثنا اليوم عن أخطاء حول تقييم الموظفين.
اقرأ أيضاً: ما الذي يفترضه الموظفون عند عدم تلقيهم آراء تقويمية؟