ملخص: ليس من الضروري أن تعتبر الطلبات غير المنطقية مطالب عصية على الحل، يقدم هذا المقال 6 استراتيجيات ستساعدك على الرد بفعالية أكبر والشعور بقوة أكبر. أولاً، قيّم العلاقة. تشكل علاقتك بالشخص صاحب الطلب أساساً تعتمد عليه لاختيار طريقة استجابتك للطلب (أو استجابتك له من عدمها) وتحديد مدى رغبتك في محاولة تلبيته. وأيضاً، كن فضولياً. اطرح أسئلة مفتوحة حول الأساس الحقيقي لهذا الطلب من أجل التعرف على ما يحتاج إليه هذا الشخص حقاً (وليس ما يعتقد أنه يحتاج إليه). احرص على زيادة الوعي. عادة، يتمثل جزء من فظاعة الطلب غير المنطقي في أن الشخص الذي يقدمه لا يملك أي فكرة عن أنه غير منطقي، وأخيراً، وضح حدودك وقدم حلولاً بديلة وأعلِم الشخص الآخر بما سيناسبك في المرة القادمة.
في كل يوم يطلب الآخرون منا ونطلب منهم عدداً من الطلبات في العمل والحياة الشخصية على حد سواء، ويكون معظم هذه الطلبات منطقياً، ولكن في كثير من المرات نصادف طلبات غير منطقية. ينطوي الطلب غير المنطقي عادة على مسألة أكبر من إمكاناتنا تتطلب جهداً استثنائياً وتبدو غير قابلة للتطبيق على الإطلاق، أو قد يكون الطلب غير منطقي نظراً للمدة أو الطريقة اللازمة لتنفيذه، سواء تم تقديمه في اللحظة الأخيرة أو من باب حسن الظن أو بأسلوب متطلب أو بطريقة مفترضة أو جميعها معاً.
في مرحلة مبكرة من حياتي المهنية كنت موظفة بالمستوى الابتدائي لدى مصرف استثماري، وتلقيت طلباً كان يشمل الصفات الثلاث التي ذكرتها للتو؛ عندما كنت على وشك الجلوس مع أصدقائي لتناول العشاء تلقيت رسالة صوتية من موظف برتبة أعلى في الشركة يقول لي أني سأسافر بعد ساعتين في رحلة ليلية متأخرة متوجهة من مدينة سان فرانسيسكو إلى مدينة واشنطن العاصمة لحضور اجتماع مع أحد العملاء في الصباح التالي (سأتحدث عن هذا الموضوع بمزيد من التفصيل لاحقاً).
سنتلقى دوماً طلبات تبدو غير منطقية، وتبين الأبحاث أن النساء يتلقين عدداً أكبر منها، أعرف أني تلقيت العديد من هذه الطلبات على مر الأعوام، يمكن أن تأتيك هذه الطلبات من شخص تعرفه، سواء كان عميلاً أو زميلاً أو مديراً أو صديقاً أو أحد المعارف، أو من أشخاص لا تعرفهم اتصلوا بك فجأة من دون سابق معرفة أو قام شخص ما بتحويلهم إليك.
بغض النظر عن مقدم الطلب، إليك 6 استراتيجيات تمنحك شعوراً بالقوة والقدرة على التصرف والاستجابة للطلبات التي لا تبدو منطقية بالنسبة لك.
قيّم العلاقة
تشكل علاقتك بالشخص صاحب الطلب أساساً تعتمد عليه لاختيار طريقة استجابتك للطلب (أو استجابتك له من عدمها) وتحديد مدى رغبتك في محاولة تلبيته. تبين الأبحاث أن مبدأ التبادلية؛ أي: تلبية طلب لشخص لبى لك طلباً أو العكس بالعكس، يؤثر في العلاقات الشخصية أكثر من تأثيره في علاقات العمل.
كما أن دينامية السلطة، كالطلب الذي يأتيك من مدير (أو مدير المدير) أو من عميل مهم، تؤثر في درجة الضغط الذي تشعر به للامتثال للطلب (لكن ذلك لا يعني أن عليك الامتثال له).
أما إن كان طلباً مفاجئاً يأتيك من شخص لا تعرفه، فعلى الأرجح أن عدم معرفتك له ستسهل عليك رفض الطلب بلباقة (إن قررت أن تستجيب أساساً).
كن فضولياً
اطرح أسئلة مفتوحة حول الأساس الحقيقي لهذا الطلب من أجل التعرف إلى ما يحتاج إليه هذا الشخص حقاً (وليس ما يعتقد أنه يحتاج إليه). مثلاً، سألت الموظف الأعلى رتبة في المصرف الاستثماري الذي طالبني بالسفر في رحلة ليلية مفاجئة: "ما أهمية حضوري لهذا الاجتماع؟" فعرفت أن العميل كان يرغب بحضور ممثل عن الشركة في الاجتماع ببساطة، وأن الموظف الأعلى رتبة يرغب في الحصول على معلومات عما سيجري فيه، وبما أن ذلك هو المهم عرفت أنه بالإمكان إرسال شخص آخر بدلاً عني.
وبالمثل، إن طلب منك مديرك أن تعمل طوال عطلة نهاية الأسبوع على تحليل ما، بإمكانك أن تطرح عليه السؤال: "ما الذي ترجو معرفته من هذا التحليل؟" من الممكن أن تكتشف أن هذا التحليل لن يوفر له المعلومات التي يبحث عنها ويمكنه الحصول عليها من مصدر آخر، أو ربما كانت لديك طريقة أكثر فعالية لتأمين بديل كاف عما يبحث عنه مديرك بصورة مفاجئة.
احرص على توعية الشخص الآخر
عادة، يتمثل جزء من فظاعة الطلب غير المنطقي في أن الشخص الذي يقدمه لا يملك أي فكرة عن أن طلبه غير منطقي، من الممكن أنه لا يدرك بعض الأمور المتعلقة بالعمل اللازم لتلبية الطلب أو الأثر الذي ستوقعه تلبية الطلب عليك وعلى فريقك ومسارات العمل الأخرى، وربما يعتقد أن تلبية الطلب أمر بسيط في حين أنه قد يستغرق أياماً أو أسابيع لإنجازه وينطوي على عمل أكثر بكثير مما فكر فيه، من الممكن أن تنطبق هذه الحالة على القادة ذوي المناصب العليا الذين يحتمل أن يكونوا منفصلين بدرجة أكبر عن العمل الفعلي.
سيطلب القائد الجيد معلومات عن العمل اللازم لإنجاز أمر ما، ولكن إن لم يطلبها فبإمكانك مشاركة هذه المعلومات بلباقة بهدف توعيته بحقيقة الأمر وتمنحه فرصة اتخاذ خيار مستنير قائم على المعلومات. يمكنك أن تقول شيئاً مثل: "سيضطر الفريق إلى العمل أسبوعاً كاملاً لتلبية هذا الطلب، ما يعني أننا لن نتمكن من التركيز على المشروع الفلاني، هل لا تزال ترغب في أن ننفذ الطلب؟".
تحدث عدة من زملائي المستشارين عن قصص حول عملاء يقدمون طلبات تحتاج إلى قدر هائل من العمل خارج نطاق مشروع معين. في حين أن ما يسمى "تمدد النطاق" أمر لا بد منه في العمل الاستشاري، فبإمكانك قول شيء مثل: "يمكننا بالتأكيد القيام بهذا العمل الإضافي الذي تطلبه، ولكن بما أنه خارج نطاق مشروعنا الأصلي فاسمح لي أن أتحقق من التكاليف الإضافية التي ستترتب عليه ثم أعود إليك". مجدداً، سيؤدي هذا الأسلوب اللبق إلى لفت انتباه صاحب الطلب إلى العمل الإضافي الذي ينطوي عليه طلبه ويمنحه فرصة اتخاذ الخيار الأفضل. من الممكن أن تكون هذه المحادثة صعبة، ولكنها تصبح أسهل مع التدريب وستعود عليك بفائدة كبيرة.
احرص على توضيح حدودك
من الممكن أن ينتهك الطلب القيم التي تعتنقها، مثل الاحترام والتوازن بين الحياة والعمل والعائلة والصحة والمهنية والنزاهة وغيرها، وإن أثار الطلب غضبك أو استياءك فهذه إشارة واضحة على أنه ينتهك إحدى قيمك. شعرت بدمي يغلي في عروقي عندما تلقيت الرسالة الصوتية من الموظف الأعلى مني رتبة الذي طلب مني السفر ليلاً قبل ساعتين من موعد الرحلة، فهذا الطلب تصادم مع اثنتين من قيمي، هما الاحترام والاستقلالية. ويمكنك عن طريق توضيح قيمك توجيه عملية صنع القرار فيما يتعلق بتحديد ما ستفعله أو لن تفعله (أو مدى رغبتك في الاستمرار في هذه الوظيفة).
إلى جانب الطلبات غير المنطقية ثمة طلبات غير ملائمة بصورة صريحة. في إحدى الوظائف التي عملت فيها سابقاً، طُلب من إحدى الزميلات تقديم عمل زميل آخر لأنها تتحدث الإنجليزية بطلاقة أكبر (إذ لم تكن الإنجليزية اللغة الأصلية لزميلها). كما تحدثت إحدى النساء عن قصتها عندما دخلت المستشفى في حالة صحية حرجة، فقال مديرها من دون السؤال عن حالها: "هل يمكنك فتح جهاز اللابتوب وإنهاء بضعة أمور؟"
على الرغم من فظاعة هذه الطلبات، ثمة جانب مشرق يتمثل في أن رفضها أسهل بكثير، وفي حالة تقديم عمل الزميل، كان بإمكان الموظفة قول: "لا أشعر أنه من حقي التحدث عن عمل شخص آخر، فذلك سيسلبه فرصة الظهور والتطوير الذي يستحقها ويتعارض مع أهداف التنوع والمساواة والشمول في الشركة، وهذا يتعدى إلى حد كبير الفائدة التي تسعى لتحقيقها، إلى جانب أني أعتقد أنه لن يكون في صالحك". (الجزء الأخير يتيح لصاحب الطلب حفظ ماء وجهه).
قدم حلولاً بديلة
عندما علمت أن طلب حضوري اجتماع العميل في العاصمة واشنطن لتمثيل الشركة وتدوين ملاحظات لإطلاع الموظف الأعلى رتبة بالمستجدات، توصلت إلى حل آخر؛ اتصلت بشخص كان يتدرب ضمن قسمنا في فصل الصيف، والذي كان يبحث عن فرصة جيدة للتعلم وكانت لديه الإمكانية لحضور الاجتماع وكان يحتاج إلى ركوب القطار في رحلة قصيرة للوصول إلى مكان الاجتماع، وكان يتوق لحضوره، وها هو ذا! حُلت المشكلة. هذا لا يعني أني لم أتلق بعض الانتقادات على ما فعلت، ولكنه شكل تحدياً لافتراض مديري حول من يجب أن يلبي الطلب بالفعل، ولفت انتباهه إلى توفر حلول أخرى أحياناً وقد تكون أفضل من الحل الذي يتبادر إلى ذهنه أولاً وأنه ربما كان من الأفضل أن يقيّم تكاليف الحلول الأخرى وفوائدها.
ثمة نوع آخر من الطلبات غير المنطقية التي تلقيتها في أكثر من مناسبة؛ حين أتلقى رسالة إلكترونية بلهجة تفترض موافقتي مسبقاً تحمل طلباً من شخص لا أعرفه يقول فيها شيئاً مثل: "أود أن أرتب اجتماعاً لمدة ساعة معك في الساعة التاسعة من صباح الغد كي تقدمي لي مشورة مهنية". أولاً، الساعة هي مقدار كبير من الوقت لا يمكنك طلبه. وثانياً، كما هو حال غالبية المهنيين المشغولين، جدول أعمالي على المدى المنظور ممتلئ تماماً، لذلك من الجرأة توقع أن يكون شخص ما متفرغاً حالاً. وثالثاً، أسلوب الكلام ملح جداً ولا يتلاءم مع شخص يطلب المساعدة. عندما أرد على الطلبات المقدمة بهذا الأسلوب الرديء (علماً أني لم أردّ على كثير منها)، كنت أرفض الطلب بقول شيء مثل: "أحجز المواعيد عادة قبل عدة أسابيع، لذا لن أكون متاحة للاجتماع معك بهذه السرعة. إليك بعض الروابط الإلكترونية لبعض الموارد التي قد تفيدك".
احرص على أن يعرف الشخص الآخر ما سيكون مناسباً لك في المرة المقبلة
إذا كان الطلب غير منطقي بسبب نقطة محددة يمكن تعديلها كي يصبح مقبولاً أكثر في المرة القادمة، فاحرص على إعلام صاحب الطلب بها، بهذه الطريقة ستقدم تقييما لطيفاً ولكنه مباشر وتتيح المجال لتفاعلات إيجابية بدرجة أكبر في المستقبل. مثلاً، يمكنك أن تقول: "إذا تمكنت من منحي مزيداً من الوقت في المرة المقبلة فسنتمكن من صياغة التقرير بالمستوى الذي تطلبه من التفصيل" أو: "إذا أعلمتني بما تحتاج إليه في بداية الأسبوع الذي يسبق موعد اجتماع يوم الأحد الصباحي بدلاً من الانتظار إلى مساء يوم الخميس فستوفر علي بذل جهد كبير بصورة طارئة والعمل في عطلة نهاية الأسبوع".
ليس من الضروري أن تعتبر الطلبات غير المنطقية مطالب عسيرة، والاستراتيجيات التي ذكرناها آنفاً ستساعدك على الرد بفعالية أكبر والشعور بقوة أكبر.