ها قد مضى عام جديد، لكن المشكلات العالمية الهائلة لا تزال على حالها

3 دقيقة

في خريف عام 2007 وشتاء عام 2008، عقدت مع اثنين من زملائي في "كلية هارفارد للأعمال" (Harvard Business School)، أربعة ندوات مع مجموعات تضم حوالي خمسة عشر من قادة الأعمال، في جميع أنحاء أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية والولايات المتحدة. كان الهدف من هذه اللقاءات توليد الحوار مع بعض أفضل القادة في العالم حول التحديات التي يعتقدون أنها تكمن في الأفق للأعمال والرأسمالية خصوصاً. فطرحنا السؤال التالي: "ما المشكلات التي سنواجهها في القرن الحادي والعشرين، والتي ينبغي على الكلية تهيئة طلابها لمواجهتها؟

فالركود الاقتصادي لم يبدأ بعد، وبعد الانهيار الذي حدث خريف عام 2008 كان الرأي الغالب هو أنه لم يتوقع أحد حدوث الانهيار. لكن الكثير من القادة الذين تحدثنا إليهم حينها وصفوا نقاط الضعف في النظام، إضافة إلى عرض قائمة بالمشكلات التي باتت واضحة الآن.

واتفق الجميع على أن السوق الرأسمالية كانت مصدر نموٍ اقتصادي مذهل وازدهار في جميع العالم. فقد توقع "البنك الدولي" (The World Bank)، دخول نحو مليار شخصٍ في الطبقة الوسطى بحلول عام 2030. لكن هذه المجموعات من قادة الأعمال حددت أيضاً عشر قوى من الوارد جداً أن تهدد تقدم الرأسمالية في السنوات القادمة. فيما يلي عينة مما قاله المشاركون حول كل من التهديدات التي حددوها:

عدم استقرار النظام المالي

"لا بأس في كل هذا إذا لم يكن هناك تباطؤ اقتصادي حاد... المشكلة التي سنشهدها هي أن التمويل الذي يحصلون عليه يتم بيعه بعد ذلك مع صفقات الديون المضمونة هذه. وفي النهاية من هم هؤلاء الأشخاص الذين يحملون هذه الالتزامات؟".

حالة التجارة

"يكمن التهديد في موجة الحمائية الموجودة في الدول، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في أوروبا أيضاً".

عدم المساواة ونزعة الشعبوية

"لقد زاد الأغنياء غنىً، وأصبح الفقراء أيضاً في معظم الحالات أغنى. والآن يرى الجميع كيف يعيش الطرف الآخر، وهناك شعور متزايد بالاستبعاد".

الهجرة

"إننا نرى هذا الضغط الهائل من الأفارقة الراغبين في النجاح، وهم يأتون على متن القوارب والسفن من أجل ذلك. وهناك أعداد متزايدة في أوروبا، خصوصاً من المسلمين، الذين يرون أنفسهم منفصلين تماماً عن المجتمعات التي تستضيفهم".

التدهور البيئي

"كيف يمكننا التوفيق بين النمو الاقتصادي المرتفع والعناية بالبيئة، مع ضمان أن الرخاء المتزايد لا يعني تخفيض المعايير الصحية؟".

فشل سيادة القانون

"لدينا، دون شك، موقفٌ من الحكومة وتجاهها. ولا يثق أحدنا بالآخر، وهناك أسباب لذلك".

حالة الصحة العامة والتعليم العام. "لا يمكن التغلب على عدم المساواة إلا من خلال التعليم والعمل الجيدين، وبالتالي التوظيف الجيد".

ظهور رأسمالية الدولة

"في حال جاءت الشركات الصينية والروسية وأدت دوراً كبيراً خارج الصين وروسيا، فلن تكون هناك فرص متكافئة".

الحركات الراديكالية والإرهاب والحروب

"إن مشكلة الإرهاب هي قضية كبيرة يمكن أن تؤثر على المجتمع. ويقلقني أنها سوف تؤدي إلى إغلاق مضيق ملقة".

تطور الأوبئة

"لا أستطيع تحمل تكاليف وباء إنفلونزا الطيور".

وبعد تأمل لوحات الشرح التي دونت عليها أفكارهم، قدّم المدراء التنفيذيون تقييماً نهائياً، مفاده أن المؤسسات القائمة غير مناسبة لحل هذه المشكلات: "بُنيت المؤسسات الموجودة لدينا بعد الحرب العالمية الثانية. وقد أضحت الشركات اليوم دولية، لكن ما يزال هناك أمم، وتفتقر هذه المؤسسات إلى القدرة على المساعدة".

الأمر المدهش، بالنظر لما مضى، هو البصيرة النافذة التي تمتع بها المشاركون، فكل ما يتسبب في دمارنا اليوم عرضه بوضوح قادة بعض أهم الشركات في العالم قبل ثماني سنوات. وأذهلني على وجه الخصوص بعض التعليقات التي سمعناها حول عدم الاستقرار المالي وعدم المساواة والتدهور البيئي والهجرة والفساد. والأكثر إدهاشاً هو أنه لم يحدث شيء يُذكر للتصدي لهذه المشكلات. حتى أننا لم نبدأ بمعالجتها بحلول واقعية ومنطقية، وهي تزداد سوءاً. فلماذا نتفاجأ إلى هذا الحد بالفوضى المحيطة بنا؟

لقد ألفنا كتاباً بعنوان "الرأسمالية في خطر" (Capitalism at Risk) بعد هذه اللقاءات، وشرحنا فيه كيف تستطيع الشركات أن تكون سبّاقة في مواجهة هذه التحديات بشكل مباشر. ونعتقد بصورة أساسية أنه يجب على الشركات التفكير في هذه التحديات بعمق كافٍ لمعرفة كيف يشكّل حلها فرصةً استراتيجية. وهناك بالتأكيد أمثلة من المؤسسات التي تزدهر عندما تقل المشكلات الجوهرية: فمبادرة "جنرال إلكتريك" (General Electric)، للإبداع البيئي، والاستراتيجية الريفية التي تتبعها "تشاينا موبايل" (China Mobile)، وتغيير نظام التعليم الإقليمي الذي قامت به "كمينز" (Cummins)، والأصبغة المصنّعة من ثاني أكسيد الكربون التي تستخدمها "نايكي" (Nike)، بضعة أمثلة عن ذلك.

لكن هذا يتطلب التزام الإدارة العليا وصبرها ومثابرتها، والإبداع الحقيقي في استخدام الكفاءات والتكنولوجيا، لأن الديمقراطيات الغربية قريبة إلى الركود. ففي الولايات المتحدة، يصف النقاش السياسي عالماً خيالياً. فهل سيجلس مجتمع الأعمال مكتوف اليدين ويسمح بتفكك نظام السوق الرأسمالي؟ يقول بعض القادة الذين نتحدث إليهم: "إن المشكلة أكبر من صلاحياتي". أو: "لن يسمح لي أصحاب الأسهم"، وأعتقد أن هذه الإجابات تهرب من الواجب. إن التحدي الاستراتيجي ضخم، ويتطلب منهجية وقيادة ريادية. لكن لا توجد إجابة أخرى.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي