بزغت حقبة جديدة في قطاع التصنيع بالإضافة أو "الطباعة ثلاثية الأبعاد"، وأصبحت في متناول اليد، مع توفر عدة استخدامات كبرى عند تبني هذه التقنية وبروز نماذج عمل تجارية يمكن للشركات تطبيقها عند اتخاذ قرار تبني هذه التقنية الجديدة. وخلال السنوات الأخيرة منذ آخر مرة كتبت فيها عن هذا المجال في مجلة هارفارد بزنس ريفيو (المقال بعنوان "ثورة الطباعة ثلاثية الأبعاد"، مايو/أيار 2015)، أتاحت مزايا النمو التي تتمتع بها منهجية التصنيع بالإضافة، إلى جانب توسعها في استخدام كل من المواد المتاحة وشركات التوريد المتزايدة، إمكانية إنتاج مجموعة متنوعة وواسعة من الأغراض بتكلفة معقولة، من كعوب أحذية الركض إلى مراوح المحركات، وذلك غالباً بكميات أكبر كثيراً مما سبق. توفر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد قدرة غير مسبوقة على تخصيص المنتجات والاستجابة بسرعة للتغيرات الحاصلة في أسواق طلب المنتجات. ونتيجة لذلك، انتقلت هذه التقنية من كونها منهجية ذات استخدامات محدودة، مثل صناعة النماذج الأولية وصنع الأدوات التقليدية، إلى نقطة مركزية في عملية التصنيع لعدد متنامٍ من المصانع والشركات.
وهذا يعني، من ناحية استراتيجية، أن "التصنيع بالإضافة" أصبح سلاحاً تنافسياً بأتم معنى الكلمة: يمكن استخدام هذه المنهجية في التصنيع لتحافظ الشركات على مكانتها الرائدة في السوق، أو التخلص من أحد منافسيها الكبار، أو تنويع أعمالها التجارية من خلال استغلال قدرة الطباعة ثلاثية الأبعاد على صناعة منتجات مختلفة تنتمي لعدة قطاعات. ولذلك، لا بد على قادة ورواد القطاعات أن يفهموا الإمكانيات التي يتمتع بها قطاع التصنيع بالإضافة، والفرص التي سيتيحها في المستقبل القريب. وهذه المقالة توفر لهم دليلاً إرشادياً لهذا الموضوع.
آخر التطورات
دعونا نبدأ أولاً بتفحص الابتكارات الثورية التي أدت إلى انتشار منهجية الطباعة ثلاثية الأبعاد. حقق التقدم التقني للطباعة ثلاثية الأبعاد مكاسب كبيرة من ناحية الكفاءة ووسع مجال استخدامها بإدخالها في مجموعة كبيرة من القطاعات. تصنع هذه الآلات الجديدة المنتجات بسرعة أكبر وبتكلفة أقل، إضافة إلى أن الأغراض التي تنتجها لا تتطلب عملية "وضع لمسات أخيرة" كبيرة كما كان الحال في النسخ الأولى من الطابعات ثلاثية الأبعاد. وتتمثل بعض أوجه هذا التقدم التقني في:
رؤوس طابعات أسرع وأكثر دقة (الرأس هو الذي يقود عملية الطباعة-التصنيع). تُستخدم هذه الطابعات بشكل رئيسي لتصنيع المنتجات البلاستيكية، حيث تستطيع إطلاق المواد بسرعة من 12 إلى 25 مرة أسرع مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، ما يجعل هذه الطابعات متفوقة على طريقة القولبة بالحقن بالنسبة للعديد من المنتجات إن لم تكن كلها.
حقن أسرع لبودرة الطباعة. تستطيع أنظمة نفث المسحوق الجديدة التي تستخدم أدوات ربط ومواد لصق مختلفة بناء أجزاء معقدة من المنتجات المعدنية والبلاستيكية بوتيرة من 80 إلى 100 أسرع مما يمكن للطابعات الليزرية أن تفعله. وهذه الأجزاء لا تكلف إلا 4 دولارات في المتوسط مقارنة مع 40 دولاراً فيما سبق، ويتم صنعها في غضون دقائق لا ساعات.
منهجية الطباعة البينية باستخدام السوائل المستمرة (تعرف اختصاراً بـCLIP). في طريقة التصنيع هذه، تُسحب الأغراض البلاستيكية باستمرار من وعاء مليء بالصمغ بدل أن يتم تصنيعها طبقة فوق أخرى. ومع أن هذه الطريقة ليست أسرع تماماً أو أقل تكلفة من طريقة التصنيع بإضافة الطبقات فوق بعضها، إلا أن الطباعة البينية باستخدام السوائل المستمرة، تظل طريقة اقتصادية للإنتاج بالجملة، لأنها توفر عدة مزايا في مرحلة "وضع اللمسات الأخيرة" على المنتج، وفي صنع الأجزاء المعقدة من المنتجات، وفي نوعية المواد التي يمكن استخدامها.
تقنيات تضمين المكوّنات الإلكترونية. تستطيع الآلات الجديدة طباعة مختلف الدوائر والمكونات الإلكترونية مثل الهوائيات وأجهزة الاستشعار مباشرة على سطوح المنتجات المصنعة. وهذا ما يقلل الحاجة إلى عملية التجميع، ويوفر المزيد من المساحة داخل المنتجات، ويحسّن من كيفية تموضع الأجزاء الإلكترونية في المنتج بأكمله، مما يقلص النفايات الناجمة عن التصنيع ويعزز من جودة المنتجات. كما أن زيادة دقة الآلات تعني أنه يمكن استخدامها، على سبيل المثال، لإنتاج شاشات الأوليد (OLED).
بالإضافة إلى ذلك، نجد أن منافع هذه التطورات الحاصلة تزداد بالنظر إلى الابتكارات المكتشفة في مجال المواد.
تستطيع الشركات المصنعة الآن أن تختار المواد من مجموعة واسعة من الخيارات، بما في ذلك السبائك ذات التقنية الفائقة المتعلقة بأجزاء المحركات النفاثة وغيرها من المنتجات التي تتطلب إجراءات أداء دقيقة وصارمة. كما أن المُركّبات، مثل المواد البلاستيكية شديدة القوة المدمجة في الألياف الزجاجية، أو الألياف الكربونية، أو الأنابيب النانوية الكربونية يمكنها أن تعوّض المعادن في الكثير من الحالات. وفي هذا الجانب، نجد الآن أن معظم هذه المواد متوفرة للبيع عند الكثير من الموردين، وبالتالي لن تضطر الشركات المصنعة لشراء المواد ذات حقوق الملكية من صانعي الطابعات الثلاثية الأبعاد بأسعار مرتفعة.
إن هذا التوسع الكبير في النظام البيئي التجاري للتصنيع بالإضافة (الطباعة ثلاثية الأبعاد)، يسهّل على الشركات تبني هذه التقنيات الجديدة. وفي الوقت الحالي، يضم النظام البيئي التجاري لقطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد مجموعة واسعة من مؤجري الطابعات وشركات الاستشارات المتخصصة وشركات التوريد التي توفر برمجيات القطاع وأنظمة مراقبة الجودة إلى جانب مصنعيّ الطابعات ثلاثية الأبعاد والمواد المتعلقة بها. أما الجهات الناشطة في هذا القطاع فهي متنوعة، من الشركات الناشئة إلى الشركات العملاقة مثل شركة سيمنز وداسو سيستمز (Dassault Systèmes) وداو دي بوت (DowDuPont). من هذه الناحية، نلاحظ أن القطاع دخل دورة مثمرة: يؤدي اتساع النظام البيئي التجاري إلى المزيد من الاستخدامات وتخفيض التكاليف، ما يحفز المزيد من الشركات المصنعة على تبني هذه التقنية، الذي يؤدي بدوره إلى جذب المزيد من الشركات إلى النظام البيئي التجاري.
وهكذا نرى أن التصنيع بالإضافة، الذي كان قطاعاً واعداً، قد وفى بوعوده حقاً. فقد أصبح الآن قطاعاً منافساً لعمليات التصنيع التقليدية من ناحية قدرته على إنتاج عشرات بل وحتى مئات الآلاف من الوحدات سنوياً. تستطيع المصانع الآن استخدام البرامج المحسنة لتعديل عملية الإنتاج (مثل تغيير عدد الوحدات أو التبديل بين المنتجات التي يتم صنعها) أو تطوير المنتجات بسرعة، وبتكلفة أقل، بدل التوقف عن الإنتاج أثناء عملية التوسع وجلب أدوات تصنيع جديدة، أو تغيير خطوط الإنتاج المكلّفة كما يحدث في المصانع التقليدية. كما تتيح منهجية "التصنيع بالإضافة" للشركات أيضاً أن تصنع منتجات معقدة لا يمكن صناعتها بالتقنية الطرْحية (مثل آلات CNC للقطع والحفر) أو التقنية التكوينية (مثل القولبة بالحقن) التي تشكل قلب عمليات التصنيع التقليدية. وأخيراً، لا تتطلب منهجية "التصنيع بالإضافة" رؤوس أموال ضخمة مقارنة مع الاستثمارات التي تتطلبها المعدات التقليدية للتصنيع بالجملة. وفق الخبراء، يمكن لطابعة ثلاثية الأبعاد تكلف أقل من مليون دولار تعويض آلة تصنيع تكلف 20 مليون دولار، الأمر الذي يسهل على الشركات امتلاك عدة محطات إنتاج صغيرة مما يقرّب المنتجات للمستهلكين في مختلف الأماكن.
كل هذا يفسر لماذا بدأ عدد متزايد من الشركات الكبيرة ذات الأنشطة المتعددة - من شركة بي أم دبليو إلى شركة بوينغ الأميركية إلى مجموعة سوميتومو اليابانية - بشراء الطابعات ثلاثية الأبعاد بكميات كبيرة أو حتى الاستحواذ على شركات تصنع هذه الطابعات. وإذا أخذنا شركة جنرال إلكتريك على سبيل المثال، التي لا تعتزم استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد وحسب بل تخطط لبيعها للآخرين أيضاً، سنجد أنها اقتحمت هذا القطاع بقوة: فقد قامت الشركة بالاستحواذ على ثلاثة شركات مصنعة للطابعات ثلاثية الأبعاد، ومن ثم قامت بتطوير برمجيات يمكنها إدارة وتسيير هذه الآلات.
وكما هو الحال مع أي تقنية جديدة ناشئة، ستتطور الاستخدامات الحالية فيما تتعلم الشركات المزيد عنها، ومن المحتمل ان تتحول هذه الاستخدامات إلى شيء مختلف تماماً عما بدأت به. وفي هذا السياق، لا مفر من وقوع بعض الإخفاقات والتعديلات، إلا أن زيادة حجم الاستثمارات في هذا القطاع وتنوع نماذج العمل التجارية له التي يجري إدخالها للأسواق الآن تشير إلى أنه لا بد على القادة والرواد في جميع القطاعات الصناعية أن يدرسوا بتمعن قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد.
نماذج الأعمال التجارية الجديدة
في ظل هذه التطورات الحاصلة، كيف تبدأ إحدى شركات التصنيع بالجملة تبني الطباعة ثلاثية الأبعاد؟ يكمن أهم قرار في تصميم نموذج العمل التجاري. وحتى الآن هناك ستة أنواع من نماذج الأعمال التجارية في قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد. تستند نماذج الأعمال التجارية الثلاثة الأولى على الميزة التنافسية لقطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد والتي تتمثل في تنوع منتجاتها مقارنة بقطاع التصنيع التقليدي؛ فيما يكمن أعظم مزايا نموذجي العمل التجاري الرابع والخامس في صنع المنتجات المعقدة؛ أما النموذج السادس فيستند إلى مزايا الفعالية التي توفرها هذه التقنية. يمكن استخدام هذه النماذج التجارية في كلا النوعين من الشركات، تلك التي توفر المنتجات والخدمات للشركات (B2B) أو تلك التي توفر المنتجات والخدمات للمستهلكين (B2C). وفي هذا الجانب، نجد أن بعض هذه النماذج التجارية قيد الاستخدام أكثر من بعضها الآخر، إلا أن جميعها يظهر المدى الواسع للإمكانيات والفرص التي يوفرها قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد في الوقت الحالي.
1- التخصيص الشامل
يستند هذا النموذج التجاري إلى أقصى حد ممكن على قدرة الطباعة ثلاثية الأبعاد على تخصيص المنتجات. ويعني ذلك صناعة منتجات فريدة (تصنع مرة واحدة) معدلة خصيصاً لتلبي طلبات المشترين الأفراد، وهي تعديلات يمكن للطابعة ثلاثية الأبعاد إنجازها ببساطة بمجرد رفع الملف الرقمي لكل زبون على حدا. وبفضل الكفاءة والدقة التي تتمتع بها التقنية الرقمية، تكلّف هذه المنتجات ثمناً أقل من تلك المنتجة بطريقة التصنيع التقليدية، والأهم من ذلك أنها تلبي احتياجات المستهلكين الأفراد بشكل أكثر دقة.
يعتبر نموذج العمل التجاري "التخصيص الشامل" مناسباً لجميع الأسواق الكبيرة التي نجد فيها المستهلكين غير راضين عن المنتجات الموحدة القياسية التي يتم تصنيعها بطرق تقليدية، كما يسهل كذلك جمع معلومات المستهلكين في هذه الأسواق. ومن بين الأمثلة على هذه الأسواق، الأجهزة المساعدة على السمع، ومشابك تقويم الأسنان، والأطراف الاصطناعية، والنظارات الشمسية، وإكسسوارات السيارات والدراجات النارية، وزينة أشجار عيد الميلاد.
وإذا أخذنا الأجهزة المساعدة على السمع، على سبيل المثال، سنجد أن فحصاً ليزرياً لأذن المريض يمكن تحويله تلقائياً إلى ملف إنتاج، يرسل للطابعة التي يمكنها بسهولة صنع جهاز مناسب تماماً لأذن المريض. وفي هذا الجانب، نلاحظ أن المكونات الإلكترونية لا زالت تضاف بشكل منفصل، إلا أن الوضع سيتغير قريباً، نظراً لإمكانية طباعة المكونات الإلكترونية مباشرة في جهاز المساعدة على السمع.
يمكن لهذا النموذج أن يؤثر بسرعة وبشكل كبير على قطاع كامل. وفي حال قطاع الأجهزة المساعدة على السمع، حدث التحوّل في عام ونصف، مما أجبر بعض الشركات التي تصنع هذه الأجهزة بطريقة تقليدية على إعلان إفلاسها.
أما التحدي الرئيس التنافسي حالياً فيكمن في تخفيض تكلفة الحصول على معلومات العملاء الفردية. لأن شركات تصنيع الأجهزة المساعدة على السمع تحتاج أولاً إلى جهاز فحص يسهل استخدامه عند اختصاصيّ أمراض السمع. وفي حالة هذا القطاع، وجدنا أن العملاء مستعدين للذهاب لاختصاصيّ أمراض السمع ليتم قياس أبعاد آذانهم. على النقيض من ذلك، لم تكن شركات صناعة أجهزة التقويم والأحذية الطبية ترغب في أن يذهب عملائها لزيارة اختصاصي أقدام لقياس أبعاد أقدامهم. وهذا هو السبب وراء أن شركة سولز سيستمز (SOLS Systems)، التي لديها ابتكارات في هذا القطاع، لم تستطع النجاح بمفردها، حيث استحوذت عليها سنة 2017 شركة أخرى متخصصة في صناعة الأحذية اسمها آيتريكس وورلدوايد (Aetrex Worldwide). لكن تطور تطبيقات الهواتف الذكية التي تتيح للناس قياس أبعاد أقدامهم بأنفسهم تغلب على مشكلة جمع المعلومات التي تواجه الشركات. من ناحية أخرى، صنعت شركة "هيوليت-باكارد" (آتش بي) (HP) جهاز فحص ثلاثي الأبعاد، يدعى فِت ستايشن (FitStation) يمكن وضعه في محلات الشركات التي تقدم خدمة صناعة الأحذية. بمعرفة كل ذلك، ندرك أن هذا القطاع وسوقه التجاري مستعد تماماً للإقلاع والمضي قدماً.
2- التنويع الشامل
يستهدف هذا النموذج التجاري العملاء الذين لديهم تفضيلات معينة ومتنوعة إلا أنهم لا يحتاجون إلى منتجات معدلة وفق مواصفاتهم الشخصية. وفق هذا النموذج، تستطيع الشركات المصنعة تجاوز خطوة جمع البيانات الشخصية، وتعرض مباشرة مجموعة واسعة من الخيارات بأسعار معقولة. وكما هو الحال مع نموذج "التخصيص الشامل"، نرى أن المنتجات فريدة (تصنع مرة واحدة).
لنأخذ بعض الشركات المصنعة للمجوهرات على سبيل المثال، حيث تأخذ هذه الشركات بضعة تصاميم أساسية وتضيف إليها مئات أو حتى آلاف التعديلات، وتعرضها على متاجرها الإلكترونية أو على واجهات محلاتها الواقعية. لاحظ أن نسخ العرض جوفاء ومصنوعة من الذهب أو الفضة المزيفين. لأن الغرض منها هو العرض فقط، وهكذا بدل أن يُصنع منها كميات كبيرة من القطع تحفظ في المخازن مما يكلف مبالغ طائلة وقد لا تباع في نهاية المطاف، يعرض التجار هذه القطع المزيفة منتظرين الطلب الحقيقي عليها لصنعها. بمجرد أن يتلقوا طلبيات الشراء، يستطيع التجار أن يتعاقدوا مع شركات طباعة ثلاثية الأبعاد مثل شركة شيب وايز (Shapeways) لإنتاج القطع باستخدام معادن ثمينة حقيقية، أو طلب القطعة المطلوبة من أحد مصممي المجوهرات، أو شراء طابعة ثلاثية الأبعاد لصناعتها داخل المتجر.
مع وجود التنوع الكبير، يتمثل التحدي التنافسي الرئيس لهذا النموذج في إدارة عملية الاختيار. ما من شك أن تقديم مجموعة واسعة من الخيارات من شأنه توسيع السوق، لكن تقديم عدد كبير من الخيارات للمشترين قد يربكهم ويحيّرهم. بالإضافة إلى أنه حتى في قطاع الطباعة الثلاثية الأبعاد، كل خيار من المنتجات يرفع تكلفة تصميمه. في هذا الجانب، ينبغي على الشركات المصنعة أن تراقب السوق بعناية وأن تستخدم تعلم الآلة لاستشعار رغبات العملاء باستمرار والاستجابة لها. كما ينبغي عليهم كذلك أن يكونوا جاهزين لتطوير تصاميم جديدة بشكل فوري والتخلص من التصاميم القديمة التي بقيت في المخازن دون بيع، مع العلم أن هذه المنهجية أسهل بكثير في الطباعة الثلاثية الأبعاد منها في الطريقة التقليدية للتصنيع.
3- التجزئة الشاملة
يحدّ هذا النموذج التجاري بدرجة كبيرة من ميزة التنوع، ولا يعرض إلا عدداً قليلاً من نسخ المنتج للعملاء الذين لا يحتاجون إلا تغييرات طفيفة عليه، وهذه التغيرات سهلة التوقع بالنسبة للشركة أكثر مما نجده في نموذجي العمل السابقين. وقد وجدنا أن هذا النموذج ناجح بشكل جيد في الأسواق عالية التقسيم (المقسمة إلى فئات)، مثل المكونات المصممة خصيصاً لمنتجات الشركات من صنف (B2B) (أي التي تبيع منتجاتها للشركات والمؤسسات لا للأفراد). في هذا النموذج، نرى كل نسخة من المنتج تخدم فئة معينة من السوق وتختلف عن غيرها من النسخ بشكل كاف بحيث يجعل شركات التصنيع التقليدية إن رغبت في إنتاجه تنفق الكثير من المال على الأدوات والآلات لصناعة النسخ المختلفة منه. في حين تستطيع شركات الطباعة ثلاثية الأبعاد صناعتها بتكلفة أقل.
في هذا النموذج، تُصنع جميع نسخ المنتج بشكل جماعي يصل مجمله إلى مئات آلاف الوحدات أو أكثر. لذلك تصنع المنتجات بشكل دفعات وليس بصنع كل منتج مرة واحدة فقط. (حتى مع التصنيع بالإضافة، يترتب عن رفع الملفات الرقمية وتغيير المواد الأولية وما إليه فترات انقطاع تكلّف الشركة المال)، لكن بما أن تغيير الطابعات ثلاثية الأبعاد لإنتاج المنتجات الأخرى سهل، يمكن للشركة أن تحدّ دفعات الإنتاج بعدد المنتجات الذي تستطيع بيعه فقط.
التطورات التقنية التي ستدخل الطباعة ثلاثية الأبعاد في الاتجاه السائد للأسواق
ستجد هنا بعض التطورات التقنية التي ستمنح الطباعة ثلاثية الأبعاد ميزة تنافسية ضد المصانع التقليدية، بل وحتى تتغلب عليها في العديد من التطبيقات والاستخدامات
من ناحية أخرى، نجد أن هذا النموذج التجاري (التجزئة الشاملة) مناسب أيضاً للأسواق الموسمية أو الدورية أو المتعلقة بالموضات العابرة قصيرة الأجل، في حين نجد أنه من الصعب على الشركات المصنعة التقليدية أن تتابع هذه الأسواق لأنها مضطرة للمراهنة على ما يريده المستهلكون قبل عدة أشهر بغية إعداد خط إنتاج فعّال. لكن شركات الطباعة ثلاثية الأبعاد، بالنظر إلى الوقت القصير والتكلفة الأقل لعملية إعداد الإنتاج، تستطيع أن تطلق عمليات الإنتاج بعد وقت قصير من وقوع الطلب في السوق، بل وتستطيع حتى تقديم خيارات أكثر لضمان الربح، وتجنب المخاطرة في بيع سلع غير مرغوبة تضطر فيما بعد لعمل خصومات كبيرة عليها لبيعها وترويجها.
ولنأخذ شركة ريس وير دايركت (RaceWare Direct)، وهي شركة بريطانية تصنع إكسسوارات راكبي الدراجات المحترفين، كمثال على شركة تبنت نموذج العمل التجاري ( التجزئة الشاملة). تبيع هذه الشركة مجموعة متنوعة من المقابض اليدوية للدراجات وغيرها من قطع الغيار الخفيفة والمتينة. وفق مبيعات هذه الشركة، نجد أن كل نسخة من مقبضها اليدوي لحمل أجهزة تحديد المواقع، على سبيل المثال، لا يباع إلا بضع مئات أو بضعة آلاف قطعة منه فقط. لكن لو كانت شركة تصنيع تقليدية فلن تستطيع تحقيق "اقتصاديات الحجم الكبير" (انخفاض متوسط التكلفة الكلّيّة في الأجل الطويل كلما ارتفع حجم إنتاج الشركة.) إلا بصنع نوع واحد فقط من المقابض لجميع أجهزة تحديد المواقع.
من جانب آخر، انتقلت شركة دايملر (Daimler) إلى النظام التجاري ( التجزئة الشاملة) على مراحل. بدأت دايملر باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة قطع غيار شاحناتها القديمة. وبعد أن اكتسبت الشركة خبرة في هذه التقنية، بدأت إنتاج قطع غيار خاصة لبعض موديلاتها من الشاحنات الجديدة ذات الحجم الصغير. وبعد أن ازداد عدد الفئات المستهدفة بالإنتاج، وارتفع عدد الوحدات التي تباع لكل فئة على حدا، أنتجت هذه العملية ما يكفي من قطع الغيار لتصبح أحد الجوانب المُربحة للشركة.
يكمن التحدي التنافسي في هذا النموذج في اتخاذ القرار بشأن حجم كل فئة مستهدفة بالإنتاج وعدد هذه الفئات. بهذا الصدد، يمكن لمنتجات الفئات الأصغر أن تُرضي بشكل أفضل بعض العملاء، لكنها ستضيف كذلك تكاليف أخرى على الشركة من ناحية التصميم وأوقات التوقف وتعديل الآلات ثلاثية الأبعاد، لاسيما إن كانت منتجات هذه الفئة تتطلب مواد أو مواصفات أداء مختلفة.
4- البنيوية الشاملة
بدلاً من منح العملاء نسخاً مختلفة من منتج معين، يتمثل هذا النموذج في بيع آلات طباعة ثلاثية الأبعاد ذات وحدات قابلة للاستبدال يمكن تغييرها وفق احتياجات الشركة المشترية. وهذا ما ينطبق بشكل رئيس على قطاع الأجهزة الإلكترونية، الذي يشمل كل شيء من السيارات إلى الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار. حتى وقتنا الحالي، لم يستخدم هذا النموذج إلا في معدات الأجهزة العسكرية وفي بعض السيارات الخاصة، لكنه نموذج ذو إمكانيات كبيرة بالفعل، وهذا ما أدركته مؤخراً شركة فيسبوك. استحوذت شركة فيسبوك على "ناسنت أوبجيكتز" (Nascent Objects)، وهي شركة ناشئة في قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد، ووظفتها في إنتاج نسخ بنيوية لخوذات الواقع الافتراضي التي تملكها وغيرها من المعدات الأخرى.
وإليك استخداماً آخر لهذا النموذج من العمل التجاري، وهو شركة هاتف ذكي تتيح للعملاء أن يشتروا وحدة أساسية من ثم تركيب وحدات أخرى حسب رغبتهم إلى أن يشكلوا هاتفهم الذكي المطلوب. يمكن طباعة الهيكل الخارجي لوحدة الهاتف الأساسية وفق أشكال ملائمة ومخصصة، أو وفق تصاميم براقة لامعة، ومن هناك يختار العملاء ما يريدون من وحدات لإدراجها بمرور الوقت وفق احتياجاتهم وتفضيلاتهم أو وفق التطورات التقنية الحاصلة، ما يريحهم من عناء شراء هاتف جديد تماماً. كان لدى شركة جوجل هاتف ذكي كهذا فيما سبق، لكنها تخلت عن المشروع قبل بضع سنوات، إلا أن شركة موديو وير (Moduware)، وهي شركة تقنية استرالية، طوّرت برنامجاً يتيح للشركات المصنعة للهواتف تصميم الوحدات الأساسية لهواتفها الذكية. في هذا الجانب، يمكن لشركة موديو وير أن تربح بصنع الوحدات المختلفة التي ستستخدم في المنتجات المُصممة ببرنامجها.
وبهذا الشأن، نجد أن الشركات المصنعة التقليدية في العديد من القطاعات بدأت بالفعل في توفير منتجات بنيوية (يمكن شراء وحدات خارجية وتركيبها فيها لتحقيق الغرض). إلا أن المنتجات المصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تتمتع بميزتين أخريين. أولها، هي أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تتيح تخصيص الوحدة الأساسية للمنتج (التي ستركب فيها الوحدات المنفصلة حسب رغبة العميل). وثانيها، وهو الأهم، أن هذه الوحدة يمكن صناعتها بطريقة جديدة تماماً، بحيث يمكن طباعة الهوائيات والأسلاك والدوائر الإلكترونية مباشرة في الهيكل الأساسي للمنتج دون الحاجة لخطوة إضافية وإدراج هذه الأجزاء بشكل منفصل لاحقاً. هذا ما يخفّض تكاليف التجميع في عملية التصنيع، ويرفع من فرص التصغير الدقيق (عملِيّة تصغير حجم الترانزيستورات والعناصرِ الإلكترونية في الدارات)، ويخلق المزيد من المساحة لإدراج مكونات إلكترونية أخرى في المنتج بطرق لا تستطيع فعلها المناهج التقليدية لإنتاج الوحدات.
أما التحدي التنافسي في هذا النموذج، فيكمن في اتخاذ القرار بشأن نوع العناصر التي سيتم إدراجها في الوحدة الأساسية للمنتج وما هي المكونات التي ستدرج في الوحدات المنفصلة القابلة للدمج في الوحدة الأساسية لاحقاً، مع العلم أن هذه القرارات ستؤثر بشكل مباشر على تسعير المنتج وتعددية استخدامه. وفي هذا الجانب، تستطيع الشركات، من خلال وضع المزيد من العناصر في الوحدة الأساسية، أن تعطّل الميزة التنافسية للشركات الأخرى، مثلما فعلت شركة مايكروسوفت عندما دمجت متصفحها في نظام تشغيلها ويندوز، ما أدى إلى فشل متصفح نتسكيب (Netscape).
5- التعقيد الشامل
تستند أول أربعة نماذج عمل على مرونة قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد في صنع مجموعة متنوعة من نسخ المنتج بتكلفة منخفضة. إلا أن هذا النموذج يستند إلى قدرته على صنع المنتجات بتصاميم معقدة لا تستطيع الشركات المصنعة التقليدية مضاهاتها، ويستند النموذج كذلك إلى قدرته على إنتاج أشكال استثنائية ودمج المستشعرات وغيرها من العناصر الإلكترونية فيها. تخفّض هذه الميزة تكاليف الإنتاج وتحسن من موثوقية المنتج، كما هو الحال مع شركة فيتا ميكس (Vita-Mix) التي استخدمت آلة طباعة ثلاثية الأبعاد تعتمد منهجية "الطباعة البينية باستخدام السوائل المستمرة" (CLIP) لصناعة فوّهات لخلاّطاتها التجارية. وحالياً، تصنع هذه الشركة عشرات الآلاف من هذه الفوّهات.
من ناحية أخرى، تستخدم شركة بوينغ الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة داعمات بشكل خلايا نحل لهياكل طائراتها. تجعل البنية المعقدة لهذه الداعمات تلك الأجزاء التي تتحمل الثقل تتمتع بنفس القوة التي تمتلكها الداعمات التقليدية، لكن دون استخدام الكثير من المواد؛ ما يخفض وزن الطائرات ويقلل من استهلاك الوقود. يبرز مثال آخر في استخدام شركة أديداس لطابعات ثلاثية الأبعاد تعتمد منهجية "الطباعة البينية باستخدام السوائل المستمرة" (CLIP) لصناعة هياكل شبكية متينة وخفيفة الوزن للطبقات الوسطى لأحذيتها الرياضية، حيث أن هذه الهياكل الشبكية معقدة جداً على أن يتم صنعها بتقنيات التصنيع التقليدية. وفي هذا الجانب، توقعت الشركة أن تطبع 100,000 حذاء سنة 2018، و500,000 سنة 2019؛ وبعد ذلك بملايين الأعداد سنوياً. أما فيما يخص دور هذه الطبقة الوسطى من الحذاء فيتمثل في امتصاص الصدمات الناجمة عن الركض والجري بشكل أفضل مما نجده في الأحذية التقليدية.
من جانب آخر، ومع بروز برامج التصميم الناشئة، يمكن للطباعة ثلاثية الأبعاد الآن أن تعيد هيكلة المواد على المستوى المجهري وذلك لتحسين خصائص مثل المسامية (عدد المسام في نسيج ما)، والقوة، والمتانة، والمرونة والصلابة. بل يستطيع القطاع حتى تحسين مستوى مقاومة المنتج للماء والمواد الكيميائية والبكتريا.
وفي هذا النموذج، نجد أن التحدي التنافسي يكمن ببساطة في الخيال البشري. هل سيتمكن مطورو المنتجات من تجاوز العقلية التقليدية وتصميم منتجات تستفيد استفادة كاملة من إمكانيات الطباعة ثلاثية الأبعاد؟ إن نجحوا في ذلك، فإن نموذج العمل التجاري "التعقيد الشامل" يستطيع الوصول إلى مدى أبعد بكثير من مجرد صناعة منتجات عالية الأداء. وبهذا الصدد، تعني برامج التصميم الجديدة في شركات مثل أوتوديسك وداسو وغيرها أن مطوري المنتجات ليسوا مضطرين حتى للتفكير بتصميم المنتجات. فهذه البرامج الخاصة بالتصميم تتيح للمطورين أن يحددوا خصائص معينة يريدونها في المنتج ومن ثم يتركون الباقي على الحاسوب لتوليد تصميم سيحسن من أداء المنتج ويخفض تكلفة إنتاجه، الأمر الذي سيلغي الحاجة إلى التنازلات التي تحبط المصممين البشر أثناء عملية تصميمهم (مثل إيثار التكلفة على المادة أو المادة المستخدمة على التصميم... إلخ). وإذا أخذنا السيارات، على سبيل المثال، فسنجد أنه من الممكن صناعة سيارة تتمتع بالأمان وخفة الوزن في نفس الوقت. إن هذه المنهجية من "التصميم التوليدي" قد تمثل التقنية "الحاسمة" التي ستقنع العديد من الشركات بتبني الطباعة ثلاثية الأبعاد، وذلك مدفوعين بخشيتهم من طرح منافسيهم منتجات جديدة مطلوبة لا يمكن صناعتها بالتقنيات التقليدية.
6- التوحيد القياسي الشامل
يهجم هذا النموذج الأخير على منهجية التصنيع التقليدية في عقر دارها. فقد أثبت هذا النموذج -عكس ما يقوله الرافضون للطباعة ثلاثية الأبعاد بحجة أنها تقنية متخصصة لا تصلح إلا للإنتاج على نطاق صغير- أن المنتجات القياسية ذات الكميات الكبيرة يمكن للطباعة ثلاثية الأبعاد أن تصنعها بتكلفة أقل في بعض الظروف. ندرك أن هذه التقنية لا زالت ناشئة في هذا المجال (مجال التصنيع الموحد الشامل)، إلا أنها من الممكن جداً أن تكون نقطة تحول جذرية فيه.
لنأخذ شاشات الفيديو على سبيل المثال. سنجد أن عمليات التصنيع التقليدية لشاشات الأوليد (OLED) تضيّع العديد من المواد الكهروكيميائية الباعثة للضوء، وهي مواد مكلّفة مالياً. من الناحية الأخرى، نجد أن آلات الطباعة ثلاثية الأبعاد المتوفرة حالياً في السوق تتمتع بقدرة التعامل مع هذه المواد بشكل أكثر دقة وبالتالي أقل تكلفة، مع الحفاظ على صناعة شاشات ذات جودة وأداء عالي. وحالياً هناك شاشات أوليد (OLED) مصنوعة بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد المخصصة للهواتف الخلوية وغيرها من الأجهزة المحمولة في كل مكان؛ كما تدل البحوث أن الشركات المصنعة للتلفزيونات مهتمة بتبني هذه التقنية، وتقوم حالياً بإجراء مشاريع تجريبية لصناعة شاشات تلفزيونية بالجملة باستخدام هذه الطابعات.
لا يقتصر نموذج "التوحيد القياسي الشامل" على هذه القطاعات فحسب، بل يمكن تطبيقه أيضاً في صناعة المنتجات ذات التقنية المنخفضة. فنجد مثلاً أن نظام الطباعة ثلاثية الأبعاد كوزي فلكس (Cosyflex)، الذي طورته شركة تامي كير (Tamicare)، ينتج منسوجات من خلال رش خليط متنوع من البوليمرات والألياف الطبيعية على منصة متحركة. يستطيع هذا النظام المؤتمت بالكامل صناعة منتجات نهائية بسعر أقل من طريقة الإنتاج التقليدية، وفي نفس الوقت بكميات كبيرة. ومع أن شركة تامي كَير لا زالت تسوّق تقنيتها الجديدة، إلا أن النتائج التي حققتها حتى الآن واعدة بالفعل.
تستطيع الطباعة ثلاثية الأبعاد الآن أن تعيد هيكلة المواد على المستوى المجهري بغية تحسين خصائص مثل المسامية (عدد المسام في نسيج ما)، والمتانة، والمرونة .
وبمرور الزمن، ومع تطور الطابعات ثلاثية الأبعاد لتصبح أكثر كفاءة، من المرجح أن تصبح منافسة في صناعة المنتجات القياسية الموحدة حتى وإن كانت هذه الطابعات لا تنتجها بسعر تكلفة مباشرة أقل من المصانع التقليدية. وذلك بسبب أن المصانع التقليدية غالباً ما تنفق الكثير من التكاليف غير المباشرة والعامة، مثل إنشاء سلسلة توريد طويلة ومحفوفة بالمخاطر، وشراء معدات تشغيلية مكلفة، وتكاليف التجميع المتقن لأجزاء المنتج، والتكاليف المرتفعة للتخزين والنقل وغير ذلك. في حين أن الإنتاج بالطباعة ثلاثية الأبعاد يقلل كل هذه التكاليف. والأكثر من ذلك، هو أن الطابعات ثلاثية الأبعاد نفسها أقل ثمناً بكثير من الآلات التقليدية بعناصرها من أدوات الصنع والقولبة.
في هذا النموذج، يكمن التحدي التنافسي في الإجابة عن سؤال "إلى أي مدى ستخصص الشركة طابعاتها ثلاثية الأبعاد لصناعة هذه المنتجات" يتيح التخصص للشركات أن تحقق مستويات الكفاءة اللازمة لتنفيذ نموذج العمل التجاري "التوحيد القياسي الشامل"، لكن من الوارد أن يرفع من خطر تقيّد الشركات بقطاعات إنتاج محددة وحسب.
الخطوات الاستراتيجية
إن نماذج العمل التجارية الستالتي ذكرناها آنفاً لا تعمل فقط مع بعضها البعض، فقد تجد إحدى الشركات مثلاً القيمة الاقتصادية المنشودة في استخدام نموذجين منهما أو أكثر على ما فيهما من التباين والتعقيد. وإذا أخذنا خراطيم الوقود التي تصنعها شركة جنرال إلكتريك للمحركات النفاثة سنجد أن هذه الصناعة تجمع بين نموذجي العمل "التعقيد الشامل" و"التجزئة الشاملة". تتكون هذه الخراطيم من توليفات معقدة من عدة أجزاء، وكل محرك نفاث يحتاج شكلاً معيناً من خرطوم الوقود. لذلك استخدمت شركة جنرال إلكتريك الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة عشرات النسخ من خراطيم الوقود بكميات متوسطة. وإذا أخذنا طبقة الحذاء المتوسطة الخاصة بشركة أديداس والتي تصنعها باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، سنجد أنها تتبع نموذج العمل التجاري "التعقيد الشامل"، لكن خطاً منفصلاً من الإنتاج يستخدم نموذج العمل التجاري "التخصيص الشامل" لإرضاء الرياضيين ذوي المستوى العالي أو أولئك الذين يحتاجون متطلبات خاصة ومحددة لأحذية الركض. وبغية فهم أفضل لتفضيلات عملائها، تدرس شركة أديداس حالياً تقريبهم أكثر من عمليات التصنيع وربما حتى وضع أجهزة الصنع والنمذجة في بعض متاجرها للبيع بالتجزئة.
في هذا الجانب، بمجرد أن تكتسب قدرات التصنيع بالطباعة الثلاثية الأبعاد، بصفتك شركة تجارية، يمكنك تطبيقها في مجال واسع من الحالات التنافسية في السوق. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكنك استخدامها ضد المنافسين الذين يعتمدون على الإنتاج التقليدي:
تعطيل المنافسين المحتملين. لنفترض أن شركتك تتمتع بمكانة قوية في السوق، لكنها عرضة لأن يستهدف منافسوها شرائح معينة من هذا السوق. في هذه الحالة، تستطيع استخدام التصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد لتوسيع خط إنتاجك، وسدّ أي ثغرات موجودة في السوق بشكل استباقي. ويبدو أن شركة هيرشي (Hershey) تتبع هذه الاستراتيجية إذا تأملنا استثماراتها الأخيرة في قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد. فعلى الرغم من أن شركة هيرشي شركة رائدة في قطاع صناعة الشوكولاتة بالولايات المتحدة الأميركية، إلا أنها كانت تخسر حصة من السوق لصالح شركات أجنبية متميزة في هذا القطاع والتي من المحتمل أن تتوسع لاحقاً في السوق الكبير. وفي هذه الحالة، يعد إنشاء خط إنتاج تقليدي لصناعة الشكولاتة الإيطالية أو البلجيكية الفاخرة مكلفاً للغاية، لأن الشركة لن تستطيع بيع ما يكفي منها لتغطية نفقات شرائها للمعدات الغالية. لكن مع تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من الممكن صناعة شوكولاتة بعدد كبير من الوصفات المختلفة وبشكل اقتصادي، وذلك من خلال استخدام طابعات صغيرة تخصص كل واحدة منها لنوع معين من الشوكولاتة (مثلاً واحدة للشوكولاتة الإيطالية والأخرى للبلجيكية إلخ)؛ وهذا ما يمنع المنافسين الأجانب من التوغل أكثر في السوق. تأمل شركة هيرشي أيضاً في أن تصبح طابعات الشوكولاتة الجديدة التي تملكها سهلة جداً في استخدامها بحيث من الممكن بيعها للمطاعم والمخابز ومحلات المعجنات والفطائر؛ مما يمنع المنافسين من محاولة دخول السوق الأميركي من هذه القنوات التجارية.
الإطاحة بالشركة المهيمنة على السوق. لنفترض أن شركتك تكافح في منافستها مع شركة مهيمنة في القطاع الذي تشتغل فيه، حيث لا يضم هذا القطاع إلا عدداً قليلاً من المنتجات القياسية. في هذه الحالة، ولأن الشركة المهيمنة تمتلك الحصة الأكبر من هذا السوق، فإن اقتصاديات الحجم الكبير (انخفاض متوسط التكلفة الكلّيّة في الأجل الطويل كلما ارتفع حجم إنتاج الشركة) لهذه الشركة تتيح لها أن تستثمر بقوة أكبر مما يمكن أن تفعله شركتك. وهكذا تجد أن السبيل الوحيد للمنافسة هو تغيير قواعد اللعبة. من خلال استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، تستطيع شركتك بشكل اقتصادي أن تنتج عدة نسخ من المنتجات القياسية المتوفرة في السوق المستهدف ومن ثم جس نبض العملاء ورغبتهم في هذه المنتجات. فإن حدث وجلبت اهتماماً كافياً، يمكنك تبني إحدى نماذج العمل التجارية التي ذكرناها أعلاه والتي تستند على إنتاج نسخ مختلفة من المنتج الواحد. وحتى لو لم تكن منتجاتك أرخص ثمناً من منتجات الشركة المهيمنة على السوق، لا زال بإمكانك كسب حصة لا بأس بها من السوق، لأن العملاء سيكونون سعداء بالاستفادة من المنتجات الأقرب إلى أذواقهم واحتياجاتهم أكثر من المنتجات القياسية المتوفرة. وأثناء إضافتك عدة تعديلات وتنويعات على منتجاتك، من المحتمل أن تجذب المزيد من العملاء وتبعدهم عن الشركة المهيمنة على السوق حيث سيتعين عليها تخفيض أسعار منتجاتها ومن ثم ينخفض هامش ربحها بشكل كبير. وحتى في حال لاحظت الشركة الرائدة هذا الخطر التنافسي، فإنها ستعاني في صياغة استجابة مناسبة له، لأن فكرة الهيمنة على السوق على نطاق واسع من خلال صناعة المنتجات القياسية مترسخة في عقليتها وثقافتها المؤسساتية.
التعايش مع الشركة المهيمنة على السوق. ماذا لو وجدت أن طلب العملاء على منتجاتك المنوعة لا يكفي لحصول شركتك على حصة جيدة من السوق للإطاحة بالشركة المهيمنة في المستقبل القريب؟ في هذه الحالة، لا زال تبني الطباعة ثلاثية الأبعاد خياراً جيداً، مع التركيز على بضعة فئات فقط من العملاء، ومجدداً باستخدام نماذج العمل التجارية المستندة إلى صناعة منتجات منوعة وليست قياسية. بهذه الطريقة، من المحتمل أن تستطيع تقييد منافسك وحجزه في أسواقه الحالية فقط وذلك من خلال استغلال فرص نموه المتاحة بشكل استباقي. لكن إن لم يكن الأمر كذلك، لا زال بإمكان شركتك أن تتعايش مع المنافسين بشكل مربح من خلال توفير منتجاتك المنوعة والعناية بفئات العملاء المتخصصة التي تخدمها لتجنب المنافسة المباشرة.
التغلب على المنافسين الذين يمتلكون سلاسل توريد أو توزيع قوية. من الصعب التغلب على سلسلة قيمة اقتصادية قوية، إلا أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تستطيع فعلاً تغيير اللعبة من خلال إنشاء سلسلة توريد جديدة كلياً لمواد المنتجات وأجزائها. وهذا ما ينطبق بشكل خاص على نموذج العمل التجاري "التعقيد الشامل"، الذي يتيح للشركات إنشاء عدة نسخ من المنتجات بعدد أقل من الأجزاء والمواد المختلفة. وفي هذا الجانب، إن كانت لديك شراكة مع أحد الموردين الذين يستخدمون الطباعة ثلاثية الأبعاد، من الممكن أن تتعاقد معه لتوحيد صناعة العديد من أجزاء منتجات شركتك القليلة العدد، وذلك لأنه من السهل تغيير صناعة المنتج في الطابعات بين دفعات الإنتاج الصغيرة. نفس الشيء ينطبق على عملية التوزيع، لأن الطباعة ثلاثية الأبعاد تتيح لشركتك أن تنشئ مصانع صغيرة قريبة من فئات العملاء التي تخدمها. (بل أن بعض الشركات لديها حتى مصانع طباعة متنقلة، حيث توضع الطابعات في شاحنة يمكنها التحرك بسهولة لتلبية حاجة أحد العملاء). ولأن الطباعة ثلاثية الأبعاد تجعل مصانعك وسلاسل توريدك أكثر مرونة، فهي عموماً ستخفض من تعقيد سلسلة التوريد مما يسهل عليك إنشائها من الصفر.
توفر لك هذه المنهجية ملجأً آمناً ضد مخاطر التوزيع وسلاسل التوريد، نظراً لأن هذه المخاطر في ازدياد بسبب انتشار قوانين الحماية الاقتصادية التي تضعها الحكومات لحماية المنتجات المحلية من المنافسة العالمية. هكذا، إن حدث وأصبح جزء أو مادة معينة من المنتج أعلى ثمناً بشكل مفاجئ -بسبب الرسوم الجمركية أو الكوارث الطبيعية أو التوترات الجيوسياسية - تستطيع بسهولة أن تعيد تصميم المنتج لاستخدام قدر أقل من ذلك الجزء أو المادة في صناعته. أو يمكنك نقل الإنتاج إلى مكان أكثر أمناً، حيث يكفي أن ترسل ملفات التصميم إلى منشأة تصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد في المكان المرجو.
وهذا المنهج أكثر فعالية عندما يكون منافسك مضطراً للاعتماد على سلاسل توزيع أو توريد طويلة ومعقدة تقنياً وجغرافياً.
استكشاف أسواق جديدة والاستيلاء عليها. يتمثل أحد الطرق في تغيير قواعد اللعبة التجارية في الانتقال إلى أسواق مجاورة أو جديدة كلياً. فعندما تظهر الأفكار أو تتاح الفرص في مكان ما، يمكنك استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة منتج جديد، وجس نبض السوق، وتحسين المنتج لزيادة المبيعات، والحصول على ميزة "الريادة" بشكل سريع وأقل تكلفة. والجانب المشرق هو أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تسهّل من تنفيذ المنهج الاستكشافي، لأنها يمكن أن توفر أشكالاً وهياكل متنوعة للمنتجات أبعد من المنتجات التي يتم تصورها حالياً. وهكذا يمكنك أن تستثمر الأرباح التي تجنيها من السوق الجديد للمنافسة بشكل أفضل في السوق الحالية. ومع أن هذه الطريقة محفوفة بالمخاطر، إلا أنها لا تزال خياراً ممتازاً للشركات الريادية الطموحة.
بروز التصنيع التجاري الشامل. يعتبر التصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد إذا أضفنا له منصة برامج قوية، أداة تمكين بين يدي الشركات تتيح لها تنويع منتجاتها على نطاق أوسع وأشمل. وفي هذا السياق، نجد أن شركة جنرال إلكتريك، على سبيل المثال، قامت بإنشاء مصنع لافت للانتباه في مدينة "بونا" بالهند. فيما سبق، كان كل مصنع تابع لشركة جنرال إلكتريك مخصص لخدمة قسم معين واحد فقط، مثل قسم الطيران، أو الرعاية الصحية أو توليد الطاقة. لكن ولأن مصنع بونا يعتمد على الطابعات ثلاثية الأبعاد، فقد كان يستطيع إنتاج قطع لأقسام مختلفة من الشركة، مما أتاح له أن يسجل معدل إنتاج (بكامل قدرته) أعلى مما لو كان مخصصاً لقسم تجاري واحد فقط. (يذكر أن هذا المصنع لديه معدات للتصنيع بطريقة تقليدية أيضاً، وذلك لصناعة الأجزاء والقطع التي لا تصنعها الطباعة حالياً بتكلفة أقل) وهكذا إن لاحظت شركة جنرال إلكتريك زيادة في مبيعات المحركات النفاثة، ستعمد لتخصيص معظم إنتاج مصنع بونا لأجزاء المحركات النفاثة. لكن في حال ركود مبيعات المحركات النفاثة، وارتفاع مبيعات معدات توليد الطاقة المتجددة، فإن خطوط الإنتاج في ذلك المصنع ستشرع في صنع مراوح توليد طاقة الرياح. لكن في حالة مصنع يعتمد طريقة التصنيع التقليدية، ستجد الشركة أن صناعة منتجات أخرى عملية مكلفة للغاية من ناحية المال والوقت.
يعتمد مصنع مدينة بونا في غالب عملياته على نموذج العمل التجاري "التجزئة الشاملة" لبيع باقته المتنوعة من المنتجات، لكن مع مضيه قدماً في منحنى التعلم، من المرجح أن يبدأ أيضاً في تطبيق نموذج العمل التجاري "التعقيد الشامل".
وبفضل هذا المصنع وغيره من "المصانع الرائعة" (GE Brilliant Factory) التي أسستها شركة جنرال إلكتريك، أو تخطط لإنشائها، ستجني الأعمال التجارية المتنوعة للشركة مكاسب هامة وعظيمة. لكن لتحقيق جميع هذه المكاسب، لا بد على أقسام الشركة أن تتعاون فيما بينها. وبهذا الصدد، من الراجح أن شركة جنرال إلكتريك لم تعد تلك المجموعة الكبيرة من الشركات التي تعتمد التصنيع التقليدي في معظم أعمالها. من ناحية أخرى، نحن بحاجة لمصطلح جديد يصف الشركات المصنعة التنويعية التي تجمع بين منهجية الطباعة ثلاثية الأبعاد والمنصات البرمجية لتحقيق التكامل التشغيلي عبر كافة العمليات التجارية للشركة. وبهذا الشأن أقترح مصطلح "التصنيع التجاري الشامل". (راجع مقالي "اختيار مجال بدل بؤرة تركيز" في موقع سلون مانجمنت ريفيو، صيف 2017).
إغراء الثورة الصناعية الرابعة
منذ عدة سنوات، قامت الحكومة الألمانية وبعض الشركات الاستشارية بترويج مفهوم "الثورة الصناعية الرابعة"، وهو برنامج واسع يهدف إلى رقمنة عملية التصنيع باستخدام الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وغيرها من الابتكارات التقنية الأخرى. لا ريب أن تشجيع الشركات على رقمنة أعمالها التجارية وإضافة التقنيات الجديدة لها أمر جيد. إلا أن بعض نُسخ "الثورة الصناعية الرابعة"، لا زالت متشبثة بتقنيات التصنيع التقليدية والتي تتطلب رؤوس أموال ضخمة وسلاسل توريد كبيرة. وهذا ليس جيداً، لأنه يجعل دور التصنيع باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد يقتصر على دعم هذا المفهوم بصناعة النماذج الأولية وتوفير بعض قطع المنتجات المتخصصة وحسب. ومثل هذا المنهج التدريجي للرقمنة سينتهي به الأمر إلى إبقاء الحال على ما هو عليه في قطاع التصنيع ويمنع الشركات من إعادة التفكير الضرورية للاستفادة الكاملة من قدرات وإمكانيات التصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد. وبهذا الصدد، ستعاني المصانع، التي تكلف استثمارات ضخمة في معدات التصنيع التقليدي، في مساعيها لتخصيص المنتجات، وصنع القطع المعقدة، وتقليص عملية التجميع، وموائمة إنتاجها مع الطلب المتغيّر في الأسواق.
وبالتالي، من المرجح أن تخسر تلك الشركات التي احتضنت مفهوم وبرنامج "الثورة الصناعية الرابعة" حصتها من السوق لصالح منافسيها الذين يتبعون منهجية نظام الإدارة الرشيقة، والذين يستفيدون بشكل كامل من مزايا وإمكانيات التصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد. وهكذا، من المحتمل أن ينتهي الأمر بالكثير من الشركات التي اعتنقت مفهوم "الثورة الصناعية الرابعة" بإنفاق تكاليف ثابتة كبيرة والمعاناة من عدم مرونة أعمالها التجارية مما يؤدي إلى فشلها على المدى الطويل.
مع ذلك، ينبغي أن تعرف أن منهجية التصنيع التجاري الشامل لا تناسب جميع القطاعات: وذلك لأن الخبرة التقنية اللازمة، ونموذج العمل التجاري الذي سيتم اعتماده، والمواد المتاحة لصنع المنتجات من شأنها أن تمنع العديد من الشركات من تبني هذه المنهجية. قد تركز الشركات على استخدام منهجية "التصنيع التجاري الشامل" لصناعة المنتجات طويلة الأجل أو القطع المعدنية أو السلع البلاستيكية الصناعية. إلا أن هذه المنهجية توفر نطاقاً أوسع بكثير، وأشمل نطاقاً من أي شيء شهدته أسواق وول ستريت حتى الآن. وخلال عملية اكتشاف الشركات لكامل إمكانيات التصنيع بالطباعة الثلاثية الأبعاد، من المرجح أن يصبح التنويع التجاري ضرورة استراتيجية ملحّة، مما يبشّر بالدخول لعهد جديد من المنافسة بين الشركات الصناعية العملاقة.
وقد لاحظنا في المشهد التجاري الحالي، أن العديد من الشركات مفتونة بقدرات التصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد إلا أنها متوجسة من المخاطر التجارية المحتملة جراء تبني هذا المنهج. ولهذا لا يستخدمونه كثيراً إلا في صنع النماذج الأولية وصناعة بعض المنتجات المخصصة لفئات صغيرة من الزبائن وبعدد قليل محدود. لكن الوقت الحالي هو الزمن المناسب بالنسبة للشركات لتأخذ منهجية التصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد على محمل الجد، ودراسته بوعي كخيار للإنتاج التجاري واسع النطاق. ينبغي على الشركات أن تتجنب المستثمرين المترددين، وأن تتعرّف عن كثب على التقنيات الجديدة، وأن تكتشف كيف يمكن لهذه التقنيات أن تغير المشهد التنافسي في الأسواق التجارية.
وبهذا الصدد، لا يتمتع التصنيع بالطباعة ثلاثية الأبعاد بالقدرة على هز القطاعات المنفصلة فحسب، بل لديه القدرة كذلك على زعزعة قطاع التصنيع برمته. وفي نهاية المطاف، من المرجح أن تصبح هذه التقنية التي كان المهندسون يسخرون منها لبطئها، قوة مهيمنة وضاربة في الاقتصاد العام.