لماذا تتحسن حالة المرضى بقدر أفضل تحت إشراف الطبيبات؟

6 دقائق

هل النساء الطبيبات أفضل من نظرائهن الرجال؟ تستكشف دراسة وضعها يوسوك تسوجاوا، وأنوبام جينا، وخوسيه فيجويرو، وآخرون هذه المسألة، وكشفت أن الثمار التي يجنيها المرضى تتباين وفقاً لما إذا كان المتابع لعلاجهم رجلاً أم امرأة. وأظهرت الدراسة أنه من بين مرضى مؤسسة "ميديكير" (Medicare)، الذين أدخلوا إلى المستشفى، تراجعت معدلات الوفيات ومعاودة دخول المستشفى لدى أولئك الذين عولجوا من قبل طبيبات باطنية مقارنة مع أولئك الذين عالجهم أطباء ذكور. لفتت تلك الدراسة الانتباه بشدة، وأثارت شكوك بعض الدوائر. وقد تحدثت إلى تسوجاوا عن علة نشأة هذا التباين وما يتعين على الأطباء تجاهله في تلك الدراسة. وخضع حوارنا للتحرير والتعديل لأغراض الإيضاح.

هارفارد بزنس ريفيو: لقد اكتشفتم أنه بالمقارنة مع المرضى الذين يخضعون لعلاج تحت إشراف أطباء، تراجعت نسبة خطر الوفاة النسبي بواقع 4% ونسبة الخطر النسبي للإيداع بالمستشفى مجدداً بمقدار 5% لدى المرضى الخاضعين لعلاج طبيبات خلال الشهر التالي. ما مدى أهمية أوجه الاختلاف هذه؟

تسوجاوا: هذه الأرقام مهمة جداً إحصائياً ونزعم أنها ذات حيثية إكلينيكياً أيضاً. ولا تختلف في أهميتها عن التحسن بمقدار 10 سنوات في معدل الوفيات ضمن الولايات المتحدة، وهو الأثر الإجمالي للممارسة الطبية والإرشادات الإكلينيكية (السريرية) والعلاجات الجديدة والتدخلات الحديثة الأفضل. كل هذه الأمور معاً أفضت إلى تراجع معدل الوفيات خلال السنوات العشر الأخيرة، ويقدر التباين بين الأطباء والطبيبات بالحجم نفسه.

هل تمثل هذه الحالة ارتباطاً تعالقياً أم عليّاً؟

لو كان هناك عامل محيّر لكان يمثل ارتباطاً تعالقياً. وعليه، إذا قارنا الأطباء والطبيبات، على أساس أنهم إما يُعالجون أنواعاً مختلفة من المرضى وإما أن الطبيبات تُعالجن مرضى أصح حالاً وأسلم بدناً، لما كانت العلاقة عِليّة (سببية). لكننا وضعنا هذا في الاعتبار وغيره أيضاً من العوامل. يقول البعض إن هذا الاختلاف ربما كان مرجعه تدريب مختلف، لكننا وضعنا في الحسبان المؤسسة الطبية التي تخرّج فيها الأطباء. ويزعم البعض أن الطبيبات يعالجن عدداً أقل من المرضى، ووضعنا ذلك في الحسبان أيضاً. ولذا، يمكن أن تكون المسألة تعالقاً، غير أن المشكلة أن أحداً لم يخلص إلى أي سبب مستساغ يجعل العلاقة عليّة.

ولكن، على الرغم من أنني ذكرت أن العلاقة تبدو عليّة، فإن جنس الأطباء يستحيل أن يجعل المرضى أكثر أو أقل عرضة للوفاة. ليس الجنس هو الذي يسبب أنماط الممارسة التفاضلية المرتبطة بجنس الأطباء التي إما تحسن أو تؤخر حالة المرضى. "النساء" يُنصتن للمرضى ويحاولن تمضية وقت أطول معهم.

ما ردود الأفعال الأخرى التي تلقيتموها إلى الآن؟

في هذه المرحلة، يحاول الناس فهم النتائج واستيعابها. والأمر مثير جداً. لا يزال كثير من الرجال والأطباء يحاولون إيجاد بعض العناصر المحيّرة وبعض التفسيرات للاختلاف. وظني أنهم في مرحلة المنكر للبيانات، بينما وجدنا أن النساء أكثر دعماً لنتائج الدراسة. ولكن، حتى بين الرجال هناك عدد كبير منهم أقروا بأننا وضعنا كل الأمور في الحسبان.

لماذا لم تدرس هذه الاختلافات من قبل؟

لقد كانت هناك دراسة أخرى حول المسألة ركزت على الرعاية في العيادة الخارجية بالاستعانة بعينة أقل حجماً بكثير 21,365 في مقابل 58,344 مريضاً، ولم تخلص إلى أي اختلاف، ربما نظراً لحجم العينة الأصغر أو لأنها درست حالة مرضى عيادات خارجية أصحاء.

ومن بين الأسباب الأساسية التي تُعلل قصور البحث في هذا المجال عدم وجود بيانات قوية حول الأطباء وسماتهم مثل العمر والجنس والتعليم الطبي. لقد حصلنا على هذه البيانات من شبكة "دوكسميتي" (Doximity)، للعاملين في المجال الطبي، وهي عبارة عن شبكة اجتماعية للأطباء السريريين في الولايات المتحدة. يجمعون البيانات من مصادر متعددة بهمة ونشاط، بما في ذلك الجمعيات المهنية والمؤسسات وكليات الطب. ولقد ربطنا هذه البيانات ببيانات مؤسسة "ميديكير" المتعلقة بالمرضى واستطعنا إيجاد رابط.

هل يمكن أن تكون حقيقة أن المرضى يبلغون من العمر 65 عاماً فما أكثر تؤثر على النتائج؟ أم أنك تتنبأ بالنتائج عينها في الشرائح الأصغر سناً؟

أزعم أنه ربما امتد النمط نفسه إلى الشرائح الأصغر سناً أيضاً؛ لأن الرعاية التي يقدمها الأطباء السريريون للمرضى ليست مختلفة جداً استناداً للمرحلة العمرية. فإننا نقدم الرعاية عينها لمرضى النوبات القلبية الذين تتراوح أعمارهم بين الخمسين والسبعين عاماً. وأعتقد أننا سنجد الأنماط نفسها. ولكن نظراً لأن المرضى الأكبر سناً أسوأ حالاً بالعموم، وأكثر عرضة للوفاة، فقد يكون حجم الأثر العلاجي أقل للشرائح الأصغر سناً.

اعتقدت أن أوجه الاختلاف التي وجدتموها بين الطبيبات كانت لافتة: فهن على الأرجح أصغر سناً وأكثرهن متخصصات في طب العظام التقويمي ويعملن في مستشفيات للتعليم الأكاديمي في شمال شرق الولايات المتحدة، ويُتابعن عدداً أقل من المرضى وعدداً أكبر من المريضات وعدداً أكبر بقدر طفيف من المرضى الذين يعتمدون على الدخل الثابت. هل وضعتم في حساباتكم كل هذه المتغيرات؟

لقد عدلنا تجربتنا بناء على كل شيء. فيما يتعلق بأوجه الاختلاف حول المستشفيات، فقد قارنا بين الأطباء والطبيبات داخل المستشفى الواحد، ولذا ليس من المهم إذا كان المستشفى تعليمياً أم لا.

قستم بعض أوجه الاختلاف في الممارسة الطبية بين الأطباء والطبيبات مثل مدة الإقامة واستخدام الرعاية الصحية وعدد المرضى. هل اختلف أي من هذه المعطيات بقدر كبير بين الأطباء والطبيبات؟

لقد وجدنا بعض الاختلافات المنتظمة، لكنها كانت محدودة جداً. لم نكتشف أن أي منها ضيّق الفجوة بين الأطباء والطبيبات.

أشرتم إلى دراسات سابقة أثبتت أن الطبيبات من الأرجح أن يلتزمن بالإرشادات السريرية وقوائم التدقيق والممارسة الطبية القائمة على الدليل. لماذا من الأرجح أن تستعين النساء بأفضل الممارسات الطبية ؟

هذه مسألة تتجاوز نطاق دراستنا، غير أن ثمة دراسات سابقة تناولتها. ولقد راجعنا الكثير من البحوث حول الفجوة بين الجنسين أو الاختلافات الجنسية عبر مختلف المجالات خارج نطاق الرعاية الصحية. وكشفت تلك الدراسات، على سبيل المثال، أنه لو ركب الرجال والنساء دراجات فالأرجح أن تعتمر النساء خوذات مقارنة بالرجال. ولو استثمروا أموالهم، فالأرجح أن يستثمر الرجال في أمور ذات نسبة خطر أعلى. من الواضح أن هناك نمطاً منتظماً يثبت أن النساء أكثر كراهة للمخاطرة من الرجال. وهذه النتائج ليست حاسمة، لكن البحوث توحي بأنها كذلك.

وعلى فرض أن الطبيبات أكثر كراهة للمخاطرة، فيُفهم من ذلك أنهن سيرجعن إلى الإرشادات وسيلتزمن بالطب المستند إلى الأدلة العلمية وسيستشرن أكثر من غيرهن وسيُردن تمضية وقت أطول مع مرضاهن – كل هذه الأمور تحدث لأنهن يردن التأكد من فعلهن الصواب، بينما نجد الأطباء، إذا كان لديهم نزعة أكبر للمخاطرة، ربما مفرطين في ثقتهم بأنماط ممارستهم وربما جعلهم ذلك يقدمون خدمة رعاية صحية مختلفة نوعاً ما عن الإرشادات السريرية.

هناك الكثير من الدراسات التي تقترح أن الرجال يميلون إلى الإفراط في الثقة بأنفسهم مقارنة بالنساء. هل حظيت هذه السمة بالدراسة بين الأطباء؟

لقد تنبأنا بذلك من مجالات أخرى. على حد علمنا، لا توجد دراسات درست هذه السمة في مجال الطب.

هل هناك أي سبب يدعو للظن بأن الأطباء يتبنون استراتيجيات أعلى خطراً في تعاملهم مع مرضاهم؟

هناك الكثير من الدراسات التي تشير إلى أن الرجال يميلون إلى زيادة الثقة بالنفس مقارنة بالنساء. هل تمت دراسة هذه الميزة بين الأطباء؟

هذا ممكن. لكن قد يستفيد بعض المرضى أيضاً من هذا النوع من السلوك المغامر. السلوكيات المغامرة ليست دائماً ضارة للمرضى. لكن في المتوسط ​​، إذا نظرت إلى التوزيع الإحصائي، فمن المرجح أن هذه السلوكيات التي لديها ميل أكبر للمخاطرة ربما تكون أسوأ من مجرد الالتزام بالإرشادات والممارسات المستندة إلى الدليل العلمي.

لكننا لا نجزم بأن هذا هو ما يؤدي إلى هذا الاختلاف بضرورة الحال في نتائج المرضى!

لا نجزم بذلك. والأمر الآخر هو أنه ربما لا يوجد عامل وحيد مسؤول عن الاختلاف بين الأطباء والطبيبات. كما ذكرنا في بحثنا، هناك عدة أمور يمارسونها على نحو مختلف، وبالجمع بينها معاً نجد ما يسبب الاختلاف بين الأطباء والطبيبات.

قيل إن النساء يتمتعن بأسلوب تواصل أكثر تركيزاً على المريض من الرجال. ما معنى هذا؟

إن النساء يمضين وقتاً أطول مع مرضاهن من حيث التفاعلات بين المريض والطبيب، لذلك أعتقد أنهن أفضل من الرجال في التواصل. سمعت حكاية على موجات الراديو عن شخص يقول إن الطبيب دائماً ما ينظر إلى شاشة الكمبيوتر بينما الطبيبة دائماً ما تنظر إليه. لكن لا يوجد أسلوب للتواصل أفضل يناسب الجميع.

إذا أدت الاختلافات في أسلوب الممارسة إلى نتائج أفضل مع المرضى، فهل يجب على الرجال تبني أسلوب النساء؟

هذه نتيجة منطقية. لا نريد القول إن أحدهما أفضل من الآخر، وإن الأطباء أسوأ من الطبيبات، بدلاً من ذلك، نريد أن نعرف العوامل المحددة للرعاية الصحية العالية الجودة بغض النظر عمن يعالج المريض. والنقطة المهمة هي أننا لا ينبغي أن نكف عن الحوار هنا، وينبغي على الناس البحث عن الطبيبات، بل علينا إجراء المزيد من الدراسات للتوصل إلى الآليات السببية. ويجب أن نطرح السؤال التالي: كيف نتعلم من بعضنا بعضاً؟ في المتوسط، تحقق الطبيبات نتائج أفضل في علاج المرضى. قد يحقق الرجال والنساء نتائج أفضل في الجوانب الفردية المختلفة.

لقد قدّرتم أن عدد المرضى الذين يموتون سنوياً سيقل بمقدار 32 ألف حالة إذا حقق الأطباء النتائج نفسها مثل الطبيبات!

ذلك على فرض أن العلاقة سببية، إذا كانت جودة الرعاية الصحية التي يقدمها الأطباء تعادل جودة الرعاية الصحية التي تقدمها الطبيبات، ستقل نسبة الوفيات في الولايات المتحدة سنوياً بمقدار 32 ألف حالة. وحجم الأثر سيكون أكبر إذا انطبقت العلاقة أيضاً على الشرائح الأصغر سناً.

ومع ذلك اكتشفت أنوبام جينا المؤلفة المشاركة سلفاً، أن طالبات الطب يحصدن دخلاً أقل بنسبة 8% - 19,879 دولاراً– سنوياً من زملائهن الأطباء. فهل تتقاضى الطبيبات أجوراً أقل عموماً؟

هناك دراستان تتناولان سياقات مختلفة، والأرجح أن الطبيبات في المتوسط يحصلن على أجور أقل ويترقين في السلم الوظيفي ببطء أكثر من نظرائهن الذكور.

ويعزى ذلك إلى حصول النساء على إجازة أمومة أطول أو عملهن بدوام جزئي.

تتردد هذه الحجج كثيراً على الألسنة. والمشكلة أنها توحي بأن جودة الرعاية الطبية للطبيبات أسوأ. ولقد اكتشفنا أن هذا ليس بصحيح وأن العكس هو الصحيح.

إن الطبيبات يقمن بعمل رائع، وربما لاقين معاملة مجحفة مقارنة بأقرانهن الذكور. والآن اكتشفنا أنهن يحققن أداء أفضل، ويمكننا تقديم أدلة أقوى على أنه من غير المنصف معاملة الطبيبات على النحو الذي نعاملهن به الآن.

ملاحظة المحرر: ثمة إجابة واحدة جرى تعديلها على نحو طفيف عن نسختها الأصلية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي