ملخص: كان الانتقال إلى العمل من المنزل صعباً للغاية، لكن العودة إلى العمل في مقر الشركة قد تكون أكثر صعوبة بكثير. ستبحث أدمغتنا عن أعمال روتينية مألوفة كي "تعود" إليها، لكنها لن تعثر عليها، عندئذ ستضطر إلى بذل طاقة إضافية للتكيف مع الوضع بسرعة. سيستدعي هذا الانتقال منا إحضار أفضل نسخة عن أنفسنا إلى مقر العمل والكشف عن القوة الكبيرة التي منحتنا إياها الجائحة. عندما تدرك ذلك سيكون لدورك بصفتك قائد الفريق أهمية كبيرة في مساعدة الآخرين على تجاوز هذه النقلة بواسطة الأمل واللطف والصبر من أجل ضمان أن يتحلى الجميع بهذه الصفات أيضاً. بعد وضع الأمور الخارجة عن السيطرة جانباً، يقدم المؤلف 6 خطوات يمكنك اتخاذها كي تسهّل انتقال الجميع إلى الواقع الجديد في الشركة مهما يكن وضعه.
إذا كنت تشعر بالقلق من قدرة فريقك على تجاوز الانتقال الذي تخطط له الشركة من أجل العودة إلى العمل في مقرها بشكله الجديد مهما يكن، فأنت لست وحدك. ربما تدرك اليوم أن معظم الموظفين لا يرغبون في العودة إلى أي وضع طبيعي كان قبل انتشار الجائحة. أجرت كلية "هارفارد للأعمال"دراسة استقصائية مؤخراً على 1,500 موظف، وكشفت من خلالها أن 81% منهم لا يرغبون في العودة إلى العمل من مقر الشركة على الإطلاق أو يفضلون نموذج عمل هجين. ويأمل 27% منهم الاستمرار بالعمل عن بعد بالكامل، في حين يفضل 61% منهم العمل من المنزل يومين أو 3 أيام في الأسبوع، أما من يرغبون في العودة إلى العمل من مقر الشركة بالكامل، فتصل نسبتهم إلى 18% فقط. قد تتفاوت هذه النسب في فريقك، لكن يجب أن تتوقع ألا تبتهج الغالبية العظمى من الموظفين عندما تعلن مؤسستك توقعاتها حول العودة إلى العمل في مقرها.
لذا، بوصفك قائداً، كيف ستحافظ على حماس فريقك في أثناء انتقال شركتك؟ بطبيعة الحال ستسهم عدة عوامل خارجة عن سيطرتك في تحديد ذلك، مثل درجة المرونة التي تتيحها المؤسسة. لكن كلما ازدادت قدرة الموظفين على تحديد بنية العمل الجديدة التي سينتقلون إليها، قلّت مقاومتهم للانتقال. بعد وضع الأمور الخارجة عن السيطرة جانباً، إليك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها كي تسهّل انتقال الجميع إلى الواقع الجديد في الشركة مهما يكن وضعه.
6 خطوات يمكنك اتخاذها من أجل العودة إلى العمل في مقر الشركة بشكل صحيح
تعامل بشفافية من دون أن تكون ضحية
عندما لا يتطابق مستوى المرونة الذي يمكنك تقديمه للموظفين مع توقعاتهم، استمع لمخاوفهم وما يحبطهم بتعاطف. تعامل بأكبر قدر ممكن من الشفافية فيما يتعلق بالمنطق الذي تبني عليه المؤسسة سياساتها المتبعة. لا تقدم أجوبة مثل: "أعتذر، لكن الأمر خارج عن سيطرتي" لأنها تشير إلى عجزك واتخاذك موقفاً دفاعياً، ما سيثير غضبهم أكثر على الأرجح. وضح المخاوف بسرعة وتواصل باستمرار.
سيفترض الموظفون أنك تملك أجوبة أكثر مما تملكه حقيقة عن السياسات والإجراءات المتبعة، وقد تُطرح عليك أسئلة ليس لها أجوبة مرضية. لذا، سيكون تعلم تقديم أجوبة صادقة أساسياً في إظهار كفاءتك في القيادة. يجب أن تنبه الموظفين مسبقاً إلى أي تغييرات وشيكة تسمع عنها، وأن تخبر موظفيك عما تفعله كي يتمكنوا من متابعة ما يحدث باستمرار. عن طريق إدارة توقعات الآخرين بفاعلية، ستساعد على ضمان ألا تصبح هذه التوقعات عراقيل في وجه عملية الانتقال المعقدة أساساً.
أشرك الفريق في موازنة الاحتياجات الفردية والجماعية
إذا كنت تتمتع بشيء من السلطة التقديرية بشأن تنفيذ سياسات العمل من المنزل ضمن فريقك، فيجب عليك تحديد طريقة لتطبيق هذه القواعد على ظروف فرد معين دون أن تكون مجحفة بحق الآخرين. من الضروري إعادة التلاحم إلى الفريق بعد تفرّق أفراده على مدى فترة طويلة من الزمن، لذلك يجب ألا تبدأ العمل مع شعور بعض الأفراد بالاستياء من المرونة التي تخصّ بها بعضهم الآخر.
أشرك موظفيك عند الإمكان في التوصل إلى أفضل الطرق لاستخدام السلطة التقديرية التي تتمتع بها، اسمح لكل منهم بالتعبير عن احتياجاته وتفضيلاته، وكلف الفريق بالتوصل إلى طريقة لتحقيق التوازن بينها ضمن ما هو متاح. على سبيل المثال، قد يكون لدى الأب الوحيد أو الأم الوحيدة احتياجات تتعلق بالمرونة مختلفة عن احتياجات من يعتنون بشخص مسنّ. سيميل الموظفون إلى التعامل بمرونة أكبر، بل وإلى التضحية أكثر من أجل الفريق عندما يكون لديهم الخيار في ذلك.
شجع أفراد الفريق على إنشاء ممارسات جديدة في العمل يلتزم الجميع بها فيما يتعلق بمكان أداء العمل ووقته. على سبيل المثال، احرص على أن تتيح في جميع الاجتماعات إمكانية المشاركة عبر اتصال الفيديو كي يشارككم الموظفون الذين يعملون من المنزل بدرجة مساوية. أو حدد ساعات معينة يكون جميع الأفراد متاحين عبر الإنترنت في أثنائها، مثلاً من 11 صباحاً حتى 2 عصراً، مع وضع حدود عطلة نهاية الأسبوع التي يتوقع من الجميع عدم الاتصال بالإنترنت بخصوص العمل ضمنها. وفي الاجتماعات الأطول، اطلب من جميع المشاركين الانضمام عبر أجهزة الكمبيوتر بغض النظر عما إذا كانوا يعملون من منازلهم أو في مكاتبهم ضمن مقر الشركة كي لا يشعر أي منهم بأنه منعزل عن البقية. سيشعر الموظفون بالتزام أكبر تجاه الحلول التي يسهمون في إنشائها، وقد يؤدي إبداعهم إلى تنشيطهم وزيادة حماسهم للانتقال، ما سيهدئ أي خوف قد ينتابهم.
أفسح مجالاً للحزن
قد يرى البعض في الانتقال من نموذج العمل من المنزل خسارة أعمق من فقدان القدرة على التحكم بأوقاتهم، بغضّ النظر عن المرونة التي تتيحها لهم. فبعض الموظفين فقدوا أحباباً لهم بسبب جائحة "كوفيد-19"، لكن لم تسنح لهم فرصة توديعهم، في حين تمكن البعض من تجديد علاقاتهم مع شركاء حياتهم والتقرب من أطفالهم أكثر، بينما طور البعض الآخر عادات روتينية شخصية يستمتعون بها، وسيضطرون الآن للتخلي عنها. مهما تكن المرحلة القادمة "إيجابية"، أتح للموظفين مجالاً للحزن على ما خسروه في الفترة الماضية. يمكن للحزن أن يأخذ عدة أشكال، فقد يتمثل لدى البعض في الهدوء الشديد أو الإيجاز الشديد أو قد يتسبب بامتلاء عيني أحدهم بالدموع إذا ما أتى أحد زملائه على ذكر عائلته. إذا أنشأت مجالاً يتيح للموظفين التنفيس عما عاشوه على مدى 18 شهراً فستمكنهم من زيادة تقبلهم للوضع الطبيعي الجديد الذي تدعوهم إلى المساعدة على إنشائه.
لا تثقل كاهلهم بتناقضك
كن صادقاً مع نفسك بشأن ما تعاني منه في العودة إلى العمل في مقر الشركة، فأنت أيضاً ستضطر إلى التأقلم ولربما كانت لديك مشاعر مختلطة حول ما ستضطر لتركه.
