لطالما اتبعت الشركات الأميركية شعاراً بسيطاً وهو: "اخترع هنا، وصنّع هناك". ولكن، وبشكل متزايد، تختار هذه الشركات نفسها اليوم أن تخترع وتصنِّع أيضاً في الخارج. بداية من السيارات إلى الموصّلات الحديثة إلى الأدوية وحتى الطاقة النظيفة، انتقلت مراكز الإبداع الأميركية نحو الشرق لتقدم بذلك أدلة متزايدة مع الوقت على أن الولايات المتحدة الأميركية خسرت ما يسميه ويلي شي من كلية هارفارد للأعمال "الأسس الصناعية المشتركة"، ويقصد بها المهارات والقدرات الضرورية للإنتاج. ولا يقتصر الأمر على أن جميع الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية تُصمّم وتصنّع في الخارج، وإنما فقدت الولايات المتحدة القدرة الأساسية اللازمة لتصنيع منتجات مثل شاشات العرض المسطحة والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، حيث ينتمي اليوم ما يقرب من نصف مراكز البحث والتطوير الأجنبية التي أقيمت في الصين إلى شركات مقرها الرئيس في الولايات المتحدة.
ما ورد أعلاه ليس درساً للولايات المتحدة فقط، وإنما إلى كل بلدان العالم، ومفاده أنه بمجرد انتقال مركز التصنيع إلى الخارج ترحل معه الدراية الهندسية والإنتاجية بالمثل، ثم تتبعه أنشطة الابتكار في نهاية المطاف. ويمكننا تتبع كيف حدث ذلك في الولايات المتحدة من خلال إلقاء نظرة إلى الخلف على التهافت الأميركي المحموم على إنشاء شركات الاستثمار في الخارج "الأوفشور"، والذي بدأ مع الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية في ستينيات القرن العشرين.
ومن ناحية أخرى، قد أدى اختراع الترانزستورات الحديثة، واعتماد حاويات الشحن موحدة المقاييس، وبناء خطوط التجميع منخفضة التكلفة في شرق آسيا إلى خفض التكاليف وتوسع أسواق أجهزة التلفزيون وأجهزة الراديو، ما مهد الطريق لبروز قوة تصنيع آسيوية. وفي الوقت الذي مكَّنت فيه الاستثمارات البحثية الفيدرالية الأميركية الكبيرة من اختراع أقراص التخزين المغناطيسية وبطاريات أيونات الليثيوم وتقنيات العرض بالبلورات السائلة والتي مهدت الطريق للجيل التالي من الإلكترونيات الاستهلاكية في الثمانينيات والتسعينيات، كانت الولايات المتحدة قد تخلت بالفعل عن تصنيع الإلكترونيات لصالح آسيا.
خطت الشركات الأميركية خطوة أخرى أبعد في اتجاه الاستثمار الخارجي، وبدأت تتعاقد على تنفيذ أنشطة تصميم وتطوير المنتجات في الخارج في مطلع القرن الحادي والعشرين عندما انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، وبدأ المنتجون الآسيويون بضخ الاستثمارات في تحسين القدرات، وفي دراسة حديثة شملت 369 شركة مصنِّعة، وجد الباحثون أن الشركات الأميركية كانت بصدد اتخاذ قرار بنقل أنشطة البحث والتطوير إلى الصين لتكون أقرب إلى المصنّعين والموردين والمواهب، وكذلك للاستفادة من تكاليف التطوير الأكثر انخفاضاً، ومن الأسواق الأعلى نمواً هناك، وذلك في مجالات مختلفة.
نعرف من خلال الاقتصاديات القوية حول العالم أن أي دولة بحاجة إلى كل من البحث والتطوير وأنشطة التصنيع للحفاظ على نظام بيئي صناعي صحي في القرن الحادي والعشرين. وعلى الرغم من أن أميركا لا تزال تقود العالم من حيث الاستثمار في أبحاث العلوم الأساسية، إلا أنها فقدت القدرة على القيام بالتحسينات المطلوبة في العمليات التي لا غنى عنها للابتكار، بل أنها فقدت القدرة على "التعلم من خلال الممارسة".
ولكن المجال ما زال مفتوحاً أمام الولايات المتحدة الأميركية لاستعادة وضعها القديم، والسير في عكس هذا النمط الذي تبنته، لذلك حددنا أربعة مبادئ أساسية مع خطوات مباشرة يمكن أن يتخذها صانعو السياسات وقادة الأعمال والجامعات في أميركا لإعادة بناء بيئة منظومة الابتكار.
1- عدم الخوف من اختيار الأفكار الناجحة
ليس هناك من يضاهي الولايات المتحدة في استثماراتها في مجال البحث والتطوير والذي تنفق عليه سنوياً 140 مليار دولار من الأموال الفيدرالية، ومع ذلك يبلغ العجز التجاري السنوي الأميركي في منتجات التكنولوجيا المتقدمة تحديداً حوالي 100 مليار دولار. وتكمن هنا تحديداً مشكلة أميركا، وهي إنها لا تستثمر بجدية في تحويل الأفكار الجيدة في المختبرات إلى منتجات قابلة للتصنيع. وفي حالات كثيرة جداً، تعمل بلدان أخرى على تأمين قطاعات صناعية جديدة للاستفادة من النتائج الواعدة من استثمارات الأبحاث الفدرالية الأميركية من خلال إنضاج الابتكارات التي انطلقت في الأساس كفكرة داخل مختبرات الأبحاث الأساسية الأميركية، ومن ثم تصنيع المنتجات، وتصدير هذه المنتجات إلى الولايات المتحدة.
لذلك تحتاج الولايات المتحدة إلى الاستثمار في "البحث التحويلي" بمعنى ألا يقتصر الاستثمار على العلوم الأساسية، بل يشمل أيضاً أنشطة التصميم والهندسة والتصنيع، والتي يمكن أن تحوّل فكرة واعدة إلى منتج ذي قيمة. ويمكننا أن نتخذ من بطاريات أيونات الليثيوم مثالاً دقيقاً على ذلك، فبينما أثبتت الأبحاث الفيدرالية الأميركية في تسعينيات القرن الماضي جدوى هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، امتنعت شركات البطاريات الأميركية، بما في ذلك "دوراسيل" و"إنرجايزر" عن إنتاج هذه المنتجات الجديدة بكميات كبيرة، ليس بسبب تكاليف العمالة المحلية، ولكن بسبب الخوف من ارتفاع حجم الاستثمارات المطلوبة ودورات التطوير الطويلة وعدم وجود منفذ للوصول إلى مستهلكي البطاريات القابلة لإعادة الشحن. في المقابل، وجدت بلدان شرق آسيا في ذلك فرصة لإيجاد فرص عمل، وقررت مساعدة الشركات المحلية على التغلب على هذه العقبات، فقدمت المرافق والقروض والمساعدات الأخرى لإنشاء مصانع محلية في هذا المجال ونجح الأمر بالفعل. واليوم، تستحوذ الشركات الأميركية على أقل من 2% من سوق بطاريات أيونات الليثيوم الذي تصل قيمته إلى مليارات الدولارات.
وتخصص البلدان المتقدمة ميزانيات ضخمة للاستثمار في مجال البحث التحويلي، وهو تحويل الأبحاث الأساسية إلى سلع وعمليات تصنيع جديدة مفيدة، إذا ما قارناها بما تنفقه الولايات المتحدة عليه، فبينما تنفق اليابان حوالي 7% من ميزانيتها الحكومية المخصصة للبحث والتطوير على "البحث التحويلي" العملي، وتخصص له ألمانيا حوالي 12%، وتبلغ نسبة إنفاق كوريا الجنوبية عليه حوالي 30%، نجد أن الولايات المتحدة تنفق 0.5% فقط في هذا المجال البحثي. وحتى وإن كانت ميزانية اليابان الوطنية أصغر، فإن إجمالي الإنفاق الحكومي على البحث التحويلي يقارب ثلاثة أضعاف ما تنفقه الولايات المتحدة عليه، في حين تبلغ استثمارات ألمانيا في البحث التحويلي حوالي ستة أضعاف إجمالي الاستثمارات الأميركية في المجال، أما ما تنفقه كوريا الجنوبية فيقارب ثمانية أضعاف ما تنفقه الولايات المتحدة. ويمكننا تفسير ذلك بالعودة للخلف، حيث كان الأميركيون قديماً يتجنبون الاستثمارات في البحث التحويلي مخافة أن يحكموا مسبقاً على الأفكار البحثية بالنجاح أو الفشل، وبالتالي سيستفيد من الدعم الحكومي أو يُحرم منه. لكنّ اقتصاديات السوق الحرة الأخرى استطاعت تمييز الأفكار الناجحة، وتوظيف هذه الاستثمارات بطرق منصفة وغير متحيزة، لتكون قادرة بشكل واضح على تعزيز القدرة التنافسية.
وبدلاً من ترك النتائج الواعدة في مجال البحث والتطوير لتبهت في المختبرات أو حتى أن يتولى تسويقها منافسون أجانب، ينبغي على الولايات المتحدة أن تنشئ "مؤسسة وطنية للابتكار" للاستثمار في أنشطة البحث والتطوير في مجال الهندسة والتصنيع لإنضاج التقنيات الناشئة وترسيخ إنتاجها داخل البلاد.
في الوقت الحالي، لا توجد هيئة واحدة تنسق أنشطة البحث والتطوير في مجال التصنيع لدى الحكومة الفيدرالية الأميركية. وتقدر مبادرة "أم فورسايت" (MForesight)، وهي تحالف مستقل بين الأوساط الأكاديمية والصناعية بتمويل من الحكومة الفيدرالية يركز على مستقبل التصنيع في الولايات المتحدة، أنه من خلال تخصيص حوالي 5% من ميزانية البحوث الفيدرالية البالغة 140 مليار دولار، يمكن للولايات المتحدة إنشاء مثل هذه المؤسسة وزيادة عائد الاستثمار بصورة كبيرة من البحوث الممولة بأموال دافعي الضرائب. وهذا من شأنه ببساطة أن يضع الولايات المتحدة على قدم المساواة مع سائر دول العالم الصناعية. ويقدر اليوم أن هناك 50 دولة لديها مؤسسات للابتكار تدعمها الحكومة أو هيئات مماثلة مكرسة لتحويل الاكتشافات والاختراعات إلى نتائج ناجحة تجارياً وذات فائدة اجتماعية.
2- الاستثمار في شركات ناشئة وشركات في مرحلة النمو للمشاريع العتادية "هاردوير".
تفيد دراسة حديثة أنه حتى عندما تمكنت الشركات الناشئة المختصة بـ "الهاردوير" والتي تعمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) من الوصول إلى المهارات الكافية، والتمويل اللازم للبحث والتطوير، والعمل لإثبات جدوى المفهوم، فقد احتاجت إلى رأس مال إضافي وقدرات إنتاجية ومستهلكين مبادرين إلا أن الولايات المتحدة الأميركية لم تتمكن من توفير هذه الاحتياجات لها. وبالتالي كان على معظم هذه الشركات أن تقصد الصين أو أي مكان آخر لتوسيع الإنتاج إلى المستويات التجارية.
ويتحمل مسؤولية هذه الأزمة كل من حكومة الولايات المتحدة ورأس المال الاستثماري، فبالنسبة للحكومة الأميركية، فتمتلك تاريخاً طويلاً في تعزيز الابتكار من خلال مزج البحث والتطوير من ناحية والمشتريات الاستراتيجية من ناحية أخرى (مثل قطاعي الطيران والإنترنت). ويمكن، على سبيل المثال، أن تساعد طلبيات الشراء الحكومية الشركات على جمع رأس المال المطلوب "على شكل استثمارات أو قروض"، والشروع في الإنتاج التجريبي أو الإنتاج على نطاق واسع في الولايات المتحدة، وتحفيز الاستثمار الخاص. ولكن خلال العقود الأخيرة، خفَّضت الولايات المتحدة بشكل عام هذه الأنماط من الاستثمارات تاركة الشركات حديثة النشأة والشركات الحديثة في مرحلة النمو تعمل بمفردها على جمع التمويل الذي تحتاجه. أما رؤوس الأموال الاستثمارية، فعلى مدى العقود الأخيرة ركزت بشكل كبير على الاستثمار في البرمجيات والتكنولوجيا الحيوية على حساب الاستثمارات في "الهاردوير"، مما أدى إلى إغلاق أبواب إضافية أمام الابتكارات التصنيعية. ولا عجب بالتالي في أن يضطر العديد من شركات التصنيع الواعدة إلى الاتجاه نحو الخارج ببساطة لتتمكن من الإقلاع - ناهيك عن التحليق.
لا يزال في مقدور صانعي السياسة الأميركيين تصحيح هذا الخلل من خلال البناء على الموارد الحالية لمساعدة الشركات المبتكرة في مجال تصنيع مكونات أجهزة الكمبيوتر، سواء تلك الناشئة حديثاً أو تلك التي تحقق نمواً، لاسيما من خلال المشتريات الحكومية المحلية. وتستخدم بلدان أخرى، بما في ذلك أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مثل أستراليا والسويد وفرنسا وألمانيا، بالإضافة إلى الصين، المشتريات الحكومية بمهارة لتعزيز الابتكار. فعلى سبيل المثال استخدمت فرنسا مزيجاً من السياسات العامة الوطنية والمشتريات لبناء قطاع للطاقة النووية على مستوى عالمي، بينما استخدمت الصين المشتريات الحكومية ونقل التكنولوجيا الاستراتيجية وتطوير التكنولوجيا المحلية لبناء قطاع السكك الحديد عالية السرعة الذي يحظى بتقدير.
تستخدم الحكومات المحلية والإقليمية أيضاً المشتريات لدفع الابتكار، فانظر على سبيل المثال كيف تبحث برشلونة بشكل منهجي عن حلول مبتكرة لدى رواد الأعمال، وكيف تحصل المقترحات الفائزة على عقود مضمونة بالإضافة إلى دعم إضافي مثل المساحات المكتبية لعملياتها.
3- الاهتمام بالشركات الصغيرة والمتوسطة
اسأل أحد رجال الأعمال أو صناع السياسة الألمان عن أسرار قوة قطاعهم التصنيعي، وسيشير إليك على الأرجح إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة وذلك لسبب وجيه، فهذه الشركات هي بمثابة محركات ابتكار متنوعة ومرنة وموزعة جغرافياً. وهي تتميز بوجود قناعة عالية بها من قِبل مالكيها ومستثمريها ومدرائها وموظفيها على حد سواء. إنها أساس مهم للابتكار انطلاقاً من القاعدة.
في المرحلة الحالية، الشركات الكبرى متعددة الجنسية هي في الأساس "دامجة للنظم" إذ تعتمد على الموردين، ومعظمهم من الشركات الصغيرة والمتوسطة، للحصول على معظم المكونات المطلوبة في أي منتج. وفي حين أن لدى عدد قليل من الشركات الصغيرة والمتوسطة استراتيجيات لنقل الإنتاج إلى الخارج، إلا أنها تتنافس على نحو متزايد على المستوى العالمي.
ولقد أدى فقدان "الأسس الصناعية المشتركة" في أميركا إلى إضعاف أو اختفاء العديد من صغار الموردين. وهذا يمكن تصحيحه. خاصة أن عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة يبلغ حوالي 250,000 شركة أو 98% من إجمالي شركات التصنيع.
فمن خلال تعزيز ودعم هذه الشركات، يمكن للولايات المتحدة إعادة بناء العمود الفقري لقطاع التصنيع. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد القطاع العام الأميركي من خلال تقديم ضمانات قروض ومساعدة تقنية إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة من أجل تسريع وتيرة اعتماد تقنيات التصنيع الذكية الجديدة التي أصبحت ضرورية لتحسين عمليات الإنتاج. علاوة على ذلك، يمكن للحكومة العمل لضمان أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تستفيد من الفرص الموجودة والبرامج الموسعة لزيادة الاطلاع على فرص الشراء والفرص التي تتيحها الأسواق المحلية وأسواق التصدير الناشئة والتكنولوجيا الجديدة. ويمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة أن تلعب أدواراً حاسمة في الابتكار من خلال الدخول في شراكات مع الجامعات ومختبرات أخرى للمساعدة في إنضاج التكنولوجيا. وأخيراً، هناك طريقة مباشرة لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على تعزيز خبراتها وهي بإطلاق الولايات المتحدة برنامج زمالات صناعية لدفع رواتب للمتقاعدين من المهندسين وموظفي الشركات لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى "تدريب" الجيل القادم من الشركات الصناعية حديثة النشأة وحاضنات الأعمال ومسرِّعات التكنولوجيا.
4- التمكين
تبع تراجع الابتكار في مجال التصنيع في الولايات المتحدة تراجعاً مماثلاً لما حدث في المواهب الهندسية العملية. وفي حين تطلب المدارس الثانوية الأميركية من الطلاب تشريح ضفدع، فإن قلة منها تُعلم الطلاب كيفية تفكيك أداة كهربائية. إن فهم ودراسة الهندسة العملية طريقة حاسمة وغير مكلفة لبناء الاهتمام في مهن التصنيع سواء من خلال الدراسة الجامعية لأربع سنوات للحصول على شهادة في الهندسة أو من خلال التدريب المهني. ولطالما كانت أنظمة التدريب المهني المزدوجة في ألمانيا التي تجمع بين التدريب العملي وحصص التعلم العملي الدراسية قاعدة ذهبية للنجاح. وفي الآونة الأخيرة، استثمرت الصين أيضاً كثيراً في المواهب لمعالجة النمو المتسارع في قطاع التصنيع لديها.
في جميع أنحاء العالم، يعد المتعلمون عنصراً لا غنى عنه للابتكار. يبدأ ذلك بالتعليم الابتدائي والفرص المبكرة لتنمية العقلية الضرورية المبدعة مثل معارض "ميكر فيرز" (Maker Faires) ومسابقات "فيرست روبوتيكس" (FIRST Robotics) والتي تحفز الإبداع والابتكار لدى الصغار والشباب. وعلى مستويات أعلى، يمكن للقطاع العام تلبية الحاجة إلى المواهب من خلال تعزيز برامج المنح الدراسية للخريجين من الطلاب المؤهلين. ويمكن أن يتعاون القطاع الصناعي أيضاً مع المدارس الفنية على المستوى المحلي لإعداد برامج تدريب صفية وبرامج تعلم تجريبية مناسبة، خصوصاً في المجالات التي تبرز الاحتياجات فيها للمواهب.
إن القاسم المشترك بين كل هذه الاستراتيجيات هو الصبر. ومن خلال الأمثلة الواردة أعلاه، يمكننا أن نرى أن الابتكار الحقيقي يحتاج إلى وقت. نحن نفهم أن هذا الأمر صعب. ومع الضغوط الهائلة لإعداد تقارير الأرباح الربعية والدورات الانتخابية قصيرة الأجل، يصعب على قادة الأعمال وصانعي السياسات التركيز على الاستراتيجيات طويلة الأجل لتعزيز منظومة الابتكار. لكن التاريخ يعلمنا أنه من خلال استراتيجية مستدامة تتحلى ببعد النظر، وتقوم على التعاون بين مختلف القطاعات، من الممكن أن نخترع ونصنِّع في أميركا. فهذا هو الأساس الذي تقوم عليه الاقتصاديات القوية.