ملخص: من خلال تجربتي، يغطي معظم نماذج الأعمال الجوانب الأساسية بصورة جيدة؛ إذ تركز هذه النماذج على كيفية تقديم الشركة خدمات أفضل للعملاء مقارنة بالمنافسين. على الرغم من ذلك، فإنها في الواقع لا توضح سبب أهمية الشركة. لماذا يجب على أي شخص أن يهتم بوجود شركتك؟ لماذا يجب عليهم اختيارك بدلاً من المنافسين؟ ما الذي يميزك عن منافسيك في نظر العملاء المستهدفين؟ إذا لم تكن لديك إجابات جيدة، فلن تتمكن من التميز والمنافسة في السوق لفترة طويلة. بمجرد أن تفقد الشركة جاذبيتها وتألقها، أو يتساوى المنافسون في تسعير المنتجات أو الخدمات، فستخسر كلاً من العملاء والموظفين. ينعكس هذا الأمر سلباً على مكانتك التنافسية على المدى الطويل وعلى المجتمع عموماً. تُعد إضافة قيمة وهدف أسمى من مجرد كسب الأرباح أمراً ضرورياً للأطراف المعنية جميعها، ويشمل ذلك المستثمرين والموظفين والمجتمع. يرتبط نموذج العمل الناجح بالعملاء والموظفين والمستثمرين، لذلك، فهو يبني رؤية مستقبلية واعدة على المدى الطويل. الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي أن تضع نفسك مكان العميل وتستخدم خيالك لفهم احتياجاته الحقيقية. في هذا المقال، يشارك المؤلف رون شيك، مؤسس شركة بانيرا بريد (Panera Bread) ورئيس مجلس إدارتها السابق ورئيسها التنفيذي، كيف حوّل فريقه مخبزاً فرنسياً ذا هامش ربح منخفض إلى مقهى مخبز فرنسي مربح من خلال الاستماع إلى العملاء وتحديد الرؤية والهدف الذي يسعى الفريق إلى تحقيقه من خلال نموذج الأعمال.
يتحدث مؤسس سلسلة مخابز ومقاهي بانيرا (Panera) عن القيمة الحقيقية للأعمال وأهمية التفكير بعيداً عن المؤشرات الرقمية.
لطالما نظرنا إلى نماذج الأعمال بطريقة خاطئة تماماً. تهدف هذه النماذج إلى تمييز شركتك عن المنافسين وتقديم قيمة حقيقية للعملاء وتلبية احتياجاتهم. يحتاج القادة إلى أساس نموذج عمل قوي لاتخاذ قرارات حاسمة عند إعداد عملياتهم وتنظيمها.
على الرغم من ذلك، شجعت عملية إنشاء نماذج الأعمال على اتباع نهج تكنوقراطي ضيق يركز على الكفاءة والإنتاجية وتحقيق أرباح سريعة للمستثمرين على المدى القصير. لم تكن هذه الفكرة صائبة في الماضي، وبالتأكيد ليست فكرة مستدامة في الوقت الحاضر.
بدلاً من ذلك، صمّم شركتك بحيث يكون لها غاية سا هدف يستمر على المدى الطويل. قبل إجراء عملية تحليل الأرقام، يجب عليك تحديد سبب أهمية شركتك بالنسبة لأصحاب المصلحة جميعهم. هذه الطريقة الوحيدة لتحقيق نشاط تجاري مستدام، بحيث يوفر قيمة للمستثمرين والعملاء والموظفين على المدى الطويل.
إضافة قيمة وهدف إلى نموذج عملك
من خلال تجربتي، يغطي معظم نماذج الأعمال الجوانب الأساسية بصورة جيدة؛ إذ تركز هذه النماذج على كيفية تقديم الشركة خدمات أفضل للعملاء مقارنة بالمنافسين. على الرغم من ذلك، فإنها في الواقع لا توضح سبب أهمية الشركة. لماذا يجب على أي شخص أن يهتم بوجود شركتك؟ لماذا يجب عليهم اختيارك بدلاً من المنافسين؟ ما الذي يميزك عن منافسيك في نظر العملاء المستهدفين؟
إذا لم تكن لديك إجابات جيدة، فلن تتمكن من التميز والمنافسة في السوق لفترة طويلة. بمجرد أن تفقد الشركة جاذبيتها وتألقها، أو يتساوى المنافسون في تسعير المنتجات أو الخدمات، فسوف تخسر كلاً من العملاء والموظفين. ينعكس هذا الأمر سلباً على مكانتك التنافسية على المدى الطويل وعلى المجتمع عموماً.
تُعد إضافة قيمة وهدف أسمى من مجرد كسب الأرباح أمراً ضرورياً للأطراف المعنية جميعها، ويشمل ذلك المستثمرين والموظفين والمجتمع. يرتبط نموذج العمل الناجح بالعملاء والموظفين والمستثمرين، لذلك، فهو يبني رؤية مستقبلية واعدة على المدى الطويل. الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي أن تضع نفسك مكان العميل وتستخدم خيالك لفهم احتياجاته الحقيقية.
كلما طالت تجربتي في عالم الأعمال، زادت قناعتي بأن العالم لا يدفع لنا المال لتقليد الآخرين، بل للتنبؤ بمسار الأمور في المستقبل والاستعداد لها. لذلك، فإن التحول المستمر هو السبيل إلى النجاح.
هذا ما حدث مع سلسلة مخابز ومقاهي أو بون بان (Au Bon Pain)، التي ساعدتُ في إدراجها في السوق المالية في بداية التسعينيات. من خلال الاستماع إلى آراء العملاء، تمكن فريقنا من تحويل مخبز فرنسي يحقق أرباحاً منخفضة إلى مقهى ومخبز رابح. تطلّب هذا النجاح إدراك أن العملاء لم يرغبوا في الحصول على الخبز و"الكرواسون"، بل كانوا يريدون الشطائر، لذلك، كان الخبز والكرواسون عنصرين أساسيين في تقديم شطائر أفضل.
في منتصف التسعينيات، أدركنا من خلال الاستماع الدقيق إلى آراء العملاء أن بعضهم يريد أكثر من مجرد الوجبات السريعة؛ إذ أرادوا طعاماً حقيقياً، يقدمه لهم أشخاص يحترمون رغباتهم في بيئة جذابة ومريحة. أدى هذا الفهم إلى تغيير طريقة عمل قطاع المطاعم جذرياً. لم نكن نريد أن نكون مجرد مطعم وجبات سريعة يقدم أطعمة معالجة مقابل أسعار منخفضة، لذلك، قدمنا تجربة تعزز ثقة العملاء وتمنحهم شعوراً أكبر بالرضا والقيمة عن طريق تقديم خيارات طعام صحية مقابل مبلغ إضافي بسيط. كان العملاء يبحثون عن مكان يشعرون فيه بالراحة والثقة بالنفس والرضا.
استخدمنا هذا النموذج لتحويل سلسلة مخابز ومقاهي بانيرا، التي كانت فرعاً صغيراً لسلسلة أو بون بان. أسهم هذا النموذج أيضاً في نمو قطاع الوجبات العادية السريعة ضمن قطاع المطاعم الأوسع نطاقاً، الذي ازدهر حتى بلغت قيمته نحو 100 مليار دولار (170 مليار دولار الآن)، وكانت سلسلة بانيرا نموذجاً يحتذى به في هذا الصدد. ثم بين عامي 2012 و2014، حولنا تركيزنا في سلسلة بانيرا إلى تعزيز ولاء العملاء وتطوير التجربة الرقمية الشاملة وتقديم الطعام النظيف والصحي؛ إذ أصبحت هذه المحاور قوة دافعة ومؤثرة في قطاع المطاعم.
لم يكن من الممكن حدوث أي من هذه التحولات دون الاستماع إلى العملاء باهتمام وفهم احتياجاتهم ورغباتهم. عند بيع سلسلة بانيرا في عام 2017 مقابل 7.5 مليارات دولار، كانت أسهمها الأفضل أداء في قطاع المطاعم مدة عقدين من الزمن؛ إذ كانت العوائد السنوية تزيد على 25%.
يعود سبب نجاحنا إلى قدرتنا على التعلم من تجاربنا، والاستفادة من تلك الدروس لتحقيق التحول والتغيير. بفضل هيكل الملكية والنجاح السابق الذي حققناه، لم نكن مضطرين للتركيز فقط على تحقيق أقصى قدر من الكفاءة على المدى القصير، بدلاً من ذلك، تمكنا من إجراء التغييرات الضرورية التي تعزز نجاحنا على المدى الطويل وتلبي تطلعات العملاء. نظراً لأننا ركزنا على تحقيق هدفنا ورسالتنا على المدى الطويل، قدمنا ما يحتاج إليه العملاء حقاً.
التركيز على جوهر المفهوم بعيداً عن الأرقام والأداء المالي
أعمل في مجال المطاعم منذ التسعينيات، وشاركت على نحو فعال في تطوير 3 مطاعم مشهورة: سلسلة مخابز ومقاهي أو بون بان (Au Bon Pain) وبانيرا (Panera) وسلسلة مطاعم كافا (Cava) في الوقت الحالي. خلال مسيرتي المهنية، حرصت على تشجيع فرق الإدارة على بناء نماذج أعمالها وفقاً لما أسميه "جوهر المفهوم". يوضح هذا الدليل للضيوف مزايا زيارة مطعمك. إنه دليل لعملية تقديم الخدمة والتفاعل مع الضيوف يجب أن يتوافر في كل مطعم لتوفير تجربة ممتعة ومثيرة. أعتقد أنها خطة تسويقية تهدف إلى تحقيق هدف واضح. يشرح جوهر المفهوم كيفية تميز الشركة عن منافسيها أمام الضيوف، كما يوضح سبب أهميتها بالنسبة لأصحاب المصلحة جميعهم، وليس للعملاء فقط. لذلك، فهو عنصر أساسي لنموذج العمل الناجح والفعال على المدى الطويل.
في منتصف التسعينيات، استخدمنا جوهر المفهوم بوصفه دليلاً ومرجعاً أساسياً قادنا نحو تطوير سلسلة بانيرا. لم نبدأ بخطة عمل مفصّلة تتضمن تقديرات لرأس المال والنفقات التشغيلية والإيرادات المتوقعة. بدلاً من التركيز على الأرقام والخطط، ركزنا على تقديم تجربة فريدة ومميزة لضيوفنا.
ركزنا منذ البداية على الخبز بوصفه الأساس الذي يميزنا عن المنافسين، ويعكس شغفنا وروحنا وخبرتنا. ثم حرصنا على أن تكون جودة طعامنا تساوي جودة الخبز الذي نقدمه. في النهاية، كنا نعتقد أن الكثير من الناس كانوا يبحثون عن أكثر من مجرد مقهى ومخبز يقدم خدمات سريعة بأسعار منخفضة. حرصنا على بناء الثقة من خلال العلاقات مع العملاء والمجتمعات التي نعمل فيها. كنا نرغب في تأسيس مكان يوفر لعملائنا الراحة والشعور بالرضا والتقدير، بدلاً من أن نكون مجرد مطعم تجاري وتقليدي يقدم الوجبات السريعة. ركزنا على ضرورة أن يكون أفراد فريق العمل في المخبز من عملائنا والمجتمعات التي نعمل فيها، لنتمكن من تقديم خدمة ومنتجات عالية الجودة وموثوقة للعملاء. كنا نسعى أيضاً إلى توفير ملاذ لعملائنا، حيث يمكنهم البقاء لإنجاز أعمالهم أو قضاء وقت ممتع مع الأصدقاء.
تُعد صياغة جوهر مفهوم واضح أمراً أساسياً لسببين: الأول هو أن تدوين المفهوم يجبرك على تحديد التفاصيل الدقيقة بطريقة صحيحة. يمكن أن يؤدي استخدام الكلمات الغامضة أو المبتذلة إلى إضعاف تأثير البيان القوي، لذلك، فأنت بحاجة إلى استخدام كلمات واضحة وجذابة ومقنعة. إذا لم تكن متحمساً لهذه الكلمات، فمن المؤكد أنها لن تثير اهتمام الآخرين ولن تكون قادراً على إقناعهم بما تقدمه.
ثانياً، يوفر ذلك الأمر نموذجاً عملياً للأعمال المستقبلية جميعها، من خلال تحديد الأهداف والمهام بوضوح. تُعد هذه الرؤية ملهمة ليس فقط بالنسبة لك، لكن أيضاً بالنسبة للمدراء والموظفين ومطوري المنتجات والمصممين. يجب أن يعمل الفريق الذي توظفه لتحقيق الرؤية على مطابقة الخطط مع جوهر المفهوم وأهداف الرؤية وتعديلها وفقاً لذلك. تؤدي الرؤية الواضحة إلى التزام الجميع وبذل قصارى جهدهم في سبيل تقديم تجربة استثنائية للعملاء. دون وجود رؤية واضحة، سيفقد الموظفون الحافز للعمل بجد وسيعودون إلى طريقة عملهم السابقة، وبالتالي، ستفقد الشركة قدرتها على المنافسة في السوق.
مثل أي خطة جيدة، فإن تحقيق أي هدف أو رؤية يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة وإجراء بعض التنازلات. تُعد هذه التنازلات أمراً حتمياً في أي خطة مهمة، لذلك، احرص على أن تكون هذه التنازلات مقبولة ويمكن تحملها لتحقيق هدفك. إذا كنت تشعر بالندم على قراراتك، فإن ذلك سيعوق عملك على المدى الطويل، لأنك ستفتقد العزيمة والتصميم اللازمَين لتحويل أفكارك إلى واقع قابل للتنفيذ بطريقة فعالة.
عندما تصبح أفكارك وجوهر مفهومك حقيقة، يجب عليك أن تخطط جيداً لكيفية تسويقها. تُعد القيم والمبادئ أهم من التفاصيل الدقيقة؛ إذ يجب أن تثير أفكارك وجوهر مفهومك الخيال التعاطفي لدى الناس، ما يعزز فضولهم وتجاوبهم مع هذه الأفكار. عندما يرى الموظفون العديد من العملاء يفعلون أشياء غير عادية، فسيفكرون في سبب هذه السلوكيات، مثلما حدث عندما لاحظنا أن العملاء يجلبون مكونات الشطائر لإضافتها إلى الخبز الذي نقدمه، ثم أدركنا أن العملاء يرغبون في شراء الشطائر جاهزة، لذلك، قررنا تقديم الشطائر في قائمة منتجاتنا. سيواصل هؤلاء الأشخاص البحث عن أفكار وابتكارات جديدة تكون مهمة في المستقبل. يولد النهج القائم على الهدف قيمة مستدامة من خلال إشراك أصحاب المصلحة على المدى الطويل، بما يعود بالنفع على الجميع.
أدى التزامنا المستمر منذ عدة عقود بجوهر المفهوم إلى تعزيز ثقة العملاء واحترامهم؛ إذ صممنا تجربة تحترم احتياجات العملاء وقيمهم، وبالتالي، اكتسبنا احترامهم وتقديرهم. أدت تلك الجهود إلى جذب العملاء للحصول على ما يفتقدونه. بالإضافة إلى ذلك، منح جوهر مفهومنا أصحاب المصلحة هدفاً يتجاوز مصالحهم الشخصية.
لا توجد أي مشكلة في تحليل السوق وتقدير الإيرادات والنفقات وتقييم المنافسة. يجب عليك إجراء هذه العمليات باستمرار؛ إذ يمكن أن يساعدك هذا النهج التكنوقراطي في تحقيق الكفاءة في أي مشروع. لا يمكن تحقيق الفعالية في أي عمل أو مشروع دون وجود نموذج أعمال مهم يلبي احتياجات السوق. يجب على الشركات أن تمتلك هدفاً أسمى من مجرد تحقيق الأرباح. عندها ستحظى بتقدير العملاء والموظفين والمستثمرين.