الشركات المميزة تضمن نجاح مشاريعها عبر تفادي هذه الأخطاء الخمسة

5 دقيقة
المشاريع الفاشلة
رسم توضيحي: كارلو كاديناس
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: ثمة خمسة أسباب تؤدي إلى فشل المشاريع الكبيرة. المشاريع الفاشلة هي التي تنحرف عن المنطق التقليدي للأعمال فتسفر عن نتائج غير جذابة أو غير ذات قيمة، أو تُخفق في تحقيق الفوائد المرجوة بسبب صعوبتها. والسبب الرئيسي الثاني لفشل المشاريع هو القيود غير المنطقية، مثل نقص التمويل أو نقص العمالة أو ضيق الوقت أو عوامل أخرى مهمة. نقص القيادة الفعّالة عامل رئيسي آخر لفشل المشاريع، إضافة إلى التعقيد الزائد في هيكلها حين تتطلب مشاركة عدة فِرَق ووحدات عمل مختلفة في عدة مناطق جغرافية ومؤسسات، إذ تواجه تحديات إضافية نتيجة للتقلبات وعدم اليقين والغموض. والعائق الأخير لنجاح المشروع هو الإدارة المفرطة أو غير الكافية. لتجنب هذه المزالق، ينبغي للشركات الذكية توظيف مسؤولين تنفيذيين يتمتعون بخبرة في إدارة المشاريع، والتزام إجراءات واضحة وممارسات حوكمة صارمة، وتمكين مدراء المشاريع.

المشاريع وسائل مهمة للابتكار والتغيير، وهي منتشرة في جميع المؤسسات الحديثة. وعلى الرغم من اختلاف عدد الأعمال القائمة على المشاريع من قطاع لآخر ومن قسم لآخر، فهي تزداد أهمية وحجماً نتيجة للديناميات التنافسية والتنظيمية والبيئية والاجتماعية، إذ تشير البحوث إلى أنها تمثّل 30% تقريباً من النشاط الاقتصادي في الدول المتقدمة، مثل ألمانيا وآيسلندا والنرويج، ومن الأمثلة عليها تطوير منتجات جديدة أو تحسين التكنولوجيا لإدارة العملاء أو المجتمعات أو تخطيط الفعاليات أو تحسين البنية التحتية. ومع ذلك، توصف المشاريع بأنها صعبة وغير ثابتة وتتراجع نسبة نجاحها تراجعاً حاداً عندما يزداد حجمها وتعقيدها وتطول مدتها.

نستكشف في هذا المقال الأسباب الخمسة العامة التي تؤدي إلى فشل المشاريع ونقدم نصائح لتجنبها.

المشروع الفاشل

لعلّ أكبر سبب لفشل المشاريع يعود إلى طبيعة المشروع نفسه؛ المشاريع الفاشلة هي التي تنحرف عن المنطق التقليدي للأعمال فتسفر عن نتائج غير جذابة أو غير ذات قيمة، أو تُخفق في تحقيق الفوائد المرجوة بسبب صعوبتها. باختصار، تفشل المشاريع عندما تفتقر إلى التفكير المنطقي والموضوعي، ويُطلق عليها أحياناً مصطلح “الفيَلة البيضاء” للدلالة على أنها استثمارات ضخمة لا تحقق الفوائد المتوقعة.

لعلّ أشهر مثال على هذه المشاريع هو “جسر العبور إلى المجهول” في ألاسكا، فهو مشروع بتكلفة 223 مليون دولار حصل على موافقة تنفيذه في عام 2005 لربط بلدة تضم 8,000 شخص بجزيرة نائية تعيش فيها 50 نسمة تقريباً. لحسن الحظ، أدرك مطورو المشروع قرارهم غير المنطقي قبل فوات الأوان، وعُلق تنفيذه للمرة الأولى في عام 2007، ثم أُلغي تماماً في عام 2015.

ومن أهم الأمثلة الكلاسيكية في عالم الأعمال هو استحواذ شركة هيوليت باكارد (Hewlett Packard) على شركة أوتونومي (Autonomy) بقيمة 11 مليار دولار في عام 2011. كان الرئيس التنفيذي لشركة هيولت باكارد، ليو أبوتيكر، يبحث عن استحواذ كبير ذي أثر تحويلي يعزز مكانته ويحقق طموحاته الشخصية آنذاك، كان المشروع مثيراً للجدل بداية، إذ قُدّرت قيمة شركة أوتونومي بزيادة تبلغ 79% عن قيمتها السوقية لكنها نالت موافقة المساهمين، وتمثّل التحدي الأكبر في الحصول على دعم لتنفيذ المشروع من جميع أصحاب المصالح، لكن في غضون سنة واحدة فقط اضطرت شركة هيوليت باكارد إلى تسجيل خسائر بقيمة 8.8 مليارات دولار، وأُقيل أبوتيكر بعد وقت قصير.

قيود غير واقعية

السبب الرئيسي الثاني لفشل المشاريع هو القيود غير المنطقية، مثل نقص التمويل أو نقص العمالة أو ضيق الوقت أو عوامل أخرى مهمة، وعندما تتسع الفجوة بين متطلبات النجاح في المشروع والموارد المتاحة فلن ينجح حتى مع أفضل أساليب الإدارة.

على سبيل المثال، عندما أرادت الشركة المصنّعة للطائرات بوينغ منافسة طائرة إيرباص A320 نيو (A320 Neo) التي كان العمل على تطويرها جارياً منذ عامين، قررت تسريع تطوير طائرتها بوينغ 737 ماكس (Boeing 737 Max) من خلال تقليص فترة المشروع إلى النصف. والأسوأ من ذلك أنها حاولت أيضاً توفير المال عن طريق اختصار بعض الجوانب بما فيها ميزات السلامة، ما أسفر عن نتيجة مأساوية وضحها تقرير أصدره الكونغرس تمثّلت في حادثين مروعين أسفرا عن وفاة 346 شخصاً وتجاوز التكاليف المرتبطة بالأزمة 20 مليار دولار، بالإضافة إلى أضرار هائلة في سمعة الشركة.

لا تخطط الشركات لتخفيض استثماراتها في مشاريعها الرئيسية عمداً، لكنها قد تخلق قيوداً غير واقعية تعوقها عن تحقيق أهدافها نتيجة اتباعها فلسفة “تحقيق أقصى قدر من الإنتاجية باستخدام موارد محدودة” و”ضبط حجم المشروع” وتحقيق أقصى كفاءة ممكنة، إلى جانب عوامل أخرى مثل الضغوط التي تفرضها على تنفيذ المشاريع.

غياب القيادة الفعالة

قد يمثّل تنفيذ المشروع تحدياً صعباً للغاية، لذلك فالقيادة القوية ضرورية جداً، وغيابها لا سيما بين مدراء المشروع الذين يشرفون على العمل اليومي والجهات الراعية التي تدعم العمل وأعضاء الفريق يؤدي إلى فشل حتمي.

ولعلّ أبرز مثال على ذلك عندما أطلق الرئيس الأميركي الأسبق  باراك أوباما البوابة الإلكترونية لقانون الرعاية الميسورة التكلفة، هيلث كير دوت غوف (Healthcare.gov)؛ عند الإطلاق الأولي للموقع في الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 2013، كانت خدمات كثيرة غير متاحة واستغرقت عمليات إصلاح المشكلات شهرين إضافيين، وأظهرت التقارير أن أحد الأسباب الرئيسية للفشل الأولي في المشروع كان عائداً إلى نقص القيادة الواضحة والمُلمة بالتكنولوجيا. بعبارة أخرى، قد يكون الرئيس مناصراً للمشروع لكنه ليس المسؤول المباشر عن إدارته وصنع القرارات اليومية المرتبطة به.

التعقيد

المشاريع التي تشمل تعاوناً بين الفِرق ووحدات العمل ومناطق جغرافية ومؤسسات متعددة معقدة بطبيعتها، ويزداد تعقيدها أيضاً بسبب الظروف المتقلبة وانعدام اليقين والغموض، إذ ترتبط هذه العناصر بديناميات القطاع والأسواق المتقلبة والتكنولوجيا غير المثبتة، وأصحاب المصالح غير القادرين على اتخاذ القرارات.

تمتاز مشاريع تخطيط موارد المؤسسة بصعوبتها في عالم الشركات، إذ أفادت الشركة البحثية في مجال تكنولوجيا المعلومات، غارتنر (Gartner)، بأن 55% إلى 75% من مشاريع تخطيط موارد المؤسسة لا تنجح في تحقيق أهدافها النهائية. ولعلّ أبرز مثال على ذلك هو تنفيذ برنامج “الأنظمة والتطبيقات والمنتجات” (SAP) في شركة ريفلون (Revlon)؛ كانت عملية تنفيذ النظام التي دامت أكثر من عامين فاشلة وتسببت في خسارة الملايين من الدولارات في المبيعات، وأدت في النهاية إلى رفع المساهمين دعوى قضائية. ونرى اليوم أن مجموعة المشاريع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي مترافقة بطبيعتها مع انعدام اليقين بشأن تأثيرها على المستخدمين.

عدم فهم طبيعة المشروع

تنجح إدارة المشاريع عندما تكون متناسبة مع حجم المشروع ونطاقه وعندما تحدد المخاطر المتوقعة. تكون الإدارة المفرطة غير فعّالة في أفضل حالاتها وتعوق حركة التنفيذ في أسوئها، وجميعنا واجهنا مشكلة تعليق المبادرات أحياناً لعدم قدرة الفريق على تخطي العقبات التي يضعها مدراء المشاريع أو الجهات الراعية لتجاوز المراحل الأولى من العملية.

من جهة أخرى، تعوق الإدارة غير الكافية التقدم أيضاً، كما حدث في الخلل التقني في تحديث برنامج شركة نايت كابيتال غروب (Knight Capital Group) الذي سبّب خسارة قيمتها 440 مليون دولار في أقل من ساعة واحدة فقط. كانت الشركة معروفة بأنها شركة رائدة في التداول العالي السرعة بفضل قدراتها العالية في تكنولوجيا المعلومات، ما جعلها محطّ إعجاب وول ستريت، لكن الخلل التقني أدى في النهاية إلى انهيارها، وأدرك قادتها في النهاية أن فشلهم في تحديد الأثر المحتمل لمشكلة صغيرة في البرنامج كان بسبب ضعف إدارة المشروع، وتبيّن لهم ضرورة توفير إدارة أفضل خصوصاً فيما يتعلق بمراقبة الجودة.

تجنّب المزالق

لتجنب هذه المزالق، ينبغي للشركات تبنّي التفكير الاستشرافي في تعيين قادة ذوي خبرة ومحترفين في إدارة المشاريع يمتلكون فهماً عميقاً للتحديات الكبرى المحتملة، ونوصي أيضاً باعتماد واحدة أو أكثر من الاستراتيجيات المُدرجة أدناه لضمان تحسين عمليات اختيار المشاريع وتعزيز ممارسات الحوكمة.

  1. إنشاء وظائف تنفيذية مثل الرئيس التنفيذي للمشروع ليشرف على جميع جوانب بيئة عمل المشروع، وهو منصب مهم في القطاعات التنافسية والابتكارية التي شهدت زيادة كبيرة في حجم مشاريعها خلال السنوات القليلة الماضية.
  2. اعتماد عملية متسقة لتقييم إجراءات عملية تنفيذ المشروع وتحديد أولوياتها والتخطيط لها والإشراف عليها قبل الشروع في تخصيص الموارد ذات القيمة لها، هذا النوع من إدارة محفظة المشاريع هو مجال متنامٍ يستند إلى أفضل الممارسات المُعتمدة على مستوى عالمي. على سبيل المثال، يعمل معهد إدارة المشاريع حالياً على تطوير الطبعة الخامسة من معيار إدارة محفظة الأعمال.
  3. التزام ممارسات حوكمة صارمة من خلال تعيين موجهين ومدراء لتيسير عملية صناعة القرار في المراحل الأولى من رحلة المشروع لا سيّما في المؤسسات التي تحتاج إلى موافقات سياسية لتنفيذ مشاريعها وتنفذ مشاريع معقدة ومثيرة للجدل، إذ يمكن لمثل هؤلاء القادة توجيه مناقشات مفتوحة حول موضوعات حساسة واستكشاف القرارات التي تتطلب مقايضات، ما يقلل من خطر النزاعات التي تؤدي إلى فشل المشروع.
  4. الحرص على إشراك مدراء المشاريع وتمكينهم منذ البداية. تناسب هذه الاستراتيجية المؤسسات الصغيرة التي قد لا تملك الميزانية أو الموارد الكافية لإنشاء وظائف تنفيذية جديدة أو تنفيذ إجراءات لإدارة محفظة المشاريع. يجب دعوة مدراء المشاريع للمشاركة في عملية تطوير دراسة الجدوى وتدريبهم وتشجيعهم على طرح أسئلة نقدية حول جدول التنفيذ والموارد والميزانيات، ليؤدوا دوراً استراتيجياً بدلاً من مجرد “تنفيذ الأوامر”.

باختصار، يجب على المؤسسات أن تكون استباقية في تفادي خمسة مزالق كبيرة في إدارة المشاريع؛ لا تضمن الاستراتيجيات التي نوصي بها النجاح المطلق لكنها ستساعد على تجنب الفشل المحتمل منذ بداية المشروع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .