أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع أستاذا كلية هارفارد للأعمال ليزلي جون وميتش وايس، حيث يناقشا الخيارات والمفاضلات المتعلقة باستخدام التكنولوجيا للارتقاء بحياة المدينة العصرية بتكاليف محتملة للوصول إلى الخصوصية الرقمية.
يمكنك استمع إلى هذه المدونة الصوتية واشترك فيها عن طريق آبل بودكاستس أو جوجل بودكاستس أو ملخص المواقع الغنية.
ملاحظة: تشمل عروض هارفارد بزنس ريفيو شبكة من المدونات الصوتية التي يجمعها محررو مجلة هارفارد بزنس ريفيو، وتقدم لكم أفضل الأفكار في مجال الأعمال من قبل أبرز العقول في ميدان الإدارة. وجهات النظر والآراء الواردة هنا هي آراء مؤلفيها حصراً ولا تعبر بالضرورة عن السياسة الرسمية لمجلة هارفارد بزنس ريفيو أو المؤسسات التابعة لها أو موقفها الشخصي.
وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:
تعمل مدينة تورونتو على تجربة مفاهيم المدينة الذكية وفقاً لتصور شركة سايدووك لابز التابعة لشركة جوجل. ويناقش أستاذا كلية هارفارد للأعمال ليزلي جون وميتش وايس الخيارات والمفاضلات المتعلقة باستخدام التكنولوجيا للارتقاء بحياة المدينة العصرية بتكاليف محتملة للوصول إلى الخصوصية الرقمية من خلال دراسة الحالة التي يقومان بها "سايدووك لابز: الخصوصية في مدينة بُنيت انطلاقاً من شبكة الإنترنت". هل يستحق الأمر هذا العناء؟
النص:
بريان كيني: "لقد شاهدت مؤخراً أسخف فيلم على الإطلاق. ولا أعتقد أنّ من الممكن أن يصنع أحد فيلماً أسخف منه"، هكذا صرح الروائي هربرت جورج ويلز في مراجعته التي صدرت في صحيفة نيويورك تايمز تعليقاً على فيلم متروبوليس الذي أنتج عام 1927، ولم يكن ويلز الوحيد الذي أعرب عن هذا الرأي السلبي. لقد تلقى هذا الفيلم الألماني الضخم-الذي استمرت أحداثه أكثر من ساعتيْن ونصف، ودارت حول مستقبل كئيب بائس - انتقادات لاذعة من النقاد بسبب طوله المفرط وتناوله المبتذل لفكرة العدالة الاجتماعية. ولكن، بعيداً عن حبكة الفيلم، انبهر كثير من المشاهدين بالرؤية التي رسمها المخرج فريتز لانغ للمدينة في المستقبل والمؤثرات البصرية المبتكرة وغير المسبوقة التي سخّرها ليبعث الحياة في تلك المدينة. متروبوليس مكان يحوي ناطحات سحاب شاهقة، يعمل فيها عمال بنظام العبودية والسُّخرة وروبوتات بتوجيهات وأوامر من قبل الصناعيين الأثرياء الذين يقيمون بالطبع في ناطحات السحاب الشاهقة تلك. وقد مهد الفيلم الطريق أمام لونٍ من الأفلام كرره المخرجون على نحو مبتذل منذ ذلك الحين. عندما يتعلق الأمر بمدن المستقبل، تتبنى هوليوود- بالتأكيد- وجهة نظر متشائمة. ففي عالم الواقع، يبدو المستقبل أكثر إشراقاً بكثير. فالتقنيات الذكية والروبوتات والذكاء الاصطناعي لديها كلها القدرة على تحسين جودة حياة سكان المدن بقدر كبير، ولكنّ هذا المستقبل الواعد، مثل كلّ الأمور التي تستحق العناء، سيكون له ثمن.
نستمع اليوم إلى الأستاذين ليزلي جون وميتش وايس وهما يتناولان دراسة الحالة التي يقومان بها تحت عنوان "سايدووك لابز، الخصوصية في مدينة بُنيت انطلاقاً من شبكة الإنترنت". معكم مضيفكم بريان كيني، وأنتم الآن تستمعون إلى برنامج اتصال مفاجئ الذي يُعدّ جزءاً من البرامج التي تقدمها شبكة هارفارد بزنس ريفيو.
ينصب تركيز بحث الأستاذة ليزلي جون على كيفية تأثر سلوك المستهلك في الحياة بتفاعله مع الشركات والسياسة العامة. أمّا الأستاذ ميتش وايس فتشمل مجالات اهتمامه أبحاث التحول الرقميّ والإنتاج النقي ونظم الابتكار الإيكولوجية. وكان ميتش يعمل في السابق كبير مستشاري رئيس بلدية بوسطن توم مينينو، حيث ساعد على وضع استراتيجية الابتكار لمدينة بوسطن. ومن ثم، فهذا جانب وثيق الصلة بموضوع نقاشنا اليوم. شكراً لانضمامكما لي.
ليزلي جون: شكراً لاستضافتنا.
ميتش وايس: شكراً لك.
بريان كيني: لقد كانت هذه دراسة حالة شيقة بحق، وأعتقد أن الناس سيكونون مفتونين بها، وربما قلقين بعض الشيء مع دخولنا هذه المحادثة لأن المقايضات أمر حقيقي وواقعي، وأحب أن أسمع المزيد منكما بخصوص رأيكما في طبيعة تلك المقايضات. ربما أمكننا البدء إذاً من هذه النقطة كما هي عادتنا. ليزلي، هل يمكنك أن تخبرينا من هو بطل هذه الدراسة؟ وما الذي يدور في خلده؟
ليزلي جون: بطل الدراسة هو الرئيس التنفيذي لشركة سايدووك لابز دان دوكتوروف. وسايدووك لابز شركة متخصصة في الابتكارات الحضرية، وصادف أنها تابعة لشركة جوجل. وقد فازت مؤخراً بطلب عروض لتطوير إحدى مناطق تورنتو تُسمى كيسايد، وتكمن الفكرة في تطوير هذه المنطقة وتحويلها إلى مدينة ذكية. وكان التحدي القائم الذي يتصدى له دان دوكتوروف هو كيفية التعامل مع الكثير من مشكلات الخصوصية التي نشأت. أثناء دراسة الحالة، جلس أمام شاشة حاسوبه وكان على وشك استضافة جلسة "اطرحوا عليّ أية أسئلة" على موقع رديت. وعليه، كان بوسع الجميع، بما في ذلك مواطنو مدينة تورنتو، المشاركة وطرح أية أسئلة تخطر على بالهم. وتعيّن عليه أن يقول شيئاً في اللحظة ذاتها. ولا شك أنّ من بين أول الأسئلة ما كان متعلقاً بالخصوصية. يسأل مُستخدم قائلاً: ما أكبر مشكلات الخصوصية المتعلقة بهذا المشروع في تصورك؟ وكيف تخطط شركة سايدووك لابز للموازنة بين الخصوصية والتنفيذ الفعال لجميع أفكار هذا المشروع وأهدافه؟ وبالتالي، فإنّ أول سؤال يُطرح على الطلاب هو: كيف تتعاطون مع هذه المسألة؟
بريان كيني: ويقع ذلك حقاً في اللب والجوهر من المقايضة التي أشرت إليها قبل قليل. لقد حالفنا الحظ بوجود مؤلفي هذه الدراسة هنا. فنحن لا نحظى بهذه الميزة دائماً. ولذلك يسعدني أن أتعرف على وجهتي نظريكما لأنكما تتعاطيان مع المسألة من خلفية مختلفة نوعاً ما واستناداً إلى نهج متباين. ما الذي دفع بكما إلى وضع دراسة هذه الحالة؟
ليزلي جون: بالنسبة لي كان أحد دوافعي لهذه الدراسة هذا النمط الذي لاحظته منذ فترة والذي يزعم المدراء وفقاً له، وأنا أصَدّقهم، أنهم يهتمون لأمر الخصوصية عموماً وخصوصية المستهلكين تحديداً. ولكن، عندما يتعلق الأمر بالتصرف الفعلي حيال ذلك، كأن يبادروا إلى تغيير السياسات وما إلى ذلك، فإنهم غالباً ما يحجمون عن التصرف ويحولون دون تحقيق التغيير المطلوب. وبالاستناد فقط إلى الحوارات المتناقلة، فإن أحد الأسباب التي يتعللون بها هو أنهم لا يعرفون ما عليهم أن يفعلوه وكيف يتصرفون. إنها لقضية شائكة ومعقدة جداً. ويتطلب الخوض الحقيقي في تفاصيل التعامل مع تلك المشكلات مهارات تقنية عميقة، يفتقر إليها كثير من المديرين لأنهم يعملون في مستوى استراتيجي أعلى. وأظنّ أن ما تطرحه هذه الدراسة هو نوع من العالَم المُصغر لمشكلات الخصوصية. وعليه، فإن النقاش الدائر حول توظيف شركة سايدووك لابز لبيانات المواطنين يعكس ذلك نوعاً ما، وأعني القضية التي نشهدها في السوق بين الشركات والمستهلكين. وبالتالي، فإن ما تناقشه دراستنا والغاية منها في تصوري عموماً هي المساعدة في تمكين المدراء من اتخاذ بعض القرارات فعلاً، وتقديم بعض التوجيهات لمؤسساتهم حول كيفية إدارة هذه المشكلات.
بريان كيني: ميتش، ما الدافع بالنسبة لك؟
ميتش وايس: ينصب تركيزي على ريادة الأعمال العامة، وأعني فكرة المبتكرين غير التقليديين داخل الحكومة الذين يحاولون حل المشكلات الجديدة، وكذلك المبتكرين غير التقليديين خارج أروقة الحكومة وفي الشركات الخاصة، وغالباً شركات التقنية، وكذلك أيضاً الشركات الناشئة الساعية إلى حلّ المشكلات العامة نيابةً عن الحكومة، إما ببيع أشياء لها أو بإنجاز مهام تتعلق بها. وقد أصبحت هذه ظاهرة شائعة جداً في أيامنا هذه. هناك عدد كبير جداً من الشركات التي تحاول جاهدةً حلّ مشكلات التنقل وتأمين السكن، وهي الأمور التي اعتبرناها عموماً محض مشكلات عامة. يعتقد الناس أن التكنولوجيا هي الحلّ هنا.
ميتش وايس: لقد كانت شركة سايدووك لابز، قطعاً، واحدة من أبرز الأمثلة على هذه الظاهرة آنذاك. قررت شركة جوجل، التي أمست الآن ألفابت، إحداث الشركة لحل المشكلات الحضرية. وبالتالي، يبقى السؤال المتعلق باستطاعة شركة تقنية أساساً حل مشكلات المدينة، سؤالاً مطروحاً للنقاش حتماً. ومع شركة سايدووك لابز، أمست تلك الدراسة واحدة من أكثر دراسات الحالة ذات المستوى الرفيع على الإطلاق.
والأمر الآخر الذي أراه مثيراً للاهتمام هنا هو أنّ سايدووك لابز ترى نفسها نوعاً ما منصةً للابتكار تعتمد عليها المدن، كما في مدينة تورونتو، وهو الأمر الذي سنتناوله بالنقاش بكلّ تأكيد. ومن بين الأسئلة المطروحة: مَن تود أن يملك هذه المنصة في نهاية المطاف؟ أتريد أن تكون تلك المنصات مملوكة للحكومة في المقام الأول؟ البعض يقول: "أجل"، والبعض الآخر يقول: "لا" نظراً لما تفعله الحكومة الآن. فهي لا تؤدي واجبها على الوجه الأكمل.
والبعض يتساءل: مَن الذي تودّ أن يتقدم بطلب لامتلاكها؟ أتريد أن تتولاها الحكومة أم شركات التقنية تلك؟ وإذا تولتها تلك الشركات، فهل ستضع فيها جميع الفرص والابتكارات الممكنة؟ ولكننا نلاحظ أيضاً، كما تفضلت ليزلي، أن هناك أناساً في السوق يساورهم القلق بشأن ما يمكن أن يحدث لو تداعت تلك المنصات العملاقة، كفيسبوك وغيرها من المنصات.
وعليه، فقد أغرتني كل هذه الظروف بمحاولة التعاون مع ليزلي لوضع دراسة حالة عن الخصوصية، الخصوصية في المدن التي تحاول واحدة من شركات التقنية هذه أن تمدّ لها يد العون. والسؤال الجوهري هو: هل تستطيع تلك الشركات أن تساعد حقاً؟
بريان كيني: لدينا الكثير من المستويات في هذا السياق. لم يكن هذا أول اختراق لشركة سايدووك لابز لهذا المضمار. فقد تولت الشركة بعض المشروعات في مناطق أخرى. كيف استقبلها الجمهور؟
ميتش وايس: أعتقد أنها تنبأت نوعاً ما ببعض التعقيدات فيما تحاول الشركة إنجازه في مدينة تورونتو. من بين أوائل المشروعات التي أُعلن عنها تقريباً بالتزامن مع تأسيس شركة سايدووك لابز عام 2015، شركة سُمِّيَت إنترسيكشن أسست بحيث صارت شركتين إلى جانب مشروع سُمّي لينك إن واي سي لوضع الأجهزة. وكلّ من زار مدينة نيويورك سيرى أجهزة لينك إن واي سي هذه في الشوارع. إنها نوع من الأبراج النحيلة تُعرض عليها الإعلانات، غير أنها تقدم خدمة إنترنت فائقة السرعة، وإمكانية الوصول إلى معلومات خاصة بالمدينة، والحصول على الدعم والمساعدة. وبهذه الطريقة يستطيع الذين ليست لديهم خدمة إنترنت الوصول إلى شبكة الإنترنت في المدينة، هذا من ناحية. وهذا مثار اهتمام عظيم. ستقومون بسدّ الفجوة الرقمية، أليس كذلك؟ ستضعون حداً لحالات اختلال التوازن، وستعطون الناس فرصة للتواصل. من ناحية أخرى، يتساءل الناس عندما يتجولون في شبكة الإنترنت عبر هذه الأبراج: هل ستقوم تلك الأبراج بتعقب هواتفهم ومتابعتها؟ وإذا اتصلتُ -مثلاً- بشبكة الإنترنت عبر أحد تلك الأبراج، فهل ستتمكن من معرفة الأماكن التي ترددتُ عليها؟ وبالتالي، كان هناك أُناس في نيويورك ...
بريان كيني: أعتقد أن الناس يعانون من حالة بارانويا صحية من القلق والخوف.
ميتش وايس: سنسميها بارانويا- فقط- إذا لم تكن في محلها. ثمة اقتباس من مقالة في صحيفة نيويورك تايمز أعلن بطريقة ما عن إطلاق هذه الأبراج، وأعتقد أنه مثير للانتباه. فقد سُئل رجل محترم من مدينة نيويورك هو السيد باديلا عن رأيه في هذه الخدمة، فقال إنّ القلق يساوره بخصوص ما يفعلونه ببياناته، وخصوصاً أنه لا يعرف حتى هويتهم. ولهذا أعتقد أن هذا يلفت انتباه الناس. ولا أسمي هذه الظاهرة جنون عظمة أو اضطهاد، بل هي قلق حقيقي بشأن الجهة التي تعمل على جمع البيانات وكيفية استغلالها لتلك البيانات. فمن جهة، تُتاح الفرصة للمشردين للوصول إلى شبكة الإنترنت، وهذا أمر رائع. ومن جهة أخرى، يبرز قلق التساؤل عن احتمال وجود أي شركة تجمع هذه البيانات وتستغلها لغرض آخر؟ وكلّ هذا الغموض والشكوك بشأن هذا الأمر أنذرت ببعض ما شهدته مدينة تورنتو.
بريان كيني: وبذلك، كان ما تحاول مدينة تورونتو إنجازه هو طرح طلب للعروض. كانت شركة سايدووك لابز واحدة من المؤسسات القليلة التي استجابت للطلب. ولكن، ما الذي كانت الشركة تحاول تحقيقه حقاً؟
ميتش وايس: كانت تورونتو تملك جزءاً غير مستغَل من واجهتها المائية التي تُسمى كيسايد، بحسب تصريح ليزلي. وأرادت المدينة تطوير تلك البقعة تطويراً كاملاً، بحيث تصبح قطعة رائعة من المدينة ومكاناً لم يتمّ استغلاله من قبل. وبصورة أوسع، أرادت تورونتو تطوير المدينة بحيث تصبح مهداً للابتكار. ولا أعني بذلك ابتكارات التقنيات المدنية وحسب، بل الابتكار بمعناه الأشمل. وعليه فإن استقطاب شركة مثل سايدووك لابز يعني إدخال شركة جوجل إلى كيسايد في تورونتو، وغيرها من الشركات التي ربما شاركت في مشروع كهذا. ولذلك، من المؤكد أنّ من بين الأمور التي أرادت مدينة تورونتو تحقيقها هي التنمية الاقتصادية للمدينة في بقعة الابتكار التقني هذه. وبالمناسبة، كان هذا المشروع في واقع الأمر- قبل مشروع أمازون آتش كيو 2- مشروعاً رفيع المستوى، بحيث أدّى إلى أن تستقطب مدينة شركة سايدووك لابز وتغريها بالقدوم إليها. أعتقد أن الهدف الثاني لدى مدينة تورنتو هو رغبتها في حل مشكلات المدينة. وهو الهدف الأساسي نفسه الذي تعمل من أجله شركة سايدووك لابز. يريد سكان تورونتو حل مشكلات التكيف مع تغيرات المناخ، والقدرة على تحمل التكاليف، وكذلك القدرة على التنقل. وأظنّ أنه كان لدى سكان المدينة- في البداية على الأقل - إيمان حقيقي باستقطاب شركة كهذه إلى تورنتو، انطلاقاً من قدرتها الفعلية على حل مشكلات مدينتهم، لهم ولمدن كندية أخرى، وغيرها من المدن حول العالم.
بريان كيني: ليزلي، ما مصلحة شركة سايدووك لابز في هذه الحالة؟
ليزلي جون: هذا سؤال وجيه. الواقع أنّ في الأمر بعض الغموض. أعني مصالح الشركة. فشركة سايدووك لابز لم تطلعنا على نموذج خاص بها للإيرادات. وثمة مجموعة متنوعة من السبل المختلفة التي تستطيع بها سايدووك لابز تحقيق أرباح من مشروع كيسايد. وتشمل فوائدها وأرباحها بيع البيانات وبيع حق الوصول إلى البيانات. والمثير للاهتمام الآن أنّ صحيفة تايمز نشرت مقال رأي لافت لمايكل كازينسكي يشرح فيه كيف كنّا نظنّ أن بيع البيانات وبيع حق الوصول إلى البيانات أمران مختلفان من حيث المفهوم. لكنه يدافع بشكل مثير عن فكرة أنّ بيع حقّ الوصول لا يختلف فعلياً عن بيع بيانات المستهلكين، لأن الشخص أو الكيان الذي يشتري حق الوصول من الممكن أن يخلص إلى استنتاجات حول المستهلكين الذين يتم الاتصال بهم لاحقاً. لذلك، وعلى أية حال، يبدو هذا الأمر لافتاً ومثيراً. فنحن عادةً ما نعتبرهما شيئين متمايزين، غير أنّ مطالعة هذا المقال تجعلنا نتساءل عن مدى تمايزهما ووجود اختلاف بينهما. حسناً. إذاً، هذان جانبان مختلفان. وثمة سبب آخر يفسر اهتمام شركة سايدووك لابز، وهو أن تكون المدينة بمثابة معرض للشركة. فلدى شركة سايدووك لابز رؤية بأن تنتشر المدن الذكية في شتى ربوع العالم. ومن الممكن أن تكون منطقة كيسايد المختبر الأمثل للشركة. وأخيراً، قد تكون الشركة أيضاً مهتمة بالحصول على نموذج من الخدمات، لا يتعارض مع ما سبق، تستطيع به الشركة أن تبيع المواطنين حق استخدام المركبات ذاتية القيادة أو ما شابه ذلك. غير أن خطط الشركة ليست واضحة بالكامل. وهذا في الواقع يشكل جزءاً من جوهر التحدي المتمثل في معالجة قضايا الخصوصية، لأنه عند تدبر الخصوصية، نود أن نفكر في الهوية، ومصالح كل طرف، والجوانب التي يجوز فيها التوفيق بين هذه المصالح أو الإخفاق في التوفيق بينها. ويمكنك أن ترى أنه في ظل تلك السبل المختلفة التي تستطيع بها شركة سايدووك لابز أن تحقق أرباحاً، سيكون لذلك تأثيرات مختلفة بالنسبة للعملاء، من حيث تفاعلات الشركة مع البيانات المنظورة، وما إذا كانت تلك المصالح متوافقة أو غير متوافقة معهم.
بريان كيني: حسناً، ذكرتِ في بداية هذه المقابلة أنّ دان كان يُعدّ العدة لإنشاء جلسة على موقع رديت حيث كان سيتلقى أسئلة. كيف بادروا إلى إشراك أهالي تورونتو الذين كانوا- كما هو واضح- بحاجة إلى دعمهم لتحقيق هذا الإنجاز؟
ليزلي جون: كان لديهم أسئلة كثيرة. تحدوهم مخاوف كثيرة من مسألة الخصوصية. ومخاوفهم لم تكن كلها سلبية. أعني أن بعضهم كان محباً بحق لاستطلاع الفرص التي يمكن للشركة أن تقدمها. وأعتقد أن ثمة جانباً من المهم جداً الإقرار به يتعلق بقضايا الخصوصية، وهو أن هناك مخاوف ومشكلات هائلة يجب التعاطي معها. لكنّنا نودّ أيضاً أن ندرك بحق مزايا التوافر الجديد للبيانات الشخصية. وعليه، فالحل لا ينحصر فقط في وجوب عدم مشاركة البيانات لأننا سنهدر بذلك فرصاً عظيمة، بل يتعلق الأمر بنوع من ضبط تدفق القيمة بشكل صحيح.
