من المفترض أن تعمل خطة الإصلاح الضريبي المقترحة من قبل إدارة ترامب لتحفيز النمو الاقتصادي على خفض معدل الضريبة على الشركات من 35% إلى 15%، ومنح الشركات الأميركية تخفيضاً ضريبياً مؤقتاً لمرة واحدة إلى نسبة 10% لحثها على جلب مخزوناتها النقدية المكتسبة في الخارج إلى داخل البلاد. وبالنظر إلى أن تلك المخزونات الخارجية تقدر بأكثر من ملياري دولار، فإن دعاة التخفيض الضريبي المؤقت يرون أن تلك التدفقات المالية ستشجع الشركات على الاستثمار أكثر في أعمالها وبالتالي خلق ملايين فرص العمل الجديدة. في حين يتوقع المنتقدون أن تستخدم الشركات الجزء الأكبر من تلك التدفقات في إعادة شراء أسهمها، تماماً كما فعلت رداً على التخفيض الضريبي المؤقت الذي منحته إدارة جورج بوش عام 2004. وعلى العموم، يرى السياسيون من مختلف الأطياف السياسية والمدراء التنفيذيون في الشركات والمعلقون في وسائل الإعلام، أن إعادة شراء الأسهم تلك هي المسؤولة عن فقدان الوظائف وركود الأجور وانخفاض حجم الاستثمار في الأعمال.
فما الذي يتعين على الشركات فعله بالأموال المعاد توطينها في البلاد من الخارج إذا ما أُقرّ تخفيض ضريبي مؤقت؟ على أصحاب تلك الشركات اتباع القاعدة الذهبية التي مفادها: لا تعيدوا شراء أسهم شركاتكم إلا عندما يكون سعرها أقل من قيمتها على نحو مجدٍ، وعندما لا تتوفر أي فرص أخرى أفضل للاستثمار. فإذا ما اتضح لاحقاً أن الأسهم كانت بالفعل مقيّمة بأقل من قيمتها وكانت خطوة إعادة شراء الاستثمار المحتمل الأفضل فعلاً، يربح مالكو الأسهم الذين احتفظوا بأسهمهم على حساب أولئك الذين باعوا أسهمهم للشركة. ولا يقتصر الربح في تلك الحال على مالكي الأسهم الذين احتفظوا بأسهمهم، بل يشمل أيضاً الزبائن والموظفين والمزودين الذين تربطهم بالشركة علاقات طويلة الأمد.
ولكن لا بد هنا من كلمة تحذير؛ فالرؤساء التنفيذيون ومجالس إداراتهم يعتقدون في أغلب الأحيان أن تقييم أسهم شركاتهم منخفض أكثر من الواجب، ونادراً ما يمتلكون فهماً كاملاً لتوقعات الأداء التي يتعين على شركاتهم تلبيتها لكي تستحق أسعاراً مرتفعة لأسهمها في السوق. ويزخر التاريخ بالأمثلة عن شركات أعادت شراء أسهمها التي كانت تظن أن أسعارها أكثر انخفاضاً من قيمتها الحقيقية، لتكتشف أن أعمالها تراجعت وأسعار أسهمها هبطت بشدة. وللتخفيف من هذا الخطر يتعين على الشركات مقارنة توقعاتها الخاصة مع توقعات السوق. وبشكل أكثر تخصيصاً، عليها مقارنة توقعات نسب نمو مبيعاتها وهوامش أرباحها التشغيلية ومتطلبات استثماراتها في نموذج تقييم تدفقاتها النقدية مع السويات المطلوبة لتبرير أسعار أسهمها الراهنة في السوق. وإذا كانت تقييمات السوق أكثر تفاؤلاً من تقييمات الإدارة، فتلك إشارة واضحة تدعو إلى رفض إعادة الشراء.
وبما أن القاعدة الذهبية حول إعادة شراء الأسهم بسيطة وواضحة إلى هذا الحد، لماذا إذاً يُثار الجدل حول عمليات إعادة الشراء؟ يكمن السبب في أن كثيراً من الشركات العامة إن لم نقل غالبيتها، تخفق في الالتزام بتطبيق هذه القاعدة. إذ تلجأ بعض الشركات إلى عمليات إعادة الشراء لكي تدفع أرباح السهم الواحد إلى أعلى، وذلك من خلال تقليص عدد الأسهم القائمة. وهنا يؤدي الضغط المطبق من قبل مجتمع المستثمرين بالترافق مع تعويضات المدراء المرتبطة بنمو الأرباح، إلى تأجيج هاجس التركيز على الأرباح قصيرة الأمد. وفضلاً عن ذلك، قد يأمل المدراء التنفيذيون في أن تؤدي إعادة شراء أسهم شركاتهم إلى رفع سعرها وبالتالي تحقيق زيادة كبيرة في قيمة ما يمتلكونه من أسهم مقيدة وخيارات أسهم.
ولكن قد يربح حملة الأسهم الذين يبيعون أسهمهم على حساب أولئك الذين يحتفظون بها عندما يكون قرار مجلس إدارة الشركة حول إعادة شراء أسهمها مبنياً على حساب الأرباح قصيرة الأمد، لا الأرباح طويلة الأمد. وفضلاً عن ذلك لا يمكن خداع المستثمرين المخضرمين ودفعهم بسهولة للاعتقاد بأن اعتماد برنامج معين لإعادة شراء أسهم الشركة يمثل مؤشراً ذا مصداقية على أن قيمة أسهم الشركة الحقيقية أكبر من سعرها في السوق. فأولئك المستثمرون يجرون تحليلاتهم الخاصة للعلاقة بين قيمة الأسهم وسعرها في السوق بغية الوصول إلى قرار بيع الأسهم أو الاحتفاظ بها. وللمستثمرين الحكماء قاعدتهم الذهبية الخاصة التي مفادها: بع الأسهم التي يفوق سعرها في السوق قيمتها الحقيقية، ولا تحتفظ إلا بالأسهم التي يكون سعرها أصغر من قيمتها.
عندما لا تجد إحدى الشركات أي فرصة للاستثمار من شأنها أن تخلق لها قيمة إضافية، ويكون سعر سهمها أقل من قيمته الحقيقية، فما هي الطريقة المثلى لإعادة الأموال إلى حملة الأسهم: إعادة شراء الأسهم أم طرح العوائد على الأسهم؟ وهل من المنطقي أن يرغب حملة الأسهم في الحصول على عوائد أسهمهم عندما يرون حملة أسهم آخرين على استعداد لبيع أسهمهم للشركة بأسعار مخفضة؟ يقول وارن بافيت: "إن عمليات إعادة الشراء المنضبطة هي الطريقة الأضمن للاستخدام الذكي للموارد". فمن الصعب الوقوع في الخطأ إذا كنت تشتري ما قيمته دولاراً واحداً بمبلغ 80 سنتاً أو أقل". ومن ناحية أخرى، إذا كان حملة الأسهم يعتقدون أن سعر أسهمهم أكبر من قيمتها، فسيكون من الحكمة حينئذ أن يتساءلوا ما إذا كان عليهم الاستمرار في حيازتها.
عندما يلتزم كل من أصحاب الشركات كما المستثمرين باتباع قاعدتهم الذهبية الخاصة فيما يخص عملية إعادة شراء الأسهم، يكون الربح من نصيب الجميع بما في ذلك الزبائن والموظفين والمزودين والاقتصاد بشكل عام. ففي نهاية المطاف، يرتبط نجاح الإصلاح الضريبي المقترح في دفع النمو الاقتصادي إلى الأمام ارتباطاً وثيقاً بالقرارات السديدة التي يتخذها كل من المستثمرين كما الشركات من حيث تخصيص الموارد المتاحة.