الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

أسرار نجاح الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي

5 دقيقة
دون سميث/غيتي إميدجيز

في عصر الذكاء الاصطناعي، تنقسم الشركات إلى فئتين، وهما الشركات التي تمتلك قدرات الذكاء الاصطناعي وتلك التي لا تمتلكها؛ إذ يندرج معظم الشركات ضمن هذه الفئة الأخيرة. أظهرت دراسة حديثة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، أن 10% فقط من الشركات نجحت في توسيع نطاق تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن هذا ليس بسبب تقصير الموظفين. في الواقع، أظهر استطلاع حديث أجرته المجموعة نفسها حول آراء المستهلكين، أن 70% من الموظفين لديهم حماس كبير تجاه اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي واستخدامه في مكان العمل. يُقدِّر الموظفون قدرة الذكاء الاصطناعي على تسريع تعلّمهم وتقليل الأعباء والجهود في أداء مهماتهم اليومية. لكن تزداد المخاوف مع تحول الشركات من استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي البسيطة على مستوى الأفراد لتحسين مهماتهم الشخصية إلى إعادة تصميم العمليات بأكملها لتتناسب مع الذكاء الاصطناعي، كما تزداد المخاوف المتعلقة بإحلال الآلات محل الموظفين لتصبح مصدر قلق أكبر. لكن لا يزال هناك أمل في تحسين الأمور.

يستطيع القادة تعزيز أثر الذكاء الاصطناعي من خلال إشراك الموظفين واستخدامه لدعم نموهم وتطوير مهاراتهم. وجدنا في بحثنا وكتابنا الذي يحمل عنوان "التخصيص: استراتيجية العملاء في عصر الذكاء الاصطناعي" (Personalized: Customer Strategy in the Age of AI)، أن الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي تتميز بأسلوب عمل مختلف يتجلى في 3 جوانب رئيسية:

1. تركز هذه الشركات على استخدام الذكاء الاصطناعي بوصفه جزءاً أساسياً من استراتيجياتها

تتبنى الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي نهج إدارة المحافظ الاستثمارية؛ إذ تركز على المجالات التي تتيح لها تحقيق ميزة تنافسية من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة. تهتم هذه الشركات أيضاً بمعالجة المشكلات الحقيقية التي تواجه العملاء، وتوجه استثماراتها الكبرى نحو إنشاء قيمة جديدة.

2. تعمل هذه الشركات على إزالة الحواجز بين الأقسام المنعزلة وإشراك الموظفين في صياغة الحلول بطريقة فعالة

تدرك هذه الشركات أهمية تعاون فرق الأعمال والماليات والتحليلات المحوسبة والعمليات والتنظيم لتوسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي، كما تعلم ضرورة الاعتماد على الفرق الصغيرة والمرنة لإنجاز المهام والتخلص من البيروقراطية.

3. تستخدم هذه الشركات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجارب العملاء بدلاً من التركيز على زيادة الكفاءة فقط

إنها تعلم أن الموظفين في المستويات كافة سيكونون أكثر استعداداً لتبني الذكاء الاصطناعي إذا أدى ذلك إلى زيادة رضا العملاء وتحسين تجربتهم المهنية.

التركيز على استخدام الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات العملاء

تؤدي مجالس الإدارة والفرق في المناصب التنفيذية العليا والقيادة دوراً كبيراً في هذه الجهود. على سبيل المثال، عملت إحدى شركات المنتجات الاستهلاكية الكبرى على دمج منظور الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة من مراحل التخطيط الاستراتيجي، ما دفعها إلى إجراء مناقشات صعبة ومعقدة واتخاذ قرارات مهمة وحاسمة بشأن الاستثمار في توسيع استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل إنشاء قيمة للعملاء مقابل التركيز على تحسين الكفاءة. مع تزايد الحاجة إلى التحرك بسرعة، أدركت الشركة ضرورة تعزيز شراكاتها مع مزودي خدمات الحوسبة السحابية وشركات التكنولوجيا الأخرى والاستفادة منها لتسريع وتيرة اعتماد الذكاء الاصطناعي وتنفيذ الاستثمارات المطلوبة بسرعة أكبر.

يسهم المستشارون القانونيون وكبار مسؤولي البيانات على نحو فعال في تشكيل مستقبل الشركات. لكن الشركات التي تتمتع برؤية مستقبلية تعمل على وضع سياسات أدق، إذ تدرك ضرورة تطوير مهارات موظفيها مع معالجة المخاوف المشروعة المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة. يعمل أحد الرؤساء التنفيذيين لتكنولوجيا المعلومات في قطاع البيع بالتجزئة على مراقبة نسبة الموظفين الذين يستخدمون 7 أنواع مختلفة من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع تطبيق إطار عمل شامل على مستوى الشركة لتصميم الذكاء الاصطناعي المسؤول وتحديد 3 مجالات لا تزال الشركة غير مستعدة لتطبيق التكنولوجيا فيها.

أسلوب عمل مختلف

في النهاية، يتطلب تطبيق الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع تشكيل فرق عمل متعددة التخصصات. من غير المفاجئ أن تُظهر الدراسة الاستقصائية الخاصة بالرؤساء التنفيذيين للتسويق وأبحاث مؤشر التخصيص التي أجريناها، أن 10% من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي هي نفسها التي تحقق أكبر تقدم في توسيع نطاق تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي التنبؤي. تمتلك هذه الشركات بالفعل البنية التحتية التشغيلية المطلوبة، كما أنها حققت تقدماً كبيراً من حيث تطور البيانات والتكنولوجيا. الأهم من ذلك هو أن هذه الشركات تعلمت كيفية تشكيل فرق صغيرة ومرنة قادرة على إنجاز المهام، وفق قاعدة البيتزا (Pizza Rule). تتألف هذه الفِرق من خبراء في الأعمال والتحليلات والتكنولوجيا والعمليات، وتعمل معاً لتحقيق أهداف محددة وواضحة من خلال إجراء اختبارات سريعة وتقيس تقدمها وفقاً لمؤشرات الأداء الرئيسية المحددة والدقيقة، ما يساعدها على فهم كيفية تحسين استخدام إمكانات الذكاء الاصطناعي مع ضمان تحقيق أثر إيجابي ونتائج ملموسة. في كثير من الأحيان، لجأت الشركات (مثل إحدى شركات الطيران الكبرى التي عملنا معها، والتي طبّقت حلول التخصيص التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي) إلى عزل مجموعة من العملاء عن الأنشطة الاعتيادية لإعادة تصميم العمليات بسرعة وإظهار قيمتها، مع وضع خطة واضحة لتوسيع نطاق تطبيق نتائج هذه التجارب والدروس المستفادة منها في أنحاء المؤسسة كافة خلال 6 أشهر أو أقل.

بدلاً من حصر مسؤولية التعامل مع أساليب العمل المرنة وإدارتها في فريق مركزي تابع للشركة، يتعلم الموظفون من الأقسام المختلفة هذه الأساليب من خلال الممارسة العملية. إن المشاركة الفعالة لموظفي الخطوط الأمامية ضرورية لإعادة صياغة طريقة عمل الشركة باستخدام الذكاء الاصطناعي. يفهم الموظفون العديد من التفاصيل الدقيقة التي تسهم في نجاح الشركة، مثل إدارة البيانات ومعرفة احتياجات العملاء، وكلها عناصر أساسية لإنشاء عمليات وبيئة تشغيلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي. يشعر الموظفون ذوو الإمكانات العالية بالحماس تجاه المشاركة في الفِرق المرنة لأنهم يرون أنها طريقة مناسبة لإحداث أثر سريع وتطوير مهارات جديدة وإثبات قدراتهم، ما يؤهلهم لتولي أدوار ذات مسؤوليات أكبر في المستقبل. بهذه الطريقة، تنظر فرق الموارد البشرية إلى الفرق المتعددة التخصصات بوصفها وسيلة لتحفيز التحول المدفوع بالذكاء الاصطناعي، فضلاً عن أنها منصة لتدريب المواهب المتميزة في أثناء التخطيط للتعاقب الوظيفي وتطوير المسارات المهنية.

تحويل التجارب وتحسينها بدلاً من التركيز على زيادة الكفاءة فقط

ستتبنى الفرق العاملة في الخطوط الأمامية حلول الذكاء الاصطناعي التي تحقق لها فوائد مباشرة تتجاوز مجرد توفير التكاليف. على سبيل المثال، يعمل أحد متاجر التجزئة الكبرى على تطبيق نظام جدولة يعتمد على الذكاء الاصطناعي، بحيث يؤدي إلى تحسين الإنتاجية وتعزيز رضا الموظفين وتقليل معدل الدوران الوظيفي، وذلك من خلال توفير ورديات وساعات عمل تناسب تفضيلاتهم واحتياجاتهم. بفضل الحماس الذي أظهره مدراء المتاجر تجاه استخدام الأدوات الجديدة، يخطط متجر البيع بالتجزئة لتطبيق الحل على المستوى الوطني في غضون 6 أشهر فقط، في حين أن تنفيذ أدوات الجدولة السابقة استغرق أكثر من عامين بسبب التعقيدات والتحديات التي تواجه عمليات التغيير.

بالإضافة إلى ذلك، يزداد حماس الموظفين مع استخدام الذكاء الاصطناعي، في حين يتحسن الذكاء الاصطناعي من خلال الاختبارات المستمرة والتطبيق على نطاق واسع. تشير الدراسة المتعلقة بآراء المستهلكين المذكورة سابقاً إلى أن أكثر من 90% من الموظفين الذين استخدموا الذكاء الاصطناعي التوليدي في 5 سيناريوهات أو أكثر يشعرون بالحماس تجاه إمكاناته الكبيرة. لهذا السبب، تستخدم شركات مثل شركة لوريال (L’Oreal) الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطبيقات موجهة للعملاء، مثل أداة "بيوتي جينياس" (Beauty Genius)، وهي أداة مساعدة شخصية للجمال تعمل بالذكاء الاصطناعي التوليدي، بالإضافة إلى أداة "مودي فيس" (Modiface)، وهي أداة لتشخيص حالة البشرة وتعتمد على الذكاء الاصطناعي أيضاً، إلى جانب مساعدة وكلاء خدمة العملاء والابتكار في مجال إنشاء المحتوى من خلال "مختبر محتوى الذكاء الاصطناعي التوليدي التابع لشركة لوريال" (L’Oreal’s GenAI content lab).

في نهاية المطاف، تدرك الشركات الذكية والرائدة أن تحديد الأولويات الاستراتيجية وابتكار أساليب عمل مشتركة بين الأقسام المختلفة واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة الموظفين والعملاء هي عوامل أساسية لتحقيق التفوق والريادة في مجال الذكاء الاصطناعي. في هذه العملية، تستفيد هذه الشركات من رأس المال الفكري لموظفيها، بالإضافة إلى إعدادهم لمواكبة آخر المستجدات في عصر الذكاء الاصطناعي، إذ يكتسب الموظفون مهارات جديدة ويتغلبون على فجوة القدرات التي يشير إليها معظم المسؤولين التنفيذيين بوصفها أكبر عقبة أمام توسيع نطاق تبنّي تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي