عقلية العمل المعتمد على البيانات تبدأ من القمة

3 دقائق
العمل المعتمد على البيانات

نحن الآن نخوض ثورة في مجال التحليلات بسبب العمل المعتمد على البيانات. وهناك العديد من العوامل التي تقود التغيير، اثنان منها أكثر أهمية من البقية. العامل الأول هو حدوث زيادة كبيرة في كمية البيانات الرقمية الثمينة التي يولدها العاملون والمستهلكون بينما نمضي في حياتنا اليومية. والعامل الثاني هو التطورات التكنولوجية، مثل تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي ومنصات الحوسبة السحابية التي تتيح لنا تفسير هذه الكميات الهائلة من البيانات والاستفادة منها.

خطوات من أجل تبني العمل المعتمد على البيانات

ومع ذلك، فإن الشركات التي تتفوق في إجراء هذه التحليلات لديها ما هو أكثر من إمكانية الوصول إلى البيانات والتقنيات العظيمة. فهي تدرك أن نجاح تلك التحليلات يتطلب أيضاً أن يتحلى مسؤولوها التنفيذيون بعقلية تحليلية، مع ترسيخ الثقافة التحليلية داخلها. ما يعني أنه من المهم للغاية جلب التكنولوجيا لتصبح في متناول الناس. هناك خطوتان سهلتان يمكن للشركات اتخاذهما لفعل ذلك.

1) ضمان أن المسؤولين التنفيذيين يمتلكون قدرات تحليلية قوية

فقط عندما تتوافر الخبرة العميقة في المستويات العليا من المخططات التنظيمية، سيسود الميل إلى صناعة القرار القائمة على الأدلة في أرجاء المؤسسة كلها. من الشائع تفويض مسؤولية نمذجة التحليلات إلى الموظفين المبتدئين، ما يعيق ترسيخ العقليات التحليلية حقاً، فيتطلب مجال التحليلات، مثل غيره من التخصصات الأخرى، خبرات ومهارات إضافية لا يمتلكها الموظفون المبتدؤون على الأرجح. كما تضم جوانب الخبرة الأساسية: الفهم العميق لمجموعات البيانات التي يُجرى تحليلها، والقدرة على إدراك نواحي القصور فيها وتحيزاتها المحتملة. وأيضاً، يُعد فهم كيفية تصميم البحوث بشكل صحيح من المهارات الضرورية، وكذلك المعرفة بمفاهيم القياس الأساسية مثل الموثوقية والصلاحية. من دون معرفة متعمقة بالبيانات والتطبيق المناسب للتقنيات التحليلية، قد نصل إلى استنتاجات خاطئة، ونتخذ قرارات وإجراءات دون المستوى الأمثل.

اقرأ أيضاً: طريقة مبتكرة تستند إلى البيانات لتوظيف الموهوبين

من المهام الأساسية الأخرى التي تتطلب توجيهاً على المستوى التنفيذي، مهمة تطبيق حوكمة البيانات بصورة سليمة، لأن إجراء التحليلات على نطاق واسع يتطلب بيانات جيدة، بداية من تحديد الهيكل والبنية التحتية والأدوار والمسؤوليات إلى الإدارة المستمرة والإشراف على البيانات كلها، والتحقق منها وتخزينها واستخدامها. كما يجب احترام معايير خصوصية البيانات والتقيد بها، وأيضاً يجب ممارسة الإدارة الرشيدة الجديرة بالثقة. فهذا المستوى من الاستثمار في حوكمة البيانات والالتزام بها لا بد أن ينبع من المناصب العليا، وصولاً إلى المناصب الأدنى.

وبدلاً من تفويض مسؤولية إجراء التحليلات إلى المستويات الأدنى في المؤسسة، من الضروري تخصيص عدد من المناصب التنفيذية للأشخاص ذوي الخبرات الحقيقية في مجال التحليلات، مع دفع الأشخاص الذين يمتلكون المعرفة والمهارات المطلوبة لشغل مناصب أعلى. فالاختبار الحقيقي للقدرة يتمثل في الأسئلة التالية: إذا اقتضت الضرورة القصوى، هل يستطيع المسؤولون التنفيذيون تطبيق النماذج الإحصائية وتفسيرها بأنفسهم؟ وهل سيكونون قادرين على حماية استخدامهم للبيانات والدفاع عن استنتاجاتهم؟ إذا لم يتمكنوا من فعل ذلك، فمن غير المرجح أن يكونوا هم الأشخاص المناسبين للاضطلاع بأدوار تنفيذية في مجال التحليلات.

2) تطوير عادات تدعم التفكير التحليلي

هذا يُثير السؤال المتعلق بما يمكن فعله مع الموظفين غير التنفيذيين. الموظفون غير التنفيذيين مهمون لأن عددهم أكبر بكثير من المسؤولين التنفيذيين، كما أن أفضل التقنيات التحليلية تفشل إذا لم تكن هناك ثقافة تستدعي الانتباه للبيانات. والسر يكمن في إدراك أنه رغم عدم إمكانية أن نصبح جميعاً من صفوة المحللين الكميين، يوجد مستوى من الكفاءة يمكننا جميعاً الوصول إليه. ولحسن الحظ، القدرات الفطرية وحدها لا تُحدد ما إذا كان بإمكاننا الوفاء بهذا المعيار. كما أن العادات التي نُطورها، والأنشطة التي نشارك فيها عند اتخاذ القرارات، تُحدد هي أيضاً مستوى الكفاءة. فبدلاً من ترك العادات والأنشطة تتطور وتتشكل بالصدفة، يمكن تخصيص فترة في اليوم لممارسة الأنشطة التي تُشكل لدينا عادات مرتبطة بالتفكير التحليلي.

اقرأ أيضاً: علم البيانات المدفوع بالفضول

اسأل نفسك: ما هي المشكلات التي تواجهك وتحتاج إلى إجابة تحليلية؟ ما هي المعلومات المطلوبة؟ من أين ستحصل عليها؟ كيف سيتم تحليلها لتثمر عن استنتاجات؟ ما هي الخطوات التي يمكنك اتخاذها للتأكد من أن استنتاجاتك مناسبة؟ يمكن أن بؤدي تحويل هذا التفكير التحليلي إلى نشاط يومي إلى تعزيز تبني العقلية المطلوبة لتحقيق الازدهار. ويمكن للشركات أيضاً تشجيع تبني هذه العقلية، من خلال مكافأة الموظفين على مجهوداتهم بإتاحة الفرص أمام المشاريع، والترويج الإيجابي للتقنيات التحليلية المناسبة حتى عندما تسفر عن نتائج بلا قيمة، وإنشاء أكاديميات للتعلم تحدد أنشطة ينبغي للعاملين إتمامها لتنمية قدراتهم التحليلية.

اقرأ أيضاً: صناعة المياه وتبني البيانات والاستفادة منها

إن ضمان تحلي المناصب العليا في المؤسسة بالمعرفة المناسبة، وبناء عقلية تحليلية من خلال ممارسة أنشطة روتينية يومية، سيمهدان الطريق أمام النجاح. والمؤسسات التي تستثمر في خبرات المناصب العليا وتعزز ممارسة الأنشطة التحليلية اليومية ستكون هي الأقدر على الاستفادة الكاملة من البيانات والتقنيات المتوفرة بكثرة في وقتنا هذا، وبلا شك سوف تتوسع وتتطور في المستقبل بسبب تزايد العمل المعتمد على البيانات.

اقرأ أيضاً: طرق تساعدك لاستخدام البيانات في حل معضلات العمل

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي