كل شركة عائلية بحاجة لمدير مستقل لهذه الأسباب

4 دقائق

يأمل كل قائد شركة عائلية تقريباً في أن يمرر القيادة إلى أحد أفراد العائلة عندما يحين الوقت المناسب، إلا أنه يصعب تحقيق ذلك على نحو مثير للدهشة. وفي حين أن الأرقام الدقيقة قد تختلف من مصدر إلى آخر، هناك اتفاق شائع على أن أقل من 30% من الشركات العائلية تبقى ملكيتها للعائلة حتى الجيل الثالث.

يمكن أن تواجه الشركات التي تديرها العائلة بعض التعقيدات السيئة جداً بسبب مجموعة مختلفة من الأسباب، بما فيها النزاعات العائلية وسوء الإدارة. وهنالك مشكلة متكررة تنطوي على الافتقار إلى التخطيط المناسب للتعاقب على قيادة الشركة، وعدم استعداد أفراد العائلة المنخرطين حالياً في إدارة أو حوكمة الشركة (أو كلاهما معاً) لتسليم القيادة فعلياً أو الانتقال إلى المستوى التالي.

بغض النظر عن سمات الجيل الذي يقود الشركة العائلية، فإن مسار التعاقب يكون عادة مساراً معقداً. وينطوي اختيار القائد التالي للعائلة، سواء كان الرئيس التنفيذي أو رئيس مجلس الإدارة، على تحديات عاطفية وأخرى متعلقة بالشركة ذاتها والحوكمة. لقد شاركنا العديد من قادة الشركات العائلية الضغوط التي يواجهونها للحفاظ على "ارتباط العائلة" وصون قيمهم العائلية وإرثها، بينما يعملون في الوقت نفسه على تطوير الشركة من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية، وهما هدفان قد يكونان متعارضان مع بعضهما البعض في كثير من الأحيان. وينبغي أن يكون ضمان نقل القيادة السليم للجيل القادم، بطريقة توازن بين إرث العائلة وتطور الشركة، محوراً أساسياً فيما يتعلق بالغرض من مجلس إدارة الشركة العائلية.

من أجل فهم المزيد حول كيفية عمل مجالس إدارة الشركات العائلية وما يركزون عليه، عملت شركة "رسيل رينولدز أسوشيتس" (Russell Reynolds Associates) مؤخراً على تحليل 162 شركة عامة مدرجة في جميع أنحاء أوروبا، وكان نصفها شركات عائلية. وقد جمعنا المزيد من المدخلات من خلال إجراء نقاشات مع الرؤساء التنفيذيين، ورؤساء مجالس الإدارة، وأفراد العائلات، والمدراء الإداريين المستقلين في الشركات العائلية.

كشف تحليلنا (الذي نُشر في شهر فبراير/ شباط) أن تمركز سلطة مجلس الإدارة بين أفراد العائلة المالكة للشركة يمكن أن يشكل تحدياً أمام التخطيط للتعاقب. إذ يمثل أفراد العائلات في المتوسط 23% من أعضاء مجالس إدارة الشركات العائلية. بالإضافة إلى ذلك، كان أكثر من 60% من رؤساء مجالس الإدارة في دراستنا من أفراد العائلات، ما يزيد من احتمال ألا تكون جداول الأعمال والنقاشات غير متحزبة كما ينبغي. وكما ذكر رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات العائلية المدرجة والتي تمثّل الجيل السادس: "قد يكون استمرار العزلة عند تقييم الخيارات الاستراتيجية الممكنة أمراً محفوفاً بالمخاطر بالنسبة إلى العائلة".

من أجل تعزيز القرارات المتعلقة بالقيادة المستقبلية، فإن وجود أعضاء مجلس إدارة مستقلين، أي ليسوا جزءاً من العائلة ولا قريبين جداً منها، أمر بالغ الأهمية. لقد تحدث العديد من ممثلي العائلات حول أهمية استماع الأعضاء المستقلين في مجلس الإدارة الفاعل إلى أفراد الأسرة الآخرين، أو إلى أفراد العائلة الكبيرة، ومشاركة آرائهم. وبالنتيجة، يمكنهم تطوير وجهة نظر دقيقة ومتوازنة تصب في صالح الشركة وجميع المساهمين فيها.

ما هي السمات التي يتصف بها عضو مجلس الإدارة المستقل والناجح؟ إن المهارات التقنية وحدها ليست كافية، إذ ينبغي أن يؤدي أعضاء مجلس الإدارة المستقلون أيضاً دوراً محورياً في إضفاء الطابع المهني على عمليات مجلس الإدارة. في دراستنا، كان 37% من أعضاء مجلس الإدارة الذين هم من خارج العائلة لديهم خبرة الرئيس التنفيذي، وهي ذات النسبة في مجالس إدارة الشركات الأخرى. وقد كان لدى 13% منهم خبرة الرئيس التنفيذي للشؤون المالية، ولدى حوالي 5% كفاءات جوهرية فيما يتعلق بالتقنيات الرقمية الجديدة. كما أنهم يتمتعون بفهم جيد لكيفية عمل مجالس الإدارة، إذ إن 45% منهم هم أعضاء في مجلس إدارة شركة واحدة أو أكثر من الشركات العامة المدرجة الأخرى، و36% منهم لديهم خبرة سابقة في مجالس الإدارة. يساعد أعضاء مجلس الإدارة المستقلون أيضاً في تعزيز التنوع في المجالس، حيث كان 24% من الأعضاء الذين هم من خارج العائلة في دراستنا دوليين، بينما مثلت النساء نسبة 36%.

يمكن أن يساعد وجود أعضاء مجلس إدارة مستقلين ممن لديهم خبرة في شغل المناصب التنفيذية العليا ومجالس الإدارة الأشمل، أعضاء العائلة في التركيز على المسائل الصحيحة، وإبقاء السياسات العائلية خارج قاعة الاجتماعات على نحو مثالي. بالإضافة إلى ذلك، يساهم هؤلاء الأشخاص في قدرة الشركة على الصمود من خلال نقل خبرتهم ومعرفتهم إلى أعضاء مجلس العائلة الأصغر سناً.

في النهاية، يعد وجود أعضاء مجلس إدارة من خارج العائلة في الشركات العائلية أمراً بالغ الأهمية في التعامل مع عمليات التعاقب بوضوح وموضوعية. هل يتقبل الجيل الحالي من العائلة البديل الاستراتيجي الجديد والمطلوب للاستجابة للابتكار؟ هل سيكون ذلك الفرد من العائلة الذي من المفترض أن يكون القائد التالي للشركة قادراً حقاً على شغل هذا الدور، وهل سيتلقى الاحترام من قبل مجلس الإدارة وموظفي الشركة؟ هل سيكون مستقبل الشركة العائلية أكثر إشراقاً مع وجود قائد من خارج العائلة لاستلام قيادتها؟ كما أشار العديد من أعضاء مجالس الإدارة المستقلين وقادة الشركات العائلية، قد يكون الأعضاء المستقلون في موقع أفضل للإجابة عن هذه الأسئلة مقارنة بموقع أفراد العائلة.

يعتمد نجاح الانتقال إلى الجيل التالي بصورة كبيرة على ما إذا كانت الشركات العائلية قد عينت أعضاء مجالس إدارة مستقلين مناسبين لتقديم المشورة إليهم، هذا من بين عدة عوامل أخرى. تُظهر تجربتنا أن العديد من الشركات المدارة عائلياً تولي اهتماماً كبيراً لتعيين أعضاء مجلس إدارتها المستقلين. وقال لنا فرد من أفراد إحدى الشركات العائلية: "إن السمات التقليدية لأعضاء مجلس الإدارة المستقلين ليست سوى نقطة الانطلاق"، والأهم من ذلك أنهم "يشاركونهم قيم العائلة وأهدافها". نظراً لأن مستقبل الشركة يكمن في أيديهم، فإن الولاء والاجتهاد هما حجر الزاوية لعلاقتهم مع العائلة.

من أجل خلق أفضل فرصة لانتقال قيادي ناجح، نوصي بأن تتخذ الشركات العائلية نهجاً مدروساً ومنسقاً على نحو جيد عند ترشيحها أعضاء مجالس إدارة مستقلين. من الناحية المثالية، ينبغي ألا يكون لدى هؤلاء الأعضاء خبرة الرئيس التنفيذي أو الخبرة الدولية فحسب (أو كلاهما معاً)، ولكن يجب أن يتحلوا أيضاً بفهم عميق للتحولات الرقمية والتقنيات الجديدة. في نهاية المطاف، تعتبر المهارات التقنية مجرد نقطة البداية، وإن المهارات الملائمة مع العائلة يمكن أن تبرم الاتفاق. وكما هو الحال مع المسؤولين التنفيذيين، يجب اختيار أعضاء مجلس الإدارة المستقلين بعناية، بغض النظر عن الوقت الذي تستغرقه هذه العملية، إذ إنها الطريقة المثلى لضمان أن الشركة العائلية سوف تبقى قادرة على المنافسة عند استلام الجيل التالي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي