سؤال من قارئ: أعمل في مجال التكنولوجيا. لقد انتقلت مؤخراً من العمل من مؤسسة كبيرة إلى مؤسسة أصغر بكثير، و أوكلت إليّ مهمة إدارة فريق تقني. لست أقدم مهندس في فريقي المباشر المكون من خمسة أفراد، لكن يريد مني مديري توفير القيادة التقنية للفريق. عمل أعضاء الفريق الأربعة الآخرون على أحد المشاريع معاً لمدة أربعة أشهر تقريباً قبل انضمامي. إنهم مجموعة ذكية للغاية، على الرغم من أن بعضهم لم ينضم إلى الكلية حتى. لم يسبق لي أن كنت في وضع مماثل من قبل. إذ انضممت في الماضي إلى فريق راسخ يضم عدداً أكبر من المهندسين الذين ساعدوني في العمل من نقطة الصفر، لينضم مهندسون آخرون لاحقاً. هذه هي المرة الأولى التي أحصل فيها على عرض قيادة دون سلطة رسمية إلا أنني لم أحصل على إرشادات مفيدة من مديري حول هذا الشأن، ولهذا فسؤالي هو:
ماذا أفعل لكي أقود هذا الفريق بطريقة فعالة مع عدم وجود سلطة رسمية لهذه القيادة؟
يجيب عن هذا السؤال:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
جيري كولونا: رأسمالي مغامر (جريء) سابق ومؤلف كتاب "إعادة التشغيل: القيادة وفن التنمية" (Reboot: Leadership and the Art of Growing Up).
جيري كولونا: هذا السؤال ينطوي على فهم ضمني خاطئ للقيادة، وهو أن دور القائد يجب أن ينطوي على التوجيه والسلطة الرسمية. وأنا أحيي المؤسسة أولاً وقبل كل شيء لكونها قادرة على أن تطلب من الأفراد من مختلف المستويات اتخاذ زمام القيادة، وأعتبر هذا تدريب جيد حقاً. وقد أشرنا في وقت سابق إلى فكرة الترقية في ساحة معركة، وهي فكرة عسكرية تنطوي على انتقال شخص ما فجأة إلى منصب قيادي. وأحد الأشياء العظيمة التي يجب على الثقافة تضمينها هو منح الأفراد فرص صغيرة للقيادة في جميع أنحاء الهيكل التنظيمي. لذلك أحيي ذلك المدير الذي عرض على المستمع دور القيادة.
أليسون بيرد: أعتقد أنه من غير الواضح ما إذا أخبر المدير بقية أعضاء الفريق عن رغبته في تعيين كاتب السؤال قائداً عليهم. ومن غير الواضح ما إذا كان عمل في السباق في أي منصب قيادي رسمي. كيف يمكنه تجاوز ذلك؟
جيري كولونا: هذه نقطة هامة. أعتقد أن أحد الأشياء الأولى التي يجب عليه القيام بها هو مشاركة ترقيته هذه مع أعضاء الفريق، لأنه معرض بخلاف ذلك إلى خطر أن يُنظر إليه أنه متعجرف قليلاً. وهذا هو أول ما سأطلبه منه.
اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: كيف أدير فريقاً أكبر مني سناً؟
دان ماغين: يبدو أن هذا النوع من القيادة صعب بعض الشيء، إذ لا يبدو أن هؤلاء الأفراد سيصبحون مرؤوسيه المباشرين، ولا يبدو أنه سيتمتع بالكثير من السلطة، بل يبدو وكأنه نوع من التدريب، أو نوع من مشاركة هذه القيادة التقنية، ولكنه ليس منصب مدير فعلي. هل هذا الدور صعب للغاية؟
جيري كولونا: أعتقد أنه كذلك، لكنني أعتقد أنه دور مجزي للغاية.
دان ماغين: لماذا؟
جيري كولونا: إنها قيادة بلا قوة.
جيري كولونا: إنها قيادة تنبع من القدرة الداخلية للفرد. أعتقد أن المدير الذي طلب منه ذلك يرى قدرة ما في مستمعنا الذي قد لا يكون مدركاً لهذه القدرة بنفسه. وهذا رائع حقاً بالنسبة إلي. يبدو لي أن المدير قد عرض عليه تولي هذا المنصب دون جعل ذلك رسمياً ضمن المخطط التنظيمي.
اقرأ أيضاً: 4 طرق لخلق ثقافة تعلّم ضمن فريق عملك
أليسون بيرد: يبدو أن القضية تنطوي على فارق العمر أيضاً. لقد ذكر تقدّمه في العمر وانضمامه إلى فريق راسخ مكوناً من أشخاص أصغر سناً، وما زال يحاول الانخراط مع الفريق، ولكنه حصل اليوم على مهمة قيادتهم، كيف يمكنه التغلب على انطباع أنه الرجل الكبير الذي انضم إلى الشركة ليصدر أوامره على الفريق؟
جيري كولونا: أعتقد أنني كنت سأتقبل الشعور بالهيبة التي تدل على الحكمة وتجارب الحياة. والهيبة هي كلمة رائعة، إذ لن أدّعي وأزيف أنني أمتلك السلطة التي قد لا أكون أمتلكها بالفعل.
دان ماغين: في هذه الحالة، أعتقد أن من المفيد له اتخاذ قرار حول اتباع نهج السحب أو الدفع. هل يجب عليه اتباع نهج السحب بمعنى أن يكون دوره استباقياً ينطوي على التعليم والتصحيح والإرشاد، أم نهج الدفع بمعنى انتظار قيام الفريق بطرح الأسئلة ويكون دوره بمثابة مكتب تقديم المساعدة المحلي الذي يقصده الشباب الأصغر سناً؟ أعتقد أنه من المهم الحصول على معلومات أكثر حول هذه الدينامية من أجل أن يكون دوره فاعلاً ومنصبه ملائماً.
أليسون بيرد: أصوت لاتباعه نهج السحب.
دان ماغين: هل تصوتين لهذا النهج حقاً؟
أليسون بيرد: نعم، أعتقد أنه يجب عليه أن يتعرف على الفريق ومن ثم يوضح لهم أن بابه أو مكتبه مفتوح لاستقبالهم دائماً.
جيري كولونا: هل يمكنني التصويت لاتباع نهج وسطي؟
دان ماغين: علام ينطوي هذا النهج؟
جيري كولونا: أفضل دائماً التصويت على اتباع نهج وسطي. وأنصحه بالاستماع إلى الكثير من أفراد الفريق أولاً، لكن أن يتبع بعد ذلك نهج الإقناع، وأن يخلق الظروف للأشخاص لدفعهم إلى اللجوء إليه. لن أنصحه باتخاذ دور الناصح الحكيم بالضرورة، إذ قد يسفر هذا عن ديناميكية سلبية. لكن يمكنه طرح بعض الأسئلة الذكية المفتوحة والصادقة التي تعمل على إقناعهم ودعوتهم إلى المزيد من المشاركة.
أليسون بيرد: عندما أفكر شخصياً في وظيفة جديدة، ولاسيما في أدوار قيادية جديدة، دائماً ما أقصد مايكل واتكينز، مؤلف كتاب "الأيام التسعين الأولى" (The First 90 Days)، الذي تحدث فيه عن الأسئلة التي يمكنك طرحها مباشرة منذ البداية بهدف الحصول على تأييد الأفراد. وتنطوي هذه الأسئلة على ما نود إنجازه، وسبب وكيفية إنجازنا له وهوية الأفراد المعنيين ومهامهم. ومن ثم إعداد الفريق لهذا النوع من المناقشات الجماعية، والسماح لهم بالحصول على مدخلات، ويمكن لمستمعنا بعد ذلك خوض محادثة تنطوي على حل جميع هذه المشكلات الفنية التي يحتاجون إلى حلها معاً بقيادة كاتب السؤال.
جيري كولونا: أود أن أضيف أسئلة مثل، كيف نعرف أن المشروع قد نجح بالفعل؟ ما هي الفائدة التي تنطوي وراء نجاح هذا المشروع بالنسبة إلى المؤسسة؟ ما هي الموارد التي نحتاج إليها بهدف إنجاز هذا المشروع؟ وتدور الفكرة بأكملها حول تحفيز خيال الأفراد وجمع الفريق معاً بهدف الوصول إلى تلك الصورة بشكل مشترك.
أليسون بيرد: أعتقد أن هذه الفكرة بالغة الأهمية هنا، إذ إنها تدل على القيمة التي يضيفها من خلال حشد الفريق معاً وحملهم على تنفيذ المهام بطريقة أكثر سرعة أو أكثر كفاءة، أو في أعلى جودة.
اقرأ أيضاً: 4 طرق لمساعدة فريقك في تجنب وسائل الإلهاء الرقمية
جيري كولونا: ولا أعتقد أن هذه الأفكار تنطوي على قيادة غير رسمية، بل يمكن القول أنه نهج قيادة مشترك وكتفاً بكتف. وأعتقد أن هذه مهمة أصعب، لأنه لا يقود من منطلق الهيبة أو الهيكل التنظيمي. ولا يقود من منطلق كونه رب العمل الذي يتوجب عليه اتخاذ القرارات. وأعتقد أن هذا النوع من القيادة يسفر عن ثقافة أكثر صحة وتسمح للجميع بالتقدم والنمو.
أليسون بيرد: كيف يمكنه التدخل وجعل كل هؤلاء الأشخاص يشعرون أنهم فريق واحد عند وجود فارق في السن؟.
جيري كولونا: جوابي الافتراضي عن كل هذه الأسئلة هو أن يعمل على موائمة ذلك بنفسه.
دان ماغين: أتساءل عما إذا كانت هناك أمور هيكلية يمكنهم القيام بها كفريق واحد في محاولة خلق ثقافة قائمة على التعلم. على سبيل المثال، لقد سمعت عن مؤسسات تتيح لأفرادها منبراً للتواصل. إذ تخصص هيكلاً لموظفي المبيعات يتحدثون من خلاله عن عملية بيع ناجحة أجروها مؤخراً، وعن مفتاح نجاحها، وعن الدروس التي يمكن استخلاصها من نجاح هذه الصفقة، أو منبراً آخر للمبرمجين يتضمن كيفية نجاحهم في حل مشكلة ما. فكرتي الرئيسة هي منح الأفراد حرية الحديث عن نجاح جديد، ومحاولة استخلاص بعض الدروس منه، ووضع الجميع في دور المعلم هذا لبضع دقائق على الأقل.
جيري كولونا: إن أحد التكتيكات المفضلة لدي هو نهج تشريح الأزمة دون توجيه اللوم. وهو مفيد بشكل خاص عند الفشل في تحليل مشكلة ما، وهو ينطوي على تحديد العمليات التي اتخذت بها القرارات، والأسئلة التي كنا نسعى للحصول على إجابات عنها، وكيفية تطور الأمور. وأهم جزء من ذلك هو فكرة عدم اللوم، وإنما خلق أثر رجعي للتعلم. ويمكّننا هذا النهج من إنشاء ثقافة نعمل فيها على دراسة الأخطاء التي ارتكبت وفهم ما حدث ومن ثم نعمل على إعادة هندسة العمليات والهيكل التنظيمي بغية أن نكون قادرين على التعامل مع تلك الأخطاء في وقت لاحق.
أليسون بيرد: لا أعتقد أن هذا النهج يجب أن يكون رسمياً كما تصفه. أعتقد أن بإمكان كاتب السؤال أن يبدأ في خلق ثقافة قائمة على التعلم من خلال إظهار رغبته في التعلم من زملائه أيضاً. إذ على الرغم من أنه يتمتع بخبرة ومهارات أكثر، يوجد بالتأكيد مجالات يبدع فيها أعضاء فريقه أكثر منه، وبالتالي يمكنه استقاء الدروس منهم.
اقرأ أيضاً: إدارة أصحاب الأنا المتضخمة لضمان نجاح كامل الفريق
دان ماغين: ليس من الضروري أن ينطوي منصب القيادة على سلطة رسمية كما يعتقد. وقد طُلب منه تولي القيادة في نوع مختلف من الهياكل مقارنة بما اعتاد عليه، وهو أمر جيد حقاً، ويمكن اعتبار هذه الفرصة بمثابة فرصة للنمو. كما نحيّي المؤسسة لاتباعها هذا النوع من الهيكل التنظيمي. وقد يستغرق الأمر بعض الوقت للتعود على منصبك الجديد، إذ إنك تقود من دون الكثير من السلطة الرسمية. ومن المحتمل أن تشعر أن آلية القيادة هنا أكثر شبهاً بالتدريب. نعتقد أنه يجب عليك الاستفادة من خبرتك وعمرك وهيبتك. ويجب أن تستمع وتطرح الكثير من الأسئلة وتعمل على إقناع الفريق، وتحاول أن تخلق بيئة وآلية تمكّن الأفراد من طرح الأسئلة والمشاكل، بدلاً من التدخل في أعمالهم طوال الوقت. ونعتقد أنه سيكون من الرائع أيضاً اتباع نهج للتعلم بأثر رجعي بحيث يشعر الفريق بأكمله وكأنه يشارك في هذه الثقافة القائمة على التعلم بدلاً من قيادته بيئة قائمة على السيطرة من أعلى إلى أسفل. أخيراً، من المهم في هذا النوع من بيئة القيادة الناعمة عدم تزييف امتلاكك للسلطة التي لا تتمتع بها بالفعل، وأن تعمل على أن تكون ناصحاً أكثر من مدرباً وبهذا ستتمكن من إدارة فريق تقني.
اقرأ أيضاً: إذا لم تفلح جهودك الابتكارية فانظر من يرأس الفريق