بريان كيني: يذكرنا ذلك بالمقايضة ومسألة المقايضات وحجم ما بوسعك التخلي عنه طواعيةً كي تحصل على بعض المزايا التي يمكن أن تقدمها لك هذه التقنية. ميتش، في ظل خبرتك التي اكتسبتها من العمل في مدينة بوسطن، يقيني أنك تعلم أنّ كلاً من هذه المواقف يتطلب قدراً كبيراً من التفاوض، وفي هذه الحالة كان على سايدووك لابز أن تقدم شيئاً. ماذا كانت رؤية شركة سايدووك لابز لما كانت على وشك تنفيذه في تورونتو؟ وكيف طرحت تلك الرؤية بطريقة مثيرة وجذابة؟
ميتش وايس: الشيء الرفيع المستوى الذي ذكره دان دوكتوروف مقدّماً هو أننا نود تغييرنوعية منحنى الحياة لمصلحة سكان المدن. وما الذي يواجهونه اليوم؟ حسناً، إنهم يواجهون أزمات القدرة الشرائية وعدم قدرتهم على تحملّ أعباء النفقات والتكاليف، وأزمات تتعلق بالتغير المناخي، والازدحام المروري والعجز عن الوصول إلى وجهاتهم المنشودة بتكلفة مقبولة فيما يتعلق بالتنقل. وفي ردهم على طلب العروض، قدّموا نوعاً من الرؤى ووجهات النظر المحددة في جميع المجالات. وعليه، ستكون لدينا مدينة تحوي منشآت وأبنية يمكن أن تكون أكثر تكيفاً مع المناخ. وستكون لدينا في واقع الأمر مدينة يمكن أن تكون منشآتها وبنيتها التحتية أكثر مرونة في مواجهة الاحتياجات المتغيرة لسكانها. وسيقترن هذا المستوى المادي بمستوى بيانات جديد. وكذلك كان من بين الأمثلة التي طرحوها، ما تحدث عنه دان مثلاً بخصوص التفكير في مسألة تقسيم المناطق. ففي الوقت الحالي تقوم المدن بطرح فكرة التقسيم المناسب لمنطقة ما. يمكنك هنا إقامة مخبز، أما هنا فلا يمكنك ذلك. وما تصوروه في شركة سايدووك لابز هو نوع من الأمثلة الملموسة. إذا كانت لدينا معطيات أكثر عن رغبات الناس واحتياجاتهم، فسيكون بوسعنا حقاً أن نعرف بواسطة بياناتهم، وعبر طبقة البيانات، ما إذا كنّا في الواقع على علم مبكر ودراية بما يرغبون من هذا المستوى المادي. هناك بالتالي تفاعل بين مستوى البيانات والمستوى المادي، بحيث يمكننا فعلاً تقسيم منطقة ما بمرونة وتخصيصها للمخبز، إذ يبدو، استناداً إلى أنماط حركة مرور الناس وألوان استخدامهم، أنّ من المنطقي إقامة مخبز هناك. وعليه، فيما يتعلق بالبنية التحتية المادية، وفيما يختص بالقدرة على الانتقال، يتصوّر الأهالي أساساً منطقة ذات استقلال تام، حيث يستطيع الناس التنقل بواسطة حافلات وسيارات ذاتية الحركة، والتنبؤ بأنماط الحركة المرورية وما شابه ذلك. وقد تحدثوا عن تحسين الظروف الجوية على هذا الأساس، لأننا نعلم أي الأيام ستكون مشمسة، وأين يكون الظل، وكيف سنجعل المباني، وكذلك مواضع الظلّ.
بريان كيني: تبدو هذه الفكرة غريبة، أعني التحكم في الطقس.
ميتش وايس: إنها غريبة ومختلفة. نستطيع أن نقيم وزناً لتلك الفكرة في بوسطن، أليس كذلك؟ أنا على يقين من أنهم يعقدون الآمال في تورونتو على ذلك الآن. لذلك طرحوا الكثير من هذه الرؤى، غير أن دان دوكتوروف وفريقه كانوا حريصين على التأكيد بأنّ هذه مجرد أفكار، وأننا نود تطوير تلك الأفكار بمؤازرتكم أنتم يا أهل تورونتو. وبعد ذلك، انخرط فريق دوكتوروف الممثل لشركة سايدووك في حوار مع أهالي تورنتو من خلال اجتماعات مجلس المدينة والجلسات الفردية لمجموعة العمل الصغيرة على موقع رديت عبر الإنترنت لمحاولة تجسيد بعض هذه الأفكار والربط بينها.
بريان كيني: ولتحقيق هذه الرؤية كانوا يحتاجون فعلياً إلى جمع كمٍ كبير من المعلومات عن الأهالي. ليزلي، لقد نظرتِ في هذا الموضوع ملياً في بحثك. أعتقد أني كنت مندهشاً من طرح الموضوع بهذا الشكل وكأنه تسلية ولهو، أو ربما شعرت ببعض القلق والانزعاج من إحدى الإحصائيات في هذه الدراسة، حيث ورد أن 97.5% من الناس سيكشفون عن عناوين البريد الإلكتروني الخاصة بأصدقائهم مقابل الحصول على بيتزا مجانية. أنا أحبّ البيتزا، لكنني لا أعرف ما إذا كنت سأكشف عن عناوين البريد الإلكتروني الخاصة بأصدقائي من أجل الحصول عليها.
ليزلي جون: أنت تقول إنّك لن تفعل ذلك، وهذا رأيك الشخصي.
بريان كيني: يقول الناس إنهم قلقون بشأن حماية معلوماتهم، وأعتقد أنهم ربما يقصدون ذلك فعلاً. وفي الوقت نفسه، فإننا نكشف ونقدّم جزءاً طفيفاً منها كلّ يوم هنا وهناك بطرق مختلفة. ما الشيء الذي يرغب الناس فعلاً بمقايضته في هذا النوع من المواقف؟
ليزلي جون: هذا سؤال جوهري. لدينا، من ناحية، الحجة القائلة بأنه نظراً لأنّ سلوك الناس غالباً لا يعكس أيّ نوع من المخاوف حيال خصوصيتهم، فلا بدّ أن ذلك يعني أنهم لا يكترثون فعلاً بخصوصيتهم. يقترح بحثي وأبحاث آخرين أن الواقع يخالف ذلك. فالناس يهتمون حقاً بخصوصيتهم في أغلب الأحيان . غير أنّ قلقهم هذا لا يُترجم دائماً في سلوكهم. لماذا؟ لأن هناك العديد من أشكال التحيز في صناعة القرار، والأخطاء التي تعترض طريقهم. والحقيقة أنّ الناس ليسوا أغبياء، وكلّ ما في الأمر أنّ عقولنا تكاد تكون مُبرمجة بحيث تفكر بطرق معينة دون غيرها. وعندما يتعلق الأمر بالخصوصية، نجد بعض التحيزات الثابتة التي ظهرت. من بين التحيزات الكبيرة التي تشوب الخصوصية، على سبيل المثال، الانحياز إلى الحاضر، أليس كذلك؟ حسناً، ها نحن قد وضعنا الخطوط العريضة. إننا لا نقرأ فحوى الكلام المكتوب بأحرف طباعية صغيرة، فنعطي الشركات بذلك- عملياً- كلّ أنواع الوصول لتستخدم بياناتنا وتبيعها وتفعل بها ما تشاء. نحن لا نقرأ ذلك. قد نعلم في قرارة أنفسنا أننا ربما نتردد في الموافقة على تلك الأجزاء، ولكننا مع ذلك وضعنا علامة على خانة الموافقة. لماذا؟ لأننا نحصل على فائدة فورية. وتبقى التبعات السلبية المحتملة لمشاركة معلوماتنا مؤجلة. إضافة إلى صعوبة الربط ما بين تلك النصوص وأي كشف للبيانات. ومن ثم، فهذا ليس بالموقف الذي يَسهُل علينا فيه الربط بين الأمور بشكل منطقي. ونتيجة لذلك نرى أُناساً ينغمسون في اللحظة الراهنة، ويكشفون عن قدر كبير من المعلومات لقاء مزايا فورية ومكافآت صغيرة ومحدودة جداً.
بريان كيني: والبيتزا المجانية مثال على ذلك.
ليزلي جون: بالضبط. وثمة تحيز آخر من الممكن أن يفضي حقاً إلى اتخاذ قرارات متناقضة فيما يتعلق بالخصوصية - إنه الأثر التقليدي المعتاد للاقتصاد السلوكي - وهو أثر المِنحة، وسأشرحه بعد لحظات. لكنَّ ما اكتشفناه فيما يتعلق بالخصوصية- وهي بطبيعتها أمر ذاتي فائق الحساسية، وليست مثل شراء وبيع فنجان أو كوب- أنّ بيع وشراء معلوماتنا أمر تجريدي تماماً. هذه هي الحالة التي من المرجح أن تظهر فيها التحيزات، وذلك عندما نكون غير متأكدين من قيمة الشيء. وبذلك فإن ماهية تأثير المنحة تكمن أساساً في الخصوصية. لقد اكتشفنا أنّ تقييم الناس لمعلوماتهم وما يقدرونه من ثمن لها يستند إلى ما إذا كانوا سيستفيدون من الخصوصية أو ما إذا كان من الممكن أن يتخلوا عنها. ولذلك أجرينا هذه الدراسة التي سألنا فيها المشاركين بشكل أساسي عمّا إذا كانوا على استعداد لبيع خصوصياتهم بدولارين. كان هذا هو السؤال الرئيس، لكننا لم نطرحه عليهم بهذه الطريقة المباشرة. بل سألنا أشخاصاً مختلفين بأساليب مختلفة. وتبين لنا أنّ الطريقة التي نتبعها في السؤال كان لها أثر عميق في القيمة الضمنية التي أضفوها على خصوصياتهم. قلنا لبعض المشاركين، إليكم بطاقة هدايا بقيمة 10 دولارات، وهذه البطاقة تتمتع بالخصوصية، بمعنى أن مشترياتكم لن تُرصد ولن تُفرض عليها أية رقابة. فقدمناها لهم ثم أبلغناهم أنّ بوسعهم ببساطة التحويل إلى بطاقة بقيمة 12 دولاراً. وهذه البطاقة الأخيرة تزيد الأولى بدولارين، غير أنّ المشكلة تكمن في أنّ مشترياتك سيتم تتبعها ورصدها. وبذلك يواجه هؤلاء المشاركون موقفاً يملي عليهم بيع خصوصياتهم لقاء دولارين. وكان هناك فريق آخر في موقف معاكس. فقد منحناهم بطاقة هدايا بقيمة 12 دولاراً لا تنطوي على أي قدر من الخصوصية، وسألناهم عما إذا كانوا يودون شراء الخصوصية بالتحويل إلى بطاقة بقيمة 10 دولارات. وهذا فارق لا يُذكر، بمعنى أنّه سواء طُلب إليك الشراء أو البيع في هذا الموقف فمن المفترض ألا يؤثر ذلك على القيمة التي تضفيها على بياناتك. ولكننا اكتشفنا، في الحقيقة، أنه كان ذا أثر شديد في القيمة التي يقدر بها الناس معلوماتهم. ففي السيناريو الأول الذي يملك المشاركون فيه بطاقة عشر دولارات ولديهم فرصة لبيعها، بادر 48% من المشاركين إلى تبديلها. ولكن، في السيناريو المقابل، لم يبدل سوى 10% فقط من المشاركين بطاقاتهم. وبالتالي، فإننا نعطي خصوصيتنا قيمة أقلّ بكثير، أو نتنازل عن قدر من هذه الخصوصيّة عندما يكون هناك شيء علينا أن ندفع مقابلاً له.
بريان كيني: من الواضح أن هذه مشكلة سنعاني منها، وسيتعين على شركة سايدووك لابز أن تتعاطى معها.
ليزلي جون: صحيح، إذاً ما الرابط بين ذلك وتلك الأسئلة؟ الرابط هو أنّ هذه مجرد أمثلة بسيطة على الطرق التي يتناقض فيها صنع القرار المتعلق بالخصوصية، ولا يعكس بضرورة الحال خياراتنا المفضّلة. والآن، تمثل هذه المسألة مشكلة جسيمة في السوق، لأنك إذا فكرت في التفاعلات بين المستهلك والشركة فستكتشف أن الشركات لا تُجازى أو تكافأ على احترام خصوصية الناس، لأن تفضيلاتنا لا تنعكس في سلوكياتنا، ومثال على ذلك الأشياء التي سنشتريها من إحدى الشركات. وإذا كانت الشركات لا تُجازى، فلمَاذا تحرص على احترام خصوصياتنا، ولا سيّما إذا كان سلوكنا لا يعكس ما نفضله من خيارات؟ وبذلك لا تستجيب الشركات ولا تتفاعل إلّا مع الحوافز، وهذا موقف أو وضع تقليدي لفشل السوق، حيث لا يتخذ المستهلكون قرارات صائبة حتى في ظل توافر المعلومات المناسبة.
بريان كيني: وستبدي الشركات اهتماماً عندما تعاني علاماتها التجارية الأمرّ. لقد شهدنا ذلك كثيراً خلال السنوات الأخيرة في ظل حالات انتهاكات سرية البيانات. ولكن، نعم، تبدو هذه هي الظاهرة المهيمنة.
ميتش وايس: أعتقد أنّ الجانب الآخر هنا يا بريان هو أنّ الأمور التي كشفت عنها دراسة ليزلي وزملائها هي قرارات المستهلك التي غالباً ما تُتخذ وراء الكواليس، وما من أحد يتحدث عنها إلّا حين يقع انتهاك أو إخلال جسيم. وأعتقد أن من بين الأمور التي تعرضت شركة سايدووك بسببها إلى نقد لاذع، وأودّ أن أثني عليها بسببه، هو أن دان كان واضحاً جداً في أننا إذا أنجزنا هذا الأمر، وحاولنا دمج المستوى المادي ومستوى البيانات في المدينة، فسنبدأ نقاشاً حول الخصوصية والحيز المادي. ولقد اعترف بأنه سيتحتم علينا أن نُجري هذا النّقاش على الملأ. أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نشرع كمواطنين في إجراء هذا الحوار مع شركاتنا. ولقد أعربت شركة سايدووك لابز عن ذلك بمنتهى الصراحة، وتعرضت للنقد بسبب ذلك، ولكن يتعين علينا جميعاً أن نطرح هذا الموضوع للنقاش العام.
بريان كيني: السؤال الحقيقي هو: ما الذي يدعو الناس إلى الثقة بحوافز الشركات؟ ولا أخص شركة سايدووك لابز بذاتها. كيف يثقون بتلك الشركات في الوقت الذي لا يُبدي عدد كبير منها أي اهتمام حقيقي بطريقة إدارتها للمعلومات الخاصة بالناس؟
ليزلي جون: وأيضاً، كيف يثقون في الوقت الذي تجد الشركات لديها دافعاً قوياً جداً للحصول على أكبر قدر ممكن من البيانات في ظل قيود قليلة تُفرض عليها؟ وكأنّ هذا هو نموذج عملها كله. إذاً، هذا أمر طبيعي. ولهذا السبب، يبدو لي الأمر وكأن هناك انفصاماً جوهريأً في المحفزات بطريقة ما، بحيث أنه ما لم تُحفّز الشركات وتُدفَع إلى الاهتمام بخصوصية الناس، فسيكون من الصعب أن نشهد أي تغير. نتناول في هذه الدراسة مناقشة السبل التي نظن أنها يمكن أن تحل هذه المشكلة. كما نتناول دور الحكومة، ودور مدينة تورنتو، ويمكن للحكومة الكندية أن تؤدي دوراً باعتبارها ممثلةً لدولة يثق فيها الناس بحكومتهم، وتؤتي فيها الديمقراطية ثمارها. وعليه، يمكنك أن تتخيل هوية الكيان الذي يمكن أن يكون صالحاً لتطبيق القوانين، وطبيعة تلك القوانين واللوائح المُقترحة. تلك هي جملة الأسئلة التي نتجه إليها في نهاية هذه الدراسة. نعم.
بريان كيني: ولكنّ الإجابات لا تبدو واضحة. هل ناقشت هذه الدراسة في المحاضرة؟
ميتش وايس: أجل، سنحت لنا الفرصة لمناقشتها. وكانت الأجواء شيقة في المحاضرة. أعني، كما قالت ليزلي، أنّ الدراسة تنطلق من السؤال الذي طرحه دان على موقع رديت، وهو: ما هي أكبر المشكلات المتعلقة بالخصوصية؟ وكيف ستوازنون بينها وبين ما تحاولون إنجازه وهو إصلاح المدن؟ وما هي أخطر المشكلات المتعلقة بالخصوصية؟ وانهال علينا الطلاب بالإجابات. أعني أنّ القائمة طويلة. جمع البيانات واستخدام البيانات وملكية البيانات ومشاركة البيانات.هذه هي العناوين الرئيسة فقط، أليس كذلك؟ لذلك، أظن أنّ التحدي الذي نتصدى له كان: كيف لا نُمضي الفصل بأسره في مناقشة ماهية المشكلات؟ وكيف نحاول أن نصل إلى كيفية حلها؟ والأمر الآخر هو أننا طرحنا السؤال التالي: هل تحب أن تعيش في المدينة وفي نطاقها؟ بريان شخص رائع. هناك بعض الناس مثلك أجابوا: طبعاً، نحب أن نعيش هناك. أعطوني- مثلاً- المدينة التي تصل فيها السيارة وحدها إلى باب بيتي، حيث الحياة ميسورة بقدر أكبر لأنني لست مضطراً إلى امتلاك سيارة، وحيث يسعني الوصول إلى محل عملي بسهولة، وحيث يمكن أن أنعم بصحة أفضل، وحيث يكون الهواء أكثر نقاءً. مدينة أكثر أماناً بالقطع. وسأقبل بالعيش في تلك المدينة. وهناك آخرون يرفضونها رفضاً قاطعاً. يقولون: لا نريد العيش في مكان مثير للرعب كهذا. وهناك يا بريان فئة ثالثة ممن قالوا إنهم يعيشون في مدينة كهذه بالفعل. قالوا إنهم يعيشون في أماكن كهذه بالفعل. فثمة كاميرات في كلّ مكان. وهم خاضعون للرقابة في كل مكان. والبيانات تُجمع في كل مكان. لقد كانت هناك مقالة مطولة في صحيفة نيويورك تايمز قبل أيّام تتناول معرفة تطبيقك بمكان وجودك ليلاً. ولذلك أعتقد مرة أخرى أن واحدة من النتائج المترتبة على وضع هذه الدراسة بالنسبة لي، والمترتبة على مراقبة شركة سايدووك لابز لفترة وجيزة من بعيد، هي ما أعرب عنه دان بأسلوبه الخاص. إنه يحاول إضفاء عنصر إجرائي عمليّ على ما كان في حالة من الفوضى. وقد تعاطت الشركة مع أمر أعتقد أنه تمّ التعتيم عليه وظل أغلب الوقت محجوباً عن الأعين، وحاولت سايدووك لابز أن تسلط عليه بعض الضوء. ومن ثم، أمست الشركة الآن في صدارة المشهد تقريباً، وصارت تتلقى الأسئلة وتتقدم بالأجوبة، وصار الطلاب في المحاضرة أكثر من سعداء بالمشاركة في الجوانب الإيجابية والأقل من إيجابية في هذا الموضوع. لكنني أعتقد أنه كان نقاشاً رائعاً في المحاضرة لأنه أخرج إلى دائرة الضوء أموراً كانت مُستترة ومحجوبة من قبل، وأموراً نحن بحاجة إلى التعاطي معها كمواطنين ومستهلكين وشركات خلال الأيام المقبلة.
بريان كيني: ليزلي، أترك لكِ الكلمة الأخيرة لأنّ لدينا هنا في المحاضرة بحسب اعتقادي، جيل من المواطنين الرقميين. لستُ متأكداً من أعمارهم بالضبط، لكنهم ترعرعوا في أحضان التكنولوجيا، ولهذا ربما كانوا أول جيل يرى معلوماته كلها تُضخ إلى الشركات والعلامات التجارية حين بلغوا رشدهم. ما الذي يخبئه المستقبل في رأيكِ للشركات التي لا تبدأ فعلاً في الانتباه إلى هذه المسألة؟ وما النصيحة التي تسدينها للمديرين اليوم وهم يفكرون في هذا النوع من المشكلات من الآن فصاعداً؟
ليزلي جون: لا أحبّ هذه الأسئلة التي يفترض أن أرسم في إجابتي عنها تصوراً للمستقبل لأن هذا ليس في إمكاني. إذا كان هناك شيء واحد تعلمته عن السلوك البشري، فهو أنه يصعب التنبؤ به إلى حد بعيد. أعتقد أن الخصوصية مشكلة قديمة. وهي جوهرية للتطور البشري. ولا أتوقع زوال المشكلات المتعلقة بالخصوصية، حتى بين المواطنين الرقميين.
بريان كيني: ربما تكون هناك دراسة لاحقة عندما نعود ثانية.
ليزلي جون: أجل، بالضبط.
بريان كيني: شكراً على انضمامكما لي اليوم. موضوعات مثيرة حقاً تناولناها اليوم.
ليزلي جون: شكراً لك.
ميتش وايس: شكراً لك بريان.
بريان كيني: عزيزي المستمع إذا كنت تستمتع ببرنامج اتصال مفاجئ، فقد يروق لك أيضاً برنامج بعد انتهاء ساعات العمل، وهو مدونة صوتية تتحدث فيها كلية هارفارد لإدارة الأعمال بإسهاب عن آخر تطورات الأحداث في ميادين الأعمال والثقافة. وهي الموضوعات التي يناقشها أساتذة من أبرز كلية لإدارة الأعمال في العالم بعد انتهاء الدراسة. مرة أخرى، شكراً لاستماعكم. كان معكم مضيفكم بريان كيني، وكنتم تستمعون إلى برنامج اتصال مفاجئ المدونة الرسمية الصوتية لكلية هارفارد لإدارة الأعمال.