لتحقيق نجاح الشركات، تهتم الشركات بوضع اندماج الموظفين على قائمة أولوياتها، لا سيما في ظل "تنافس الكفاءات" الحالي. ففي الوقت الراهن، صار الاحتفاظ بالموظفين أحد التحديات الرئيسة التي تواجهها الشركات، إذ تؤدي نُدرة توافر المهارات التي يلمسها أصحاب العمل حالياً نظراً لبيئة العمل السريعة التغير، بالإضافة إلى عدم تحقق توقعات الموظفين إلى وقوع معدل دورانٍ مرتفع، ما يؤدي إلى تكبد تكاليف باهظة. فقد أظهرت دراسة أجرتها جمعية إدارة الموارد البشرية أن استبدال الموظف قد يكلف الشركة ما بين 50% إلى 60% من راتب الموظف، وقد تصل التكاليف الإجمالية في بعض الحالات إلى 90% وإلى 200%. ولحل تلك المشكلة، تحتاج الشركات إلى إعادة تحديد متطلبات الاحتفاظ بأفضل الكفاءات وما تقتضيه مشاركة الموظفين.
غالباً ما يخلط معظم أصحاب العمل بين مفهوم رضا الموظف ومشاركة الموظف. فعلى الرغم من أن كلا المفهومين مترابط، فإنهما يختلفان في بعض الجوانب الأساسية، ففي حين يمكن أن يكون الموظف راضياً عن المزايا التي تقدمها له شركتك، أو بيئة العمل لديك، فإن ذلك لا يعني بالضرورة توافر المشاركة الفعالة في عمله. ولمصطلح مشاركة الموظفين العديد من التعريفات المختلفة، ولكن يمكن تعريفه ببساطة بأنه مستوى استثمار الموظف واستعداده للمساهمة في نجاح الشركة. وفقاً لدراسة أجرتها منصة هايلو، تحقق الشركات التي تتمتع بنسبة مشاركة عالية للموظفين أرباحاً أكثر بنسبة 21%. علاوة على ذلك، شهدت أماكن العمل ذات نسبة مشاركة الموظفين المرتفعة معدل غيابٍ أقل بنسبة 41%، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة غالوب. ويبقى السؤال الأهم، ما السبب وراء انسحاب الموظفين أو انفصالهم عن عملهم؟
1. عدم التواصل الفعال
يلعب التواصل دوراً رئيسياً في تقليل معدل دوران الموظفين وتقليل التكاليف المرتفعة لاستبدالهم، إذ يمكن أن يؤدي نقص التواصل الداخلي الفعال، بما في ذلك افتقار الإدارة إلى الشفافية فيما يتعلق بالتغييرات الإدارية والانفصال التنظيمي إلى شعورٍ بنقص الانتماء إلى مكان العمل والزملاء، ما يسهم في نهاية المطاف في اتخاذ الموظف لقرار الاستقالة. في الواقع، توضح الأبحاث التي أجرتها شركة سيلز فورس أن المدراء التنفيذيين بالشركات يعتقدون أن التواصل غير الفعال هو السبب الرئيس وراء 86% من الإخفاقات في أماكن العمل. لذلك، يجب على الشركات وضع خطة تواصل ذات أهداف ونتائج ملموسة تشمل تدريب القادة والموظفين على الاستماع بفاعليةٍ وتقديم الملاحظات المستمرة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تشمل تلك الخطط دليلاً لكل شكل من أشكال التواصل، بما في ذلك التواصل الشفهي والخطي. ويمكن للتواصل الفعال أن يمثل حلاً لمشكلة الانفصال التنظيمي وعدم الوضوح، التي تنطوي على تأثيرٍ ملحوظ على معنويات الموظفين وأدائهم.
2. ممارسات الكساد التي تؤدي إلى ملل الموظفين
يجب أن يصير أصحاب العمل على دراية بممارسات مكان العمل التي كانت تعتبر فعالة في الماضي، إلا أنها لم تعد فعالة حالياً، وفي بعض الحالات يمكن أن تؤدي إلى التشاؤم. في أماكن العمل في الوقت الراهن، إذ يجب على الموظفين التعود على الاستخدام المتكرر للتكنولوجيا والعمليات الأخرى المرتبطة بالعمل عن بُعد مثل السحابة، من المهم استبدال الممارسات التي من شأنها أن تؤدي إلى ملل الموظف. فعلى سبيل المثال، على الرغم من أن الاستطلاعات يمكن أن تفيد الشركات بلا شك ، فإن تنفيذ تغيير اعتماداً على بيانات الاستطلاعات ليس بالأمر السهل، وغالباً ما يستغرق شهوراً لتطوير مسار العمل. وهذا بدوره قد يؤدي إلى إحباط الموظف وانعدام ثقته في الإدارة. لذلك، قد يكون تشجيع التغييرات في القيادة من خلال إجراء جلسات تفاعلية مع الموظفين للحصول على ملاحظاتهم، وكذلك من خلال مجموعات المناقشة، أكثر فعالية. وبعبارة أخرى، يمكن للتركيز على تحقيق تغييرات بسيطة على المدى القصير مع إبقاء الموظفين على اطلاع دائم بتقدم التغييرات الأكبر أن يعزز مشاركة الموظفين ويظهر لهم مدى أهمية ملاحظاتهم.
3. الملل ونقص الإبداع
أوضح تقرير أصدرته مجموعة سينجاج غروب، وهي شركة عالمية رائدة في مجال تكنولوجيا التعليم، أن 83% من الموظفين الذين استقالوا خلال العام الماضي قد أفادوا بشعورهم بالملل في مناصبهم. فغالباً ما تتغاضى الشركات عن التحقق من أن الموظفين لديهم ما يكفي من التحديات والتنوع في يوم عملهم. فمن دون القدرة على تطوير أنفسهم واستمرارية التعلم، يفقد الموظفون الدافع للعمل، ويبدؤون بالبحث عن وظيفةٍ في مكان آخر. في الوقت الحاضر، يُعطي معظم الشركات الأولوية لبرامج الصحة. وعلى الرغم من أن ذلك يعتبر تطوراً إيجابياً، فإن الموظف يحتاج إلى تقليل المهام المملة التي تفضي إلى استنفاد طاقته. وبصرف النظر عن الاستثمار في الأتمتة لمساعدة الموظفين على التركيز على مهام ذات أهمية أكبر، يجب على الشركات التفكير في مدى ملاءمتها في العمليات الإبداعية والطرق الجديدة في إنجاز الأشياء. يمكن للشركات تشجيع الإبداع من خلال تقديم مزيد من الاستقلالية والحرية لمباشرة المشاريع والمهام المختلفة، إذ يمكن أن يكون لثقافات العمل التي تشجع الإبداع وتمنح الموظفين الفرصة للتطور الشخصي تأثير كبير على مشاركة الموظف.
عموماً، نظراً للتغيير المستمر في ممارسات العمل وتوقعات الموظفين، أصبح من الضروري تعديل أولويات الإدارة. ففي الوقت الراهن، تعتبر مشاركة الموظف عنصراً أساسياً في تحقيق الإنتاجية والاستمرارية في مكان العمل. لذلك، فإن إعطاء الأولوية للتواصل، وتعزيز ثقافة الإبداع، وتقليل المهام التي تؤدي إلى ملل الموظفين من شأنها أن تقطع شوطاً كبيراً في تعزيز مشاركة الموظفين وتقليل معدل دورانهم.