ما الفوائد الناجمة عن تدريس الاقتصاد السلوكي في المدارس؟ دراسة من قطر

10 دقائق
العلوم السلوكية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في السنوات الأخيرة، أصبحت العلوم السلوكية توجهاً سائداً يسهم في عدة مجالات في مختلف السياسات وذلك مع تزايد الوحدات السلوكية في القطاع الخاص وقطاع المؤسسات غير الحكومية. ومع ذلك، ففي حين أن عدد المؤسسات التي تقدم مواد تعليمية في العلوم السلوكية والاقتصاد السلوكي في ازدياد مستمر، إلا أن العديد من هذه المواد التعليمية موجه إما لطلاب الدراسات العليا أو لطلبة المرحلة الجامعية قبل التخرج. وتتطلب مناهج العلوم السلوكية في المدارس تصميماً مختلفاً يكون الاساس فيها إشراك الطلاب وتوجيههم بسلاسة إلى المحتوى. ومن شأن إثراء هذه المواد التعليمية بتقنيات التعلم التجريبي التي تسمح للطلاب بتطبيق معرفتهم على سيناريوهات حقيقية أن يقودهم إلى استيعاب افضل لما تعلموه في هذه المواد.

يشير التعلم التجريبي، إلى التعلم من التجربة. ووفقاً لديفيد كولب، مؤيد هذه النظرية، فإن التعلم التجريبي هو “عملية تنشأ من خلال المعرفة عبر تحويل التجربة، حيث تنتج المعرفة من مزيج استيعاب التجربة وتحويلها”. وبالتالي، تتكون العملية المعرفية من التعلم بالممارسة ثم تأمل التجربة. وهناك دليل على أن التعلم التجريبي مرتبط بتحسين القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات، والمشاركة، والاستدلال المنطقي، وحل المشكلات ومهارات اتخاذ القرار. ومن أبرز أشكال التعلم التجريبي في المرحلتين الإعدادية والثانوية هو التعلم القائم على حل المشكلات (Problem Based Learning) وهو طريقة تعليمية تعتمد على حل المشكلات الميسّر. ومن أهم ما يميز هذه الطريقة هو أن الطلاب يعملون على حل مشكلات معقدة يمكن حلها بأكثر من طريقة، كما أن هناك أيضاً بحث يدعم دور برامج التعلم التجريبي للمراهقين في كبح السلوكيات المحفوفة بالمخاطر والتشجيع على اتباع السلوكيات الاجتماعية الإيجابية. وكان دعم الفعالية التأثيرية للتعلم التجريبي بشكل أكبر في تجربة قاست مدى اكتساب طلاب ماجستير إدارة الأعمال للمهارات من خلال اختبار مركز التقييم. وعلاوة على ذلك، وعلى مدار العقدين الماضيين، أثبت التعلم التجريبي أنه أداة تربوية ذات صلة بتحسين جودة تدريس الاقتصاد من خلال الاختبارات الميدانية والاختبارات داخل الفصول الدراسية.

وعلى خلفية ذلك، تعاونت مؤسسة السلوك من أجل التنمية مع أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا، وهي مدرسة ثانوية أسستها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع (مؤسسة قطر)، في تقديم مادة تعليمية حول العلوم السلوكية يطبق فيها أسلوب التعلم التجريبي. وكانت أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا موقع اختبار مثالي لتحديد ما إذا كانت العلوم السلوكية امتداداً فعالاً لممارسات التعلم القائم على حل المشاكل. وتتميز طريقة أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا في تطبيق أسلوب التعلم القائم على حل المشاكل بميزة التعاون مع “أصحاب هذه المشاكل”، أو الكيانات التي تواجه تحديات حقيقية. ففي هذه الممارسة، تدعو المدرسة الشركاء لطرح مشاكلهم أمام الطلاب ثم طلب مساعدتهم في حلها. ويعمل الطلاب، بعد ذلك، على حل المشكلة وإرسال حلولهم إلى الشريك المعني، فتزيد هذه العملية من مصداقية نتائج الطلاب وتخلق ضرورة إضافية عن إمكانية الاستعانة بهذه الحلول ومدى تحقيقها للغرض المطلوب. وفي حين أن التعلم القائم على حل المشاكل غالباً ما يأتي بنتائج مذهلة، إلا أن العديد من حلول الطلاب قد لا تكون ملائمة بشكل كاف لتطبيقها على أرض الواقع. وعلى هذا النحو، قد يؤدي إدخال التصميم السلوكي إلى تحسين ملحوظ لجدوى أفكارهم.

تم تصميم المادة التعليمية لطلاب الصفين التاسع والعاشر وتألف المشروع من ثمانية حصص مدة كل منها ساعتين.

وضمن الشق التعليمي، انقسم الطلاب إلى ثلاث مجموعات على كل واحدة منها تصميم وحدة ترغيب لحل مشكلة إحدى السياسات. وكان على كل مجموعة أن تصمم اختباراً يمكنه زيادة عدد مستخدمي السلالم العادية بدلاً من السلالم المتحركة داخل منطقة صف السيارات الواقعة في حرم مؤسسة قطر والتي تقع بالقرب من أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا. وباستخدام أجهزة الاستشعار، كان على الطلاب قياس مدى نجاح اختباراتهم في زيادة عدد مستخدمي السلالم العادية. وشهدت المبادرات الثلاث جميعها زيادات تجاوزت نسبة 100%، وكانت جميعها ذات دلالة إحصائية. وبالتالي، يمكن للطلاب التحقق مباشرة من حجم تأثير التدخلات البسيطة نسبياً وفعاليتها على السلوك المرتبط بالنشاط البدني والصحة.

وترك تصميم المواد التعليمية وتنفيذها، ثم إرشاد الطلاب وتوجيههم من خلال اختباراتهم، بعض الدروس القيّمة:

المشاركة في تصميم الاختبارات

استناداً إلى خبرتنا السابقة في العمل مع أصحاب المصلحة المختلفين على مر السنين، ولكي تنجح التدخلات وتكون مقبولة، يجب أن يتم تصميمها بشكل مشترك. وبالفعل، فقد عملت المدرسة وقيادتها التي تم تطويرَ المادة التعليمية معها وفق هذا المبدأ، بمعنى أنه كان تعاونياً ورائداً بامتياز، ويتضمن الاحتكاك مع كيانات خارجية حتى يتمكن الطلاب من المشاركة فعلياً في المشاكل الحقيقية الراهنة. ولكن أولاً، كان لا بد من تنسيق محتوى المادة التعليمية، وإعادة تصميم المحتوى الذي قُدم سابقاً لطلاب الجامعات بعناية ليناسب طلاب المرحلة الثانوية.

ففي مرحلة الثانوية، لا يكفي الاعتماد على معرفة الخبير دون الاستناد إلى قدر معين من الإرشادات التربوية التي توجه إلى كيفية الشرح في الحصة. فغالباً ما ينغمس الخبراء في مجال عملهم، ويتواصلون مع أقرانهم من الخبراء للدرجة التي تجعلهم يميلون إلى الظن بأن أغلب المعلومات الخاصة بمجالهم هي معلومات عامة. ولهذا السبب، وضعنا منهجاً بالتعاون مع منسق منهج أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا ومدرسيها.

إن إشراك الطلاب في عملية تصميم أي اختبار أمر ضروري عند وضع منهج المادة التعليمية وعند التفكير في الاختبار الذي يمكن للطلاب العمل عليه خلال الفصل الدراسي. هذا العمل المشترك هو منهجية تعليمية ترفع من مستوى مشاركة الطلاب وتعطي حلولاً يمكن تطبيقها في العالم الواقعي، كما تبعث هذه المنهجية انطباعاً عن التأكد من صحة مشاركة الطلاب بأسلوب لم يتحقق في الفصول العادية للمرحلة الثانوية من قبل، فمعاملتهم كشركاء تؤمن دعمهم وتجعلهم منغمسين في التجربة أو الاختبار ومتحمسين وتضمن شعورهم بملكية المشروع. كنا نعلم أنه إذا أردنا أن يشعر الطلاب بروح المشاركة، فنحن بحاجة إلى إشراكهم من البداية وليس بمجرد وضع خطة لهم ليتبعوها.

ولتحقيق ذلك، وضعنا أمامهم بضعة أسئلة رئيسة لتحفيز تفكيرهم حول الممارسات التي يمكنها أن تحسن من صحة زائري الحرم الجامعي وحول الطرق السهلة التي يمكنها أن تشجعهم على النشاط البدني من بين الآخرين. وكان الهدف من هذه الأسئلة متعدد الجوانب حيث إن منح الطلاب مجموعة من الأسئلة يحدد موضوع الاختبار وهو نمط الحياة الصحي والنشاط البدني. وثانياً، ساعدنا ذكر الحرم الجامعي في أسئلتنا في تصور بيئة الاختبار وسياقه والمشاركين الذين سيكونون جزءاً منه. وأخيراً، أنعشت الأسئلة عملية العصف الذهني حول ما هو متاح بالفعل في الحرم الجامعي وما يمكن استخدامه وما هي نقاط الدخول المحتملة للاختبار.

ولجعل هذه التجربة أكثر واقعية وقابلة للتطبيق، اصطحبنا الطلاب إلى مكان إجراء الاختبارات ليتمكنوا من تحويل النظرية إلى سيناريو حقيقي في العالم الواقعي. وبهذا الشكل، سيتمكن الطلاب من فهم السياق وبيئته المحيطة ليتمكنوا من تصور وحدات الترغيب المحتملة التي يمكنهم تطويرها. وكانت مواقع السلالم الثلاثة المتفرقة والموجودة في أحد مواقف السيارات مواقعاً مناسبة لإجراء التدخل، حيث تمكنت كل مجموعة من تجميع بيانات السلالم الخاصة بهم بسهولة. ومن ثم، يستخدم الطلاب السلالم العادية والمتحركة ويقدّرون أوقاتهم لفهم رحلة المستخدم بدقة. وبالاستعانة بذلك، تمكن الطلاب من التفكير في الأدوات السلوكية التي يمكنهم استخدامها لتشجيع مرتادي المكان على استخدام السلالم العادية. وأضاف وضع كل ذلك في إطار مسابقة وديّة الحماس إلى اجراء الاختبارات.

التنسيق قبل بدء الاختبار

كانت المشاركة المبكرة مع أصحاب المصلحة أمراً بالغ الأهمية لزيادة الاهتمام والحماس بين أعضاء هيئة التدريس، مع الأخذ في الاعتبار أن الكثيرين منهم لم يكونوا على دراية بالعلوم السلوكية. نُظمت جلسة تمهيدية مدتها ساعة لتعريف أعضاء هيئة التدريس والتعاون معهم في هذا الشأن وهو ما أمّن دعمهم، وأشركهم في الاختبار وأشعرهم بملكيتهم للنتيجة، فدائماً كان لإشراك العمال والمدراء من خلال تخصيص بعض الوقت لتعريفهم بالعلوم السلوكية تأثير إيجابي على تنفيذ الاختبار. بالإضافة إلى أن أصحاب المصلحة المشاركين يكونون أكثر استعداداً لتقديم الدعم ولديهم آليات أفضل لحل أي مشكلات أو عقبات ناشئة، كما أن الإلمام بتصميم الاختبار يضمن أن تكون البيانات عالية الجودة. والشيء الذي تعلمناه بعد سنوات من إدارة التدخلات السلوكية هو أنه يمكن لأصحاب المصلحة طرح أفكار قيمة لمناقشتها. يتطلب العمل مع مدرسة ثانوية فهم كيفية تعلم الطلاب في هذا المستوى بشكل فعال، وبينما كانت مؤسسة السلوك من أجل التنمية مختصة في تدريس التصميم السلوكي للبالغين، ساعد معلمو المرحلة الثانوية في أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا فرق مؤسسة السلوك من أجل التنمية على تقديم المحتوى بطريقة ملائمة لإشراك طلاب هذه المرحلة. وقد أثبتت الجلسة التمهيدية التي قُدمت لأعضاء هيئة التدريس أنها ضرورية للتفاهم والعثور على “المتبنين الأوائل” أو المعلمين الراغبين في المشاركة في إنشاء المحتوى. وترجع إمكانية إجراء الأمور العملية الأخرى، مثل تجميع الطلاب في فرق متماسكة، ومراقبة عمل الطلاب وتأملاتهم إلى التزام أعضاء هيئة التدريس. وأخيراً، وضع أعضاء هيئة التدريس في أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا نظام المتابعة اللازم لتقييم تعلم الطلاب عن طريق التأملات والتقييمات.

غالباً ما نجد أنفسنا نعمل مع نفس أصحاب المصلحة أو المؤسسات في أكثر من مشروع، إما لأنهم يريدون تنظيم استخدام العلوم السلوكية في جدول سياساتهم، أو لأنهم يواجهون تحديات جديدة ومختلفة ذات جذور سلوكية. هذا أمر مرغوب فيه للغاية لأن التواصل يصبح سلساً، بالإضافة إلى تعزيز الثقة المتبادلة – حيث إننا نثق في أنهم سيواصلون العمل ويثقون في أننا سنحقق النتائج المرجوة – وهذا ما يجعل من الحصول على الموافقات اللازمة أمراً أكثر سهولة ويجنبنا المرور بخطوات أكثر من اللازم والتي قد تؤخر من تنفيذ التدخل. وفي هذه الحالة، وبعد العمل مع منظومة سياسة مؤسسة قطر، أحيل عملنا إلى مدير أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا، والذي كان قد سمع عن عملنا وكان متحمساً لاستكشاف إمكانية تقديم ورشة عمل عن الوكزة لطلابه، كما أن إحالة مدير منظومة سياسة مؤسسة قطر زادت من مصداقية عملنا.

وتعد المشاركة مع فريق إدارة المرافق أحد الجوانب المهمة التي تطلبت التخطيط المسبق في مؤسسة قطر، الذي سيوافق على أي تركيب للمواد. وعلى الرغم من أن تفاصيل ما سيتم تركيبه لم تكن معروفة بالضبط في البداية، فإن فهم القواعد واللوائح والإطار الزمني للموافقة كان أمراً أساسياً لأغراض التخطيط. واصطحبنا الطلاب لزيارة فريق إدارة المرافق لشرح الاختبار وللتعرف إلى عملية استصدار الموافقة وإشراك أصحاب المصلحة.

وأخيراً، فقد تطلب الحصول على الموافقات من مجلس المراجعة المؤسسي (IRB) في الوقت المناسب للاختبارات ضمان أنهم مستحقون للإعفاء. وتم الحصول على الطلبات والموافقات اللازمة في الوقت المناسب قبل بدء الاختبارات.

اتباع أسلوب التعلم من خلال “التلعيب” (gamification) عند تقديم المادة التعليمية وتنفيذ الاختبارات

يشير التلعيب إلى إضافة عناصر اللعبة إلى الأنشطة غير المتعلقة بالألعاب. لقد تم دمج أسلوب التلعيب تجارياً بنجاح في بعض المنصات لإنشاء علاقات موجهة بين المنتج والمستخدمين من أجل زيادة شعبية المنتج. ومع ذلك، يفترض البحث أن للتعلم من خلال اللعب دوراً كبيراً في العملية التعليمية. فعلى سبيل المثال، يزيد التعلم من خلال اللعب من نسبة مشاركة الطلاب وتحقيق معايير التعلم. بالإضافة إلى ذلك، يشير أحد الأدلة إلى أن التعلم من خلال اللعب يمكن أن يعالج قضايا مثل قلة الحافز لدى الطلاب، خاصة في بيئات التعلم الافتراضية. وأجريت التعديلات السلوكية في موقع الاختبار ليصبح اختيار الخطوات بأسلوب يعتمد على اللعب. وأثبت نهج التعلم من خلال اللعب نجاحه حيث إنه زاد من فهم طلاب أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا الاختبار وسمح لهم بمشاركة أفكارهم الإبداعية بطريقة مسلية وتنافسية. وفي ضوء هذا الدليل، لا يمكن أن يعتمد تصميم مادة دراسية تتضمن نماذج ذات تفاصيل متشابكة ونظريات معقدة على مجرد عرض ممل ببرنامج بوربوينت مع محاضر يقرأ الأمثلة من الكتب المدرسية. وبدلاً من ذلك، سعينا إلى جعل الطلاب يربطون الأمثلة المقدمة في الفصل ذهنياً وتشجيعهم على المشاركة. وشملت كل جلسة محتوى تفاعلياً، مثل التدريبات التي أظهرت العلم وراء وحدات الترغيب، كما تضمنت أمثلة مسلية مثل أن نطلب من الطلاب أن يقرؤوا بصوت عال قائمة من الكلمات التي كانت ملونة بألوان مختلفة عن تهجئتها مما يجعلهم يدركون مدى قصور أذهاننا. وتبسيطاً للنظرية، وجهنا أذهان الطلاب، أولاً، إلى فهم التحيزات السلوكية، وثانياً، إلى التفكير في كيفية تطبيق الأدوات السلوكية التي تعلموها في الفصل لحل المشكلات الواقعية.

حفز توجيه الطلاب للتفكير في مشكلات الحياة الحقيقة على الذهاب إلى المكان الفعلي للاختبار والاستعداد لتدخلهم لاعبين دور علماء السلوك أو مهندسي الخيارات. ولتجسيد أفكارهم، كان عليهم تصور مسار المستخدم (user journey)، وأخذ القياسات، ومناقشة المرئيات مع مصممي الجرافيك وشركات الطباعة، وتلقي التوجيه من فريقنا. وبمجرد تجهيز كل شيء، كان على الطلاب الاستعداد لجمع البيانات، والتأكد من عمل مستشعرات الحركة وتثبيتها بشكل صحيح لعد مستخدمي السلالم العادية بدقة، وهو ما تطلب إجراء بعض الاختبارات. وبحلول ذلك الوقت، كان الطلاب مشاركين مشاركة كاملة ومدركين أن الاختبار يمكن أن يكون لها تأثير فعلي على مجتمعهم.

وكانت المشكلة التي يجب حلها واضحة حيث لم يكن الناس يستخدمون السلالم العادية، وقد يكون هذا بسبب اعتياد الناس على اختيار السلالم المتحركة أو المصاعد أو لأنهم يرون صعود الدرج أمراً متعباً. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً لكثرة استخدام الناس للسلالم المتحركة، فقد يختار البعض استخدامها حتى وإن كانوا مهتمين بزيادة نشاطهم البدني، وذلك لأنهم يرون الآخرين يستخدمون السلالم المتحركة. وقد يعتقد الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بشكل شبه منتظم أو يتبعون أسلوباً صحياً في الطعام أنهم يمكنهم استخدام السلالم المتحركة أو المصاعد بدلاً من السلالم طالما أنهم بالأصل يفعلون شيئاً صحياً.

ولمعالجة العوائق المذكورة آنفاً، صممت ثلاثة تدخلات. استخدمت المجموعة الأولى أداة واضحة لحث الناس على “استخدام السلالم!” بدلاً من السلالم المتحركة. ونتج عن هذا التدخل زيادة بنسبة 177% في الساعة في استخدام السلالم العادية خلال أيام الأسبوع.

الشكل 1: تدخل المجموعة الأولى

حوّلت المجموعة الثانية السلالم إلى لعبة بتصميمه ليشبه مسار الركض ووضعت علامات تحفيزية على الصفوف المؤدية إلى السلالم، وهو ما زاد من معدل استخدام السلالم العادية في الساعة بنسبة 189%.

الشكل 2: تدخل المجموعة الثانية

وأخيراً، سألت المجموعة الثالثة الناس ما إن كانوا متأكدين من رغبتهم في استخدام السلالم المتحركة أو المصاعد ووضعوا آثار أقدام على الأرض متجهة إلى السلالم العادية وكتابة حساب السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم على الدرج. وأدى هذا التدخل إلى زيادة استخدام السلالم العادية بنسبة 107%.

الشكل 3: تدخل المجموعة الثالثة

توسيع نطاق المبادرات التجريبية

ونظراً لاكتساب العلوم السلوكية دوراً مركزياً في السياسة العامة، فيجب أن تصبح أيضاً متبعة في مجال التعليم. وللقيام بذلك، فمن الضروري إقامة شراكات استراتيجية مع المؤسسات التي يمكن المشاركة معها في وضع المناهج، أو الأنشطة، أو الاختبارات، حيث يمكن أن يؤدي إشراكهم في وقت مبكر أيضاً إلى ضمان تنفيذ البرنامج بنجاح. وعلاوة على ذلك، فإن تعديل المحتوى، ليكون محدداً قدر الإمكان، ليناسب الجمهور المستهدف يضمن أن تكون المادة التعليمية ممتعة وذات صلة وقادرة على التغيير.

يعد التعلم التجريبي أحد أنجح الأساليب لسد الفجوة بين العلوم السلوكية وغير المتخصصين لأنه يترجم النظريات المعقدة إلى مواقف واقعية يمكن ملاحظتها وتطبيقها. وتعد المواد التعليمية على مستوى المدرسة الثانوية والجامعة ضرورية لتعميم العلوم السلوكية وتوسيع نطاق استخدامها في مراحل مبكرة، كما يعد إشراك الطلاب في حل المشكلات عملية متصلة ومعقدة من المعرفة وتنمية المهارات. لقد أدركت المدارس الثانوية منذ فترة طويلة قيمة التبحر في المشكلات وقيمة المشاركة في حلها. في الواقع، تتطلب تقريباً جميع المناهج الثانوية ومخرجات المتعلم تحليلاً نقدياً وأسلوباً مبتكراً في حل المشكلات. يزيد استخدام الممارسات السلوكية الإحساس بصحة إجابات الطلاب وتعمقهم في المشكلة وتحليل البيانات واستخلاص الاستنتاجات. ومن الناحية العملية، استجاب الطلاب بشكل أفضل بكثير مما كان متوقعاً، وهو ما جعلنا نعيد النظر في الوقت الذي يجب فيه تقديم التصميم السلوكي للطلاب. ربما يكون شعار أكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا المتمثل في “لماذا ننتظر؟” (حتى الجامعة) لتعلم هذه الأدوات المفيدة هو ممارسة تعليمية يجب على جميع المدارس مراعاتها.

وسينصب تركيزنا في المستقبل على تأسيس وحدات الترغيب (nudge clubs) في المدارس لمساعدة الطلاب في العمل على التحديات ذات الصلة بالحرم الجامعي مع تلقي الدعم من وحدة متخصصة في العلوم السلوكية على المستوى الوطني خلال العام. ويمكن دمج تدريس منهج العلوم السلوكية في مواد تعليمية مختلفة، كما يمكن إجراء الاختبارات كجزء من وحدات الترغيب والمشاركة المجتمعية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .