ما شعورك عندما ينجح أحد زملائك في قسم المبيعات بإبرام صفقة كبيرة؟ أو عندما ينال أحد زملائك المدراء التقدير ويُكرّم لقيادته أحد أفضل المشاريع في الشركة؟ أو عندما يحصل زميلك في العمل على فرصة لتنفيذ مهمة خاصة أو الخضوع لبرنامج تدريبي؟
الإجابة الدبلوماسية الصحيحة هي أنه من المفترض أن نشعر بالسرور؛ فعندما ينجح زملاؤنا في العمل فذلك يعود بالنفع عليهم وعلى المؤسسة بأكملها، لذلك يجب علينا أن نحتفي بنجاحهم. وفي معظم الأحيان، يكون الاحتفال بإنجازاتهم حقيقياً وصادقاً. لكن دعونا نعترف بشيء مهم، ربما يشعر بعض الأشخاص بالحسد أو الاستياء أو الإحباط. يمكن أن تطرح على نفسك الأسئلة الآتية: "ما سبب تقدير زميلي وتكريمه في حين لم أحصل على التقدير نفسه؟ كيف سينعكس ذلك على عملي؟ هل يجب أن أعمل بجدية أكبر لأدخل المنافسة وأواصل التطور؟ هل أتيحت لي الفرصة نفسها لتحقيق النجاح لكنني أضعتها؟".
يحاول معظمنا كبت هذه المشاعر. على المستوى الشخصي، تعلمنا منذ الصغر أن الشعور بالغيرة والحسد تجاه الآخرين غير مقبول اجتماعياً أو أخلاقياً أو دينياً. وعلى المستوى المؤسسي، تعلمنا أهمية العمل الجماعي، ولذلك نؤمن أن نجاح فرد واحد يعني نجاح الجميع. لكن في الواقع تتعارض هذه المبادئ الأخلاقية أحياناً مع الطبيعة البشرية؛
إذ نحمل جميعنا قدراً من النرجسية، مثل الشخصية الأسطورية اليونانية، نرسيس الذي وقع في حب صورته، وبالتالي نركز على نجاحنا في المقام الأول ونشعر بالقلق عندما لا نحصل على الترقيات أو التكريم والتقدير أو المكافأة التي نعتقد أننا نستحقها. عندما يحصل شخص آخر على الميدالية الذهبية ينتابنا شعور بالحسد التنافسي وشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس.
لا تُشكل هذه المشاعر مشكلة بحد ذاتها غالباً، بل يمكن أن تحفزنا على العمل بجد أكبر وتحسين أدائنا الشخصي، لكن ثمة حالات يمكن أن تؤدي فيها هذه المشاعر العميقة إرادياً أو لا إرادياً إلى سلوكيات غير صحية. على سبيل المثال، منذ فترة قصيرة، استقالت كبيرة منتِجات في إحدى شركات الخدمات المهنية، ومن أسباب استقالتها أن زملاءها توقفوا عن إحالة العملاء إليها وتحدثوا عنها بطريقة سلبية أمامهم خوفاً من زيادة نجاحها وتألقها في هذا المجال. بطريقة مشابهة، أدت ترقية أحد الموظفين مؤخراً في إحدى شركات التصنيع إلى انخفاض الروح المعنوية داخل الفريق بسبب شعور عدد كبير من الموظفين بأنهم يستحقون هذه الترقية أكثر منه.
من الصعب أن تشجع الآخرين وتفرح بنجاحهم دون أن تفكر في نفسك وفي مصالحك، ويمكن أن يثير صاحب الأداء العالي مشاعر الحسد لدى الآخرين بسبب افتقاره إلى التواضع أو استخفافه بإنجازات زملائه أو التباهي المفرط بنجاحه، كما أن إدارة الشركة تثير المشاعر السلبية دون قصد عن طريق تكريم من لا يستحق التقدير أو منحه امتيازات غير عادلة. بطبيعة الحال، يحاول المدراء الأذكياء تجنب هذه الديناميات من خلال توزيع الفرص بطريقة عادلة، وتكليف الموظفين بمجموعة متنوعة من المهام، وتكريم الأفراد وتقديرهم بناءً على الإنجازات القابلة للقياس. لكن حتى أفضل المدراء ربما يفضلون شخصاً على آخر بحكم طبيعتهم البشرية.
ماذا تفعل عندما تسمع أن أحد زملائك حقق إنجازاً استثنائياً ولم تغمرك مشاعر البهجة والسرور؟ إليك 3 إرشادات بسيطة:
- تقبّل حقيقة أن المشاعر المتضاربة تجاه نجاح الآخرين هي أمر طبيعي ومشترك بين البشر. مجرد شعورك ببعض الإحباط أو الحسد لا يعني أنك شخص سيئ، بل يشير ببساطة إلى طبيعتك البشرية.
- راجع مشاعرك السلبية بعناية لمعرفة إذا ما كانت مبررة وبنّاءة أو تحتاج إلى معالجة. في حال عدم تكافؤ الفرص أو إذا كان ثمة تحيز ومحسوبيات، يُنصح بالتفكير في إمكانية مناقشة ذلك بطريقة بنّاءة مع مديرك أو زميلك أو ممثل الموارد البشرية، أما إذا حقق زميلك النجاح بجدارة ففكر في كيفية الاستفادة من إنجازه لتحفيزك للعمل بجد أكبر. كيف يمكنني أن أستفيد مما فعله زميلي؟ ما الذي يجب عليّ تغييره في طريقة عملي لأحصل على التقدير والمكافأة في المستقبل؟
- اهدأ وخذ نفساً عميقاً وهنّئ زميلك بصدق على إنجازه. ربما لا يستطيع الجميع تحقيق النجاح في كل الأوقات، لكن يمكننا التصرف بلطف وتعلُّم كيفية الاحتفال بالنجاح معاً، ففي النهاية ربما يكون الاحتفال بالنجاح ممتعاً ويعزز تماسك الفريق وقوته.