ملخص: قد تمثّل مقاطعة الآخرين في أثناء الاجتماعات الافتراضية تحدياً صعباً عند العمل ضمن فريق موزّع على مناطق جغرافية مختلفة، لكن من المهم تنمية هذه المهارة وتحسينها. تقدم المؤلفة استراتيجيات لمساعدتك على تقديم المداخلات ومقاطعة زملائك في الاجتماعات الافتراضية بلباقة: 1) إبداء الاهتمام. 2) استخدام استراتيجية "نقل الصلاحيات"، 3) البحث عن نقاط انتقال طبيعية، 4) الحرص على الإيجاز في المداخلة، 5) الحزم عند الضرورة.
تخيّل أنك تُجري مكالمة مع مديرك وعدد قليل من الزملاء وتناقشون مشروعاً تُسهم فيه بدرجة كبيرة، وعلى الرغم من امتلاكك أفكاراً ترغب في مشاركتها، فإنك لا تستطيع أن تجد فرصة مناسبة للتعبير عنها؛ إذ يتناوب مديرك وزملاؤك في العمل الحديث حتى نهاية الاجتماع، وعلى الرغم من نيتك الحسنة في المشاركة، فإنك لا تتمكن من مقاطعتهم بلباقة وأدب، وبالتالي، ينتهي الاجتماع مع شعورك بالإخفاق والإحباط بسبب عدم قدرتك على طرح أفكارك.
لكن هذا الأمر يُعد شائعاً، ولا سيما مع انتشار نموذج الفِرق الموزّعة. على الرغم من فوائد العمل عن بُعد، فإنه يواجه بعض التحديات. أظهرت الدراسات أن التواصل الافتراضي أدى إلى زيادة انعزال الموظفين وتقليل التعاون وتوليد الأفكار، ويكون تأثير ذلك أكبر بالنسبة لبعض الفرق. في استقصاء شمل أكثر من 1,100 عامل مهني، أشارت 45% من النساء إلى صعوبة التحدث والتعبير عن آرائهن في الاجتماعات الافتراضية؛ إذ تقول واحدة من كل 5 نساء إنهن شعرن بالتجاهل أو عدم اهتمام الزملاء في أثناء مكالمات الفيديو.
واجهت إحدى عميلاتي، لميس، التي تشغل منصب مديرة التسويق في شركة رياضية، هذا المأزق عندما عاد فريقها إلى العمل من المكتب في حين استمرت هي بالعمل من المنزل. على الرغم من خبرة لميس الواسعة في مجال عملها، كانت تفكر كثيراً وتضغط على نفسها لتسهم إسهاماً ذي قيمة عالية، ما كان يمنعها في كثير من الأحيان من المشاركة في النقاشات. بالإضافة إلى ذلك، عُرفت لميس بأسلوبها المهذب واللطيف للغاية ولم تكن ترغب في أن يُنظر إليها على أنها متسلطة أو فظة في التعامل مع زملائها. أدت هذه السمات الشخصية، بالإضافة إلى عملها عن بُعد، إلى استبعادها من فرص الترقية، وذلك لأن حضورها وتأثيرها لم يكونا بمستوى حضور نظرائها ومشاركتهم في النقاشات.
ثمة العديد من الأسباب التي قد تدفعك إلى مقاطعة الآخرين في أثناء الاجتماعات الافتراضية. ربما ترغب في عرض وجهة نظرك، أو تزويد الفريق بآخر المستجدات، أو تصحيح تصور خاطئ، أو طلب توضيح حول نقطة معينة، أو السعي للحفاظ على تركيز فريقك وبقائه على المسار الصحيح. إليكم بعض الأفكار التي شاركتها مع لميس والتي يمكن أن تساعدك أيضاً على مقاطعة زملائك وتقديم مداخلاتك بأسلوب لبق.
إبداء الاهتمام.
يقضي الموظف العادي أكثر من نصف ساعات عمله في الاجتماعات، ما يزيد من أهمية إتقان أساليب جديدة لجذب الانتباه عند الرغبة في مشاركة أفكار مهمة. تقول الكاتبة ومؤلفة كتاب "لغة الجسد الرقمية: كيف تعزز الثقة وتبني العلاقات بغض النظر عن المسافة" (Digital Body Language: How to Build Trust and Connection No Matter The Distance)، إيريكا داوان: "لم يعد التواصل، ولا سيما عبر الوسائط الرقمية، مهارة شخصية بسيطة، بل أصبح مهارة جديدة قوية وأساسية لتحقيق النجاح".
لكن قد يكون من الصعب أن تلفت انتباه الآخرين، ولا سيما في غياب الإشارات غير اللفظية، التي تحدث عادة خلال التواصل المباشر وجهاً لوجه. لتجنب الظهور بمظهر الشخص المزعج الذي يقاطع الآخرين، يمكنك إظهار رغبتك في المشاركة من خلال:
- استخدام ميزة "رفع اليد" (raise hand) في التطبيق الذي تستخدمه لحضور الاجتماعات.
- إلغاء كتم الصوت أو تشغيل الكاميرا في مكالمات الفيديو.
- الإشارة إلى رغبتك في المشاركة عبر الكتابة في الدردشة.
- رفع يدك إذا كان الاجتماع يجري عبر مكالمة فيديو.
استخدام استراتيجية نقل الصلاحيات.
يمكنك تجنّب الحاجة إلى المقاطعة تماماً من خلال التحضير الجيد مسبّقاً. أسمّي هذه الاستراتيجية "استراتيجية نقل الصلاحيات". طريقة عمل هذه الاستراتيجية بسيطة جداً: راجع جدول الأعمال قبل اجتماع الفيديو وأخبر منسّق الاجتماع بالموضوع الذي ترغب في المشاركة فيه، بهذه الطريقة، يستطيع منسّق الاجتماع أن يدعوك للمشاركة (أي ينقل الصلاحيات إليك) في الوقت المناسب.
ثمة فائدتان جانبيتان مهمتان لهذه الاستراتيجية، أولاً: تُحمّلك هذه الطريقة مسؤولية المشاركة الفعلية لأنك تعلم أن منسّق الاجتماع سيطلب منك المشاركة. ثانياً، قد تزداد ثقتك بنفسك لأن منسّق الاجتماع سيُحيل الكلمة إليك للاستماع إلى وجهة نظرك.
ابحث عن نقاط الانتقال الطبيعية.
تُعد المقاطعة المتبادلة خلال الاجتماعات الافتراضية من الأمور الشائعة والمزعجة. وإذا أجلت مداخلتك إلى الفترة الفاصلة بين المواضيع المطروحة في جدول الأعمال فسيكون الانتقال إلى الموضوع التالي أسلس لك ولجمهورك، لكن احرص على التحدث بسرعة أكبر مما تفعل في الاجتماعات الشخصية التي تجري وجهاً لوجه. يمكنك استخدام عبارات مثل:
- "وجهة نظر رائعة؛ اسمحوا لي أن أضيف نقطة أخرى قبل أن نتابع...".
- "في الواقع، ثمة نقطة أخرى أود إضافتها...".
- "أنا سعيد لأنك طرحت هذا الموضوع؛ وأرغب في أن أضيف...".
إذا كنت قد تحدثت بالفعل أو ترغب في إظهار مزيد من الاحترام (على سبيل المثال، عند مقاطعة شخص أعلى منك منصباً)، يمكنك صياغة مداخلتك في شكل سؤال. على سبيل المثال، يمكنك القول: "هل تمانع إذا قاطعتك هنا؟ لدي فكرة مرتبطة بما ذكرته للتو"، أو "هل يمكنني انتهاز هذه الفرصة لمشاركة فكرة مرتبطة بوجهة نظرك؟"، فطلب الإذن لا يقلل من شأنك، بل يُظهر أنك شخص واعٍ ويحترم الآخرين.
الحرص على الإيجاز في المداخلة.
بمجرد أن تحصل على الفرصة للتحدث، تحدّث بإيجاز وتجنب الإطالة قدر الإمكان. ابدأ بتوضيح سبب مقاطعتك، على سبيل المثال، يمكنك القول: "هذه نقطة بيانات أساسية لاستراتيجيتنا...". بعد أن تنتهي، انقل المحادثة بأدب إلى منسّق الاجتماع أو إلى المتحدث التالي. على سبيل المثال، يمكنك القول: "أشكركم على منحي الفرصة للمشاركة. يمكنك مواصلة الحديث يا سعيد".
الحزم عند الضرورة.
قد تضطر أحياناً إلى اتخاذ إجراء لمقاطعة حديث شخص يُكثر الكلام لاستعادة زمام المحادثة. تتمثّل إحدى الاستراتيجيات التي يجب استخدامها في هذه الحالات في "تقنية الأسطوانة المشروخة"، وهي تكرار كلمة أو جملة بهدوء وبنبرة حيادية. حاول تكرار اسم الشخص ("حسن، حسن، حسن، عذراً لكن اسمح لي أن أقاطعك") أو أن تقول عبارة مثل: "أنا أتحدث" أو "يجب أن نعود إلى موضوعنا الرئيسي".
يمكنك أيضاً مقاطعة الزميل الذي يُكثر الكلام وإعادة توجيهه بطرح أسئلة محددة مثل: "لست متأكداً من مدى ارتباط هذه الفكرة بموضوعنا، هل يمكنك توضيح العلاقة بين وجهة نظرك وموضوعنا؟" أو "هل يمكنك تلخيص نهجك في جملة واحدة؟".
في البداية، قد يكون من الصعب عليك مقاطعة الآخرين في الاجتماعات الافتراضية، لكنها مهارة تستحق التنمية. تُظهر دراسة نُشرت في مجلة علم النفس التطبيقي (Journal of Applied Psychology) في عام 2022 أن الموظفين الذين يتعلمون التحدث بثقة ووضوح سيكونون أكثر عرضة للظهور بمظهر القادة عند العمل ضمن الفَرق، وبالتالي، سيحظى هؤلاء بفرص أكبر لإحداث تغييرات إيجابية في فرقهم ومؤسساتهم، بالإضافة إلى تعزيز مساراتهم المهنية.
لذلك، حاول استخدام هذه الاستراتيجيات لتشارك في الاجتماعات وتعبّر عن نفسك بثقة وقوة ودون شعور بالخجل.