بصفتك مديراً، كيف تتعامل مع المحادثات الصعبة، وكيف يمكنك مواجهة حقيقة موقف ما دون الخوف من الرفض، أو عدم الاتفاق مع شخص ما بشكل واضح وصريح، ودون القلق من شعوره بهجومك عليه؟ من المعروف جداً أن الأسوأ من المحادثات الصعبة هو تجنبها.
لقد كنت مسؤولة تنفيذية في عدد من الشركات الكبرى، مثل "بيبسيكو" و"شيل" و"بي بي سي"، وعملت مستشارة للتغيير أيضاً. وتعلمت أنه في المناصب القيادية غالباً ما تتم أهم الأعمال في الأماكن الأقل راحة. يمكن للمحادثات والمواجهات الصعبة -إذا ما جرى التعامل معها بشكل سليم- وخاصة تلك التي تتضمن الكشف عن حقائق محرجة أو تتطرق إلى أسباب الخلافات داخل المؤسسة، تحسين علاقتنا ببعضنا ومساعدة المؤسسات في التعامل مع الواقع بشكل أفضل وتمكين القادة من اتخاذ قرارات أفضل.
اقرأ أيضاً: دَع فريقك يُجري ذلك النقاش المحتدم
ومع ذلك، في حين أننا نقنع أنفسنا بأن مثل هذه المحادثات صعبة لأننا لا نريد إزعاج الطرف الآخر، فعادة لا يؤثر هذا الشعور المحرج الذي ينتابنا على الشخص الآخر ولكنه يزيد من قلقنا اللاواعي تجاه عدم قدرتنا على التعامل مع المحادثة جيداً. يُعَّد التغلب على هذه المخاوف وخوض المحادثات الصعبة أياً كانت من أصعب التحديات التي يواجهها أكبر القادة، إذ إن الحاجة إليها ضرورية ولكنها صعبة التنفيذ في الوقت ذاته.
نصائح للتعامل مع المحادثات الصعبة
وللحصول على النصائح بشأن كيفية التعامل مع هذه المحادثات بشكل أفضل، لجأت للمسؤولين التنفيذيين الذين خاضوا محادثات حول بعض الموضوعات الشائكة داخل المؤسسة، مثل الثقة داخل الفرق وإعادة الهيكلة التنظيمية ومعالجة ضعف الأداء. وبحسب التعريف، تتطلب هذه الأنواع من المحادثات الخروج من منطقة راحتك. قد تشعر بخيانة ولائك السابق للمنتجات السابقة أو أساليب العمل القديمة أو الانتماءات الشخصية أو الهويات المهنية السابقة.
وجدت أن هناك أربعة عناصر تحدث الفارق. العنصر الأول (حسب خبراتي الشخصية ومن خلال المسؤولين التنفيذيين الذين تحدثت إليهم) هو التحول في التفكير من النظر إلى المحادثات الصعبة كعقبة إلى اعتبارها مصدر ثروة. إذ يمكن للمحادثات الصعبة في الواقع أن تقوي الروابط الشخصية إذا تعاملت معها جيداً. على سبيل المثال، تمكن أحد المدراء الذين قابلتهم من النظر إلى المحادثة الصعبة كمسار لبناء الثقة داخل فريقه:
أرى أن عليك أن تكون حذراً للغاية من التعليقات والمحادثات غير المباشرة التي تدور في الاجتماع. قد تلاحظ أو تشعر أن بعض الأشخاص مهددون من إعادة الهيكلة أو غير راضين قليلاً عن أحد النقاط. تعرضت لموقف في الآونة الأخيرة، حيث اضطررت إلى قول التالي: "حسناً، أشعر أن بعضنا يشعر بالتهديد من هذا؛ لذلك دعونا نناقش هذا الأمر كفريق"، و(أستخدم هذه المحادثة) لبناء جسور الثقة والانفتاح داخل فريقي.
اقرأ أيضاً: دراسة: محفزات بسيطة تزيد القدرة التفاوضية للنساء والرجال
ثانياً، يجب أن تكون لدى المدراء مهارة تنظيم ردود أفعالهم العاطفية خلال المحادثات الصعبة. الآن، يدرك العديد من المدراء أن هذا يعني إبعاد العواطف تماماً عن هذه المحادثات. لكن هذا غير واقعي، وقد يكون كتم المشاعر مدمراً بقدر الإفصاح عنها. بدلاً من ذلك، يستخدم المدراء المهرة عواطفهم بطريقة بناءة. كان أحد المدراء الذين تحدثت إليهم ضمن هذا المشروع يعمل مع مدرب خارجي لمساعدته على التحسن في التمهيد لإجراء تغيير كبير. وفيما يلي يصف هذا المدير كيف كان يتحكم في مشاعره خلال محادثة متوترة مع ذلك المدرب:
لم أكن متحمساً من الناحية العاطفية، ولكن كان هناك شيء بداخلي يقول: "حسناً، ربما لديه وجهة نظر". وكان مدرباً خارجياً، أي لم تكن هناك نوايا خفية من جانبه. لذلك أجبرت نفسي بطريقة ما على التنازل عن كبريائي وكتم غضبي والتناقش معه حول كيفية شروعه في تحقيق هدفي؛ وبالتالي يصبح المدير المالي الخاص بي أكثر ميلاً لإيجاد الحل.
ثالثاً، يحتاج المدراء إلى القدرة على كشف الأمور كما هي دون تجميل ومع إظهار التعاطف وتحقيق التوازن بين المناصرة والمساءلة. وفيما يلي مثال لمدير أجرى محادثة صريحة ومباشرة لكن متعاطفة بخصوص إعادة الهيكلة:
أتذكر إجراء بعض من أصعب المحادثات حول إعادة الهيكلة. على سبيل المثال، مع بعض الدول التي كنَّا نجري معها مكالمات فيديو وكانوا يقولون: "حسناً، نريد تأسيس علامة تجارية جديدة" أو كانوا يقولون "نريد تصميم الشعار الخاص بنا"، ومجرد أمور مثل ذلك، وكان عليّ أن أكون صارماً إلى حد كبير، حين قلت: "حتى تتضح الصورة لكم، هذا الأمر غير قابل للتفاوض، وهذا ليس قراركم". أعلم أن الأمر يبدو فظاً، لكنني فعلت ذلك بابتسامة على وجهي.
أخيراً، يجب على المدير أن يتمكن من توفير السلامة النفسية خلال المحادثة. لنضرب مثلاً بهذا المدير الذي استخدم التقدير وأداة الحوار المعروفة ليتقبل فريقه الجديد فكرة إجراء محادثة محفوفة بالمخاطر معه:
لقد رتبت لقضاء بضعة أيام خارج موقع الشركة معهم، حيث طلبت منهم مساعدتي في فهم طبيعة العمل. وقلت لهم: "جميعكم يعلم طبيعة العمل وترعرعتم داخله، ولديكم مئات السنوات من الخبرة فيما بينكم. وأنا لا أتمتع بأي خبرة. أريد منكم أن تساعدوني في فهم ما يسير على ما يرام وما لا يسير بشكل جيد". واستخدمت أسلوب "قبعات التفكير الست" (Bono Six Thinking Hats) كأداة لمحاولة تحرير مشاعرهم وإقرارها، واتباع أسلوب القبعة السوداء للتفكير النقدي حتى أتمكن من تجاوز مرحلة "يا إلهي، من الرائع أن أكون معكم هنا"، وكل هذه الكياسة الزائدة عن اللازم.
بالنسبة لجميع المعنيين بصفتهم مدراء لمواجهة المحادثات الصعبة بدلاً من تجنبها، فيجب عليهم مواجهة الحقيقة وتمكين الآخرين من فعل ذلك، ومن أجل معرفة كيف تتعامل مع المحادثات الصعبة فإن الرسالة الأساسية بسيطة: السلامة محفوفة بالمخاطر، والصعوبات تتفاقم.
*جرى تغيير بعض التفاصيل.
اقرأ أيضاً: