ملخص: خلُص استقصاء أجري عام 2021 شمل 1,000 مستهلك إلى أن أكثر من 80% من المستهلكين يعتبرون الثقة عاملاً حاسماً في قراراتهم الشرائية، على الرغم من حقيقة أن 34% منهم فقط يثقون بالعلامات التجارية التي يشترون منتجاتها. ومع تضاؤل الثقة في المؤسسات، يزداد تشكك المستهلكين في الجهات التي يدفعون أموالهم إليها ويتلقون معلوماتهم منها. وتوصي المؤلفة بـ 3 استراتيجيات تسويقية تساعد العلامات التجارية في الحفاظ على ثقة مستهلكيها وتعزيزها: 1) تجنب المراوغة، و2) تجنب أنصاف الحقائق، و3) مراعاة وجهات نظر الآخرين والتصرف استناداً إليها.
جميعنا نعلم أن عالمنا يعاني من مشكلة ثقة، ففي ظل جائحة عالمية وأزمة اقتصادية وعدم استقرار سياسي ناجم عن توتر ثقافي عميق، يساور الأفراد الشك حول هوية من يلجؤون إليه للحصول على معلومات موثوقة، لا سيما في بيئة تمتاز بتزييف الحقائق والحروب الدعائية (البروباغاندا) الواسعة النطاق.
وبالمثل، بعد أن اعتُبر قادة الحكومات أكثر الأفراد جدارة بالثقة بداية الجائحة بحسب مقياس "مؤشر إيدلمان للثقة" (Edelman Trust Barometer) لعام 2021، خسروا تلك السمعة عندما لم يتمكنوا من وقف انتشار الفيروس أو استعادة الاستقرار الاقتصادي. وتبلغ الثقة في الرؤساء التنفيذيين في الولايات المتحدة بحسب المقياس نفسه نسبة 47%، في حين وصلت المصداقية إلى الحضيض في اليابان (18%) وفرنسا (22%) مع وعي المستهلكين بحقيقة إهانات الرأسمالية الجامحة وتُرّهاتها.
وعلى الرغم من وجود مشكلة في الثقة بالفعل، تبقى عنصراً مهماً في استدامة علاقات الزبائن. وخلُص استقصاء أجري عام 2021 شمل 1,000 مستهلك إلى أن أكثر من 80% من المستهلكين يعتبرون الثقة عاملاً حاسماً في قراراتهم الشرائية، على الرغم من حقيقة أن 34% منهم فقط يثقون بالعلامات التجارية التي يشترون منها. ولا يُمثّل المستهلكون بُنياناً واحداً بالطبع. وفي الواقع، يُعتبر العمر أحد عوامل التمييز الرئيسية في فهم التعقيدات الكامنة وراء ثقة الجمهور في وسائل الإعلام ونظرتهم عنها.
وبحسب استقصاء أجرته مؤسسة غالوب/نايت (Gallup/Knight)، يميل الأميركيون الأكبر سناً إلى الاعتماد على مصدر واحد أو مصدرين لجميع معلوماتهم، ويمنحون سمعة العلامة التجارية والتوجهات السياسية الأولوية عند تقييم مصداقية المنفذ الإعلامي. وعلى العكس من ذلك، يميل الراشدون الأصغر سناً (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً) إلى جمع المعلومات من العديد من المصادر ويولون الأهمية لمدى انفتاح المنفذ الإعلامي على الحقائق والأبحاث والعمليات.
يشكك المستهلكون الأصغر سناً أيضاً بمصداقية منافذ الأخبار الوطنية، حيث أعرب 29% منهم فقط عن ثقتهم بها مقارنة بـ 41% من الراشدين الذين تتجاوز أعمارهم الخمسة والخمسين عاماً. دائماً ما يكون المشهد الإعلامي الموثوق به أمراً بالغ الأهمية، لكن مع انطماس الخط الفاصل بين التسويق ووسائل الإعلام بشكل تدريجي، يمكن أحياناً ربط تشكك المستهلكين بالمؤسسات الإخبارية بتشككهم بالعلامة التجارية.
باختصار،يولي الراشدون الأكبر سناً اهتماماً بسمعة العلامة التجارية، في حين يولي الراشدون الأصغر سناً اهتماماً بالعملية التسويقية. ويمكننا بصفتنا خبراء تسويق تطبيق تلك النتائج على رسائل علاماتنا التجارية لتطوير المصداقية مع جمهورنا المستهدف مع تقدمه في السن وازدياد وعيه. وإليكم الطريقة:
1. تجنب المراوغة
على الرغم من أن "مؤشر إيدلمان للثقة" وجد أن الثقة في الرؤساء التنفيذيين وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في عام 2021، كشفت الدراسة نفسها أن الشركات لا تزال تُعتبر أكثر جدارة بالثقة من الحكومات والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام. لكن هذا التصنيف يرافقه حملٌ كبير؛ إذ يجب على الرؤساء التنفيذيين وقادة الشركات الآخرين معالجة التحديات الأكثر إلحاحاً اليوم وحصر تركيزهم على المشاركة المجتمعية. وبحسب "مؤشر إيدلمان للثقة" لعام 2021، يعتقد 53% من المشاركين في الاستقصاء أن من واجب قادة الشركات ملء فجوة المعلومات التي خلقتها وسائل الإعلام.
لم تعد عبارات الشركات المبتذلة تحقق أي منفعة؛ فجيل اليوم أذكى مما نعتقد، وقد يكتشف الخداع على الفور، وقد يفوق الضرر الذي سيلحق بالمصداقية أي مكاسب حققتها الشركة على المدى القصير.
لنعد بذاكرتنا إلى صيف عام 2020، عندما سارعت فرق العلاقات العامة في مختلف القطاعات إلى نشر الإدانات العامة المتعلقة بالعنصرية الممنهجة. وسارع بعضهم إلى فضح التحالف الأدائي لشركات مثل غلوسير (Glossier) التي كان تعهدها العام بمناهضة العنصرية يتعارض مع روايات موظفيها السابقين عن التمييز العرقي والثقافة السامة في العمل. لذلك، تأكد من دعم أي إعلانات بإجراءات فعلية. على سبيل المثال، لا تُعتبر وعود شركة بن آند جيريز (Ben & Jerry) وعوداً جوفاء، وكان لبيانها بشأن الظلم العنصري قيمة كبيرة لتمتع قادتها بسجل إنجازات حافل على أرض الواقع.
وبالتالي، ستترك رسالتك الصادقة بعيداً عن المراوغة أثراً كبيراً على جمهورك وتحميك من تُرّهات موظفي العلاقات العامة المحتملة.
2. تجنب أنصاف الحقائق
كانت شركة فايزر (Pfizer) حديث وسائل الإعلام خلال العام الماضي، وذلك لأسباب وجيهة في الغالب. فقد تجاوز رئيسها التنفيذي، ألبرت بورلا، وفريقه عدداً لا يحصى من العقبات لتطوير لقاح مبتكر وفعال لعدوى "كوفيد-19" في وقت قياسي. لكن الشركة نفسها كانت حديث وسائل الإعلام عام 2006 أيضاً ولأسباب لا تدعو للفخر في الواقع، وكان ذلك بعد إطلاق الشركة حملة إعلانية بقيمة 258 مليون دولار لعقار يعالج الكوليسترول مع روبرت جارفيك، مخترع أول قلب صناعي دائم.
كانت العبارة الترويجية جذابة: "إن عملي كطبيب لا يعني أنني لا أقلق بشأن مستوى الكوليسترول في دمي"، لكن كانت هناك مشكلة واحدة، وهي أن جارفيك لم يكن يحمل ترخيصاً لمزاولة مهنة الطب، ولم يمارس الطب في حياته مطلقاً. وقوبلت الإعلانات بانتقادات سريعة أسفرت عن فتح تحقيق في الكونغرس الأميركي وخسائر مالية تقدّر بالملايين تكبّدتها شركة فايزر.
إن الإهمال في نظر الرأي العام يساوي الكذب. وإذا تطلب الإعلان التغاضي عن تفصيل ما، فلا تجازف بعرضه؛ وإذا ارتُكبت خطأ ما بالفعل، فاعترف به. وفي الواقع، عادة ما يبدي المستهلكون تسامحاً مع أي مظهر من مظاهر الندم. فعندما تُبدي ضعفك بشأن ما فشلت في تحقيقه في الماضي سيكون ذلك إشارة إلى مدى صدقك، والصدق هو المعيار الذي يمثّل أساس ثقة المستهلك ويحدد مدى جاذبية العلامة التجارية بالنسبة له وارتباطه بها على المدى الطويل.
3. مراعاة وجهات النظر المختلفة والتصرف استناداً إليها
متى كانت آخر مرة أجريت فيها استقصاء نبض على قاعدة زبائنك؟ يجب عليك أن تقيّم فعالية جهودك التسويقية باستمرار من خلال طرح الأسئلة الأساسية التالية على نفسك:
- ما هي ميول زبائننا؟ هل هي سلبية؟ أم إيجابية؟
- ما هي تقييمات شعبيتنا؟ هل هي في تحسن؟ أم تدهور؟
- هل يتفاعل جمهورنا مع محتوى علامتنا التجارية؟
- وهل التزمنا بوعودنا؟
عندما تجري تحليلات منتظمة على تفضيلات المستهلكين، ستكون قادراً على تلبية تفضيلاتهم دائمة التطور وتجاوزها حتى بسهولة كبيرة. على سبيل المثال، قالت مديرة وسائل التواصل الاجتماعي للعلامة التجارية المتخصصة بالعطور المنزلية إس إي سي سي (SECC)، لموقع بافر (Buffer)، بريانا إيفانز، إن استراتيجية فريقها المستندة إلى وسائل التواصل الاجتماعي تركز على مشاركة الزبائن في المحتوى. حيث يُجيب فريق وسائل التواصل الاجتماعي على تعليقات الأشخاص ويعزز ارتباط المستهلكين بالشركة من خلال نشر الاختبارات والمسابقات والهدايا بانتظام. وتمكّنت شركة إس إي سي سي نتيجة ذلك من إعداد جيش من الموالين وزيادة إيراداتها الشهرية من 20,000 - 30,000 دولار إلى أكثر من 100,000 دولار.
إن الكفاح من أجل ثقة المستهلك مستمر، ولا يبدو أنه سيتوقف قريباً. لكن يمكن لخبراء التسويق المتمرسين استخدام رسائل العلامة التجارية الموثوقة لتوليد علاقات زبائن أقوى تصمد أمام اختبار الزمن. ويمكنك من خلال تنفيذ هذه الخطوات الثلاث تطوير سمعة شركتك بصفتها مصدراً موثوقاً للمعلومات يعتمد عليه الناس.