متى تكون الشركات الكبرى أكثر كفاءة في ريادة الأعمال من الشركات الناشئة؟

4 دقائق
الفرق بين الشركات الكبيرة والصغيرة

يحظى تأسيس الشركات الكبرى لمشاريع وأعمال جديدة باهتمام بالغ. وفي كثير من الحالات، تخلق هذه الرهانات الكبيرة المحفوفة بالمخاطر تقلبات في سعر أسهم الشركة أكبر مقارنة بالأعمال الأساسية (الأكثر استقراراً) بسبب عدم معرفة الفرق بين الشركات الكبيرة والصغيرة بهذا الخصوص.

على سبيل المثال، أظهرت تجربة إعادة هيكلة شركة "جوجل" وتحولها إلى شركة "ألفابت" مقدار الأموال الهائلة التي تنفقها هذه الشركة على أعمال جديدة، بدءاً من مشروع السيارات ذاتية القيادة، إلى مشروع استكشاف الفضاء والكثير من المشاريع الأخرى. ومؤخراً، أعلنت شركة "فورد" أن "فورد سمارت موبيليتي" التابعة لها والتي تتخذ من وادي السيليكون مقراً لها، ستؤسس أعمالاً جديدة مثل تطبيق مشاركة السيارة، وتطبيق تحديد مواقف السيارات. ويصف ديفيد كيني المدير الجديد لشركة "واتسون" التابعة لشركة "آي بي إم" نشاط "توظيف الذكاء الاصطناعي خدمة للشركات" على أنه جزء مركزي من سوق تحليل البيانات، ووفقاً للرئيسة التنفيذية للشركة فيرجينيا روميتي، هو فرصة حجمها 2 تريليون دولار.

اقرأ أيضاً: لماذا تفشل برامج ريادة الأعمال حينما يتعلق الأمر بالمهندسين؟

وفي الربع الأخير من هذا العام، بدأت شركة "أمازون" بنشر النتائج المالية لإحدى الشركات الفرعية التابعة لها "أمازون ويب سيرفيسز"، التي حققت نسبة مذهلة بلغت 67% من الربح التشغيلي للشركة الأم في الربع الأول من هذا العام على الرغم من أنها تشكل أقل من عشر العائدات الإجمالية لشركة "أمازون". في كل من الحالات السابقة، نجد شركة كبرى تُنشئ أعمالاً جديدة عوضاً عن توسيع أعمالها الأساسية القائمة أو تنويع مشاريعها عبر الاستحواذات.

ما هي فرص نجاح هذه الشركات في مشاريعها مقارنة بفرص نجاح الشركات الناشئة؟

لقد تركزت أبحاثي في شركة "باين آند كومباني" طيلة العقد الماضي على كيفية إيجاد الشركات الكبرى موجتها المقبلة من النمو المربح. يُظهر تحليل أبحاث "باين" أن الشركات الكبرى التي تستفيد من مكامن القوة في أعمالها الأساسية الناجحة لديها فرصة بمعدل 1 على 8 لإنشاء عمل جديد واسع النطاق وقابل للاستمرار.

لنقارن ذلك مع إنشاء مشروع جديد من قبل شركة ناشئة. تخلُص أبحاث "باين" إلى أن شركة واحدة فقط من أصل 500 شركة جديدة مسجلة في الولايات المتحدة سيصل حجمها إلى 100 مليون دولار، وأن واحدة فقط من أصل 17,000 ستبلغ عتبة 500 مليون دولار وتحافظ لعقد من الزمن على نمو مربح.

بالطبع، بوسع كل منا أن يستشهد بتجربة شركة ناشئة ناجحة، مثل شركة "سبيس إكس" وشركة "أوبر" وشركة "إير بي إن بي" وشركة "تيسلا"، تتحدى الصعاب وتعمل بنجاح على زعزعة استقرار الوضع السائد لمجال عملها.

مع ذلك، فإن احتمال نجاحك أكبر بحوالي 1,700 مرة تقريباً -حسب الأرقام الواردة أعلاه- إذا ما استطعت الاستفادة من شركة قائمة قوية ومن المزايا التي يوفرها الحجم الكبير لشركة راسخة. بل قد يقول أحدنا إن أبرز الميزات المتنامية للاقتصاد الأميركي ليست مجرد إتاحة الفرصة للابتكارات الخام الجديدة، بل في القدرة على توسيع نطاق التكنولوجيات الجديدة ضمن الشركات العالمية الكبرى.

اقرأ أيضاً: ليس من الضروري أن تحتوي خطة رائد الأعمال على زعزعة الأسواق

ومن شأن المبادئ الثلاث الآتية تحسين فرص نجاح الشركات والمستثمرين الذين يبحثون عن استثمارات جديدة:

اسعَ وراء المشاريع التي تحمي أعمالك الأساسية وتحصّنها

إن نجاح شركة "أمازون ويب سيرفيسز" الفرعية من شأنه أن يقوي أعمال الشركة في مجال تجارة التجزئة من خلال بناء قدرات عالمية ضخمة في مجال الحوسبة وإدارة الكميات الهائلة من البيانات.

ضع صيغة قابلة للتكرار

أسس لِس وكسنر مؤسس مجموعة "إل براندز"، ومتاجر "ذا ليميتد"، سبع شركات أخرى بما فيها شركة "فيكتورياز سيكريت" وشركة "باث آند بدي وركس" وشركة "وايت بارن". تعمل جميع تلك الشركات في تجارة التجزئة لسلع اختصاصية، وجميعها تمتلك سلسلة إمداد معقدة وقادرة على تزويد خطوط الإنتاج المتغيرة بسرعة كبيرة بكل مستلزماتها، وجميعها تتمحور في جوهرها حول جذب الزبائن عاطفياً.

ابحث عن عقلية المؤسس

أخيراً، من غير المفاجئ أن كثيراً من الشركات التي ذكرناها هنا كان لها مؤسسون أقوياء (وبعضها لا يزال يُدار من قبلهم حتى الآن)، مؤسسون أسهموا في تشكيل ثقافة تلك الشركات وتركوا بصماتهم الواضحة على أدائها. وفي أثناء إعدادنا، أنا وزميلي جيمس ألن، لكتابنا "عقلية المؤسِّس" (The Founder’s Mentality)، وجدنا أن الشركات التي لا يزال مؤسسوها منخرطين في العمل فيها قد حققت لحَمَلة أسهمها عوائد أكثر بما يقارب 3.1 مرة من تلك التي لم يعد مؤسسوها فاعلين فيها.

وحتى تلك الشركات التي لم تعد تحت إدارة مؤسسيها، لكنها تُدار من خلال ما أطلقنا عليه "عقلية المؤسس"، قد وجدنا أنها مرشحة لتكون من بين أفضل الشركات أداءً من أربع إلى خمس مرات أكثر من غيرها. ذلك لأن هذه الشركات تحتفظ بتلك الميزات تحديداً التي خسرتها الشركات الأخرى التي نمت وسمحت للبيروقراطية بالانتفاخ والتضخم في إداراتها. من بين تلك الميزات امتلاك ما يُشبه المهمة الثورية التي من شأنها إحداث تغيير جذري واضح في الشركة، وكذلك الاهتمام الفائق بتفاصيل الخطوط الأمامية ومواصفات الموظفين المسؤولين عن خدمة الزبائن، فضلاً عن حيازة عقلية المالك الذي يسارع إلى حل المشاكل باندفاع يصل حد الهلع ويتعامل مع النقود بدقة وأمانة فائقتين. وفي حين أن 7% إلى 8% فقط من الشركات التي تنمو لتصبح رائدة في مجال عملها تحتفظ بنقاط قوة عقلية المؤسس، لكن تلك الشركات تمثل نصف صافي القيمة السنوية المنتَجة في سوق الأسهم العالمية.

اقرأ أيضاً: هل تريد أن تكون رائد أعمال؟

تقول الحكمة التقليدية المتعلقة بالفرق بين الشركات الكبيرة والصغيرة بأن الشركات الناشئة أقدر على إطلاق الأعمال الجديدة وتنميتها من الشركات الكبيرة. غير أن الحقائق تثبت أن الشركات التي تتمتع بأعمال أساسية قوية ومتينة وبوصفة قابلة للتكرار وبعقلية المؤسس، إنما هي بيئة مثالية لتأسيس عمل جديد. وفي الواقع، فإن تلك الشركات أكثر قدرة من الشركات الناشئة على إنتاج نمو مربح.

اقرأ أيضاً: 3 أمور تحفز نمو ريادة الأعمال في أفريقيا

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي