ملخص: لن تكون نهاية العالم إذا استخدمت كلمة غير ضرورية من وقت لآخر، أو كتبت جملة متشابهة في المعنى مع جملة أخرى، أو أخبرتنا بما ستذكره قبل أن تذكره. لكن الكلمات الزائدة تتراكم. تقدم المؤلفة في هذه المقالة نصائح حول كيفية الكتابة بمزيد من الإيجاز والوضوح.
سواء عدت إلى العمل من المكتب أو كنت لا تزال تعمل عن بُعد، فمن المحتمل أنك قلت لنفسك في أكثر من اجتماع هذه العبارة أو مثيلاتها: "نجوت من اجتماع آخر كان يجب أن يكون بريداً إلكترونياً". ولكن ربما قرأت أيضاً أكثر من بريد إلكتروني هذا العام كان من المفترض أن يكون أكثر إيجازاً.
إذا أردت أن تقول شيئاً معقداً، فينبغي لك دائماً أن تأخذ المساحة التي تحتاج إليها لتقوله. ولكن عندما يكون كلامك مطنباً ومكرراً دون ضرورة، فأنت بذلك ترهق قراءك من خلال مطالبتهم بتركيز انتباههم على اكتشاف ما تود قوله بدلاً من التفكير فيه.
وهذا هو الوقت الذي يجب فيه إجراء تعديلات.
على الرغم من أن ما يلي قد يبدو منافياً للمنطق، فإن كتابة شيء طويل غالباً ما تستغرق وقتاً أقل من كتابة شيء أقصر. مثال للتوضيح: كانت المسودة الأولى لهذه المقالة أطول بمقدار 500 كلمة من النسخة التي تقرأها الآن. وفي عام 1690، عبَّر جون لوك عن هذا التحدي في كتابه "مقالة عن الفهم البشري" (An Essay Concerning Human Understanding) الذي قال فيه "سأعترف لكم بالحقيقة، أنا الآن كسول جداً أو مشغول جداً لدرجة تمنعني من جعله أكثر إيجازاً".
من الصعب تخصيص ما يكفي من الوقت للكتابة بفعالية. ولكن حتى عندما يكون لديك بضع دقائق فقط لتعديل النص، يمكنك تجربة هذه الاستراتيجيات الثلاث لتقليل عدد الكلمات.
1. احذف الكلمات التي لا تضيف شيئاً إلى جملتك.
يُثقَل العديد من المستندات المتعلقة بالعمل بالكلمات التالية: بوجه عام - في الأساس - في الواقع - نوعاً ما - حقاً - تقريباً - كلياً - من حيث الجوهر - تماماً - من الناحية العملية - حرفياً - فحسب.
اعتدنا (حرفياً) على كتابة هذه الكلمات (فحسب)، وقد نجد (في الواقع) أن كتاباتنا تبدو غريبة (تماماً) من دونها. لكن (بوجه عام) بمجرد أن تعتاد على الاستغناء عن هذه الكلمات، فلن تفتقدها (حقاً).
إذا كانت إحدى هذه الكلمات ضرورية لتوضيح معنى الجملة، فاحتفظ بها! ولكن إذا لم تكن كذلك، فلا تستخدمها. لتحديد ما إذا كان ينبغي الإبقاء على كلمة ما أو الاستغناء عنها، اسأل نفسك هذه الأسئلة:
- ما الذي تضيفه هذه الكلمة إلى جملتك؟
- هل ستفقد جملتك أي شيء من معناها إذا حذفت هذه الكلمة؟
- هل سيؤدي الإبقاء على هذه الكلمة إلى إضعاف رسالتك؟
تأمَّل هذا المثال:
نظراً إلى أن الجائحة فاقمت الوضع في المستشفيات تماماً، كان علينا إعادة النظر جذرياً في دور الرعاية الصحية عن بُعد في نظامنا الطبي.
لكي أقرر ما إذا كنت سأحتفظ بـ "تماماً" و"جذرياً"، يمكنني التساؤل عما ستضيفه هاتان الكلمتان إلى جملتي. هل أدت الجائحة إلى تفاقم الوضع في المستشفيات "تماماً"؟ هل تعرضت المستشفيات "لضغوط كبيرة" أم أن استخدام "ضغوط" فقط يفي بالغرض؟ هل هناك فرق بين "إعادة النظر" و"إعادة النظر جذرياً"؟
ماذا لو اقترحت أننا قمنا ببعض إعادة النظر في دور الرعاية الصحية عن بُعد، لكننا لم نقم بإعادة التفكير في كل شيء؟ هل "جذرياً" تساعد في توضيح هذا الأمر؟ ليس تماماً. إذا قلنا إنه كان علينا إعادة النظر، فهذا لا يعني أنه كان علينا إعادة النظر في كل شيء، لذلك فإن استخدام "جذرياً" ليس مفيداً هنا.
في هذه الحالة، لا يمكنني تبرير استخدام "تماماً" أو "جذرياً". فبدلاً من أن تضيف الكلمتان شيئاً إلى جملتي، أدت إلى إضعاف رسالتي بجعلها أقل مباشرة.
إذاً، هل يجب أن تحتفظ بأي منهما؟ لنتأمل هذا المثال:
عندما نريد تغيير الموردين، فإننا عادة ما نستعين بشركة خارجية لتقييم خياراتنا.
ما هو المعنى الذي نحاول إيصاله باستخدام كلمة "عادة" هنا؟ وهل سنفقد شيئاً من هذا المعنى إذا حذفناها؟ إذا كان ما تقصده هو أننا نقوم بذلك "عادة"، ولكننا لا نفعل ذلك في بعض الحالات، فقد تود الاحتفاظ بها. ولكن قد يكون هناك حل أفضل يتمثل في إعادة كتابة الجملة لتوضيح هذا المعنى:
عندما نريد تغيير الموردين، فإننا نستعين بشركة خارجية لتقييم خياراتنا، ما لم يكن أحد شركائنا قد قيَّم الموردين بالفعل.
خلاصة القول: احتفظ بالكلمات التي تحتاج إليها، واحذف أو استعض عن الكلمات التي لا تحتاج إليها.
2. تخلص من الجمل المكررة.
نظراً إلى أننا نكتشف ما نفكر فيه من خلال الكتابة، فإننا غالباً ما نكرر كلامنا كلما اقتربنا من أفضل نسخة من أفكارنا.
انظر إلى هذا المثال من مسودتي الأولى لهذه المقالة:
بينما نحاول اكتشاف ما نفكر فيه، نميل إلى تكرار كلامنا. ففي بعض الأحيان نقول الشيء نفسه مرة أخرى لأننا لم نكتشف بعد ما نريد قوله.
أوضحت قصدي في الجملة الأولى (نميل إلى تكرار كلامنا). أما في الجملة الثانية، فقد توسعت في شرح هذه النقطة من خلال إضافة رابط سببي (نميل إلى تكرار كلامنا لأننا لم نكتشف بعد ما نريد قوله). عندما راجعت المقالة، تمكنت من إيضاح العلاقة السببية في الجملة الأولى والتخلص من التكرار:
نظراً إلى أننا نكتشف ما نفكر فيه خلال الكتابة، غالباً ما نكرر كلامنا في المسودات الأولى.
تقارب الجملة المعدلة نصف طول (16 كلمة) الجملتين الأصليتين المتشابهتين في المعنى (25 كلمة).
لاكتشاف الجمل المتشابهة في المعنى في مستنداتك، حاول تسليط الضوء على التكرار في أثناء مرحلة التعديل. هذا مثال على ذلك:
تفاقمت مشاكلات التوظيف الحالية بسبب تدني الرواتب وارتفاع تكاليف السكن. ونظراً إلى أن استئجار أو شراء منازل في مدننا المستهدفة أصبح أكثر تكلفة بالنسبة إلى الموظفين، فنحن لا نستطيع جذب موظفين بالمرتبات التي نقدمها حالياً، ما يؤدي إلى مواجهة صعوبات في التوظيف. (42 كلمة)
في الجملة الأولى يدلي المؤلف بتصريح: لا يمكننا إيجاد موظفين لأننا لا ندفع للموظفين ما يكفي للعيش في منطقتنا.
ويكرر المؤلف هذا التصريح في الجملة الثانية، لكن مع إضافة تفاصيل جديدة: ارتفعت تكاليف السكن بالنسبة إلى المستأجرين والمشترين في مدننا المستهدفة.
إذا دمجنا الأفكار الواردة في كلتا الجملتين، فسنحصل على هذه الجملة في النهاية:
تفاقمت مشكلات التوظيف الحالية بسبب تدني الرواتب وارتفاع تكاليف السكن بالنسبة إلى المستأجرين والمشترين في مدننا المستهدفة. (17 كلمة)
هذه النسخة الجديدة أقصر بكثير.
3. بدلاً من إخبارنا بما ستذكره، اذكره فحسب.
تأمّل هاتين الجملتين:
سأقدم لكم الآن 3 خطوات يجب أن نتخذها لتحسين عملية إعداد الموظفين الجدد. (13 كلمة)
يجب أن نتخذ 3 خطوات لتحسين عملية إعداد الموظفين الجدد. (10 كلمات)
عندما نقرأ الجملة الأولى، يتوجه اهتمامنا نحو الكاتب، الذي على وشك أن يقدم لنا شيئاً، بدلاً من التركيز على التوصيات المتعلقة بعملية إعداد الموظفين الجدد. من المنطقي أن يدرج الكتّاب هذا النوع من التعليقات عند صياغة المستندات. فنحن نفكر فيما سنفعله، ولذا نخبر قراءنا به.
لكن قراءك ليسوا بحاجة إلى معرفة الرحلة التي خضتها في أثناء صياغة المستند، هم فقط بحاجة إلى معرفة ما وصلت إليه.
إليكم مثالاً آخر، بناءً على إحدى الجمل التي ذكرناها أعلاه:
أريد الإشارة إلى أن مشكلات التوظيف الحالية تفاقمت بسبب تدني الرواتب وارتفاع تكاليف السكن بالنسبة إلى المستأجرين والمشترين في مدننا المستهدفة.
سيعرف القراء أنك تشير إلى مشكلات التوظيف لأنك مُعِد المستند الذي يشير إلى مشكلات التوظيف. كما أنك لن تغفل عن ذكر معلومة مهمة إذا حذفت تلك الكلمات القليلة الأولى وبدأت الجملة بـ "تفاقمت مشكلات التوظيف الحالية".
لن تكون نهاية العالم إذا استخدمت كلمة غير ضرورية من وقت لآخر، أو كتبت جملة متشابهة في المعنى مع جملة أخرى، أو أخبرتنا بما ستذكره قبل أن تذكره. لكن الكلمات الزائدة تتراكم. إذا اعتدت على استخدام هذه الاستراتيجيات، فستصبح كتابتك أكثر إيجازاً ووضوحاً.