ما هي الآلية الأنسب لحمل الشركات على اتخاذ تدابير بشأن القضايا الاجتماعية؟

3 دقائق

ثمة عدد متزايد من الموظفين يطلبون من شركاتهم التي يعملون بها ومن قادتهم معالجة المشكلات الاجتماعية المهمة. إن كنت موظفاً ترغب في إحداث تغيير اجتماعي من داخل المؤسسة التي تعمل بها، فما هو النهج الأفضل للقيام بذلك؟ الحكمة التقليدية واضحة بشأن هذه المسألة: وهي إظهار الجدوى التجارية لإقناع الإدارة أن التصدي لهذه القضية سيساعد الشركة في تحقيق نتائجها المالية. لقد رأينا الجدوى التجارية لعدد كبير من القضايا الاجتماعية، مثل زيادة التنوع والاستدامة والمسؤولية الاجتماعية للشركات والأعمال الخيرية للشركات والبرامج التطوعية للشركات وتخفيف حدة الفقر والمعاملة اللائقة للموظفين.

بيد إنّ البعض يتساءل عما إذا كان يتعيّن علينا دائماً بيان الجدوى التجارية للأمر. على سبيل المثال، ألا يرغب العديد من قادة المؤسسات في تحسين المجتمع بصفته غاية في حد ذاته؟ تُظهر البحوث أنّ الجدوى التجارية يمكن أن تُعزز النزعة الاقتصادية لدى القائد أو ميله إلى اتخاذ قرارات من وجهة نظر اقتصادية فحسب، ما قد يُفضي إلى سلوك أقل تعاطفاً تجاه المشكلات الاجتماعية.

لذا، نعتزم دراسة ما إذا كانت الدوافع التجارية أم الدوافع الأخلاقية أكثر إقناعاً للمدراء من الناحية العلمية.

البحث

لقد أجرينا العديد من الدراسات للنظر في هذه المسألة. وإجمالاً، فقد سألنا ما يزيد عن 400 موظف في عدة مؤسسات في الولايات المتحدة عما إذا كانوا قد طالبوا قط إداراتهم بالتصدي لقضية اجتماعية مهمة سعياً إلى إحداث تغيير إيجابي اعتقدوا أن من شأنه أن يفيد الآخرين أو المجتمع.

بصفة عامة، أفاد نحو نصف عدد الموظفين أنهم أثاروا قضية اجتماعية لدى الإدارة. ركزت هذه القضايا على موضوعات مثل الصحة ومعاملة الموظفين والتنوع والقضايا المجتمعية والاستدامة.

سألنا الموظفين عن مدى استخدامهم للغة الجدوى التجارية (مثلاً أنّ هذا الأمر سيساعد الشركة في تحقيق نتائجها المالية)، ولغة الدوافع الأخلاقية (بصفتها الأمر الصائب الذي ينبغي عمله)، وعن كيفية صياغتهم لوجهة نظرهم بصفتها تتواءم مع قيم المؤسسة ورسالتها الشاملة، وعن مدى نجاحهم في القضية التي أثاروها (مثل بذل مديرهم جهوداً في التصدي للقضية). كما سألنا مديريهم للإفادة بشأن مقدار الوقت والمال والموارد التي أنفقوها على المشكلة الاجتماعية.

كانت النتائج التي توصّلنا إليها متسقة على نحو ملحوظ في جميع هذه الدراسات. تبيّن لنا أن اللغة الاقتصادية لا ترتبط قط بالفعالية بدرجة كبيرة؛ إذ لم يكن المدراء أكثر أو أقل عرضة لتكريس الوقت والاهتمام والمال والموارد الأخرى للتصدي للقضية الاجتماعية عندما بيّن الموظف الجدوى التجارية للأمر. تتعارض هذه النتيجة مع الحكمة التقليدية بشأن قدرة الجدوى التجارية على الإقناع.

بصفة عامة، ارتبط استخدام اللغة الأخلاقية بعلاقة ضعيفة أو ضئيلة مع الفعالية. غير إننا وجدنا أنه عندما استخدم الموظفون اللغة الأخلاقية وصاغوا القضية الاجتماعية بصفتها جزءاً من قيم المؤسسة ورسالتها، فقد حققوا نجاحاً أكبر بكثير. من خلال تكييف الرسالة الأخلاقية لتتواءم مع أمر ينظر إليه بصفته مشروعاً، وهو ما تنادي به المؤسسة، فإن ذلك يوفر الغطاء والتصريح والقوة الدافعة للمدير لتسخير الطاقة في العمل على المشكلة الاجتماعية.

الآثار المترتبة على محاولة الموظفين إحداث التغيير الاجتماعي

يقدّم هذا البحث عدداً من التوصيات للموظفين الذين يرغبون في التأثير على قادتهم للتصدي لقضية اجتماعية، على النحو التالي:

غالباً ما يعمل التغيير الاجتماعي من الأسفل إلى الأعلى:

قد يشعر الموظفون بالعجز عن القيام بالتغيير لأنهم يعتقدون أنّ التوجيهات يجب أن تصدر من الإدارة. بيد إنّ بحوثاً تُظهِر أنّ الموظفين لديهم قدرة أكبر على المبادرة بالتغيير، حتى التغيير الاجتماعي، عما يتصورون عادة. وكثيراً ما لا يجب أن يُضطر الموظف إلى خوض الأمر وحده؛ إذ إنّ تشكيل ائتلاف من الموظفين يمكن أن يكون تكتيكاً مفيداً في التأثير على الإدارة. فعندما يُسلط عدة موظفين الضوءَ على الآثار الأخلاقية المترتبة على قضية ما، ويُبرزون ارتباطها بالقِيم الأساسية للشركة، قد يصبح من الصعب على المدير رفض آرائهم بصفتها ساذجة أو ليست جوهرية بالنسبة للشركة.

افترض الأفضل. ثمة استنتاج ثابت في علم النفس مفاده إنّ الأشخاص يميلون إلى عدم افتراض الأفضل لدى النظر في دوافع الآخرين؛ فهم يعتقدون أنّ الآخرين يستمدون دوافعهم من المصلحة الشخصية أكثر من إعلاء شأن الفضائل الأخلاقية. على سبيل المثال، وفق "التحيّز للحوافز الخارجية"، فإنّ من المرجح أن يعتقد الأشخاص أنهم يستمدون دوافعهم من أسباب جوهرية داخلية (مثل مساعدة الآخرين، والتعلم والنمو)، بينما يستمد الآخرون دوافعهم من أسباب خارجية (مثل كسب المال، والحصول على مكانة).

يشير بحثنا إلى أنّ تغيير هذا المفهوم وافتراض الأفضل بشأن الآخرين، أي أنهم يرغبون في تحقيق تغيير إيجابي، قد يكون استراتيجية تأثير أكثر جدوى من أجل إقناع المديرين بإحداث التغيير الاجتماعي. قد يكون من السابق لأوانه التخلي عن الجدوى التجارية، لكنّ الدوافع الأخلاقية المصوغة على نحو ملائم فعالة، على ما يبدو.

توجيه رسائلك

على الرغم من أن الأمر يبدو واضحاً، يميل الأشخاص إلى التركيز أكثر على الرسائل التي من شأنها التأثير عليهم شخصياً بدلاً من تلك التي تؤثر على الآخرين. تُبين البحوث أن صياغة الرسائل على نحو سيكون له صدى لدى جمهور محدد استناداً إلى شخصياتهم، وقِيمهم، ودوافعهم يُفضي إلى تحقيق أبلغ التأثير. وبالتالي، من المهم التفكير بشأن خصائص مدير المرء ودوافعه لصياغة الرسالة التي من المرجح أن تجتذبه. على سبيل المثال، إذا كان تقييم المدير يعتمد في جانب منه على إعلاء شأن رسالة الشركة وقيمها، فإنّ وجهة النظر التي تستفيد من رسالة المؤسسة ستكون، من المرجح، أكثر فعالية.

قد تكون مؤسسات الأعمال هي أفضل استهلال لدينا للتصدي للمشكلات الاجتماعية. ومن حسن الحظ، فإننا لسنا بحاجة إلى الجلوس مكتوفي الأيدي في انتظار أن تمضي الإدارة قُدماً؛ فالموظفون في المستويات كافة لديهم القدرة على المبادرة بالتغيير الاجتماعي، ووجهة النظر الأخلاقية المصوغة بعناية هي بداية لا بأس بها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي