ملخص: صاغ الباحث القانوني والمؤلف، كاس سنستين، مصطلح "العرقلة" للإشارة إلى الحالات التي يعوق فيها تصميم عملية معينة قدرة الأفراد على تحقيق الأهداف، وهي كثيرة في إجراءات الرعاية الصحية. في هذا المقال، يشارك 3 من كبار المدراء في شبكة الرعاية الصحية أسنشن (Ascension) 4 أساليب تساعد أنظمة الرعاية الصحية الأخرى على التخلص من العراقيل في عملياتها.
في كثير من الأحيان، يواجه المرضى عقبات تمنعهم من إدارة خدمات الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها بكفاءة، تتضمن هذه العقبات عادة فترات الانتظار الطويلة والمعاملات الورقية غير الضرورية وغيرها من العمليات الشاقة والمرهقة. تُعد هذه الأعباء الإدارية في معظمها ضريبة زمنية تسبب ضرراً كبيراً للمرضى الأشد عرضة للمخاطر من خلال تقليل مشاركتهم في العناية بصحتهم، ما يؤدي غالباً إلى تأخير حصولهم على الرعاية. صاغ الباحث القانوني والمؤلف الأميركي، كاس سنستين، مصطلح "العرقلة" للإشارة إلى هذه الحالات التي يعوق فيها تصميم عملية معينة قدرة الأفراد على تحقيق أهدافها. نرى أن لدينا فرصة كبيرة لتحسين الرعاية الصحية من خلال توجيه مزيد من الاهتمام نحو إزالة العراقيل. أصبحت هذه العملية تُعرف باسم "تقييم العراقيل"، وهو نهج منظم لتحديد العراقيل وتقدير تكلفتها والتوصل إلى طرق التخلص منها.
في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2021، اتخذ الرئيس جوزيف بايدن خطوات لمعالجة هذه المشكلة داخل الحكومة الفيدرالية من خلال التوقيع على أمر تنفيذي يوجه الهيئات الحكومية لإعادة تصميم تجربة العملاء وإزالة العراقيل والتعقيدات البيروقراطية. يحدد هذا الأمر التنفيذي 36 تحسيناً ضرورياً؛ إذ يركز العديد من هذه التحسينات على العمليات المتعلقة بالرعاية الصحية، مثل إنشاء منصة رقمية واحدة متكاملة وشاملة للرعاية الصحية وإدارة المزايا عبر الإنترنت للمحاربين القدماء والقدرة على التسوق عبر الإنترنت بدلاً من الحضور شخصياً لشراء السلع الغذائية للنساء والأطفال في برنامج التغذية التكميلي الخاص (Special Supplemental Nutrition Program) لتحسين الوصول إلى الغذاء الصحي وتوسيع نطاق استخدام خيارات الرعاية الصحية عن بعد لتحسين حصول المرضى على الرعاية الصحية.
بصفتنا قادة نتولى الإشراف على فرق الرعاية الصحية في شبكة الرعاية الصحية أسنشن، أطلقنا في شهر يونيو/حزيران عام 2021 مبادرة لتطبيق مبادئ من العلوم السلوكية وعلم النفس لتحسين رعاية المرضى ومشاركة الموظفين في نظامنا الصحي. على سبيل المثال، طلبنا من قادة البرامج في نظام الرعاية الصحية تحديد الفرص التي تتيح لنا مساعدتهم على تعزيز المشاركة من أجل زيادة عدد المشتركين في البرامج أو تحسين الاستفادة من الرعاية الموصى بها، وشكّلنا لجنة توجيه تنفيذية تضم قادة في مجالات الرعاية الصحية السريرية والتكنولوجيا والاستراتيجية والابتكار والتأمين لتحديد الأولويات واتخاذ القرارات بشأن الجوانب المختلفة للمشروع. انطلاقاً من الأولويات الأساسية، تعاونّا مع أصحاب المصلحة في المجالين الطبي والتكنولوجي على إجراء عمليات تقييم للعراقيل لتحديد دور كل عنصر من عناصر برنامج صحي معيّن في تسهيل العملية أو عرقلتها. حاولنا قدر الإمكان حساب تكاليف العراقيل من الناحية المالية ومن حيث التأثير في مستوى المشاركة والتفاعل. بمجرد الانتهاء من عملية التدقيق، قدمنا توصيات إلى أصحاب المصلحة حول كيفية تقليل العراقيل ثم ساعدنا على تنفيذ تلك التوصيات.
ساعدت هذه المبادرة منذ بدايتها في تقليل العراقيل في العديد من البرامج الطبية وخطط التأمين الصحي. تستمر جهودنا بالتأكيد، لكننا حددنا بالفعل 4 أساليب يمكن أن تساعد الأنظمة الصحية الأخرى في تحسين عملياتها.
1. اختصار الإجراءات وتسهيلها
عندما لا يحقق البرنامج الجديد هدف تعزيز إشراك الناس في تنظيم رعايتهم الصحية، يجب عدم التسرع بإضافة عنصر جديد مثل الاتصالات الإضافية أو الموظفين الإضافيين إلى النهج القديم، بل يجب التأكد من أن المشكلة الرئيسية تكمن في كثرة الإجراءات في العملية الحالية.
أدركت شبكة أسنشن الحاجة إلى التحسين عندما طُلب من الموظفين تقديم نسخة من بطاقات لقاحاتهم ضد فيروس كوفيد-19؛ كانت الطريقة الأولى هي تحميل المستندات من جهاز الكمبيوتر؛ أي أن على معظم الموظفين التقاط صورة لبطاقة التطعيم باستخدام هواتفهم، ثم إرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى أنفسهم، ثم حفظها منه على أجهزة الكمبيوتر، وأخيراً تحميلها على نظام الشركة. لم يلتزم كثير من الموظفين بتحميل المستندات بسبب هذه الخطوات الإضافية. لحل هذه المشكلة، طورنا عملية جديدة تتيح للموظفين تحميل بطاقات التطعيم مباشرة من الصور الملتقطة بواسطة هواتفهم الذكية، وبالنتيجة تضاعف عدد بطاقات التطعيم التي حمّلها الموظفون في الأسبوع الأول بعد تنفيذ الخطة الجديدة.
2. إضافة خيار رقمي
عندما تكون أول خطوة في العملية إجراء مكالمة هاتفية فغالباً ما تتعطل العملية؛ تتطلب العملية التي تعتمد فقط على التواصل الشفهي عبر الهاتف جهداً يدوياً من الموظفين وغالباً تؤدي إلى الانتظار الطويل، مثل وضع المكالمة على الانتظار أو ترك رسالة على جهاز الرد الآلي. في كثير من الحالات، يتضمن الحل إنشاء قناة آلية رقمية وجعلها الخيار الأساسي.
على سبيل المثال، أجرت شبكة أسنشن تعديلاً على نظام تغطية الوصفات الطبية الأساسية في خطة التأمين الصحي للموظفين، ما اضطر معظم الموظفين إلى تحديث معلوماتهم والتسجيل في صيدلية جديدة لتجنب دفع مزيد من المال من نفقتهم الشخصية مقابل الحصول على الأدوية. اعتمدت الطريقة الأولى على مطالبة الموظفين بالاتصال هاتفياً لتحديث معلوماتهم، لكن نسبة المشاركة كانت منخفضة، لذلك بدأ فريق مزايا الصيدلية في المؤسسة بالاتصال بالموظفين بدلاً من انتظار اتصالهم. كانت العملية تتطلب جهداً مكثفاً من الموظفين، وكان أعضاء الفريق في كثير من الأحيان غير قادرين على التواصل مع الموظفين عبر الهاتف؛ لم يجب بعض الموظفين المكالمات وكانت أرقام هواتف البعض الآخر قديمة وغير محدثة في النظام. من كل 1,000 مكالمة هاتفية، سجّل نحو 100 موظف في النظام الجديد؛ أي 10% من إجمالي عدد الموظفين الذين تلقوا الاتصالات.
لمعالجة هذه المشكلة، أجرينا تجربة جديدة، اخترنا نحو 1,000 موظف وأرسلنا إليهم رسالة إلكترونية تحتوي على نموذج يمكن تعديله وإرساله، وملأنا النموذج مسبّقاً بالمعلومات التي جمعناها من الموظفين مثل أسمائهم ومعلومات الاتصال، وإذا كانت البيانات التي لدينا صحيحة بالفعل، فلن يضطروا إلى إعادة إدخالها. في غضون أسبوع واحد فقط، ارتفعت نسبة التسجيل إلى 72%. أنشأت شبكة أسنشن منذ ذلك الحين نموذجاً عبر الإنترنت يمكن للأعضاء الذين يفضلون العملية الرقمية الوصول إليه في أي وقت وتحديث معلوماتهم.
3. إزالة العقبات
يُطلب من المرضى غالباً ملء مجموعة من النماذج قبل حجز موعد أو الحصول على الرعاية الصحية، لكن في كثير من الأحيان تُضاف إلى هذه النماذج مستندات غير مهمة ولا تتعلق بالزيارة الطبية، ما يحبط المرضى ويدفعهم إلى تأجيل حجز موعد. ستؤدي إزالة هذه العقبات غير الضرورية إلى تحسين إمكانية الحصول على الرعاية الصحية،
وتسعى شبكة أسنشن حالياً إلى تحقيق ذلك من خلال عمليتها لجمع نتائج المرضى بعد جراحة استبدال المفاصل بالإبلاغ الذاتي عبر الإنترنت؛ سيتلقى المرضى رسالة إلكترونية أو نصية تحتوي على رابط لتعبئة استبيان قصير حول صحتهم وقدرتهم على الحركة بعد العملية الجراحية. قبل إرسال هذه الرسائل إلى المرضى لجمع المعلومات الصحية، سنطلب منهم الموافقة أولاً على استخدام هذه الوسيلة. ولأن طلب الحصول على موافقة المريض ربما يشكل عقبة أمام حصوله على الرعاية الصحية، ولأن هذه الأشكال من التواصل ليست ضرورية في تقييم الجرّاح الأولي لحالة المريض، قررنا التواصل مع المرضى بعد تحديد موعد العملية الجراحية فقط. وسيتلقون بعد ذلك رسالة نصية أو إلكترونية تحتوي على رابط لنموذج الموافقة ويُطلب منهم قبوله أو رفضه، وإذا وافقوا فسوف يتلقون رسالة نصية فورية تحتوي على رابط لتعبئة الاستبيان حول صحتهم وقدرتهم على الحركة. بعد العملية الجراحية، سيتواصل الكادر الطبي مع المرضى كل 3 أشهر مدة عام لمتابعة حالتهم الصحية.
4. توفير خيارات افتراضية
لتوسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية، يجب أن تبحث أنظمة الرعاية الصحية عن فرص لاستبدال الإجراءات التي تتطلب الزيارات الشخصية بخيارات افتراضية. إذ يضطر العديد من المرضى إلى أخذ إجازة من العمل أو البحث عمّن يساعدهم في رعاية أطفالهم من أجل رؤية الطبيب في زيارة قد لا تستغرق سوى 15 دقيقة فقط. يتطلب بعض أنواع الرعاية الصحية الحضور الشخصي والتفاعل المباشر بين الطبيب والمريض، مثل الفحص السريري للقلب والرئتين، أو الإجراءات البسيطة مثل خزعة الجلد أو إعطاء اللقاحات والأدوية عن طريق الحقن الوريدي، في المقابل يمكن إجراء العديد من أنواع الرعاية الأخرى، مثل الاستشارة الدوائية ومراقبة مرض السكري أو تفسير نتائج التحاليل الطبية، عن طريق زيارة افتراضية دون الحاجة إلى الحضور الشخصي، ما يوفر الوقت والجهد.
تتعدد الفرص لتحسين تقديم الرعاية الصحية عن طريق إزالة العراقيل، وسيؤدي ذلك إلى تسهيل حصول المرضى على الرعاية الصحية وتنظيمها بطريقة أفضل.