كيف تؤثر السمعة السيئة للشركة على تكلفة تعيين الموظفين الجدد؟

6 دقائق
تأثير السمعة السيئة للشركة على تعيين الموظفين الجدد

إليكم هذه القصة التي تتحدث عن تأثير السمعة السيئة للشركة على تعيين الموظفين الجدد. قبل بضع سنوات، اشتهرت "غو دادي" (GoDaddy)، وهي شركة لتسجيل النطاقات واستضافة مواقع الإنترنت، بإعلاناتها المثيرة التي تظهر فيها "دانيكا باتريك"، سائقة سباقات "ناسكار" و"جيليان مايكلز"، نجمة برنامج "الخاسر الأكبر". وعلى الرغم من أن هذه الإعلانات ربما نجحت في جذب الانتباه عبر وسائل الإعلام، فإنها لم تساعد الشركة في تحقيق أمر واحد مهم، ألا وهو توظيف النساء.

ففي عام 2014، لم تكن النساء تشكّل أكثر من 14% من المهندسين المتدربين والموظفين حديثي التخرج في شركة "غو دادي". وبمجرد أن أدركت الشركة هذه المشكلة، شرعت في حلها فوراً، فبدأت تشارك في مؤتمرات تمكين المرأة في المجال التقني، وتدرب مدراء التوظيف على مواجهة التحيز، وتقدم بثاً مباشراً للفعاليات التي تستضيف نساء ملهمات أو تسلط الضوء على قضايا حقوق المرأة. وحالياً أصبح نحو 40% من موظفي التكنولوجيا في شركة "غو دادي" من النساء.

مشكلة شركة "غو دادي"

إن مشكلة "غو دادي" ليست غير مألوفة، بل هي أكثر ارتباطاً بواقعنا الحالي بصفة خاصة. تزعم جهات التوظيف أن سوق العمل حالياً يوجهها المرشحون بشكل متزايد، وذلك لسبب واحد. تخيل أن نسبة البطالة في الولايات المتحدة قد انخفضت لأقل من 5% لأول مرة منذ 8 سنوات، لترجح الكفة أكثر في صالح الموظفين والباحثين عن عمل. ستضطر الشركات في جبهة التوظيف إلى الاستجابة ببذل جهود موحدة لجذب العقول أو تغيير العقليات بين الموظفين الذين يتمتعون الآن بخيارات ومزايا تفاوضية أكثر مما كانت لديهم منذ نحو 10 سنوات.

أهمية سمعة الشركة

إذاً، ما مدى أهمية سمعة الشركة باعتبارها مكان عمل -أي بعبارة أخرى: علامتها التجارية كجهة توظيف، أو ما يُطلق عليه "العلامة التجارية لصاحب العمل"- حين يتعلق الأمر بالتوظيف؟ وما الذي يصنع تحديداً السمعة الطيبة أو السيئة؟

لمعرفة المزيد حول كيفية تقييم المستهلكين العلامات التجارية للشركات كجهات توظيف ومن ثم تحويل انطباعاتهم إلى أجور، عقدنا مؤخراً شراكة مع مؤسسة "آي سي إم أنليمتد" (ICM Unlimited) البحثية، لإجراء دراسة استقصائية لعينة مُمثِّلة على المستوى الوطني تضم 1,003 موظفين يعملون بدوام كامل في الولايات المتحدة.

كشفت الدراسة أن أهم ثلاثة عوامل تسهم كثيراً في خلق سمعة سيئة للشركة كمكان عمل، هي المخاوف المتعلقة بالأمان الوظيفي، وفِرق العمل المفككة، والقيادة الضعيفة. في حين أن أهم ثلاثة عوامل مرتبطة بالسمعة الطيبة للشركة كجهة توظيف هي الاستقرار، وتوافر فرص النمو الوظيفي، والقدرة على العمل مع فريق متميز.

ووجدنا أيضاً أن الشركة التي يعمل فيها 10 آلاف موظف يمكن أن تنفق ما يقرب من 7.6 ملايين دولار كأجور إضافية لتعويض سمعتها السيئة. استندنا في هذا الرقم إلى متوسط الرواتب في الولايات المتحدة والبالغ 47,230 دولاراً (وفق حسابات مكتب "إحصاءات العمل" في مايو/أيار 2014)، وإلى المعدل السنوي المفترض لاستبدال الموظفين الذي يبلغ 16.4% (وفق معلومات شركة "كومب داتا" CompData)، ونسبة 10% كحد أدنى لزيادة الراتب التي أظهر بحثنا أنها كانت ضرورية لإقناع أحد المرشحين بقبول وظيفة في هذه الشركة. بشكل إجمالي، هذا يعني نحو 4,723 دولاراً أكثر لكل موظف جديد.

وهذا فقط بالنسبة للأشخاص الذين يمكن أن تقنعهم الشركة بالعمل لديها. فقرابة نصف الأشخاص الذين خضعوا للاستقصاء يستبعدون تماماً قبول وظيفة في شركة تعاني من أهم ثلاثة عوامل سلبية في العلامة التجارية لصاحب العمل، بغض النظر عن أي زيادة في الراتب. حتى الزيادة بنسبة 10% لن تجذب سوى 28% منهم للانضمام إلى شركة كهذه.

ما من شركة ترغب في دفع زيادة في الأجور بسبب سمعتها السيئة. لكن توجد طرق لمعالجة أسباب السمعة السيئة في شركتك، مع توضيح مزايا العمل في شركتك بصورة أفضل أمام الموظفين المحتملين في الوقت نفسه.

كيفية تجنب مشاكل السمعة السيئة

وبما أنه لا تواجه جميع الشركات مشكلة السمعة السيئة، فإن هذه الأساليب يمكن أن تساعد أيضاً الشركات التي ربما لا تعاني من السمعة السيئة، وإنما تعاني من علامة تجارية بالية أو مُساء فهمها أو مُساء توجيهها. ربما لا تنفق هذه الشركات الآلاف على زيادة الرواتب، لكنها مع ذلك تفوت فرص جذب الموظفين الموهوبين الذين تحتاجهم وتحفيزهم.

أولاً: اعرف موقف سمعتك

إذا كنت تعتقد أنك تعاني من مشكلات متعلقة بسمعة شركتك، فحاول أن تعرف الآراء الحقيقية للموظفين المحتملين. في أعقاب كارثة انفجار منصة "ديب ووتر هورايزن" للبترول، أجرت شركة النفط "بريتيش بتروليوم" البريطانية، عدة استقصاءات لمعرفة رأي الناس الحقيقي في إمكانية العمل لدى الشركة الموصومة. لم يقتصر الأمر على أن الكثير من الناس لم يكن لديهم فكرة أن الشركة تبحث عن موظفين، بل كان الكثير منهم مهتماً أيضاً بالعمل لديها.

كما اكتشفت شركة النفط البريطانية الأمور التي تهم المرشحين للعمل، فكان من بينها طبعاً الموقف المالي للشركة ومستوى السلامة المهنية فيها، ولكن يُضاف إلى ذلك، أهدافهم المهنية وإمكانية تأقلمهم مع ثقافة الشركة.

اعرف القيمة المقترحة التي يقدّرها الموظفون

هل تعرف ما يحفز موظفيك لأداء عملهم كل يوم؟ سيكون لإجابة هذا السؤال أثر كبير في جهود تحسين علامتك التجارية، كما ستساعد في جذب الموظفين المحتملين. ربما يحب موظفوك ثقافة العمل بحرية أو فرص التدريب التي توفرها شركتك. إذا كنت لا تعرف، فاسألهم. استطلعت شركة "إن موبي" (InMobi)، وهي شبكة إعلانية في الهند قائمة على الأداء، رأي ألف من موظفيها لتعرف ما يقدّرونه في مكان عملهم. عندما اكتشفت الشركة أن ثقافتها وممارساتها هما ما يميزانها، صارت قادرة على شن حملات لترويج علامتها التجارية كجهة توظيف بناءً على هاتين الفكرتين.

أعدّت شركة "إن موبي" عدداً من مقاطع الفيديو التي تبين بيئة العمل فيها، ونشرت تدوينات تتحدث فيها عن ثقافتها المؤسسية ووعود القيمة المقترحة لموظفيها، كما شجعت الموظفين على التفاعل بنشاط على مواقع التواصل الاجتماعي. جذبت جهودها انتباه وسائل الإعلام، ما أسهم في انتشار الكثير من الأخبار الإيجابية عنها. وخلال 6 أشهر، شهدت الشركة زيادة بمعدل 5 أضعاف في أعداد المتقدمين للعمل. اللافت أن هذه القفزة في أعداد المتقدمين لم تجذب المرشحين معدومي الكفاءة. في الواقع، حدث العكس؛ إذ تفيد الشركة أنه بفضل جهودها استطاعت جذب المرشحين ذوي الكفاءات العالية.

خاطب الفئة المستهدفة (كإنسان)

بمجرد أن تعرف الرسالة التي يجب عليك إيصالها، تأكد أنك تنقل الرسالة المناسبة إلى الفئة المناسبة. تأمل مثال شركة "ساب" (SAP). فلكي تستهدف الشركة مزيداً من الموظفين التقنيين اليافعين، جددت صفحة وظائفها الشاغرة، فضاعفت المواد البصرية عليها وأضافت 40 مقطع فيديو يعرض قصص الموظفين وصاغت محتوى وجهته خصيصاً للطلاب وحديثي التخرج والمتمرسين. واستطاعت الحملة التي شنتها الشركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "الحياة في ساب"، التي كان هدفها أن تبين على الطبيعة بيئة العمل في الشركة بدلاً من أن تحكي عنها، جذب الموظفين المحتملين عبر "فيسبوك" و"تويتر" و"لينكد إن" و"إنستغرام" و"يوتيوب". وتتمتع "ساب" حالياً بجيش مزدهر من المتابعين الموهوبين يضم أكثر من 550 ألف عضو، يضخون إلى الشركة ما تحتاجه من الموظفين الجدد المحتملين.

وبالمثل، شنت شركة "جنرال إلكتريك" حملة إعلانية طريفة لتعزيز العلامة التجارية لشركتها الفرعية "جنرال إلكتريك ديجيتال" كجهة توظيف بين العاملين في المجال التقني. فمن خلال تقديم شخصية وهمية لموظف تقني يسمى "أوين"، يواجه أصدقاؤه وأفراد أسرته صعوبة في أن يفهموا أنه حصل على وظيفة مهندس تقني في شركة تصنيع، نجحت الحملة الإعلانية في إضفاء طابع إنساني على الشركة وإثبات أن "جنرال إلكتريك" أكثر تنوعاً مما نفترض. شاهد أكثر من 800 ألف شخص هذه الإعلانات على موقع "يوتيوب"، وعلمت شركة "جنرال إلكتريك" من بعض المرشحين أنهم تقدموا للعمل لديها فور مشاهدتهم هذه الإعلانات.

احشد جهود أكبر معجبيك

عندما تكون مستعداً لشن حملتك، لا تنسَ الاستعانة بأفضل سفراء لعلامتك التجارية، ألا وهم موظفوك. سلّحهم بمحتوى مميز -كالصور والقصص ومقاطع الفيديو والتغريدات والصور المتحركة والمقالات- وشجعهم على مشاركته وعزز جهودهم.

اشتمل جانب من خطط مستشفى "كليفلاند كلينك" للتوسع في الشرق الأوسط، على إعداد أوصاف وظيفية مصورة لجذب الموظفين المحتملين وتوضيح بيئة العمل في المستشفى وفي الشرق الأوسط. رفع فريق اجتذاب المواهب مقاطع الفيديو على موقع "يوتيوب"، وتتبعوا مدراء التوظيف الذين شاركوا هذه الفيديوهات، وأرسلوا إليهم النتائج في رسالة إلكترونية ليخلقوا حالة من المنافسة يحاول في ظلها كل شخص التفوق على الآخرين في مشاركة الفيديوهات.

احصل على مساندة الإدارة العليا

يجب أن تبدأ مشاركة القصة من القمة. فالفارق بين الترويج العادي والترويج المميز للشركة غالباً ما يتمثل في مشاركة القيادات التنفيذية. عندما تبدأ القيادات العليا بالنشر أو المشاركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها بذلك تشجع المؤسسة بأكملها على عمل المثل.

في شركة "سيسكو"، تضمّن جانب من جهود الشركة لتعزيز علامتها التجارية كجهة توظيف على المواقع الاجتماعية شن حملة بعنوان "#أنا_اخترت_سيسكو" IChoseCisco# تشجع الموظفين على إنشاء محتوى حول هذا الهاشتاغ. شارك في هذه الحملة جميع القيادات التنفيذية وصولاً إلى الرئيس التنفيذي "تشاك روبنز"، حيث ظهر "روبنز" في صورة مع موظف شاب يحمل لافتة كُتب عليها: "#أنا_اخترت_سيسكو لأن... رئيسها التنفيذي يدعم الأفكار المبتكرة، حتى من المتدربين!". عززت جهود "سيسكو" شكل متابعتها على المواقع الاجتماعية بصورة ملحوظة، وضاعفت الإقبال على صفحتها الخاصة بالوظائف الشاغرة، كما ساعدتها في تدريب مسؤولي التوظيف لديها على إدراك قيمة مواقع التواصل.

وفي نهاية الحديث عن تأثير السمعة السيئة للشركة على تعيين الموظفين الجدد، وبينما نتطلع إلى احتدام المنافسة للاستحواذ على العمالة الماهرة، نتوقع أن تأتي في الصدارة الشركات التي تفهم علامتها التجارية كجهة توظيف وأن تطورها وتنقلها بصورة صحيحة. تأمل تجربة شركة "غو دادي" وموظفي التكنولوجيا الجدد من النساء لديها. ما نعرفه حالياً هو أن هذه الخطوة وحدها يمكن أن تنقذ الملايين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي