كيف تعزز إبداعك عن طريق خفض إنتاجيتك؟

2 دقائق
الإنتاجية والإبداع

هناك تعارض أساسي بين الإنتاجية والإبداع، ولن يتمكن المدراء من تعزيز الإبداع في فِرقهم ما لم يدركوا هذه الحقيقة.

يتبع الموظفون المنتجون طريقة منهجية واضحة لأداء المهام التي يتعين عليهم إنجازها، ويحققون تقدماً ثابتاً وقابلاً للقياس نحو تحقيق أهدافهم، ويحسنون استخدام وقتهم بكفاءة وفعالية.

لكن الإبداع مختلف.

يتطلب الإبداع وقتاً ومساحة للنمو، يمكننا اتباع عملية منهجية لأداء الأنشطة المرتبطة بالإبداع، ولكن من الصعب جعل الإبداع نفسه عملية منهجية. في الواقع، يعتمد الإبداع بصورة أساسية على المعرفة المتراكمة لدينا، ومعظم الأفكار الإبداعية تقريباً ابتكرها أشخاص كانوا قادرين على العثور على طريقة جديدة لاستخدام معرفتهم الحالية، أي توليد ترتيبات مبتكرة من الرؤى التي اكتسبوها سابقاً. على سبيل المثال، استوحى جيمس دايسون الإلهام من مناشر الخشب لتطوير مكنسته الكهربائية التي اشتهرت باسمه، واستخدمت فيونا فيرهرست معرفتها بجلد سمك القرش لصنع ملابس تزيد سرعة السباحة، واخترع جورج دي ميسترال لاصق الفيلكرو من خلال فهم كيفية التصاق ثمار نبات اللزيق بفرو كلبه.

نستنتج مما سبق أن الإنسان بحاجة إلى الوقت لاكتساب معرفة لا ترتبط بصورة واضحة بعمله لتطوير قاعدة معرفية واسعة وعميقة يمكنه الاستفادة منها عندما يحتاج إلى الإبداع.

علاوة على ذلك، نادراً ما تنطوي المساعي الإبداعية على تقدم مطرد وقابل للقياس، وتتضمن بدلاً من ذلك تجربة الكثير من الاحتمالات المختلفة، ومواجهة العقبات والنكسات قبل العثور على الحل المناسب.

لكن بناء قاعدة معرفية واستكشافها يستغرق وقتاً. من الصعب ببساطة جدولة بضع ساعات بين الحين والآخر للانخراط في المساعي الإبداعية، بل إن هناك حالات يصبح فيها من الضروري قضاء ساعات في التعلم عن مجال جديد من المعرفة، أو إجراء محادثة شائكة ومطولة مع زميلك للخروج بفكرة جديدة، وبالتالي قد تبدو غالبية الأنشطة الإبداعية غير مثمرة أو بلا هدف حتى نحقق ابتكاراً في النهاية.

هذا الاختلاف بين الإنتاجية والإبداع هو السبب الرئيسي وراء رغبة العديد من الشركات في أن يحقق موظفوها إبداعاً أكبر مما تتلقاه حالياً.

تقيّم الشركات عادةً موظفيها بناءً على مقاييس الإنتاجية، والأهم من ذلك هو أنها تضع خطط التوظيف فيها بناءً على افتراض أنها ستوظف أشخاصاً منتجين، وتريد منهم إظهار تقدم واضح، وتركز على تطوير الأفراد الموثوقين الذين يظهرون الالتزام بإنهاء مهامهم.

إذا أرادت المؤسسات تعزيز الإبداع فيها حقاً، فعليها أن تبدأ بتعيين عدد أكبر من الموظفين مما تحتاج إليه لإنجاز المهام المطلوبة للحفاظ على استمرار الشركة. لقد جذبت سياسة "20% من الوقت" الخاصة بشركة جوجل الكثير من الاهتمام، إذ تشجع الموظفين على قضاء 20% من وقتهم في العمل على ابتكار أفكار جديدة. على الرغم من وجود بعض الجدل حول كيفية تنفيذ هذه السياسة فعلياً في الشركة، أعتقد أنه من الصواب توظيف أكثر مما تحتاج إليه فعلياً لأداء المهام المعتادة بـ 10-20% إذا كانت تطمح إلى منح الجميع فرصة لتطوير مهاراتهم الإبداعية.

يجب على المدراء أيضاً توفير بعض المرونة للموظفين لتغيير جداول مواعيدهم عندما يبدؤون تطوير فكرة جديدة مثيرة للاهتمام. لا يعني منح موظف ما حرية استخدام 10-20% من وقته لتطوير إبداعه بالضرورة أنه سيقضي 4-8 ساعات كل أسبوع في الأنشطة الإبداعية، ولكن قد تمر أسابيع يركز فيها حصراً على المهام التي يتعين عليه الانتهاء منها وأسابيع أخرى يقضي فيها الموظف عدة أيام في العمل على فكرة جديدة ومتابعتها.

ولكن مجرد منح الموظفين الوقت والمرونة التي يحتاجون إليها ليكونوا مبدعين لا يكفي، إذ يجب على المدراء أيضاً مكافأة الموظفين على الانخراط في المهام التي قد تؤدي في النهاية إلى حلول إبداعية، مثل اكتساب معرفة جديدة وتطوير مهارات جديدة وإجراء محادثات واسعة النطاق مع الزملاء، وتجربة أفكار جديدة قد لا تنجح في النهاية.

من الممكن تبنّي نهج إداري يعزز الإبداع، ولكن ذلك يتطلب من المدراء الذين يركزون على الإنتاجية التراخي قليلاً فيما يتعلق بالطريقة التي يقضي بها الموظفون وقتهم في العمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي