ملخص: ليست هناك علاقة بين الإنتاجية وبذل المزيد من الجهد، بل إنها ترتبط بفعل الأشياء بطريقة فعَّالة.
- وقد حاولت أمانثا إمبر فهم الأسباب التي تجعل بعض الأشخاص يستطيعون استغلال وقتهم لتحقيق إنجازات تفوق متوسط إنجازات الشخص العادي بنسبة كبيرة، وأجرت معهم مقابلات شخصية للتعرُّف على روتينهم اليومي وطقوسهم وممارساتهم وعاداتهم في العمل.
- وتوصّلت من خلال محادثاتها إلى 4 ممارسات تميّز الأشخاص ذوي القدرات الإنتاجية العالية: 1) تجميع مواعيد الاجتماعات، 2) تجنب استخدام فأرة الكمبيوتر، 3) إدخال تحسينات سلوكية مؤثرة، 4) قراءة عملك بصوت عالٍ.
في عام 2018، صادفتُ صورة رمزية (ميم) لاقت انتشاراً واسعاً على شبكة الإنترنت. كان نصُّها يقول: "عدد الساعات المتاح لديك يساوي عدد الساعات المتاح لدى بيونسيه كل يوم". وأشك في أن أي شخص أصبح أكثر إنتاجية أو حقق إنجازات أكبر نتيجة قراءته لهذه الكلمات، لكنها جعلتني أتساءل: هل يتعامل الأشخاص الناجحون مع وقتهم وعملهم بشكل مختلف عن معظم الناس؟ وكيف أصبحوا بهذه الكفاءة والإنتاجية؟
وللإجابة عن هذين السؤالين، شرعتُ في إجراء مقابلات شخصية مع عدد من مؤلفي موسيقى الروك ونجوم الموسيقى والفن ورواد الأعمال وقادة الشركات في مدونتي الصوتية (بودكاست)، "كيف أعمل". وقد تحدثت إليهم حول روتينهم وطقوسهم وممارساتهم وعاداتهم في العمل لفهم الأسباب التي تجعلهم يحققون إنجازات تفوق متوسط إنجازات الشخص العادي بنسبة كبيرة (حتى في أثناء الجائحة).
وتوصّلتُ من خلالها إلى 4 نصائح أساسية:
1) تجميع مواعيد الاجتماعات
أصبحت النصيحة المرتبطة بتجميع المواعيد المخصَّصة لتصفُّح رسائل البريد الإلكتروني إحدى أكثر النصائح شيوعاً لزيادة الإنتاجية. وتتمحور فكرة هذه النصيحة حول تصفُّح بريدك الوارد مرتين أو 3 مرات فقط في اليوم أو إيقاف الإشعارات مؤقتاً لفترة معينة من الوقت حتى تتمكن من التركيز على العمل دون تشتيت انتباهك.
ويمكن تحقيق الأثر ذاته من خلال تجميع مواعيد الاجتماعات أو المكالمات الهاتفية أو الفعاليات الافتراضية. وقد أثبت بحث أجرته جامعة ولاية أوهايو أننا إذا كنا ننتظر اجتماعاً خلال الساعة أو الساعتين المقبلتين، فإن إنتاجيتنا في العمل ستقل بنسبة 22% مقارنة بما يحدث عندما لا تكون لدينا اجتماعات مُنتظَرة على الإطلاق.
فكّر في الأمر. ما الذي تجد نفسك تفعله قبل إجراء مكالمة مهمة على منصة زووم مع أستاذك الجامعي أو قبل عقد اجتماع افتراضي مع فريق العمل أو قبل إجراء مقابلة ثنائية مع مديرك؟ ستفكر على الأرجح فيما ستقوله أو في الأسئلة التي تتوقع طرحها، أو ستتدرب على العرض التقديمي الذي ستلقيه. وسيكون من الصعب أن تركّز على العمل الذي بين يديك عندما تعلم أن ثمة شيئاً مهماً ينتظرك عمّا قريب.
وقد أخبرني الأستاذ بكلية وارتون، آدم غرانت، أنه وجد طريقة للتغلب على هذه الظاهرة. إذ قال: "أحرص في الأيام المخصَّصة للتدريس على تجميع ساعات الاجتماع في المكتب خلال إطار زمني عام موحَّد. وأخصّص فاصلاً زمنياً لا تتجاوز مدته 5 دقائق بين كل منها لمتابعة رسائل البريد الإلكتروني واتخاذ التدابير اللازمة تحسباً لاستمرار الاجتماع لفترة طويلة من الزمن. وفي أيام أخرى، لا انشغل بأية اجتماعات على الإطلاق ويمكنني حقاً التركيز والإنتاج".
فكّر في وضع قواعد لتنظيم جدول مواعيدك. فإذا كنت أكثر يقظة في الصباح، فحاول الترتيب لأداء المهمات وعقد الاجتماعات الأكثر أهمية في بداية اليوم، واترك فترة الظهيرة للأعمال الأقل أهمية.
2) تجنب استخدام فأرة الكمبيوتر
أثبتت دراسة أجرتها شركة برين سكيب (Brainscape) أن معظم الأشخاص يفقدون ثانيتين كل دقيقة في العمل عند استخدامهم فأرة الكمبيوتر بدلاً من اختصارات لوحة المفاتيح. ويعادل هذا الوقت المُهدَر 8 أيام في السنة! وقد تكون فوائد تعلم اختصارات لوحة المفاتيح هائلة على إنتاجيتك. ولحسن الحظ، يشترك معظم البرمجيات في الاختصارات نفسها، ما يعني أنه كلما تعلمت أكثر، أصبحت أسرع في جميع المجالات. وإليك بعض الأمثلة لكيفية البدء:
أخبرني راهول فوهرا، مؤسِّس شركة سوبر هيومان (Superhuman) المسؤولة عن إصدار برمجيات متابعة البريد الإلكتروني التي تدّعي قدرتها على توفير أسرع تجارب البريد الإلكتروني في العالم: "لم ألمس فأرة الكمبيوتر في حياتي. وأعتبر هذه قاعدة ألتزم بها دائماً، ليس فقط في كيفية تصميم برمجيات "سوبر هيومان"، بل في كل البرمجيات التي أستخدمها".
3) أدخل تحسينات سلوكية مؤثرة
إذا كنت تحاول إرساء عادات أفضل في العمل، فقد أخبرني المؤسس المشارك لمنصتيّ وورد برس (WordPress) وأوتوماتيك (Automattic)، مات مولينويغ، أن العادات السلوكية الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى أكبر المكاسب. يقول مولينويغ: "إذا كان جهاز كيندل، وليس الهاتف، أقرب شيء إلى سريري عندما أستيقظ، فسأُقبل غالباً على القراءة، ولكن إذا كان الهاتف فوق جهاز كيندل، فسأنهمك غالباً في تصفح الهاتف".
بعبارة أخرى، فكّر في العادات التي تريد تغييرها وفكّر في كيفية تغيير بيئتك للتأثير على هذه السلوكيات. على سبيل المثال، لعلك قد سمعت من قبل أن إيقاف تشغيل هاتفك أو تشغيله في وضع الطيران سيساعدك على التركيز بشكل أكبر على العمل. وبالطريقة نفسها، فإن إجراء تغييرات بسيطة في محيطك يمكن أن يلهمك الحافز للعمل على الأشياء التي كنت تتجنبها أو لا تريد فعلها.
فإذا أردتَ الإكثار من القراءة، فضع كومة من الكتب في كل غرفة. وإذا أردتَ الإقلاع عن تناول الوجبات السريعة، فاحرص على إخفاء الحلوى تحت ثمرات التفاح في وعاء الفاكهة بحيث يتم تقديم الخيارات الصحية أولاً كلّما شعرتَ بالرغبة في تناول الطعام. وإذا أردتَ تقليل معدلات تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي، فاحذف هذه التطبيقات أو ألغِ تحميلها من هاتفك. وإذا أردتَ تجنب تصفُّح رسائل البريد الإلكتروني طوال اليوم، فاحرص على إيقاف إشعارات البريد الوارد مؤقتاً حتى لا تشتت انتباهك بكل إشعار جديد.
لقد وصلت الفكرة.
4) اقرأ عملك بصوت عالٍ
نحن مضطرون للكتابة دائماً، شئنا أم أبينا. ويرتبط نجاحنا المهني جزئياً في واقع الأمر بمدى قدرتنا على توصيل أفكارنا إلى الآخرين عبر رسائل البريد الإلكتروني والتقارير والمشاريع، بل ومن خلال المقالات والكتب. على سبيل المثال، إذا كنت طالباً، فإن جزءاً كبيراً من نجاحك يتوقف على كيفية إنجازك للعمل والتواصل بوضوح ودقة. وهذا هو السبيل إلى نصف الفوز بالمعركة.
وقد قال لي مؤلف الكتب الأكثر مبيعاً بحسب نيويورك تايمز، دان بينك: "أحرص دائماً على قراءة كل ما أكتبه بصوت عالٍ، ما دام مهماً. وأعتبر هذه الخطوة بمثابة اختبار للتأكد من صحة ما أكتبه".
وعلى الرغم من صعوبة الأمر واستغراقه وقتاً طويلاً، فإن بينك يرى أن هذه العملية تساعده على صياغة كتاباته بشكل أفضل. وينصح بضرورة البحث عن الكلمات المعقدة أو التي يصعب قراءتها واستبدالها بلغة أبسط حتى يسهل فهم كتاباتك واستيعابها.
تتيح لك قراءة أعمالك بصوت عالٍ أيضاً القدرة على مراجعة المحتوى اللغوي بشكل أكثر دقة. ويمكنك تحديد الجمل التي لا تحقق قيمة مضافة، ثم اعثر على الإيقاع الأمثل والنبرة المناسبة للمادة التي تكتبها. وإذا تلعثمت في أثناء قراءة كلماتك، فاعلم أنها غير مناسبة. وإذا كانت غير مناسبة لك، فلن تكون مناسبة لأي قارئ آخر أيضاً، ما قد يؤدي إلى سوء التواصل الذي قد ينتهي إلى استهلاك المزيد من الوقت لحل المشكلة. وقد وجدتُ نصيحة بينك مفيدة للغاية. وفي حين أن الأمر قد يبدو مملاً، فإن قراءة عملي بصوت عالٍ تساعدني على جعل كتاباتي أكثر وضوحاً وإيجازاً وأكثر تأثيراً في النهاية.
ليست هناك علاقة بين الإنتاجية وبذل المزيد من الجهد، بل إنها ترتبط بفعل الأشياء بطريقة فعَّالة. فاحرص من الآن على استثمار الوقت في هذه الاستراتيجيات البسيطة وإجراء تغييرات صغيرة لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من وقتك.