نتذمر جميعاً من الاجتماعات. هناك الكثير منها. إنها مضيعة للوقت. لا تؤدي إلى أي نتائج. غالباً ما تكون هذه الشكاوى مبررة، لكنها عامة جداً بحيث تصعب مناقشتها وإيجاد حلول فعالة لها.

ومع ذلك، هناك شكاوى محددة يمكن معالجتها. عندما أسأل المشاركين في ورش العمل التي أقودها عن المجالات التي يحتاجون فيها إلى أكبر قدر من المساعدة بخصوص الاجتماعات، تظهر 5 مشكلات باستمرار:

  • يهيمن شخص أو اثنان على المحادثة ولا يتدخل أحد لتغيير ذلك.
  • لا يقود المدير الاجتماعات بفعالية.
  • غالبية اجتماعاتنا مضيعة للوقت لأنها تتعلق بمشاركة معلومات يمكن إرسالها بسهولة إلى الجميع عبر البريد الإلكتروني. لا نتحدث عن قضايا حقيقية.
  • لا يبدي أحد اهتماماً بالاجتماع لأن الحاضرين ينشغلون بهواتفهم أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة.
  • مواضيع الاجتماعات متكررة بسبب عدم إحراز أي تقدم بين الاجتماعات.

لحسن الحظ، هناك حلول محددة لكل مشكلة من هذه المشكلات. فيما يلي الحلول التي أقترحها اعتماداً على خبرتي التي امتدت 25 عاماً في تقديم الاستشارات للمؤسسات والفِرق حول كيفية قيادة الاجتماعات الفعالة.

يهيمن شخص أو شخصان على المحادثة ولا يتدخل أحد لتغيير ذلك

تخيّل اجتماعاً يستمر 60 دقيقة يحضره 10 أشخاص؛ ما مقدار الوقت الذي يجب أن يحصل عليه كل منهم لمشاركة أفكاره؟ قد تختلف الإجابة بحسب موضوع الاجتماع، ولكن إذا كان بعض الأشخاص يتحدثون أكثر أو فترة أطول من الآخرين، فسوف يستاء زملاؤهم منهم لعدم إيجاز أفكارهم واستهلاك وقت الاجتماع الثمين. تكمن المشكلة في وقت الاجتماع المحدود، إذ لا يمكنك افتراض أن الفرصة ستكون متاحة للجميع لتقديم إسهاماتهم، خصوصاً إذا كان حديث البعض يهيمن على الاجتماع. فيما يلي بعض الطرق لتوسيع المشاركة:

عند بدء الاجتماع:

  • أخبر المجموعة بأنك تريد مشاركة واسعة، مع التأكيد أن كل فرد لديه فرصة للإسهام في كل موضوع.
  • اطلب الإذن قبل دعوة أشخاص محددين للتحدث عند البحث عن وجهات نظر إضافية في أثناء المحادثة.
  • أكد للحاضرين أنك لن تنهي النقاش حول أي موضوع قبل أن يشارك الجميع ما لديهم من أفكار.
  • اطلب من الحاضرين ترك الأجهزة الذكية (مزيد من التفاصيل أدناه) وأي مهام أخرى جانباً والاستماع باهتمام إلى كل متحدث.

خلال الاجتماع:

  • انتبه تماماً للفكرة التي يطرحها أي شخص واسمح له بإكمالها، إذا فعلت ذلك أنت وأي شخص آخر في الاجتماع، فمن المرجح أن يبدأ من يميلون إلى احتكار الحديث اختصار حديثهم وإتاحة المجال للآخرين، إذ يشجع عدم الاهتمام بحديث المتكلم على استمراره في الحديث مطولاً وإغفال حق الآخرين في الكلام.
  • عندما تشعر أن شخصاً ما يتحدث بإسهاب وبصورة متكررة، اطلب منه التوقف لحظة، قل له مثلاً “لو سمحت أحمد، دعنا نُشرك الآخرين في هذه المحادثة أولاً ثم سأعود إليك لاحقاً”.
  • عندما يُقطع حديث شخص ما، عُد إليه لاحقاً واطلب منه إكمال الفكرة التي كان يود طرحها؛ قل له مثلاً: “علي، هل كان لديك شيء آخر تود إضافته؟”
  • إذا كنت الشخص الذي تعرّض للمقاطعة فلا تتردد في طلب حقك في إكمال فكرتك؛ قل مثلاً “محمد، لم أنتهِ من وجهة نظري تماماً. أود إكمال تعليقي، ثم أرغب في سماع أفكارك”.

بعد الاجتماع:

  • إذا كنت منزعجاً من تحدّث أحد الأشخاص كثيراً أو لفترة أطول مما ينبغي له، فقل له مثلاً: “أحمد، أود أن تكون مشاركتك أكثر توازناً في اجتماعاتنا. سيكون من المفيد جداً أن تنتظر الآخرين حتى يقدموا إسهاماتهم قبل مشاركة أفكارك الخاصة، وسأكون ممتناً لك أيضاً إذا تحققت من الأشخاص الذين لم يتحدثوا بعد ودعوتهم لمشاركة أفكارهم”.

لا يقود المدير الاجتماعات بفعالية

إذا كان مديرك يفتقر إلى المهارات اللازمة لتيسير الاجتماع بفعالية، يمكنك المبادرة إلى معالجة الموقف. يمكنك التطوع لإعداد برنامج الاجتماع نيابة عن مديرك. التمس آراء أفراد الفريق لجمع الموضوعات ذات الصلة، وحدد النتائج المتوقعة لكل موضوع وأرسِل برنامج الاجتماع لكل فرد في الفريق مسبّقاً إذا كان ذلك ممكناً. يمكنك أيضاً التطوع لتيسير الاجتماع إذا كنت تحظى بثقة الفريق واحترامه ولديك استعداد لبذل الجهد اللازم لإنجاح الاجتماع وجعله فعالاً، أما إذا لم تكن الشخص الأنسب للمهمة، يمكنك اقتراح مرشح بديل مناسب وتشرح لمديرك أن أقدميته لا تعني بالضرورة أن عليه إدارة الاجتماع بنفسه.

أحد الحقوق التي يتمتع بها جميع المشاركين هو طلب ما يحتاجون إليه للمشاركة بفعالية، فاغتنم الفرصة واستخدم هذا الحق لتقديم المساعدة لمديرك وإنجاح الاجتماع. على سبيل المثال، اطرح أسئلة تساعد مديرك في توضيح توقعاته وتشجع الآخرين على تقديم إسهاماتهم. يمكنك أن تقول في بداية الاجتماع مثلاً “سيكون من المفيد معرفة نوعية الإسهامات التي تطلبها فيما يتعلق بهذا الموضوع وكيف يمكننا معرفة إذا ما حصلت على المعلومات الضرورية”.

غالبية اجتماعاتنا مضيعة للوقت لأنها تتعلق بمشاركة معلومات يمكن إرسالها إلى الجميع بسهولة عبر البريد الإلكتروني، وتفتقر إلى المناقشات الجوهرية حول القضايا المهمة

لا مشكلة في تخصيص 10 إلى 15 دقيقة من اجتماع مدته 90 دقيقة لإطلاع الحضور على المستجدات، لكن قضاء 90 دقيقة في مشاركة معلومات يمكن إبلاغها بوسائل أخرى مشكلة حقيقية. كيف يمكنك طرح هذه القضية على منظِّم الاجتماع؟ إليك بعض الصيغ المقترحة:

بسّام، أفهم أن لديك توقعات عالية لفريقنا. الاجتماعات وسيلة حاسمة لتسخير حكمة الجماعة وتنفيذ الاستراتيجية. أعتقد أنك تريد من الجميع احترام الوقت ومواهب الحاضرين، ويبدو لي أنه يمكننا تحقيق ذلك من خلال تخصيص معظم وقت الاجتماع للموضوعات التي تتطلب تفكيراً ملياً فيها وتوافقاً حولها، مع تقليل التركيز على مشاركة المعلومات إلى أقصى قدر ممكن. ما رأيك؟

بعد ذلك، تطوَّع لجمع التعليقات من فريقك كل أسبوع وإنشاء قائمة بالموضوعات التي يمكنك استخدامها لصياغة جدول أعمال الاجتماع. ستساعدك الأسئلة الآتية في تحديد الموضوعات المحتملة:

  • ما الموضوعات التي يحتاج الفريق إلى مناقشتها؟
  • ما المشاريع الحيوية التي تواجه مشاكل جدية؟
  • ما الذي نحتاج إلى تعلمه؟
  • ما القضايا التي نحتاج إلى الاتفاق حولها؟
  • ما القضايا التي تقلقنا؟

اِقترح النتائج المرجوة والوقت اللازم لتحقيقها لكل موضوع. إذا عملت جيداً على مشكلة أو اثنتين في كل اجتماع، فلن يمثل الوقت المستغرق في مشاركة المعلومات عبئاً كبيراً.

لا يبدي أحد اهتماماً بالاجتماع لأن الحاضرين ينشغلون بهواتفهم أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة

يمكنك التسامح مع بعض التشتت من حين لآخر، ولكن إذا كان الحضور منشغلاً دائماً بكتابة رسائل البريد الإلكتروني أو التحقق من الرسائل النصية، فذلك سيعوقهم عن المشاركة الهادفة في الاجتماع. يبدأ وضع القواعد الجديدة من القمة، إذ يجب على كبار المسؤولين الحاضرين في الاجتماع إظهار السلوك اللفظي وغير اللفظي الملائم، لأنهم بالانخراط في محادثات جانبية أو التركيز على أعمال أخرى أو التحقق من هواتفهم باستمرار يوحون للآخرين بأن هذا الاجتماع لا يهمهم بالفعل، ما يؤسس لمعيار خطير يشي بأن عدم الانتباه أمر مقبول. اطلب من الجميع في بداية الاجتماع الحد من استخدام الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة. على سبيل المثال، يمكنك القول:

أود أن تحظى المواضيع المطروحة للنقاش في الاجتماع بانتباهكم الكامل، لذلك أرجو منكم إطفاء أجهزتكم الإلكترونية قبل الدخول إلى الاجتماع. أطلب هذا لسببين: أولهما لأنها تشتت انتباهي وانتباه الآخرين، والآخر لأن انتباهكم ضروري ومفيد لي وللآخرين ولجودة عملنا معاً. إذا كنتم ترغبون في وضع هواتفكم في وضع الاهتزاز، فلا مشكلة طالما أنكم لا تتلقون الكثير من الإشعارات. الاستثناءات العرضية مقبولة، لكن التشتيت المتكرر يمثّل مشكلة. أتفهّم تماماً الحاجة في بعض الأحيان إلى مغادرة الاجتماع للاطمئنان على عائلاتكم أو متابعة سير مشاريعكم المُهمة، وأدرك أنه قد يتعين عليكم إجراء بعض المكالمات المتعلقة بالمشاريع التي تتابعون سير العمل فيها. افعلوا ما هو ضروري للوفاء بالتزاماتكم وأداء عملكم، وأثق بكم لاتخاذ قرارات حكيمة والعناية بأنفسكم. إذا رغبتم في تدوين الملاحظات أو استخدام أجهزتكم اللوحية للبحث عن المعلومات الأساسية حول موضوعاتنا، فافعلوا ذلك بأي وسيلة متاحة لديكم، ولكن أطلب منكم فقط عدم استخدامها لأشياء أخرى مثل التحقق من البريد الإلكتروني أو متابعة أخبار العالم. اتفقنا؟ شكراً لكم.

بعد الاتفاق على ذلك، يمكنك كتابة عبارة “ممنوع استخدام الأجهزة الإلكترونية” على السبورة البيضاء لتذكير الحاضرين بها إذا لاحظت أنهم بدؤوا بالتحقق من هواتفهم. إذا وجدت صعوبة في تغيير ثقافة استعمال الأجهزة الإلكترونية في شركتك، فابدأ بنفسك. ستُذهل من السرعة التي سيلاحظ بها الزملاء انتباهك الشديد وعدم انتباه الآخرين بالمقابل، وقد تجد أنهم بدؤوا بتقليدك والانتباه إلى النقاشات أكثر.

مواضيع الاجتماعات متكررة بسبب عدم إحراز أي تقدم بين الاجتماعات

لمعالجة هذه المشكلة، احرص على الانتهاء من نقاش كل موضوع بحيث يمكنك تحديد الخطوات التالية بعد ذلك. أرسِل تقريراً موجزاً عن الاجتماع إلى الجميع في غضون ساعة من انتهائه أو على الأقل قبل نهاية اليوم. كلَِف شخصاً ما بمتابعة النتائج مع الجميع بين الاجتماعات للتأكد من أنه يحرز تقدماً في تنفيذ الإجراءات التي كُلف بها. ابدأ مثلاً بتتبع عدد الإجراءات المكتملة، وليكن الهدف إنجاز 85% منها، وإذا انخفضت هذه النسبة فتوقف مؤقتاً وناقش مع فريقك الطرق التي يمكن أن تساعدكم في العودة إلى المسار الصحيح.

قد يكون من الصعب معالجة الشكاوى المتعلقة بالاجتماعات كلياً، ولكن يمكنك تقليلها، وإذا كنت تتذمر من الاجتماعات أيضاً، فلا تنس أنك مسؤول مثل أي فرد آخر عن خلق ثقافة اجتماعات إيجابية. لذلك اتخذ إجراءات استباقية اليوم لتحسين جودة الاجتماعات القادمة جميعها.