هل أنت مدير جديد؟ احذر إنجاز مهام فريقك نيابة عنهم

4 دقيقة
المدراء الجدد
shutterstock.com/Andrii Yalanskyi

عملت منذ زمن ليس ببعيد مع عميلة كانت في مستهل مشوارها في مجال الإدارة، اسمها تيري، وكانت حينئذ مساعدة مدير التسويق في إحدى شركات الأدوية وتحظى بتقدير كبير، وطُلبت منها قيادة أحد فرق التسويق. كانت مسؤولة في هذا الدور الجديد عن توجيه مجموعة من محترفي التسويق الأذكياء، ولكن عديمو الخبرة (معظمهم من أقرانها السابقين)، لوضع الخطط والعروض الترويجية لمجموعة صغيرة من الأدوية المبيعة عالمياً، تطلبت هذه المهمة التنسيق بين بيانات السوق والاتجاهات المالية والمعلومات التنافسية، ثم العمل مع المتخصصين الطبيين والتنظيميين والوكالات الإعلانية ومدراء المنتج وموظفي المكاتب الإقليمية لصياغة الخطط النهائية.

كانت تيري نفسها بارعة جداً في تنسيق هذه الجهود بمفردها، لكن العديد من أعضاء فريقها واجه صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومات الصحيحة في الأوقات المناسبة واستخلاص أهم النقاط منها وإشراك المعنيين من الفرق المختلفة، ومن ثم لم يكن المنتج بالجودة المطلوبة. نظراً لعدم رغبتها في إحباط رئيسها وتفويت المواعيد النهائية للتسويق، قررت تيري مد يد العون إلى زملائها إذ شرعت في إنجاز الكثير من العمل بنفسها، فتولت المسؤولية كلما واجه أحد أعضاء الفريق مشكلة وأدارت المهام المتداخلة مع مهام الأقسام الأخرى وعملت على تصحيح الخطط وإعادة صياغتها.

في الوقت نفسه، كان على تيري أيضاً أن تفي بمسؤولياتها الجديدة، التي تضمنت تقديم تقارير الحالة وتقييم برامج التسويق الحالية ووضع ميزانيات الفريق، وذلك بالتزامن مع حضور اجتماعات الموظفين العاجلة واجتماعات الأقسام والمشاركة في مكالمات المؤتمرات عبر الفيديو، وما إلى ذلك. سرعان ما أصبحت تيري تعمل 15 ساعة يومياً بصورة روتينية وتحضر إلى العمل حتى في أيام عطلة نهاية الأسبوع، وعلى الرغم من ذلك لم تنجز العمل بالجودة المتوقعة. كانت تعلم أن أسلوبها غير مستدام لكنها لم تجد الوقت الكافي للتوصل إلى حل للمشكلة.

هذا السيناريو شائع بين المدراء الجدد للأسف، إذ تشير التقارير إلى أن معدلات الفشل تصل إلى 50% في السنة الأولى. وفي حين أن جزءاً من هذا قد يعزى إلى سوء الاختيار أو عدم كفاية التدريب والتوجيه، فجزء آخر يحمل المدراء أنفسهم مسؤوليته. من أبرز العوائق التي تواجه المدراء الجدد عجزهم عن وضع الحدود الصحيحة في الدور الجديد، وأقصد بالحدود الحواجز التي تحدد المهام التي ينبغي للمدير الجديد أداؤها والتي يجب تركها، ومدة عمله اليومية وطريقة قياس نجاحه. تصبح هذه الحدود الفاصلة غير واضحة عندما يسعى القادة الجدد إلى إثبات جدارتهم بهذه الترقية، فيبالغون في الأداء غالباً لتحقيق نتائج رائعة، ولا مشكلة في ذلك بحد ذاته، بل تظهر المشكلة عندما لا يناقش المدير الجديد أعضاء فريقه وأقرانه ومدراءه لتوضيح مفهومي “النجاح” و”النتائج” وتوزيع المسؤوليات؛ من دون الحدود الواضحة سيُثقل كاهل المدراء الجدد بأعباء عمل تستحيل عليهم إدارتها.

بالنسبة لتيري، فقد شعرت بأنها مسؤولة شخصياً عن ضمان تحقيق فريقها نتائج مثالية، ما يعني أنها في كثير من الأحيان كانت تبادر إلى إنجاز مهامه بنفسها، وهو سلوك خاطئ ظن بسببه أفراد الفريق أن مسؤوليتهم أقل، وبالنتيجة لم يتعلموا كيفية تحقيق نتائج عالية الجودة بمفردهم، ولم تتعاون الأقسام الأخرى معهم بكفاءة (كان كل منها يرسل المعلومات بصورة فردية وفق ما يناسبه)، كما لم تحصل تيري على مساعدة من مديرها لتحسين العملية، فألقي كل شيء على عاتقها.

في نهاية المطاف، وبمساعدة أحد المدربين، فهمت تيري أنه يتعين عليها وضع حدود لمسؤولياتها من خلال توضيح دورها مع المعنيين كافة.

في البداية، تأكدتْ من أن يعي أفراد فريقها أن مسؤولية وضع خطط عالية الجودة تقع على عاتقهم، ولكنها ستمنحهم الأدوات والتدريب اللازم لتحقيق هذه الخطط. بعبارة أخرى، لم تكن مهمتها أن تنوب عنهم أو التدخل عندما يحارون فيما ينبغي فعله، بل مساعدتهم على تحقيق النجاح بأنفسهم. وفي سبيل ذلك، اعتمدت تيري على تجربتها الشخصية بوصفها خبيرة تسويق متميزة، فابتكرت نماذج للخطط الفعالة وعناصرها الرئيسية ثم شاركتها مع فريقها. كما أعدت جلسات لمناقشة الجوانب المختلفة من عملية التخطيط مثل تحليل بيانات السوق وإدارة الامتثال ويسّرت المناقشات بين أعضاء الفريق وخبراء الشركة. علاوة على ذلك، جدولت تيري أيضاً مراجعات فردية متكررة مع كل موظف من موظفيها، حتى تقدم لهم آراء مباشرة بشأن كيفية تحسين أدائهم.

يصعب على معظم المدراء الجدد الانتقال إلى أسلوب التدريب والتوجيه هذا، ويبدو لهم أن إنجاز المهام كلها بأنفسهم أسرع، لكننا لاحظنا كم يمكن أن يكون هذا السلوك هداماً، فالمدراء الجدد مثل تيري قد يواصلون إنجاز مهام مرؤوسيهم فيمنعونهم بذلك من التطور واكتساب المهارات التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاح.

تعلمت تيري أيضاً وضع حدود لمسؤولياتها مع أقرانها الجدد؛ أي قادة الأقسام الآخرين، إذ عقدت اجتماعات معهم لصياغة عدد من اتفاقات مستوى الخدمة من أجل تحديد كيفية تعاون أقسامهم معاً. وبهذه الطريقة، سيحصل فريقها على أي معلومات يحتاج إليها من قسم المالية أو المبيعات أو أي قسم آخر في الوقت المحدد وبالكيفية المطلوبة. في نهاية المطاف، سمح ذلك لفريقها بإدارة سير العمل بطرق أفضل، وأصبح من الأسهل عليها تقديم المساعدة عند حدوث سوء التواصل.

أخيراً، جلست تيري مع مديرها لتحدد دورها بوضوح أكبر وتحدد ما يعنيه النجاح لها. من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المدراء الجدد، افتراض أن كل هدف مهم ويجب إكماله في أسرع وقت ممكن، وقد وقعت تيري في هذا الفخ عندما حاولت إنجاز كل المهام ناسية أن دورها الجديد يتطلب منها تغيير أولوياتها، وعندما تعاونت أخيراً مع مديرها للتفريق بين الأولويات الجديدة والقديمة، فهمتْ تماماً ما كان متوقعاً منها بوصفها مديرة.

مناقشة موضوع تحديد المسؤوليات والتطرق إليه كلما دعت الحاجة جزء أساسي من تعلم كيفية الإدارة، وعلى الرغم من أنه يتطلب شجاعة في البداية (خاصة إذا كنت تحاول أن تظهر لمديرك أنك أهل لهذه الترقية)، فالتغاضي عنه سيؤدي إلى وقوعك في فخ تحمل مسؤوليات تفوق طاقتك، ما سيحد من نجاحك ونجاح فريقك. تحديد مسؤولياتك هو وسيلة فعالة لمضاعفة تأثيرك من خلال الآخرين، الذي هو في نهاية المطاف الدور الأساسي للمدير، كما أنك ستكون أسعد إذا لم تضطر إلى العمل 15 ساعة يومياً، وإن كان لديك شك في ذلك، فاسأل تيري.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .