كيف تنفذ عمليات العصف الذهني عن بعد؟

4 دقائق

لم يعد الكثيرون منا يعملون معاً في المكاتب ذاتها في ظل انتشار جائحة "كوفيد-19"، ومع ذلك، ما زلنا بحاجة إلى إجراء عملية توليد الأفكار بشكل تعاوني. لحسن الحظ، يوجد العديد من الأساليب التي يمكن أن تساعدك في حل المشكلات المعقدة بشكل فاعل، حتى عندما تعمل عن بُعد.

وسّع نطاق المشاركين

عندما تعمل مع الآخرين معاً على ابتكار حل جديد لمشكلة ما، فمن المهم أن تتذكر أن التوصل إلى ذلك الحل كان نتيجة الخبرات المتراكمة للأشخاص المشاركين في العملية، حيث يُعتبر وصف المشكلة بمثابة دافع لهم لتصفح ثنايا عقولهم واسترداد المعلومات ذات الصلة.

لذلك، تُعتبر مهمة تحديد هوية المشاركين في عملية العصف الذهني مهمة بالغة الأهمية. كان من الصعب في كثير من المؤسسات حشد مجموعة كبيرة من الموظفين معاً قبل انتشار الجائحة، وذلك بسبب اختلاف جداول مواعيدهم أو مواقعهم. لكن نظراً لأن الوضع الافتراضي في الماضي تطلّب منا عقد اجتماعات وجهاً لوجه، لم نبدِ تفاعلنا مع الموظفين الذين لم يتمكنوا من الحضور بشكل شخصي للمشاركة في عملية توليد الأفكار. وكنا نعلم أن الاجتماعات الهجينة التي يحضر فيها بعض الموظفين بشكل شخصي في حين يشارك الآخرون عبر الإنترنت هي تجربة مروعة بالنسبة لأولئك المشاركين عن بُعد.

تتمثّل إحدى ميزات العمل عن بُعد في أنه أصبح من السهل اليوم جذب مجموعة أكبر من المشاركين، ومع ذلك، من الضروري أن تنفذ تلك العملية بعناية. لا تبدأ بكتابة قائمة الأشخاص الذين تود إشراكهم في جلسة العصف الذهني، بدلاً من ذلك، حدد الأدوار والخبرات التي تظن أنها مفيدة للقضية المعنية، ثم ابحث عن الأشخاص المناسبين لذلك الوصف. اطلب من زملائك تقديم توصيات لأشخاص قد لا تعرفهم ممن يتمتعون بالخبرات ذات الصلة، فذلك يضمن لك أن تكون المجموعة التي تجمعها معاً أكثر تنوعاً، ويوفر لك مجموعة من الخلفيات ووجهات النظر المختلفة التي تساعدك في حل المشكلات.

استفد من صعوبات تحديد جداول المواعيد

عندما يعمل الموظفون عن بُعد، يكون من الصعب تحديد موعد الاجتماعات في وقت يناسب الجميع، لاسيما إذا كان الموظفون يعملون في مناطق زمنية مختلفة. من جهة أخرى، قد يكون ذلك التحدي نعمة بالنسبة لعملية العصف الذهني، لأنك لا تحتاج في الواقع إلى أن تكون المجموعة معاً للتوصل إلى أفضل الأفكار.

وتوضح نظرية التفكير الجماعي أن الأفراد يفكرون بشكل مختلف في مشكلة ما في أثناء عملية توليد الأفكار إذا كانوا يعملون بمفردهم. لكن عندما تجمع الموظفين معاً وتطلب منهم توليد الأفكار، تجدهم يميلون إلى التفكير بالطريقة ذاتها والتوصل إلى حل مشترك.

لذلك، ابدأ عملية العصف الذهني بأن تطلب من كل شخص أن يبتكر حلولاً محتملة بمفرده، أو أن تطلب منهم العمل في مجموعات صغيرة للتفكير في الاحتمالات. ويجب أن يتمثّل هدفك في منع مجموعة الموظفين من مجرد طرح الأفكار، إذ لا يُعتبر ذلك النهج مثالياً عند العمل عن بُعد. تأكد من حصول الجميع على فرصة للمشاركة واعمل على حل المشكلات أولاً. وتتمثل إحدى طرق القيام بذلك في أن تطلب من مجموعات صغيرة من الموظفين تدوين أفكارهم في مستند. وتنطوي الطريقة الثانية على جعل أعضاء المجموعة يرسلون أفكارهم الأولية إليك وأن تعمل على تصنيفها قبل أن يبدأ أي شخص في مناقشتها.

وبعد تلك المرحلة الأولية، اجمع الحلول التي طرحها الموظفون وأرسلها إلى المجموعة لمناقشتها. ثم أنشئ مستنداً مشتركاً يحتوي على الأفكار الأولية التي يمكن للجميع تحريرها، واطلب من الموظفين تطوير تلك المقترحات الأولية. ومن المحتمل عندما تقرأ مجموعة الأفكار الواردة أن تدرك حاجتك إلى خبرة شخص ما خارج المجموعة لتطوير بعض تلك المقترحات. وتنطوي إحدى فوائد الاستغراق في إتمام تلك العملية على أنها تمنحك فرصة لإشراك موظفين جدد يمكنهم تقديم وجهات نظر قيّمة لحل المشكلة. وفي وقت لاحق من العملية، يمكنك جمع المجموعة بأكملها لمناقشة الأفكار الواعدة والتوصل إلى إجماع حول عدد صغير من الخيارات التي قد تجري دراسة تفصيلية عليها.

كن محدداً

تُظهر كثير من البحوث أنك عندما تبتعد عن شيء ما زمنياً أو مكانياً أو اجتماعياً، يزداد تفكيرك فيه بشكل تجريدي. وهي نظرية يُطلق عليها اسم نظرية المستوى التحليلي. وعند تطبيق تلك النظرية على بيئة العمل عن بُعد، نجد أننا غالباً ما نكون بعيدين فعلياً عن جذر المشكلات التي نحاول حلها، وهو ما يُتيح لنا التفكير فيها بشكل تجريدي.

قد يكون التفكير بشكل تجريدي خطوة ناجحة في البداية. فعندما تبدأ في إجراء تمثيل لمشكلة ما بشكل عام، تزداد فرص أن تفكر بحلول من مجال آخر خارج مجال خبرتك. بعبارة أخرى، قد يساعدك التجريد في العثور على حلول جيدة مماثلة بهدف تقديم رؤى ثاقبة.

ومع ذلك، يكمن الخطر في احتمال أن تستغرق في التفكير، وأن تفشل في التوصل إلى حلول محددة. وقد يصعب على الموظفين الاستجابة للأفكار العامة والتصرف بناءً عليها.

ونحن نشهد التجربة ذاتها اليوم في "جامعة تكساس" في أثناء عملنا على التخطيط لفصل الخريف الدراسي خلال جائحة "كوفيد-19". وأنا أشرف على مجموعة العمل التي تخطط لعروض الجامعة الأكاديمية. وطورنا على مدار الأسابيع العديدة الماضية سيناريو محدداً للطلاب الذين سيحضرون الدروس وجهاً لوجه وعبر الإنترنت وعملنا على معالجة عوامل أخرى، مثل الحد الأقصى لإشغال القاعات الدراسية واستخدام الكمامات من قبل الطلاب والموظفين وهيئة التدريس.

وكل أسبوع، يضيف أكثر من 250 شخصاً تعليقاتهم على السيناريو ويشيرون إلى المشكلات المحتملة. وهو ما يعني أن السيناريو عرضة للتغيير بشكل كبير دون شك. ونظراً لأن السيناريو محدد، فإنه يدفع الناس إلى التفكير في القضايا التي قد لا تظهر في حال بقيت المناقشة مجردة. على سبيل المثال، واجهنا صعوبة في إيجاد أماكن للطلاب في الحرم الجامعي الذين لديهم حصة دراسية وجهاً لوجه متبوعة بحصة عبر الإنترنت. أين سيجلس هؤلاء الطلاب لحضور الحصة الدراسية عبر الإنترنت؟ من المؤكد أن تلك المشكلة كانت ستظهر لو أننا لم نفكر في حل تفصيلي لها.

وتتطلب عملية التصميم التكراري تلك أن يكون الجميع على استعداد للتعامل مع عناصر ذلك التصميم على أنها مؤقتة من البداية. فإذا بدأ الأشخاص الرئيسيّون الدفاع عن القرارات المبكرة، قد ينسحب أعضاء المجموعة، لكن عندما يرى الناس أن السيناريو المحدد يتغير من وقت إلى آخر، يزداد التزامهم بتطويره.

في النهاية، نظراً لمقدار الغموض الذي تواجهه كل مؤسسة، ستبقى المشكلات الصعبة التي تحتاج إلى حل تعترض سبيلنا على مدار الأشهر والسنوات المقبلة. لذلك من المهم إجراء عملية العصف الذهني بشكل صحيح، سواء كنت تعمل عن بُعد أو في المكتب. ومن المحتمل جداً أن تفيدنا الدروس التي نستقيها من عملية العصف الذهني في البيئة الافتراضية عندما نجتمع وجهاً لوجه مرة أخرى.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي