ملخص: قد يعتقد تاجر التجزئة أن تقديم تخفيضات أكبر يجذب المزيد من العملاء، ولكن بحثاً جديداً يشير إلى أن هذا ليس صحيحاً دائماً؛ ففي بعض الأحيان يؤدي الإعلان عن تخفيض بنسبة أقل ولكنها تبدو أدق؛ مثل 6.8% مقارنة بـ 7%، إلى اعتقاد العملاء أنها صفقة لن تتاح طويلاً فيعمدون إلى شراء المزيد من المنتج. وفي سلسلة من 9 دراسات تجريبية شملت نحو 2,000 فرد يفكرون في شراء مجموعة متنوعة من المنتجات عبر الإنترنت أو من متاجر تجزئة، وجد الباحثون أن عمق التخفيض الدقيق؛ أي الفرق بين السعر الأصلي وسعر البيع، يعزز نية الشراء بنسبة تصل إلى 21%.
التخفيضات هي أسلوب ترويجي مهم يستخدمه تجار التجزئة لتحفيز المبيعات، ويكفي أن تعلم أن التخفيضات كانت عاملاً مشجعاً رئيساً لاتخاذ ثلاثة من كل أربعة متسوقين قرار الشراء عبر الإنترنت في الولايات المتحدة في العام 2023، وجاذباً للمستهلكين للتسوق من متاجر بعينها بعيداً عن متاجر أخرى، ومحفزاً لزيادة حجم سلة المشتريات، ومقنعاً بشراء ما لم يكن المستهلكون سيشترونه بالسعر العادي. وللتخفيضات أثر قوي على مشتريات المنتجات الغذائية تحديداً، إذ تحدّث 90% من المستهلكين عن إقبالهم على شراء مواد غذائية وتخزينها عندما تكون معروضة بأسعار مخفضة.
وعلى ضوء الأهمية الجلية للتخفيضات، من الضروري لتجار التجزئة استخدام هذه العروض الترويجية بفعالية لزيادة مبيعاتهم، ومن البديهي أن نتوقع زيادة احتمال إقبال المستهلكين على شراء السلعة المعروضة بتخفيض أكبر مقارنة بالتي تعرض عليهم بتخفيض أقل.
تستفيد متاجر التجزئة من هذا الافتراض وتطبق أساليب مختلفة لزيادة حجم التخفيض المتصور، منها عرض السعر المخفض إلى يمين السعر الأصلي وليس إلى يساره، واستخدام حجم خط مختلف لعرض السعر المخفض، والاستعانة بتأثير "ترسيخ" الرقم الأيسر؛ أي أن يعرض المتجر مثلاً سعر 2.99 دولاراً بدلاً من 3 دولارات. ومن تجار التجزئة من يعمد إلى تقريب نسبة التخفيض إلى أقرب عدد صحيح، ويصف التخفيض بعبارات مثل "وفّر 7%" بدلاً من عرض نسبة التخفيض الفعلية؛ أي "وفّر 6.8%".
هناك محرّك جوهري آخر لسلوك شراء المستهلك وهو مدة التخفيض، إذ تشجع المدة الأقصر المستهلكين على المسارعة بالاستفادة من العرض؛ أي زيادة نوايا الشراء. وتتنوع أساليب المتاجر في الإعلان عن عروض التخفيض القصيرة المدة، مثل التخفيضات الخاطفة (flash sales) على كمية محدودة من المنتج خلال مدة محددة، مع استخدام مؤقتات العد التنازلي لنهاية مدة العرض واغتنام المناسبات المحلية أو الفعاليات التقليدية التي يتوافد الناس بكثافة لشراء منتج بعينه من أجلها.
تحدي الفكر السائد
على نقيض ما سبق، نقول إنه بمقدور تاجر التجزئة الاستفادة من تقديم تخفيضات السعر بطريقة تشير تحديداً إلى "عمق تخفيض" أقل؛ أي الفرق بين السعر الأصلي والسعر المخفض، ومن أساليب التنبيه إلى أن التخفيض قد لا يكون متاحاً مدة طويلة، أن يصف التاجر التخفيض بأرقام دقيقة، مثل 6.8% بدلاً من 7%. فإذا كان الحال كذلك، يؤثر عمق التخفيض المتصور الأصغر بفعالية على زيادة المبيعات.
نستند في رأينا هذا إلى بحث يشير إلى أنه من المتصور أن الأعداد الصحيحة أكثر استقراراً وأن الأعداد الدقيقة أكثر عرضة للتغيير، وبالتالي فإن تثبيت معلومات السعر مع وصف عمق التخفيض بنسبة 6.8%، مقارنة بقيمة 7% الأعلى، يؤدي إلى نتيجتين؛ الأولى هي إقناع المستهلك بأن تخفيض السعر لن يدوم طويلاً، والثانية هي تعزيز نية الشراء لديه.
وبعد تنفيذ 9 دراسات تجريبية تشمل نحو 2,000 فرد كانوا يفكرون في إتمام عمليات شراء عبر الإنترنت أو في المتاجر التقليدية لمجموعة واسعة من فئات المنتجات، مثل القرص الصلب المحمول وقارورة مياه وكوب قهوة وكرسي تخييم ومبرّد مشروبات، بأسعار تتراوح قيمتها بين 8 دولارات و50 دولاراً، توصلنا إلى النتائج الدقيقة الآتية:
1. من المرجح أن يشتري المستهلكون المنتجات ذات أعماق التخفيض الدقيقة.
تبيّن لنا على وجه التحديد أن وصف عمق التخفيض برقم دقيق، مثل 6.8% بدلاً من %7 رفع نوايا الشراء المعلنة لدى المستهلكين بنسبة تراوحت بين 13% و21%. بعبارة أخرى، عندما كان وصف التخفيض دقيقاً ولم يُقرّب إلى أقرب رقم صحيح كان المستهلكون أشد ميلاً إلى شراء المنتج بدلاً من الانتظار والبحث عن عروض أفضل في متاجر أخرى.
2. يؤدي عرض التخفيض الأقصر مدة إلى تحفيز نوايا الشراء.
كما هو متوقع، تبين لنا أن حافز نوايا الشراء الأعلى هو تصور أن تخفيض السعر قد لا يكون متاحاً مدة طويلة، وهذه دلالة على أن مدة التخفيض الأقصر ذات تأثير أقوى على نوايا الشراء لدى المستهلكين مقارنة بعمق التخفيض الأكبر.
3. يصل هذا التأثير إلى أقوى درجاته في التخفيضات الضئيلة نسبياً.
وصلت النتائج المذكورة أعلاه إلى أقوى درجات تأثيرها عندما كان عمق التخفيض متدنياً نسبياً، مثلاً أقل من 10%. وفي حين أظهر البحث أنه في كثير من الحالات، يكون تقديم تخفيضات ضئيلة غير فعال، لكن نتائجنا تشير إلى وجود طرق لرفع فعالية هذه التخفيضات. هذه بشرى لتجار التجزئة، إذ تؤدي التخفيضات الضئيلة الفعالة إلى زيادة المبيعات مع تقليل الأثر الذي قد توقعه التخفيضات الأكبر على هوامش الربح.
اعتبارات لما هو قادم من أبحاث
كانت النتائج التي توصلنا إليها بالتطبيق على مجموعة من المنتجات المختلفة متطابقة ومتسقة، لكن ثمة فروقاً دقيقة إضافية يجب على تجار التجزئة والباحثين مراعاتها. على سبيل المثال، يظهر البحث أن الأعداد الصحيحة يمكن أن تؤدي إلى اعتماد المستهلكين على المشاعر عند التفكير في المعلومات، لذلك، قد تكون هناك مساوئ لاستخدام نسب مئوية دقيقة عند الإعلان عن تخفيض أسعار منتجات تؤثر المشاعر في قرار شرائها، مثل العطور. على هذا النحو، يجب أن تأخذ الأبحاث المستقبلية في الاعتبار كيفية تأثير المشاعر على إدراك أوصاف التخفيضات.
بالإضافة إلى ذلك، قد تعرض المتاجر تخفيضات بذكر المبلغ المخفض ("تخفيض 10 دولارات" مثلاً) بدلاً من النسبة المئوية ("تخفيض 10%" مثلاً). وفي حين ركز بحثنا على إعلان التخفيضات بالنسب المئوية، قد يختبر بحث في المستقبل استمرارية نتائجنا وثباتها فيما يتعلق بعرض المبلغ المخفض.
دلالات النتائج التي توصلنا إليها واضحة: يهتم تجار التجزئة عموماً بزيادة جاذبية عروض التخفيض التي يقدمونها من خلال الموازنة بين العمق المتصور للتخفيض ومدته، كما يتعين على تجار التجزئة التوصل إلى طرق لزيادة فعالية التخفيضات الصغيرة على وجه التحديد، باعتبار أن المستهلك يراها أقل جاذبية.
ويشير بحثنا إلى أن المتجر الذي يستهدف تعزيز نوايا الشراء لدى المستهلكين، ومن ثم زيادة مبيعاته، عليه الابتعاد عن تقريب النسبة المئوية للتخفيض إلى أقرب رقم صحيح خاصة عند الإعلان عن نسبة تخفيضات ضئيلة نسبياً، واعتماد استراتيجية بديلة تتمثل في استخدام أوصاف التخفيض الدقيقة التي تفيد بأن مدة تخفيض أقصر.