شركة أخرى متخصصة في مجال الطاقة تحقق نمواً كبيراً ثم تنهار فجأة.

سفينة سياحية فاخرة، تجنح عن مسارها فتجد الشركة الأم لخطوط الرحلات البحرية نفسها في موقف مضطرب.

شركة نفط كبرى تتسبب في كارثة بيئية، تتحول إلى كارثة علاقات عامة أيضاً.

مجلس إدارة شركة طيران يعيّن رئيساً تنفيذياً، ثم يلغي عقده بعد 3 سنوات فقط.

هذه 5 شركات كبيرة، بـ 5 مشكلات كبيرة. تعمل إحدى هذه الشركات في مجال تصنيع أجهزة التكنولوجيا الفائقة، بينما تعمل اثنتان في قطاع الطاقة، أما الشركتان الأخريان فتعملان في مجال نقل المسافرين. ولا توجد قواسم مشتركة بينها. فالمشكلات التي واجهتها كل شركة على حدة متنوعة جداً،

أو هكذا قد تبدو. لكن المشكلة الرئيسية في كل حالة من حالات الفشل المؤسسي هذه كانت تدور حول زلّة فادحة في ميدان التواصل. لنتأمل بعمق مشكلات هذه الشركات الخمس.

نوكيا

كانت نوكيا على مدار أكثر من عقد من الزمن أكبر شركة مصنعة للهواتف المحمولة في العالم. لكن عندما أصبحت الهواتف الذكية الاختراع الأحدث في سوق المحمول فقدت الشركة ميزتها التنافسية. وفقاً لدراسة شاملة حول أسباب “الصعوبات التي وجدتها نوكيا في تحويل أفكارها الجيدة إلى منتجات” فإن الجزء الأهم من المشكلة يعود إلى عادات تواصلية كانت سائدة فيها تقوم على تفضيل المحادثات غير المركزة حول الاستراتيجية بدلاً من صياغة مخططات واضحة لتزويد السوق بنماذج جديدة من الهواتف.

إنرون (Enron)

حدّد بحث علمي حول المشكلات التي أدّت إلى انهيار شركة إنرون العديد من “مسؤوليات القائد القائمة على التواصل” التي فشل كبار المدراء في الوفاء بها والتي قد تظهر في الشركة، مثل مسؤوليتي “تبليغ القيم المناسبة” و”الحفاظ على الانفتاح على مؤشرات المشكلات”.

خطوط ستار برينسس كروز البحرية (Star Princess Cruise Lines)

في أبريل/نيسان 2012 أخبر بعض ركاب السفينة السياحية ستار برينسس أعضاء الطاقم أنهم رأوا قارب صيد يواجه خطر الغرق. لم تتوقف السفينة لتقديم العون، وتوفي اثنان من ركاب القارب لاحقاً بسبب التجفيف. وفي وقت لاحق أصدرت شركة الرحلات البحرية بياناً أشار إلى “انقطاع التواصل في عملية تبليغ مخاوف الركاب”.

بريتيش بتروليوم (بي بي)

أدى انفجار منصة النفط البحرية ديب ووتر هورايزون، في أبريل/نيسان 2010، إلى أزمة هائلة في شركة بريتيش بتروليوم ولدى شركائها. ومن بين العوامل الرئيسية التي أسهمت في الكارثة “ضعف الاتصالات” والفشل في “مشاركة المعلومات المهمة”، وفقاً لتقرير لجنة البيت الأبيض التي درست الحادث.

الخطوط الجوية التايلاندية (Thai Airways)

فقدَ بياسفاستي أمراناند منصب الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية التايلاندية في مايو/أيار 2012، فقد أُقيل لسبب يصعب استيعابه. كان قد قضى حينها 3 سنوات فقط في منصبه، وقدم له مجلس الإدارة مراجعة سنوية إيجابية. لكن تقريراً إعلامياً نقل عن رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية التايلاندية قوله: “إن مشكلات التواصل بين بياسفاستي والمجلس كانت تعرقل جهود الشركة لتحقيق أهدافها الربحية”.

لم ننتقِ هذه الأمثلة كلها عشوائياً. لكننا لم نبذل أيضاً جهداً كبيراً للعثور عليها. فحتّى الاستقصاء السريع للفشل المؤسسي للشركات المرموقة سيكشف عن العديد من القصص المشابهة لهذا النمط من الفشل التواصلي. طالع الصفحات الاقتصادية في الصحيفة اليومية التي تقرؤها، أو تصفَّح أخبار الأعمال في موقع إخباري إلكتروني، وسيكون من السهل عليك أن تستنتج أنك كنت تقرأ في الغالب ملاحظات حول حالة في مجال دراسات التواصل، إذا لم تكن تعرف شيئاً عن هذا الموضوع.

يدرك كل قائد بعمق عواقب اتباع نهج متساهل في الإدارة المالية. ويعرف أغلب القادة اليوم مدى خطورة النهج المتساهل في إدارة الموظفين. لكن كم عدد القادة الذين يقدّرون المخاطر الناجمة عن نهج متساهل في إدارة التواصل مع الفشل في إدارة أسلوب تدفق الأفكار والمعلومات داخل مؤسساتهم؟

فالقادة الذين يديرون بفعالية تدفق المعلومات داخل شركاتهم يميلون إلى مشاركة نظرة معينة واتباع مجموعة من الممارسات، إذ يتبنون أساليب تواصلية تمكّنهم من التقرّب من الموظفين. ويرسون في أماكن العمل أنظمة تواصلية تنشّط الحوار مع الآخرين بدلاً من الحوار مع النفس. ويشركون الموظفين من خلال السماح لهم بالمشاركة النشيطة في عمليات التواصل. كما يتّبعون بصرامة جدول أعمال يلائم جهودهم التواصلية مع استراتيجية المؤسسة.

ويولون أهمية كبرى لضمان تحاور الموظفين، وتبادل أفكارهم فيما بينهم.