تلقينا مؤخراً دعوة إلى ورشة حول استراتيجية الذكاء الاصطناعي قادها رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في إحدى الشركات، ولنسمه بهاء. جمعت الجلسة أعضاء مجتمع الذكاء الاصطناعي الداخلي في المؤسسة وهدفت إلى مناقشة الأولويات الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي. كان الحاضرون جميعهم ملمين بالذكاء الاصطناعي، وكانت الورشة غنية بالمناقشات وجلسات العصف الذهني والتخطيط.
طلب بهاء منا تقديم ملاحظاتنا في نهاية الورشة، وأجبنا بسؤال بسيط: "هل لاحظت أننا لم نستخدم الذكاء الاصطناعي في هذه الورشة؟".
توقف بهاء متعجباً، واعترف قائلاً: "لم أفكر حتى في استخدام الذكاء الاصطناعي في عملنا الجماعي". بهاء ليس وحده في ذلك؛ إذ لا حظنا مراراً أنه حتى أكثر الأشخاص تمرساً في المجال يتبعون الممارسات والعادات الروتينية التي كانت سائدة قبل ظهور هذه التكنولوجيا عند ممارسة العمل التعاوني، مثل الاجتماعات اليومية القصيرة وجلسات العصف الذهني والاجتماعات الخارجية واجتماعات التخطيط ومراجعات الاستراتيجية. هذا ليس تضييعاً لفرصة ثمينة فحسب، بل يمثل قصوراً منهجياً تمتد جذوره إلى كل ركن من أركان المؤسسة؛ إذ تخفق الفرق في تحقيق الفوائد الكاملة من هذه التكنولوجيا، مثل تحسين الإنتاجية وزيادة دقة عملية التفكير وتسريع صناعة القرار والتوصل إلى توافق أعمق وعدد أكبر من الأفكار المبتكرة.
بعد أن تأمل بهاء في ملاحظاتنا، أقر بأنه كان من الممكن الحصول على فوائد أكبر بكثير من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي قبل ورشة العمل وفي أثنائها وبعدها. مع ذلك، لم يكن المعوق تقنياً، بل متعلقاً بالعقلية. اعترف بهاء بأن استخدام الذكاء الاصطناعي لم يخطر بباله إلا بعد أن طرحنا سؤالنا. هذه هي المشكلة بالضبط: عندما يتبع المدراء الآليات المتبعة تقليدياً، فإنهم يفوتون فرص إحداث تحول أعمق في العمل، ليس فقط في الورشة المعنية وحدها، بل على نطاق واسع. إذا أخذنا في الاعتبار أن المدراء لا يستفيدون من إمكانات الذكاء الاصطناعي في مختلف أشكال العمل التعاوني، من ورشات العمل والاجتماعات إلى الجلسات التعاونية التي تعقد في مختلف أنحاء المؤسسة، يصبح من الواضح أن عواقب التراخي في هذه المسألة كبيرة. سيظل أثر الذكاء الاصطناعي في مكان العمل محدوداً إلى أن تعيد المؤسسات تصور هذه النشاطات التعاونية باستخدام هذه التكنولوجيا.
قدرة الذكاء الاصطناعي على رفع مستوى العمل التعاوني ليست نظرية فحسب؛ فثمة مدراء يعدلون بالفعل النهج التقليدية ويدمجون الذكاء الاصطناعي في طرق التعاون والتفكير وصناعة القرار. في محاولة لتحديد أفضل الممارسات الناشئة، أجرينا بحثاً نوعياً وتجارب ميدانية وراقبنا أكثر من 100 مدير يعملون في مجموعات صغيرة تتألف من 3-4 أشخاص. كانت النتائج مذهلة؛ إذ أفاد ثلثا المدراء بأن جودة مخرجاتهم ازدادت عندما استخدموا الذكاء الاصطناعي في العمل التعاوني. ذكرت نسبة مقاربة أن استخدام الذكاء الاصطناعي أسهم في خفض المخاطر بفعالية أكبر. كان المدراء أكثر ميلاً للتشكيك في مخرجات الذكاء الاصطناعي (إذ قال بعضهم: "شككنا في مخرجات الذكاء الاصطناعي على نحو استباقي")، كما أنهم أجروا المزيد من التجارب (إذ قال بعضهم: "جربنا أساليب مختلفة وقارنا بين الأوامر النصية") واتبعوا طرقاً أعمق في التأمل (إذ قال بعضهم: "شجعت النقاشات بين أعضاء الفريق على استخدام الذكاء الاصطناعي على نحو مدروس أكثر وأقل تسرعاً").
كشف بحثنا 3 طرق رئيسية يجب مراعاتها عند دمج الذكاء الاصطناعي في العمل الجماعي، وهي استخدام الذكاء الاصطناعي للتحضير للاجتماعات ولتيسيرها واستخدام المشاركين جميعهم له في الاجتماعات. إذا أردت جعل أدوات الذكاء الاصطناعي جزءاً من فريقك، فعليك أن تراعي انسجام الفريق.
التحضير للاجتماعات
يستفيد القادة من الذكاء الاصطناعي قبل الاجتماعات وورش العمل في تحضير المواد أو النماذج أو وضع المبادئ التوجيهية التي سيتبعونها في هذه النشاطات. على سبيل المثال، استخدمت الرئيسة الإقليمية للاستراتيجية في إحدى شركات السيارات، ميسون، الذكاء الاصطناعي التوليدي للتحضير لاجتماع تخطيط الاستراتيجية. لم يكن هدفها تنظيم الجلسة فقط، بل زيادة جودة النقاشات التي يجريها الفريق.
استخدمت ميسون الذكاء الاصطناعي لتنسيق المحتوى التحضيري وإنشاء المواد المخصصة للقراءة قبل الاجتماع، ثم أرسلت هذه المواد إلى المشاركين في الاجتماع مع أمر نصي منظم لاستخدامها مع الذكاء الاصطناعي استعداداً للاجتماع ينص على ما يلي: "استناداً إلى هذه الوثيقة، أرشدني عبر حوار من 3 خطوات لاستخراج الرؤى وتحديد الأسئلة الاستراتيجية والتأمل في الآثار المترتبة عليها. اطلب اقتراحاتي وملاحظاتي بعد كل خطوة". تساعد هذه الأوامر النصية التفاعلية المشاركين على الاستعداد للجلسة على نحو أفضل؛ إذ يطلعون على المحتوى المخصص للقراءة قبل الاجتماع بسهولة ويفكرون في النقاط الرئيسية ويطرحون الأفكار الأولية، ما يمكنهم من وضع أسس النقاشات الجماعية الأشد تركيزاً والأكثر إنتاجية.
استفادت ميسون أيضاً من الذكاء الاصطناعي في وضع هيكلية الاجتماع، وعملت معه على صياغة الأسئلة الاستراتيجية التي ستناقشها في الاجتماع ووضع جدول الأعمال وإنشاء القوالب والتعليمات الخاصة بالعمل الجماعي. تناقشت ميسون مع الذكاء الاصطناعي حول تقنيات التيسير الأكثر شيوعاً واختارت واحدة منها بناءً على أهداف الاجتماع وملفات تعريف المشاركين والديناميات السابقة للمجموعة. بما أن ميسون تعلم نقاط الخلاف ووجهات النظر المتعارضة فيما يتعلق ببعض الموضوعات، خصوصاً بين قسمي الماليات وتكنولوجيا المعلومات، فقد استعانت بالذكاء الاصطناعي للتفكير في الصراعات المحتملة التي قد تنشأ في أثناء النقاش والتنبؤ بها.
يجدر الذكر أن ميسون لم تستخدم الذكاء الاصطناعي وحدها، بل تعاونت مع خبراء هذه التكنولوجيا لمراجعة المواد المخصصة للقراءة قبل الاجتماع التي أنشأتها بالتعاون مع الذكاء الاصطناعي والتحقق من صحتها قبل إرسالها إلى المشاركين. تعتقد ميسون أن عملية التحضير للاجتماع المعتمدة على الذكاء الاصطناعي نجحت؛ إذ تقول: "تواصل معي المشاركون بعد الاجتماع لتعلم المزيد عن الطريقة المبدعة التي طبقتها لإعداد ورشة العمل باستخدام الذكاء الاصطناعي، وكذلك للتعبير عن إعجابهم بمبادئ التيسير التوجيهية والأسئلة الهيكلية التي وجهت المحادثة بفعالية". كانت ملاحظات المشاركين إيجابية جداً لدرجة أنها أثارت فكرة تنظيم هذه الطريقة في المستقبل. تمثلت الفائدة البارزة التي ذكرها المشاركون في الجودة الاستثنائية للنقاش والمستوى العالي من الدقة في التفكير والمحاكمة مقارنة بالورشات التقليدية.
حالة ميسون ليست سوى مثال واحد على العديد من الحالات التي لاحظناها وساعدتنا على تحديد بعض النصائح والمحاذير العملية. فيما يلي بعض النصائح والمحاذير الرئيسية عند استخدام الذكاء الاصطناعي لتحضير جلسات العمل الجماعي:
ما يجب فعله
شارك عملية التحضير. شجع المشاركين على التفاعل مع المحتوى التحضيري باستخدام الأوامر النصية بدلاً من أن تطلب منهم قراءة المحتوى فقط. يبين مثال ميسون أن الدعوة للقراءة وحدها لا تكفي؛ إذ يجب أن توفر أمراً نصياً أو أمرين جاهزين للاستخدام. من المحبذ صياغة الأوامر النصية بعناية لإثارة حوار تفاعلي ومخصص وثنائي الاتجاه مع الذكاء الاصطناعي بصفته شريكاً في التفكير.
محاكاة ديناميات الفريق. بالإضافة إلى إعداد المحتوى، استخدم الذكاء الاصطناعي للتفكير في أصحاب المصالح والاهتمامات ووجهات النظر التي ستظهر في الاجتماع، والتنبؤ بالديناميات الشخصية والجماعية التي قد تظهر في أثناء النقاش الجماعي. جرب الأمر النصي المنظم التالي: "أنا أحضر عرضاً تقديمياً حول [شرح موجز للموضوع] للمشاركين التاليين: [قائمة بأسماء الحضور]. استناداً إلى تفاعلاتهم السابقة معي (من رسائل البريد الإلكتروني أو الدردشات أو محاضر الاجتماعات)، ساعدني على التفكير في الاستجابة المرجحة لكل مشارك والتفاعل المحتمل لوجهات نظر المشاركين". هذه الأوامر النصية فعالة بصورة خاصة عندما يكون الذكاء الاصطناعي مدمجاً في مجموعة أدوات المؤسسة، ما يعني أن لديه إمكانية الوصول إلى المعلومات حول المشاركين والنقاشات الجماعية السابقة.
توفير التفاصيل السياقية. تذكر تضمين السياق الفريد لفريقك في العملية وليس فقط في البداية، وإلا فقد تكتفي أداة الذكاء الاصطناعي بتقديم مخرجات قياسية وسطحية. أنت تعرف ثقافة مؤسستك وديناميات فريقك وما جعل العمل التعاوني مفيداً من قبل. عندما تدمج تجربتك الحياتية وقيمك والتفاصيل الدقيقة حول عملك في العملية، تصبح نتائج العمل التعاوني بين الإنسان والذكاء الاصطناعي هادفة أكثر بكثير بالنسبة للمنظم و(أو) الميسر والمشاركين في الاجتماع جميعهم على حد سواء.
ما يجب تجنبه
لا تحضر بمفردك. يسرع الذكاء الاصطناعي عملية التحضير، لكن هذا لا يعني أنك يجب أن تعمل بمعزل عن الآخرين. خصص الوقت للتفكير وشارك المسودات مع الخبراء قبل توزيع المذكرة على المشاركين. ينطبق ذلك أيضاً على الأوامر النصية الجاهزة للاستخدام التي تخطط لمشاركتها قبل الجلسة. اختبر جودة الأوامر مع أحد الزملاء واجمع الملاحظات واضبطها قبل إرسالها.
تيسير الاجتماعات
النهج الثاني لإشراك الذكاء الاصطناعي في الاجتماعات هو استخدامه لتيسيرها. وفق هذا النهج، يشغل أحد الأجهزة أداة الذكاء الاصطناعي التي تشارك بعد ذلك في نقاشات الفريق. قد يتطلب ذلك الاستعانة بشخص للكتابة أو الإملاء نيابة عن المجموعة، أو الاستفادة من ميزة المحادثة التي تتيح إجراء المحادثات مع الأداة لجعلها تتفاعل مع النقاش وتسهم فيه بسلاسة أكبر. على سبيل المثال، قاد مدير الابتكار في إحدى شركات التجارة بالتجزئة، جمال، مشروعاً لتطوير خدمة جديدة. يستخدم جمال في كل اجتماع للفريق جهاز الكمبيوتر المحمول ويستفيد من الذكاء الاصطناعي بصفته دليلاً منهجياً يدعم النقاش ويقدم أمثلة على أفضل الممارسات ويحدد النقاط المبهمة ويجمع الرؤى. يفعل جمال الميكروفون في أثناء جلسات العصف الذهني للفريق، ما يجعل التجربة عفوية أكثر.
اعتماداً على مرحلة العمل الجماعي، يستطيع الذكاء الاصطناعي أداء أدوار مختلفة بصفته عضواً إضافياً في الفريق يشارك في الاجتماع. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قادر على أداء المهام العادية، مثل تدوين الملاحظات أو تتبع الوقت، فإنه قادر أيضاً على أداء أدوار ظرفية أكثر عند تفعيله في لحظات محددة لتعزيز سير عمل الفريق. عندما تبحث عن الرؤى، يمكنك أن تطلب من الذكاء الاصطناعي أداء دور الباحث أو الشارح و(أو) الموضح، أو محاكاة شخصيات المستخدمين.
لنعد إلى حالة جمال. في بداية كل مرحلة من مراحل ورشة عمل الابتكار، من مرحلة الاكتشاف إلى مرحلة توليد الأفكار والتعبير عنها وترتيب الأولويات، يطلب جمال من أداة الذكاء الاصطناعي التوليدي اتباع قالب ثابت: "نحن الآن في المرحلة الفلانية من الورشة [اشرح]، وبناءً على ما ناقشناه حتى الآن [اذكر ملخصاً أو مخرجات وسيطة]، نريد منك أن تؤدي الدور الفلاني [اذكر الدور] وتساعدنا على أداء المهمة الفلانية [اذكر الهدف أو المهمة]". يمكنك استخدام نموذج جمال في مختلف المواقف الموضحة أدناه:
- عند محاولة التوصل إلى نتيجة نقاشات الفريق، يفيد الذكاء الاصطناعي في تجميع الأفكار وتوحيدها، خاصة عندما يبدأ النقاش بالتشعب.
- عند توضيح مفاهيم الأعمال، يستطيع الذكاء الاصطناعي أداء دور "خبير ابتكار نموذج العمل" لمساعدة الفريق على هيكلة المفاهيم.
- عند نقد الأفكار، يستطيع الذكاء الاصطناعي أداء دور الطرف الآخر للنقاش أو "الخبير".
- عند عرض المفاهيم، يستطيع الذكاء الاصطناعي أداء دور "الراوي" أو "مدرب التواصل" لمساعدة الفريق على صياغة سردية مقنعة، أو دور "عضو لجنة التحكيم" لتعزيز عرض قيمة المفهوم.
- يستطيع الذكاء الاصطناعي أداء دور "المخطط" الداعم عند صياغة الخطوات التالية.
بناءً على التفاعلات التي راقبناها عند استخدام الذكاء الاصطناعي لتيسير الاجتماعات، إليك بعض النصائح والمحاذير:
ما يجب فعله
عرف أداة الذكاء الاصطناعي إلى الحضور. كما تفعل في الاجتماعات التقليدية، الخطوة الأولى هي تعريف أداة الذكاء الاصطناعي إلى الجميع؛ عرفها إلى نفسك وإلى أعضاء الفريق الآخرين مع توضيح دور كل شخص. بهذه الطريقة، ستعرف الأداة من تتحدث إليه وما هو دور كل شخص في نقاش الفريق. تخيل فريق عمل متعدد التخصصات يجري نقاشاً؛ إذا كانت أداة الذكاء الاصطناعي تعرف المشاركين، فستكون قادرة على شرح أفكار كل مشارك وإسهاماته وتوضيحها بدقة أكبر مع أخذ دوره في الاعتبار، وستتمكن أيضاً من طرح الأسئلة بناءً على اختصاص كل مشارك، ما يضمن أن يسهم الجميع في المحادثة. بالإضافة إلى ذلك، يستطيع الذكاء الاصطناعي أداء دور مكمل للنقاش من خلال تقديم الأفكار والمدخلات المهملة، متجاوزاً بذلك المعلومات التي قدمت إليه عن المشاركين.
تفعيل الميكروفون. يتناقش الحضور ويتحادثون في النقاشات الجماعية التفاعلية. قد تعوق الكتابة على لوحة المفاتيح سير عمل الفريق، وبما أن أغلبية نماذج الذكاء الاصطناعي تحتوي على ميزات تحويل الصوت إلى نص أو إجراء المحادثات، فمن المحبذ تفعيل الميكروفون، ما يجعل التجربة أكثر سلاسة وانسيابية.
ما يجب تجنبه
لا تستخدم الذكاء الاصطناعي في اجتماعات المجموعات الكبيرة أولاً. يكون استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في نقاشات الفرق أكثر فعالية عندما تتضمن هذه النقاشات مجموعات صغيرة تتألف من 3-4 أشخاص. من الواضح أن الخيار الأكثر عملية هو استخدام الذكاء الاصطناعي في النقاشات الجماعية التي تضم عدداً أقل من الأشخاص، سواء اتبعت طريقة الكتابة أو الإملاء. إذا ضم الاجتماع عدداً أكبر من الأشخاص، فمن الممكن أن تستخدم شاشة كبيرة أو تقسم المجموعة إلى فرق فرعية وتخصص أداة لتيسير اجتماع كل منها.
لا تدع الملقن يهيمن على النقاش. يجب ألا يهيمن الشخص الذي يتفاعل مع أداة الذكاء الاصطناعي نيابةً عن الفريق على الجلسة، سواء من منظور التيسير أو العملية أو المحتوى. هذا مهم ولا سيما عند استخدام طريقة الكتابة. احرص على عدم تفويت أي من إسهامات الحضور، ويمكنك فعل ذلك من خلال توجيه أوامر نصية للأداة تقضي بتشجيع المشاركة الفعالة لأعضاء الفريق جميعهم. يمكنك الاستعانة بالأمر النصي التالي: "احرص على أن يسهم أعضاء الفريق الصامتون والأكثر هدوءاً من خلال طرح أسئلة غير محددة المدة مثل: 'جاد، ما هي وجهة النظر التي تود إضافتها إلى هذه المحادثة؟'".
استخدام المشاركين جميعهم للذكاء الاصطناعي
وفق هذه الطريقة، يستخدم أعضاء الفريق جميعهم أداة الذكاء الاصطناعي على نحو فردي في أجهزتهم خلال الاجتماع أو ورشة العمل. في لحظات محددة، يجب أن تطلب من المشاركين التفاعل مع الأداة في أجهزتهم الخاصة ثم مشاركة المخرجات في النقاش الجماعي للجمع بينها.
في العديد من ورش العمل، يطلب الميسرون من المشاركين تخصيص فترة قصيرة للتفكير على نحو فردي بهدف توليد الأفكار والتأمل في الموضوعات الرئيسية أو تدوين الأفكار قبل مشاركتها مع المجموعة. يستخدم المشاركون عادة الورقة والقلم ويعتمدون على رؤاهم الخاصة. أما اليوم فيستطيع الميسر تشجيع المشاركين في لحظات معينة على استخدام الذكاء الاصطناعي على أنه شريك في التفكير يطرح الأسئلة ويستكشف الأفكار ويساعدهم على التفكير بعمق أكثر بصورة فورية.
على سبيل المثال، يسر مدير اسمه مروان ورشة عمل ضمت 20 مشاركاً وركزت على تحديد حالات استخدام الروبوتات داخل الشركة، فطلب من الجميع إحضار أجهزة الكمبيوتر المحمولة حتى يتمكنوا من استخدام الذكاء الاصطناعي طوال الجلسة. خلال مرحلة توليد الأفكار، استخدم المشاركون الأمر النصي التالي الذي صاغه مروان: "ستشارك معي في حوار من عدة خطوات حول طرق استخدام الروبوتات في مجال عملي. أولاً، ساعدني على تحديد المشكلات المستعصية الرئيسية أو المهام المتكررة في مجال عملي، ثم اشرح لي كيف تستطيع الروبوتات حل هذه المشكلات أو خلق فرص جديدة. أخيراً، ساعدني على تحديد الأفكار التي تبدو واعدة أكثر من غيرها وسبب ذلك". بعد أن أكمل كل مشارك حوار التفكير المشترك مع أداة الذكاء الاصطناعي، استخدم مروان الذكاء الاصطناعي في جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به لجمع أفكار الفريق والدمج بينها. أثبت هذا النهج أنه أكثر فعالية من استخدام الذكاء الاصطناعي لتيسير الاجتماعات لسببين: أولاً، يخلق التفاعل الفردي مع الذكاء الاصطناعي بيئة آمنة نفسياً، ما يتيح للمشاركين إجراء عملية العصف الذهني دون أن يطلق الآخرون الأحكام على أفكارهم مباشرة. ثانياً، عندما يستخدم كل مشارك الذكاء الاصطناعي في واجهة بينية خاصة تحتوي على سجل للمحادثات وسياق سابق، فإن ذلك يعزز قدرة المستخدم على التفكير لأن الأداة ستقدم اقتراحات مخصصة ومستهدفة أكثر بناءً على تفاعلات المستخدم السابقة معها.
في وقت لاحق من ورشة العمل نفسها، شارك مروان الأمر النصي التالي المخصص للتأمل مع المشاركين: "ساعدني على التأمل في نتائج ورشة عمل مثيرة للاهتمام حضرتها للتو، من خلال المشاركة في حوار حول النتائج الأكثر تأثيراً وطرق تطبيقها في عملي اليومي". أمضى كل مشارك 10 دقائق في التحاور مع أداة الذكاء الاصطناعي ثم شارك رؤاه مع المجموعة بأكملها لاختتام الورشة.
إليك بعض النصائح والمحاذير التي يجب أن تأخذها في الاعتبار عند استخدام الذكاء الاصطناعي في الاجتماعات بهذه الطريقة:
ما يجب فعله
استخدام أوامر التأمل النصية الجاهزة. تخيل أنه بعد عرض تقديمي حول توجه جديد، يدعو منظم الاجتماع المشاركين إلى التفاعل مع الذكاء الاصطناعي في أجهزتهم الخاصة للتأمل في الآثار المترتبة على وحدة عملهم أو فريقهم قبل إجراء النقاش الجماعي. لتوجيه عملية التأمل الذاتي، يقدم الميسر للمشاركين أمراً نصياً جاهزاً للاستخدام، ما يضمن تركيز الرؤى على الموضوع الرئيسي ويسهل مناقشتها جماعياً.
وضع إطار زمني للتأمل باستخدام الذكاء الاصطناعي. اسمح للمشاركين بالعمل على نحو فردي مع الذكاء الاصطناعي مدة أقصاها 10 دقائق، ثم استأنف الحوار الجماعي لمشاركة الأفكار ومناقشتها والجمع بينها. يعتمد هذا النهج على التباعد أولاً ثم التقارب. لكن عليك تجنب تكرار الفواصل؛ فمقاطعة التدفق على نحو متكرر تضعف زخم النقاش الجماعي.
ما يجب تجنبه
لا تدع الذكاء الاصطناعي يصبح مصدر إلهاء. الطبيعة البشرية لن تتغير، وستبقى الأجهزة مصدر إلهاء في أثناء الاجتماعات. احرص على تحديد الأوقات التي تسمح فيها للمشاركين باستخدام الكمبيوتر المحمول والتفاعل مع الذكاء الاصطناعي. الانضباط هو سر نجاح الاجتماع، وإلا فقد يبدأ المشاركون بتفقد صندوق الوارد وعزل أنفسهم عن النقاش الجماعي.
لا تعقد الاجتماع دون ميسر بشري. ستحتاج إلى شخص ما لتنسيق العمل التعاوني بين الفريق وأداة الذكاء الاصطناعي والربط بين الأداة ونقاش الفريق، خاصة عندما يكون الفريق كبيراً. لا يتمتع المدراء جميعهم بمهارة التيسير، لكن لحسن الحظ، الذكاء الاصطناعي مفيد في هذه الحالة أيضاً؛ إذ إنه قادر على اقتراح أساليب وتقنيات التيسير وأداء دور ميسر مشارك والربط بين النقاط التي يطرحها المشاركون وتدوين الملاحظات. مع ذلك، تتطلب بعض الأنشطة ميسراً بشرياً، مثل توجيه ديناميات الفريق وتحديد المزاج العام في الاجتماع وتوفير التفاصيل السياقية الدقيقة واستنتاج الرؤى ذات الصلة بالقادة وما إلى ذلك. لا يمكن توكيل الذكاء الاصطناعي بهذه المهام، ويجب ألا تفعل ذلك.
الخطوة الأولى
نأمل أن توفر لك هذه الأمثلة العديد من الأفكار التي تلهمك لتستفيد من الذكاء الاصطناعي بما يتجاوز استخداماتك الشخصية. عندما تبدأ بتعزيز انسجام الفريق باستخدام الذكاء الاصطناعي في اللقاءات الجماعية المختلفة، احرص على:
اتباع أسلوب هادف.
اسأل أولاً: "ماذا لو استخدمنا الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل الجماعي هذه؟" يتيح لك ذلك اتباع عقلية تجريبية تتحدى الممارسات التقليدية في العمل الجماعي.
تحديد طريقة استخدام الذكاء الاصطناعي.
قبل استخدام الذكاء الاصطناعي في اللقاءات الجماعية، فكر في الأسباب التي دفعتك لاستخدامه وحدد الحالات التي تريد استخدامه فيها. يجب أن يتخذ الميسرون والمدراء قراراً مدروساً بناءً على عدة عوامل رئيسية، مثل عدد المشاركين وطبيعة الاجتماع (شخصي أو عبر الإنترنت) وحساسية الموضوع والقيود الزمنية والجدوى التقنية.
التبديل بين الطرق الثلاث.
الطرق الثلاث التي تحدثنا عنها في هذا المقال ليست متعارضة؛ إذ يمكن الجمع بينها بسلاسة اعتماداً على الاحتياجات الخاصة بكل اجتماع. يمكنك استخدام الذكاء الاصطناعي للتحضير للاجتماع أولاً ثم دعوة المشاركين لاستخدامه في جلسة العصف الذهني ثم يمكن للميسر استخدامه بمفرده للمقاربة بين الأفكار بعد توليدها.
على الرغم من أن استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الجماعي لا يزال جديداً، فإن الرواد مثل ميسون وجمال ومروان يعملون بالفعل على التوصل إلى أفضل الممارسات. توفر الطرق الثلاث التي وصفناها إطاراً عملياً يساعدك على توجيه تجربتك.