في حين أن إبداء ضعفك أمام فريقك حول الصعوبات الشخصية التي تواجهها قد يبني روابط أعمق معهم، إلا أن عليك الحذر من المبالغة فيه. بوصفك قائداً، احرص على فهم الفرق بين قول: "أفهم تماماً ما تعنيه العودة إلى العمل من مقر الشركة بالنسبة لكم كآباء، فأنا أيضاً سأفتقد الوقت الذي كنت أقضيه مع طفلي ذي الأعوام الأربعة" وقول: "صدقني، أنا أعرف أن العودة إلى المكتب بغيضة جداً. فأنا لم أكن لأعود إذا لم أجبر!". إذا كنت بحاجة إلى ملاذ آمن يتيح لك التنفيس عن مشاعرك، فاستعن بمدرب أو صديق مقرب، ولا تنس أن أفراد فريقك يتبعون خطاك.
وحّد قصص الجائحة
على الرغم من عدم قدرتنا على الفرار من الأحداث المروعة التي شهدناها في الجائحة، فقد اكتسب البعض فوائد ومعارف غير متوقعة. وقعت بعض العثرات التي التقطتها كاميرات الفيديو في أثناء العمل من المنزل عندما تحولت المطابخ وطاولات الطعام إلى قاعات دراسية ومكاتب. كما تفاجأ البعض عندما اكتشفوا قدرتهم على التحمل والابتكار وتعرفوا على حدودهم الشخصية التي تتطلب تعلم التعاطف الذاتي. تنظم إحدى الشركات التي أتعامل معها احتفالاً بالعودة إلى مقر الشركة، وتعتزم إنشاء كتاب قصاصات رقمي يجمع القصص المفضلة عن الجائحة لدى كل فرد من أفراد الفريق. ستتمكن من مساعدة أفراد فريقك على تجديد نظرة بعضهم إلى بعض عن طريق مشاركة الجوانب التي عاشها كل منهم في أثناء الجائحة على مدى 18 شهراً. لن يرجع أي منا كما كان قبل عام ونصف، وإنشاء تجربة خاصة للتعرف على الشخصية الجديدة لكل منكم سيجدد الروابط بين أفراد الفريق وقدرتهم على تقبل الوضع الجديد المقبل.
كن مصدراً للفرح
تتمثل إحدى أفضل الطرق لتهدئة الخوف الذي قد يشعر به فريقك في خلق جو من المرح. لا بد أن الموظفين يفتقدون أشياء معينة في جو المكتب، كالعادات التي كان أفراد الفريق يستمتعون بها والاحتفالات التي توقفوا عن إقامتها وفرصة الابتعاد عن الكاميرا والتحرر من الشعور بالانعزال. أجرت شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" دراسة استقصائية في شهر يونيو/حزيران من عام 2020 تبين من خلالها أن 50% من الموظفين شعروا بأن التعاون مع الآخرين وبناء العلاقات يكونان أفضل في التعامل وجهاً لوجه، لذا ساعد موظفيك على إدراك الطرق الجديدة التي ستتيح لكم استعادة هذه الأمور ما أن يعود الجميع إلى مقر العمل. والفكاهة التي تستخدم على نحو مدروس قادرة على خلق جو من المرح، يمكنك مشاركة قصص عن الفوضى التي عشتها في أثناء عملك من المنزل ليشعر أفراد الفريق بالأمان ويتبعوا خطاك. بوصفك قائد الفريق، تعتبر هذه الفترة أفضل وقت لإبداء استعدادك لخدمة الآخرين، وفعل كل ما بوسعك لتخفيف وطأة الانتقال على أفراد فريقك الذين يعانون من صعوبته. وإظهار الدعم الصادق الآن سيبني ولاء أفراد الفريق والتزام كل منهم تجاه الآخرين وتجاه أهداف أداء الفريق على مدى العام المقبل.
كان الانتقال إلى نموذج العمل من المنزل صعباً بدرجة كبيرة، لكن العودة إلى العمل في مقر الشركة قد تكون أكثر صعوبة بكثير. ستبحث أدمغتنا عن أعمال روتينية مألوفة كي "تعود" إليها، لكنها لن تعثر عليها، عندئذ ستضطر إلى بذل طاقة إضافية للتكيف مع الوضع بسرعة. سيستدعي هذا الانتقال منا إحضار أفضل نسخة عن أنفسنا إلى مقر العمل والكشف عن القوة الكبيرة التي منحتنا إياها الجائحة. عندما تدرك ذلك سيكون لدورك بصفتك قائد الفريق أهمية كبيرة في مساعدة الآخرين على تجاوز هذه النقلة بواسطة الأمل واللطف والصبر من أجل ضمان أن يتحلى الجميع بهذه الصفات أيضاً.