يبين لنا عالم النفس هيرب كلارك أن أمثل تطبيق للتواصل الإنساني يكون عبر تحدث أعداد صغيرة من الأفراد معاً ووجهاً لوجه في وقت واحد. وكلما ابتعدنا عن هذا الوضع المثالي، ازدادت احتمالات أن يحيد التواصل عن مساره.
ومع ذلك، يعمل الكثير منا مع أشخاص لا نراهم شخصياً على الإطلاق بسبب طبيعة عملهم أو عملنا عن بُعد، أو نتيجة العمل في مكاتب مختلفة، أو في مناطق مختلفة من العالم. وهو ما يجعل التواصل يمثّل تحدياً صعباً، وخصوصاً عندما يُسفر الموقف أو موضوع المحادثة عن خلق شعور من التوتر لديك أو لدى الشخص الآخر أو لكليكم فكيف إذاً يمكننا إدارة المحادثات الافتراضية الصعبة؟
من المستحسن والمفيد، أن تحاول الاقتراب من الوضع المثالي ومحاكاته قدر الإمكان، عندما تتناول موضوعات قد تكون صعبة من الناحية العاطفية أو النظرية مع زملائك، إذ إن القدرة على التفاعل في الوقت الفعلي تتيح للأشخاص التدخل لمقاطعة أحد المتحدثين في حال شعوره بالارتباك أو في حال واجه صعوبة في متابعة حديثه. ويُعتبر هذا التفاوض المنسق سمة مميزة للتواصل الفاعل.
وكذلك، ينطوي التواصل البصري على أهمية كبيرة عندما يكون الموقف صعباً من الناحية العاطفية. كما توفر تعبيرات الوجه الكثير من المعلومات حول أحاسيس الأفراد ومشاعرهم. ويمكن للتغييرات السريعة التي يُبديها الأشخاص والتي تسمى بالتعبيرات الدقيقة أن توفر معطيات مفيدة حول ردود فعل الأفراد الأولية على المعلومات. ومن المحتمل أن تفوتك التغييرات اللحظية في تعبيرات وجوه الأفراد والمعنى الذي تنقله هذه التعبيرات، عندما تقوم بتبادل رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، أو حتى إذا كنت تتحدث عبر الهاتف.
خطوات إدارة المحادثات الصعبة
وهناك في الواقع العديد من الخطوات التي يمكنك اتباعها إذا كنت بصدد إجراء محادثة صعبة مع شخص ما.
اخلق شعوراً بالمعايشة والحضور المشترك.
كلما زادت صعوبة المحادثة التي تجريها، زادت الحاجة إلى التفكير في التكنولوجيا التي تستخدمها وفي كيفية جعل هذه المحادثة أكثر سلاسة قدر الإمكان. لذلك، يجب عليك خلق شعوراً بالمعايشة والحضور المشترك، وهو ما يعني القدرة على التواصل بفاعلية مع الشخص الآخر. يمكنك -على سبيل المثال- استخدام شبكة هاتفك المحمول لإجراء مكالمة فيديو، وتخصيص النطاق الترددي لمكالمة الفيديو في حال كان الاتصال بالإنترنت ضعيفاً. حاول أيضاً إبقاء البيئة خالية من مصادر الإلهاء حتى يتمكن الجميع من التركيز على المحادثة نفسها، وخصوصاً إذا كنت تعمل في بيئة مكتبية مفتوحة.
إجراء تواصل بصري عند الإمكان.
من الأفضل أن تكون قادراً على إجراء تواصل بصري مع الشخص الذي تتحدث معه، وأن تقدم المعلومات بأسلوب يتصف بالتعاطف والاهتمام الودّي، وخصوصاً عند خوض محادثات صعبة من الناحية العاطفية، أو عند مشاركة الأخبار السيئة. وقد يكون من الصعب استخدام تعبيرات وجهك ونبرة صوتك للتعبير عن موقفك في البيئات الافتراضية. لذلك، حاول استخدام تقنيات مثل اجتماعات الفيديو أو برنامج سكايب في حال لم يكن بمقدوركما الاجتماع معاً.
كن محدداً.
هناك نوعان من الأبعاد التي تنجم عن المحادثات الافتراضية. البعد الأول هو البعد الجسدي. أمّا البعد الثاني فيتمثّل في إمكانية زيادة شعور الأشخاص الذين يجرون المحادثة بالبعد بسبب الحواجز التي تحول دون إجراء اتصال جيد. وتشير الأبحاث حول نظرية المستوى الإدراكي إلى أنه كلما كنت بعيداً عن شيء ما أو عن شخص ما اجتماعياً أو في الزمان أو المكان، زاد احتمال تفكيرك في هذا الشيء أو الشخص. ومع ذلك، يتطلب إجراء محادثات صعبة - غالباً - تقديم آراء محددة بدلاً من أفكار مجردة. وقد يكون هذا صحيحاً بشكل خاص عند معالجة المشكلات المتعلقة بأداء شخص ما في العمل، حيث يتعين عليك تقديم براهين توضيحية محددة للمشكلات وعرض إجراءات معينة يمكن للشخص اتباعها بهدف حل المشكلة.
لذلك، احرص على تجاوز تأثيرات البعد، واجعل مناقشاتك محددة قدر الإمكان. وقد يكون من المفيد تدوين الملاحظات قبل إجراء المحادثة كي تتمكن من تقديم أمثلة معينة لتعزيز نقاطك الرئيسة، وإلا فإنك تخاطر باحتمال إجراء محادثة فاشلة لا تساعد الأفراد على معالجة الصعوبات التي لاحظتها.
وقد يتعذر في الواقع النجاح في إجراء محادثات صعبة تتحقق فيها أفضل الظروف. ولكن عندما يتعين عليك إدارة المحادثات الافتراضية الصعبة، فإن بذل القليل من الوقت الإضافي في الإعداد لها قد يؤدي إلى التقدم نحو جعل التفاعل يبدو حيوياً وأكثر شبهاً بالواقع، وكأنه يحدث في المكان نفسه وفي الوقت نفسه.