ماذا تفعل عندما يتعين عليك العمل مع شخص لا تحبه؟

3 دقائق
العمل مع شخص لا تحبه

يعمل إيهاب مثلي، كاتباً ومتحدثاً ورئيساً لشركة استشارية. وبقدر ما أعرف عنه، فهو شخص عمليّ ومحترم وأمين ويحظى بشعبية كبيرة. وفي إحدى المرات، طلبت منَا سيدة نعرفها كلانا أن نتعاون في مشروع ما، وكان هناك بالتأكيد منفعة مشتركة لعملنا سوياً.

كل شيء يبدو رائعاً، ما عدا أنني لا أحب إيهاب. فيه شيء يثير أعصابي. إنه يبدو أنانياً أو محباً لذاته أو مغروراً. لا أعلم تحديداً ما هو هذا الشيء، لكني أعلم أنني لا أحبه. وأخبرت تلك السيدة التي أرادت منَّا العمل سوياً بذلك، وأخبرتني بأنه أنه يجب أتجاوز أن الأمر، وقالت: "ليس عليك أن تحبه، لكن عليك أن تتحلى بالذكاء لتعمل معه".

إذاً، كيف يمكنك أن تعمل مع شخص لا تحبه؟

أنا لا أتحدث ببساطة عن شخص يسبب لك الإحباط لأنه لا يجيد التواصل مع الآخرين أو لأنه غير قادر على إدارة الاجتماعات. بالطبع، لأمر مزعج أن تتعامل مع من يضيّع وقتك، خاصة إذا كنت تعلم أنه يمكنك تحقيق نتائج أفضل. ولكن، يختلف هذا الأمر عن العمل مع شخص لا تحبه. فقط فكّر في اختلاف استجابتك في الحالتين، أن تعمل مع شخص تحبه ولكن لا يمكنه إدارة اجتماع (وتريد أن تساعده) وأن تعمل مع شخص لا تحبه (وتريد أن تتوقف عن العمل معه، أو تقتله إن طالت مدة الاجتماع كثيراً).

النصيحة التي ستسمعها عادة عن العمل مع أشخاص لا تحبهم هي ببساطة عدم التعامل معهم من منظور شخصي. فقط تعامل معهم ضمن حدود العمل المطلوبة ثم اتركهم. بمعنى آخر ، تحمَل واصبر فما باليد حيلة.

ولكني اكتشفت أنه من المستحيل تقريباً فعل ذلك. إذ يدفعنا التعامل مع من لا نحبهم إلى الجنون ويجعلنا نضيّع الكثير من الوقت في الشكوى منهم أو الشعور بالتوتر حيال حوار نريد أن نجريه معهم.

وليس هذا هو الأمر الأسوأ، فالمشكلة الأكبر هي أنك عندما لا تحب شخصاً ما، على الأغلب هو يعلم ذلك، ما يدفعه إلى مبادلتك الشعور ذاته. وإذا كنت تعتقد أن العمل مع شخص لا تحبه أمر صعب، فجرّب العمل مع شخص لا يحبك. الأمر بسيط حقاً. فالشخص الذي تنسجم معه، سيجد طريقة ما لمساعدتك، أما من لا تنسجم معه، فسيجد طريقة لعرقلتك.

يجب عليك أن تكون محبوباً لتتمتع بالعديد من المزايا المضمونة. فوفقاً لأحد الأبحاث، كلما كنت محبوباً أكثر، تمتعت بحياة أسهل وإنتاجية أكبر وحققت أرباحاً أكثر. ما يعني أن تعاملك مع شخص لا تتقبله، سيشكل خطراً عليك، حتى وإن تحملت وصبرت.

وبالتالي، إذا لم ينجح التحمّل والصبر، فما البديل؟

فكّر لبرهة، لماذا لا تحب هذا الشخص. ربما تظنه جشعاً أو أنانياً أو متسلطاً أو شديد اللؤم. أي أن لديه بعض العيوب في شخصيته أو بعض الصفات السيئة التي تزعجك، مثل وجهة نظري في إيهاب، الذي أراه أنانياً ومحباً لذاته ومغروراً.

الآن، وهذا هو الأمر الأصعب، فكّر في الجزء المظلم في نفسك، سوف تجد جزءاً صغيراً من هذه الصفات بداخلك. هل يمكن أن تكون جشعاً أو أنانياً أو متسلطاً أو لئيماً؟ هل تكره هذا الجانب في نفسك حقاً؟ هل تتمنى لو يمكنك الابتعاد عنه؟ تماماً كما تتمنى الابتعاد عن ذلك الشخص الذي لا تحبه. وبعبارة أُخرى، لا يمكنك على الأغلب تحمّل هذا الشخص في الأساس لأنه يذكّرك بصفة لا يمكنك تحملها في نفسك.

وفجأة، يصبح العمل مع أشخاص لا تحبهم أكثر متعة مما تتصور. فمحاولة فهمهم بشكل أفضل وتقبّلك للجوانب التي لا تحبها فيهم، هي في الحقيقة محاولة لفهم نفسك أكثر وتقبّل الجوانب التي لا تحبها فيها.

إذاً، ما عليك فعله لتتجاوز عدم محبتك لشخص ما، هو أن تتجاوز عدم محبتك لنفسك. وعندها، يمكنك تحقيق منفعة من هذا الشخص، حيث يمكنك الاستفادة منه لفهم نفسك أكثر.

فكّر في السبب الذي يجعلك تواجه مشكلة في التعامل معه. ما الذي يفعله ويضايقك إلى هذا الحد؟ تجاهل عدم قدرته على إدارة الاجتماعات أو كتابة رسالة بريد إلكتروني جيدة، وفكّر فيما يزعجك حقاً. ما هي الصفة الشخصية أو السلوك الذي يشعل غضبك أو يثير اشمئزازك فيه؟ ما الذي تكرهه فيه؟ وبعدها، فكّر كيف يمكن أن تكون هذه الإجابات انعكاساً لما يوجد بداخلك. إنَها لعبة، وأنت تربحها عندما تجد هذا السلوك المكروه داخل نفسك.

بالنسبة لي، كان إيهاب انعكاساً لتلك الصفات التي أكرهها في نفسي، فهو يمثل الطريقة التي أتصرف بها بأنانية وغرور.

كم مرة أحسست فيها بجشع أو أنانية أو تسلط أو لؤم بداخلك؟ هل يمكنك رؤيته؟ هل ترى شعورك بالانجذاب والاشمئزاز في الوقت نفسه؟ هل يمكنك الاعتراف أن هذه الصفات ليست سيئة أو جيدة؟ هل يمكنك تقبّل الطبيعة البشرية المعقدة بداخلك؟ هذا هو سر تعاطفك مع نفسك. وتعاطفك مع نفسك هو سر تعاطفك مع الآخرين. ودون أن تشعر، ستجد أنك بدأت في تقبّل أشخاص لم تحبهم قبل قط. وقد تجد نفسك تساعدهم على إدارة تلك الاجتماعات بطرق أفضل.

الآن، أصبح سهلاً بالنسبة لي أن أرى نفسي في إيهاب، فيمكن أن أكون كذلك أنانياً ومحباً لنفسي ومغروراً. وفي الحقيقة، لا يزال من الصعب عليّ الاعتراف بذلك، خاصة في كتاباتي، إلا أن هذه الصفات جزء مني، ولكن بالدرجة المطلوبة، وفي الواقع هي تخدمني جيداً.

وإليكم الميزة الإضافية لهذا الاعتراف، أنا الآن أحب إيهاب.

تم تغيير الأسماء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي